بسم الله الرحمن الرحيم

 

كتاب ((القصص العجيبة)) أكثر كتب شهيد الإسلام آية الله السيد دستغيب شهرةً و إثارة...

 

و يرجع ذلك إلى سببين:

 

1-    التأثير السحري للقصة على النفس.

2-     نوعية القصص التي اختارها المؤلف رضوان الله عليه ضمن المنهج الذي حدده في مقدمة الكتاب و يتلخص هذا المنهج فيما يلي :

 

أ‌-     إيراد القصص التي رأى وقائعها أو سمعها فوثقها و تأكد من صحتها .

ب‌- إيراد القصص التي تقوي الإيمان بالغيب و من الضروري أن يستحضر القارئ الكريم هذا و هو يقرأ ((القصص العجيبة)) فلا يخالطه الشك في صحة هذه القصة أو تلك.. فإنَّ المؤلف يذكر سند كل قصة و توثيق من رواها له بما لا يدع مجالاً لمثل هذا الشك عادة.. و تسأل:

 

صحيح أن أكثر قصص هذا الكتاب، كثير النفع، جم الفائدة.. ولكن لماذا يصر المؤلف الشهيد على إيراد تلك القصص الغريبة التي لا تكاد تصدق؟

 

أوليس من الضروري أن نخاطب الناس على قدر عقولهم؟

 

والجواب: إن الله تعالى _ و قد أمرنا بالدعوة إليه سبحانه بالحكمة و الموعظة الحسنة.. و أمرنا على لسان رسوله المصطفى (صلى الله عليه و آله وسلم)  بمخاطبة الناس على قدر عقولهم _ قد ذكر في كتابه المجيد قصصاً عجيبة وغريبة.. بل أكثر غرابة و أشد عجباً من جميع القصص الواردة في هذا الكتاب..

 

يحدثنا جلت عظمته عن الهدهد الذي قام بمهمة استطلاع أدت إلى التحاق دولة بمسيرة التوحيد..

 

و يحدثنا سبحانه.. عن أهل الكهف و قد ناموا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً.. ثم بعثوا من مرقدهم..

 

و يحدثنا كذلك عن روح النكتة والظرف عند النملة.. فتبسم  ))نبي الله سليمان)) ضاحكاً من قولها..

 

إلى غير ذلك من القصص الأعجب التي يذخر بها كتاب الله تعالى إلى البشرية..

 

وأمام هذه الحقيقة , ندرك ضحالة ما يقال من ضرورة انسجام طرح الفكرة _ الإسلامية مع روح العصر! و ندرك أن حرصنا ينبغي أن ينصب على انسجام العصر مع روح الإسلام ((الإيمان بالغيب)) . وهذا لا يتخقق باعتماد المنهج التجزيئي الإنتقائي الذي يحملنا على أن نعرض من الإسلام بعضه .. فننتقي هذا البعض مما لا يصدم ((روح العصر((!

 

بل يتحقق بعرض الإسلام كما هو.. و هو إيمان بالغيب بكل مايعنيه هذا الغيب الذي هو الأصل.. بينما يأتي عالم الشهادة في سياق مرحلة قصيرة يحيط الغيب بكل جوانبها.. و تخضع له كل قوانينها . . .

 

إنَّ علينا أن نعرض حقائق الإسلام كما هي .. و نحاول تقريبها إلى الأذهان بالأساليب المناسبة .. و بهذا وحده نعبر عن حرصنا على الثقافة الإسلامية الأصيلة ثقافة الآخرة والدنيا بدل التركيز على ثقافة الدنيا فقط. . .

 

و يلمس القارئ عمق البعد التربوي لهذا المنهج الأصيل الذي اعتمده المؤلف رضوان الله عليه في هذا الكتاب وغيره.

 

تبقى الإشارة إلى أمرين :

 

الأول: ضرورة اعتماد القصة محوراً في التدريس كمحطة استراحة و جذب .. فإن القصة تقرب الفكرة و ترسخها، وتريح النفس وتلامس شفاف القلب ..

 

ومن أجل ذلك يفضل أن يبوب الخطباء والمدرسون حفظهم الله قصص هذا الكتاب وغيره و يوردوا في كل درس ما يناسبه، للخروج بذلك من جو الرتابة غير المستحسنة ..

 

الثاني: ألَّف الشهيد دستغيب هذا الكتاب قبل انتصار الثورة الإسلامية .. و من الطبيعي أنه لم يكن باستطاعته آنذاك إيراد القصص الجهادية والثورية فليلاحظ ذلك.

 

رحم الله شهيد الإسلام والمحراب آية الله السيد عبد الحسين دستغيب و أفاض علينا من بركاته .. و جزا الله الأخوين الكريمين المترجم و الناشر خير الجزاء وإنه ولي الإحسان والحمد لله رب العالمين.



 

حسين كوراني

22 شعبان 1410 هـ