(2)
مناسبات وأعمال

موقع السرائر


يتركز الحديث هنا بحوله تعالى حول اليوم الثاني من أيام شهر ذي الحجة، ولم ترد له أعمال خاصة به، إلا أنه يشترك مع الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة في عظيم الفضل الذي لايكاد يبارى كما نقدم في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

كما يشترك هذا اليوم مع التسع الأخر، في الأعمال العامة التي ورد التأكيد عليها في كل يوم من مفتتح ذي الحجة إلى ليلة العاشر، مع أعمال خاصة لليلة التاسع وليلة العشر، ولليوم العاشر كما يأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى.

وينبغي الإلفات إلى أن الرجوع إلى المصادر السنية يكشف أن فضيلة هذه الأيام مجمع عليها فقد سلمت من أيدي التحريف وجاء الحث عليها في كتب الفريقين واحداً يكاد يكون متطابقاً.

واللغة التي يتحدث بها العلماء الشيعة وغيرهم عموماً، هي اللغة التي يجسدها ما أورده العلامة الحلي رضوان الله تعالى عليه، وهذه مقتطفات من كلامه:

1- ويستحب صيام أول من ذي الحجة وهو يوم ولد فيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، وذلك نعمة عظيمة ينبغي مقابلتها بالشكر، وصيام ذلك اليوم من الأفعال المختصة به فيكون مستحباً. وروى عن موسى بن جعفرعليه السلام قال:

من صام أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهراً، فإن صام التسع كتب الله عزوجل صوم الدهر.

" وقال ابن بابويه وروي أن في أول يوم من ذي الحجة ولد ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين سنة.

" اما الشيخ "ره" فقد روى ".." عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: قال وفي أول يوم من ذي الحجة ولد ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهراً.
" وقيل إن فاطمة عليها السلام تزوجت في ذلك اليوم. وقيل في السادس من ذي الحجة فيستحب صومهما معاً لإدراك فضيلة الوقت .."
" وروى عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه واله ما من ايام العمل الصالح فيهن احب إلى الله من هذه الأيام العشر. قالوا يارسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، الارجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك شيء.
(1)

* الأيام المعدودات أيام التشريق إجماعاً والأيام المعلومات عشرة أيام من ذي الحجة آخرها غروب الشمس من يوم النحر ذهب اليه علماؤنا اجمع".
(2)

يستحب صوم أول يوم من ذي الحجة، وهو يوم ولد فيه ابراهيم خليل الله تعالى لعظم النعمة فيه بولادته عليه السلام، قال الكاظم عليه السلام: من صام أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهراً فإن صام التسعه كتب الله له صوم الدهر، وقيل إن فاطمة تزوجت في ذلك اليوم، وقيل في السادس من ذى الحجة، ويستحب صوم عشر ذي الحجة إلا يوم العيد بالإجماع
(3)

* وقال السيد ابن طاوس:

1- وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه .

2- رويت بعدة أسانيد إلى الأئمة عليهم السلام أن أول يوم من عشر ذى الحجة مولد ابراهيم الخليل عليه السلام، وهو الذى اختاره جدى أبو جعفر الطوسى في مصباحه

3- في أول يوم منه بعث النبي صلى الله عليه وآله سورة براءة حين أنزلت عليه مع أبى بكر ثم نزل عليه أنه لا يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك، فأنفذ النبي عليه السلام علياً عليه السلام حتى لحق أبا بكر، فأخذها منه ورده بالروحاء،
(4) يوم الثالث منه، ثم أداها عنه إلى الناس يوم عرفة ويوم النحر، قرأها عليهم في الموسم

1- ومن عمل أول يوم من ذى الحجة الى آخر العشر ، مارويناه بأسنادنا إلى المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس الله جل جلاله روحه".." عن أبى جعفر عليه السلام قال:

إن الله تعالى أهدى الى عيسى بن مريم عليه السلام خمس دعوات جاء بها جبرئيل عليه السلام في أيام العشر، فقال : يا عيسى ادع بهذه الخمس الدعوات فانه ليست عبادة أحب الى الله “من” عبادته في أيام العشر - يعنى عشر ذى الحجة :
أولهن: أشهد ان لاإله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير.

والثانية: أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، أحداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

والثالثة: أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، أحداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

والرابعة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شئ قدير.

والخامسة: حسبى الله وكفى سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله منتهى، أشهد لله بما دعى، وأنه بريء ممن تبرى، وأن لله الآخرة والأولى.

قال الحواريون لعيسى عليه السلام:

يا روح الله ما ثواب من قال "هذه" الكلمات ؟

قال: أما من قال الأولى مائة مرة، لا يكون لأهل الأرض عمل أفضل من عمله ذلك اليوم، وكان أكثر العباد حسناتٍ يوم القيامة. ومن قال الثانية مائة مرة فكأنما قرأ التوراة والإنجيل اثنتى عشرة مرة وأعطى ثوابها.

قال عيسى عليه السلام: يا جبرئيل وما ثوابها؟ ( أي ثواب من قرأ التوراة والإنجيل).
قال: لا يطيق أن يحمل حرفاً واحداً من التوراة والإنجيل من في السماوات السبع من الملائكة حتى أبعث أنا وإسرافيل لأنه أول عبد قال: لا حول ولا قوة الا بالله.

ومن قال الثالثة مائة مرة كتب الله عشرة آلاف حسنة ومحى عنه بها عشرة آلاف سيئة، ورفع له بها عشرة آلاف درجة، ونزل سبعون الف ملك من السماء، رافعي أيديهم يصلون على من قالها.

فقال عيسى عليه السلام: يا جبرئيل هل "تصلي" الملائكة إلا على الأنبياء "فقال": إنه من آمن بما جاءت به الرسل والأنبياء ولم يبدل أعطي ثواب الأنبياء.

ومن قال الرابعة مائة مرة تلقاها ملك حتى يصعد بين يدى الجبار عز وجل فينظر الله عز وجل الى قائلها، ومن نظر الله تعالى إليه فلا يشقى.

قال عيسى عليه السلام: يا جبرئيل ما ثواب الخامسة؟
فقال: هي دعوتي ولم يؤذن لي أن أفسرها لك.
(5)

* الدعاء

بالإضافة إلى الدعاء المتقدم عقيب صلاة الصديقة الكبرى عليها السلام، ورد استحباب بعض الأدعية في هذا اليوم وفي كل يوم من العشر الأوائل من ذي الحجة، وهي:

أ‌- " روى أبو حمزة الثمالي قال : كان أبو عبد الله عليه السلام يدعو بهذا الدعاء من أول عشر ذي الحجة إلى عشية عرفة في دبر الصبح وقبل المغرب، يقول:

أللهم هذه الأيام التي فضلتها على الأيام وشرفتها قد بلغتنيها بمنِّك ورحمتك فأنزل علينا من بركاتك وأوسع علينا فيها من نعمائك. أللهم إني أسألك أن تصلي على محمدٍ وآل محمد وأن تهدينا فيها لسبيل الهدى والعفاف والغنى والعمل فيها بما تحب وترضى.
أللهم إني أسألك يا موضع كل شكوى، ويا سامع كل نجوى، ويا شاهد كل ملأ، ويا عالم كل خفية، أن تصلي على محمدٍ وآل محمد، وأن تكشف عنا فيها البلاء وتستجيب لنا فيها الدعاء و تقوينا فيها وتعيننا وتوفقنا فيها لما تحب ربنا وترضى وعلى ما افترضت علينا من طاعتك وطاعة رسولك وأهل ولايتك.
اللهم إني أسألك يا أرحم الراحمين أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تهب لنا فيها الرضا إنك سميع الدعاء، ولا تحرمنا خير ما تنزل فيها من السماء، وطهرنا من الذنوب يا علام الغيوب، وأوجب لنا فيها دار الخلود.
أللهم صل على محمد وآل محمد ولا تترك لنا فيها ذنبا ًإلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا ديناً إلا قضيته، ولا غائباً إلا أديته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا سهلتها ويسرتها إنك على كل شئ قدير
. أللهم يا عالم الخفيات، يا راحم العبرات، يا مجيب الدعوات، يا رب الأرضين والسموات، يا من لا تتشابه عليه الأصوات، صل على محمدٍ وآل محمد واجعلنا فيها من عتقائك وطلقائك من النار والفائزين بجنتك، الناجين برحمتك، يا أرحم الراحمين. وصلى الله على محمد وآله أجمعين وسلم عليهم تسليما".
(6)
ب‌- " عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه كان يقول في كل يوم من أيام العشر هذه الكلمات "عشر مرات كما يأتي" :
لا إله الا الله عدد الليالي والدهور، لا إله الا الله عدد أمواج البحور، لا إله إلا الله ورحمته خير مما يجمعون، لا إله إلا الله عدد الشوك والشجر، لا إله إلا الله عدد الشعر والوبر. لا إله إلا الله عدد الحجر والمدر، لا إله إلا الله عدد لمح العيون، لا إله إلا الله في الليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس، لا إله إلا الله عدد الرياح في البراري والصخور، لا إله إلا الله من اليوم إلى يوم ينفخ في الصور".

ثم تذكر الرواية ثواباً عظيماً لهذا الذكر يبهر العقول، جاء في جانب منه " من قال في كل يوم من أيام العشر عشر مرات هذا التهليل أعطاه الله عز وجل بكل تهليلة درجة في الجنة ".
(7)
* صلاة كل ليلة من الليالي العشر:
وقد تقدم ذكرها وإنما أورد عنوانها هنا تذكراً بها لأهميتها.

* أشير في الختام إلى استحباب صوم تسعة أيام من العشر الأوائل أي ماعدا يوم العيد، ومن لم يستطع أن يصوم التسعة، فليحرص على الأقل على صوم اليوم الأول من ذي الحجة، ويأتي مزيد توضيح بحوله تعالى.

والحمد لله رب العالمين.


الفهارس:
(1) منتهى المطلب “ط.ق” - العلامة الحلي ج 2 ص 611-612 بتصرف يسير.
(2) منتهى المطلب"ط.ق" العلامة الحلي ج 2 ص 756
(3) تذكرة الفقهاء "ط.ق" العلامة الحلي ج 1 ص 278 . ط.ج: ج6/194
(4) اسم مكان بينه وبين المدينة المنورة لجهة مكة، واحد وأربعون ميلاً. أنظر: الحموي،معجم البلدان 3/ 76 وفيه يوماً يدل ميلاً وقد صححته على ما في المصادر الأخرى.
(5) السيد ابن طاوس، إقبال الأعمال2/47
(6) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد672-673. و محمد بن المشهدي ، المزار، 443.
(7) محمد بن المشهدي، المزار441، والسيد ابن طاوس، الإقبال2/47-48وابن فهد الحلي، عدة الداعي254-255 والجميع نقلاً عن الشيخ الصدوق.