الجهاد الأكبر. -12- الصبر

الجهاد الأكبر. -12- الصبر

14/06/2005

من كان يبحث عن شيء، فمن المهم أن يعرف عمَّ يبحث. أما أن يكون بصدد البحث وهو لا يعرف ما يريد، فإنه سيكون سائراً على غير هدى. في مجال الجهاد الأكبر ينبغي أن نعرف حاجتنا، بمعنى أننا عندما نتضرع ونستغيث ونلجأ إلى الله عز وجل

من كان يبحث عن شيء، فمن المهم أن يعرف عمَّ يبحث. أما أن يكون بصدد البحث وهو لا يعرف ما يريد، فإنه سيكون سائراً على غير هدى. في مجال الجهاد الأكبر ينبغي أن نعرف حاجتنا، بمعنى أننا عندما نتضرع ونستغيث ونلجأ إلى الله عز وجل، فينبغي أن نحدد الهدف.


السلام على الإخوة المجاهدين ورحمة الله وبركاته.

من كان يبحث عن شيء، فمن المهم أن يعرف عمَّ يبحث.

أما أن يكون بصدد البحث وهو لا يعرف ما يريد، فإنه سيكون سائراً على غير هدى.

في مجال الجهاد الأكبر ينبغي أن نعرف حاجتنا، بمعنى أننا عندما نتضرع ونستغيث ونلجأ إلى الله عز وجل، فينبغي أن نحدد الهدف.

ماذا نريد، ماذا نطلب منه سبحانه وتعالى.

في هذا السياق تطالعنا مسألة الصبر كعنوان من أهم العناوين التي ينبغي على المجاهد في مجالات الجهاد الأكبر أن يتضرع بطلبها إلى الله عز وجل.

عن الإمام الرضا عليه السلام: رأس طاعة الله الصبر، والرضا. [1]

الصبر قيمة عليا،لا يمكن للإنسان أن يحصل على شيء إن لم يحصل عليها.

إذا أراد الإنسان أن يتخلص من الغيبة فإنه بحاجة إلى الصبر، ليصبر على ما يعتمل في صدره تجاه الشخص الذي يريد أن يغتابه.

إذا أراد الإنسان أن يتخلص من الكذب فهو بحاجة إلى الصبر.

، إذا أراد أن يتخلص من الغضب فهو بحاجة إلى الصبر.

وإن أراد أن يتخلص من الحقد، أو من الحسد، أو إذا أراد أن يوفق لصلاة الليل، أو يوفق لذكر معين من ذكر الله عز وجل، أوأراد أن يوفق للعلم، أو المطالعة لتنمية معلوماته التي لاغنى عنها في رحلة التحلي بمكارم الأخلاق، فإنه بحاجة في ذلك كله إلى الصبر.

وكما هو الحال في الأمور المعنوية، كذلك هو في الأمور الدنيوية المختلفة.

وتبلغ أهمية الصبر إلى حيث أنه أساس خصائص الإستقامة والهداية.

عن أمير المؤمنين عليه السلام: لايحمل هذا الأمر إلا أهل الصبر والبصر، والعلم بمواقع الأمر.[2]

كما أننا نحن بحاجة إلى الصبر، عندما نريد أن نهتدي إلى الحق، ونثبت في خطه، فنقوم بالواجبات، ونمتنع عن المحرمات، أو نأتي بالمستحبات، ونترك المكروهات، فلا بد لنا من الصبر كذلك،عندما نفكر في شؤوننا الشخصية، والشدائد التي نواجهها، والإمتحانات المختلفة التي نمر بها، بل وحتى الأمور الدنيوية العادية من قبيل أن الإنسان يقف منتظراً الناس الذين يقفون أمامه لشراء سلعة معينة، يريد أن يأخذ خبزاً أو ما شابه، كل ذلك نحن بحاجة فيه إلى الصبر.

فإذا تخطينا دائرة النفس واحتياجاتها، فإننا داخل الأسرة بحاجة إلى الصبر.

وكذلك في العلاقة مع الناس من حولنا، وعلى مستوى مختلف دوائر العلائق التي تحيط بنا.

عن الإمام الكاظم عليه السلام، ليس حسن الجوار كفُّ الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى.[3]

* إذا رجعنا إلى الآيات والروايات نجد من بعض مافيها،أن الصبر من عزم الأمور" وأن من صبر فإن ذلك من عزم الأمور".

وأن جزاء الصابرين لاحدود له: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

من حصل على الصبر فلا حدود للثواب الذي يعطاه.

ومما في الروايات: نجد أن الصبرحاضر في القبر وبامتياز، يكشف عن مرتبته السامية بين الأعمال: يتنحى جانباً، ويقول لسائر الأعمال: "دونكم صاحبكم" أي دافعوا عن صاحبكم. أما هو - أي الصبر- فلا يتدخل إلا في المنعطفات الحادة وأهوال يوم القيامة.

عن الإمام الصادق عليه السلام:قال : "إذا دخل المؤمن في قبره ، كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر مطِل عليه ويتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر : دونكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه". [4]

موقع الصبرالأساس، والرأس: عن الإمام الصادق عليه السلام: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.[5]

ولأن هذا هو موقعه، فمن أعطيه فقد أحرز النصر:

عن الإمام علي عليه السلام: من ركب مركب الصبر، فقد اهتدى إلى مضمار النصر.[6]


***


أيها العزيزالمجاهد: لقد جرّبتَ حالاتٍ من الصبر،عبر تنقلك في مواقع الجهاد، في عمليات الإستطلاع أو المواجهة، أوأجواء الحراسات المختلفة، في الليل وفي النهار.

كل هذه الأجواء يستدعي صبراً و جلداً.

وأنت تعاني أيها العزيز وتجاهد، سل الله تعالى أن يمن عليك بالمزيد المزيد من الصبر، ليكون نعم الزاد في رحلتك المتوثبة إلى أسمى الآفاق المحمدية في عالم الجهاد الأكبر.

سلِ الله تعالى وأنت تعاني مر الصبر: إلهي ارزقني الصبر، منّ عليّ.

إنه عز وجل أكرم الأكرمين، وإذا أعطى فإن عطاءه لا حدود له.

المهم أن توظف تواجدك في مواقع الجهاد وطول معاناتك لكي تحصل على الصبر.

ليكن الصبر مطلباً رئيساً لك وهدفاً، والله سبحانه الموفق.

ولاتنس من دعائك من لم يؤهل حتى للدعاء الجاد بطلب الصبر.


ماحصلت عليه من عطاء، فاجعل لنا فيه نصيباً. إن الله يجزي المتصدقين.


والسلام عليك وعلى سائر الأعزاء ورحمة الله وبركاته.


--------------------------------------------------------------------------------
[1] إبن بابويه، فقه الرضا359.
[2] الري شهري، ميزان الحكمة1/121
[3] المصدر486
[4] الكليني، الكافي2/90 وفيه ( مظل) بدلاً من ( مطل) و في الكافي3/240( والبر يطل عليه) فليلاحظ.
[5] الريشهري، ميزان الحكمة2/1556
[6] المصدر.

اخبار مرتبطة

نفحات