أعلام

أعلام

08/03/2013

الفقيه والرّجاليّ، حفيد الشهيد الثاني


الفقيهُ والرّجاليّ، حفيدُ الشّهيد الثّانيّ 
الشَّيخ محمّد بن الحسن الجُبَعيّ العامليّ، المدفون بمكّة 
ـــــ إعداد: أكرم زيدان ـــــ

* هو الفقيهُ الشّيخ محمّد بن الحَسن ابنِ الشَّهيد الثّاني، فخرُ الدّين، أبو جعفر، العامليّ ثمّ المكّيّ. كان محدّثاً، متكلّماً، زاهداً وَرِعاً، أديباً شاعراً، جليلَ القدر، من العلماء الربّانيّين.
* من تلامذة الميرزا الأستراباذيّ صاحب (الرّجال الكبير)، والسيّد العامليّ صاحب (مدارك الأحكام).
* له أكثرُ من عشرين مصنّفاً في الفقه، والأصول، والحديث، والرّجال، واللّغة وآدابها.
* وُلِدَ في جبل عامل، وأمضى شطراً من حياته في مكّة المكرّمة، وفيها توفّي، ودُفن في «المُعلّى» قريباً من مزار أمّ المؤمنين السّيّدة خديجة عليها السلام.
* هذه التّرجمة مقتبَسة عن مقدّمة تحقيق كتاب (استقصاء الاعتبار) للمترجَم له، الصّادر عن «مؤسّسة آل البيت عليهم السلام».


وُلِدَ الشّيخ محمّد بنُ الحسن الجُبَعيّ، ضُحى يوم الإثنين العاشر من شهر شعبان، عام ثمانين وتسعمائة للهجرة. وقد وُجِدَ تاريخُ ولادتِه هذا بخطَّ والدِه (صاحب المعالم) الشّيخ حسن ابن الشّهيد الثّاني، والذي يبدو أنّه كان يتوسّمُ في ابنِه أَماراتِ النّجابة، والفَقاهة، والعِلم، فَحَرِصَ على ضبطِ تاريخِ ولادتِه بالشّعر.
جاء في كتاب (الدُّرّ المنظوم والمَنثور) للشّيخ عليّ ابن الشّيخ محمّد المترجَم له: «وعندي بخطَّ جدّي المرحوم المبرور الشّيخ حسن، ما هذا لفظُه -بعد ذكر مولدِ ولدِه زين الدِّين عليّ-: وُلِدَ أخوه فخر الدِّين، محمّد، أبو جعفر، وفّقَهما اللهُ لطاعتِه، وهَداهما إلى الخيرِ وملازمتِه، وأيّدَهما بالسّعد والإقبال في جميع الأمور، وجعلني فداهما من كلِّ محذور، ضُحى يوم الاثنين، العاشر من الشّهر الشّريف شعبان، عام ثمانين وتسعمائة، وقد نَظمتُ هذا التّاريخ عشيّةَ الخميس، تاسعِ شهرِ رجب، عام واحد وثمانين وتسعمائة، بمَشهد الحسين عليه السلام بهذَين البيتَين، وهما:
أحمَدُ ربّيَ اللهَ إذ جاءَني محمّدُ من فيضِ نُعماهُ
تاريخُه لا زالَ مثلَ اسمِه بجودِه يُسعِدُه اللهُ»



حياتُه

لم تذكر المصادرُ التي تَرجمت للشّيخ محمّد بن الحسن الجُبَعيّ مكانَ ولادتِه على وجه الدّقّة والتّحديد، إلّا أنّ القرائنَ والعبارات في شرحِ أحوالِه تدلُّ على أنّه وُلِدَ في جبل عامل، من ذلك أنّ الشّيخ الحرَّ العامليّ ذَكَره في القسم الأوّل من (أمل الآمل)، والذي خصَّصه لترجمةِ العلماء العامليّين. كما أنّ أوّلَ تلقّيه العلمَ كان على والدِه الذي كان مقيماً في قرية جُبَع (جباع).
قال الشّيخ يوسف البحرانيّ في (لؤلؤة البحرَين): «وكان اشتغالُه أوّلاً عند والده، والسّيّد محمّد صاحب (المدارك)، قرأَ عليهما، وأخذَ عنهما الحديثَ والأُصولَين وغيرَ ذلك من العلوم، وقرأ عليهما مصنّفاتِهما من (المُنتقى) (والمعالم) و(المدارك)، وما كتبه السّيّد محمّد على (المختصَر النّافع) [للمحقّق الحلّيّ]، ولمّا انتقلا إلى رحمةِ الله تعالى، بَقِيَ مدّةً مشتغلاً بالمطالعة. ثمّ سافر إلى مكَّة المشرّفة واجتمعَ فيها بالميرزا محمّد الأستراباذيّ صاحب كتاب (الرّجال [الكبير])، فقرأَ عليه الحديث، ثمّ رجعَ إلى بلادِه وأقامَ بها مدّةً قليلة، ثمّ سافر إلى العراق ".." وبَقِيَ مدّةً في كربلاء مشتغلاً بالتّدريس. ثمّ سافر إلى مكَّة المشرّفة، ثمّ رجعَ منها إلى العراق وأقامَ فيها مدّة. ثمّ عرضَ ما يقتضي الخروجُ منها، فسافرَ إلى مكَّة المشرّفة، وبَقِيَ فيها إلى أن تُوفِّي رحمَه الله».

أساتذتُه ومشايخُه

اتّضحَ من كلام الشّيخ يوسف البحرانيّ أنّ الشّيخ محمّد بن الحسن تتلمذَ على يدَي العلماء البارزين في بلدِه وفي عصره، ويُمكن إدراج أسماءِ أشهر أساتذتِه كالتّالي:
1 - والده، الفقيه الشّيخ حسن ابن الشّهيد الثّاني.
2 - السّيّد محمّد بن عليّ بن أبي الحسن الموسويّ العامليّ، صاحب كتاب (مدارك الأحكام).
3 - الميرزا أحمد بن عليّ الأستراباذيّ.
4 - الميرزا محمّد الأستراباذيّ، المتقدّم ذكرُه.
وروى عن خالِ والدِه الشّيخ عليّ بن محمود العامليّ، وعن ابنِه الشّيخ زين الدّين.


تلامذتُه والرّاوون عنه

أَقرَأَ الشّيخ محمّد الجُبَعيّ الكثيرين، وتتلمذَ عليه الفضلاء، وروى عنه المشايخ، ومن هؤلاء الأعلام الذين ذكرهم الحرُّ العامليّ في (أمل الآمل):
1- ولدُه الشّيخ عليّ، زين الدّين.
2- الشّيخ محمّد بن عليّ الحرفوشيّ، له (اللآلي السَّنيّة في شرح الأُجروميّة).
3- الشّيخ إبراهيم بن إبراهيم بن فخر الدّين العامليّ البازوريّ، له رسالة (رحلةُ المسافر وغنيةٌ عن المُسامر).
4- الشّيخ أحمد بن أحمد بن يوسف السّواديّ العامليّ العيناثيّ.
5- الشّيخ حسين بن الحسن العامليّ المشغريّ.
6- الشّيخ عليّ بن أحمد بن موسىّ العامليّ النّباطيّ، له (شرح الاثنَي عشريّة في الصّلاة).
7- الشّيخ عليّ بن محمّد العامليّ المشغريّ.
8- الأمير فيض الله بن عبد القاهر الحسينيّ التّفرشيّ، له كتابٌ في الأصول، وشرحٌ على (المختلَف) للعلّامة الحلّيّ.
ومن المتيقّن أنّ هناك الكثير ممّن تتلمذوا عليه في كربلاء، والنّجف، والشّام، والحجاز.

أقوالُ العلماء في حقِّه

وقف العلماء الذين عاصروا الشّيخ محمّد بن الحسن العامليّ، والذين جاؤوا بعدَه، منه موقفَ الإجلال والإكبار، وأشادوا به معتزّين ببروزِ أمثالِه من الفضلاء الذين رفدوا الفكر الإسلاميّ بروائع الأفكار، ومن هؤلاء:
1- ذكره ولدُه الشّيخ عليّ في كتاب (الدّرّ المنثور)، فقال: «كان عالماً عاملاً، وفاضلاً كاملاً، وَوَرِعاً عادلاً، وطاهراً زكيّاً، وعابداً تقيّاً، وزاهداً مَرْضِيّاً، يفرُّ من الدّنيا وأهلِها، ويتجنّبُ الشُّبهات، جيّدَ الحفظ والذّكاء، والفكر والتّدقيق، كانت أفعالُه منوطةً بِقَصدِ القُربة، صرفَ عمرَه في التّصنيف والعبادة والتّدريس والإفادة والاستفادة».
2- الشّيخ يوسف البحرانيّ: «وكان الشّيخ محمّد فاضلاً، محقّقاً، مدقّقاً، وَرِعاً، فقيهاً، متبحّراً».
3- الشّيخ الحرّ العامليّ: «كان ".." ثقةً، فقيهاً محدّثاً، متكلَّماً حافظاً، شاعراً أديباً، مُنشئاً جليلَ القدر، عظيمَ الشأن، حسنَ التّقرير».
4- المحدّث الشّيخ عبّاس القمّيّ في (الكُنى والألقاب): «وكان من العلماء الرّبّانيّين الذين صاروا محلّاً للألطاف الخاصّة الإلهيّة».

خطُّه وأدبُه

امتاز الشّيخ محمّد بن الحسن الجُبَعيّ بجُودةِ الخطّ، ظهرَ ذلك من استنساخِه بعضَ المؤلَّفات، قال السيّد محمّد باقر الخونساريّ في (روضات الجنّات): «وقد كان عندَنا من كُتب خزانة سيّدنا وسَمِّينا وشيخِ إجازتنا، العلّامة الرّشتي أعلى الله تعالى مقامه نسخةَ كتابِ (الرّجال الكبير) [للميرزا الاسترآباذيّ]، بخطَّ هذا الرّفيعِ جنابُه [يعني به الشّيخ محمّد]، العادمِ للعَديل والنّظير، وعندنا الآن أيضاً بخطَّه الحَسن الَّذي يُقارب في الحُسن خطَّ والدِه الجليل الشيخ حسن رحمة الله تعالى عليهما، على ظَهر كتابِ (الفقيه) الَّذي صحَّحَه أبوه المذكور، في نجفِ الغَريّ على مشرِّفه السّلام».
إضافةً إلى ذلك، كان رحمه الله شاعراً مجيداً، لأبياته من الرّقّة والسّلاسة ما يهزُّ السّامعَ، ويُثير مكامنَ عواطفِه، كما كان له نثرٌ ومراسلاتٌ مع أدباء عصرِه. ونقل السيّد الخونساريّ عن ولدِ شيخِنا المترجَم له، قولَه: «ولوالدي رحمه الله أشعارٌ رائقة، تشتملُ على مواعظ، وحِكَم، وألغاز، ومراسلات، وإنشاءاتِ نَثر».
ومن قصائده في الرّثاء الحسينيّ قوله:

ليتَ شِعري ما عذرُ عبدٍ مُحِبٍّ جامدِ الدَّمعِ ساكنِ الأحشاءِ
وابنُ بنتِ النّبيّ أضحى ذبيحاً مُستهاماً مُرمَّلاً بالدِّماءِ
وحريمُ الوصيّ في أَسْرِ (بَغْيٍ) فاقداتِ الآباءِ والأبناءِ
وعليٌّ خيرُ العبادِ أسيرٌ في قيود العِدى حليفُ العَناءِ
مثلُ هذا جزاءُ نُصحِ نبيٍّ كَلَّ عن نَعْتِهِ لسانُ الثَّناءِ



إلى أن يقول ذاكراً إمام الزَّمان عليه السلام:

يا بَني الوَحي لا يُخفِّفُ وَجداً نالَنا من شماتةِ الأعداءِ
غيرُ ذي الأمرِ نورِ وحي إلهٍ حجّةِ الله كاشفِ الغَمّاءِ
لهفَ نفسي على زمانٍ أرى فيهِ مُزيلاً لدولةِ الأشقياءِ
أَترى يسمحُ الزَّمانُ بهذا ويَحوزُ الرَّاجون خيرَ رجاءِ


مؤلّفاته

لقد صرف الشّيخ محمّد بن الحسن الجُبَعيّ عمرَه مثابراً في التّحقيق، والتّدريس، والتّدقيق، والتّأليف، والتّصنيف، فكان حصيلةَ ذلك -بعد تربيتِه الفضلاء- أن أتحفَ المكتبة الإسلاميّة بتآليف قيّمة، ذكر المترجمون له منها:
1- (استقصاءُ الاعتبار في شرح الاستبصار) والمتن للشّيخ الطُّوسيّ. يُعَدُّ (الاستقصاء) واحداً من أبرز شروح (الاستبصار)، وما يزالُ محطَّ نظر الفقهاء والفضلاء، لأنّ للكتاب ميزاتٍ جمّة يقفُ عليها المطالعُ المدقّق.
2- (تعليقات على مدارك الأحكام)، (والمدارك) لأستاذِه السّيّد العامليّ.
3- (حاشية على أُصول الكافي) للشّيخ الكلينيّ.
4- (حاشية على شرح اللّمعة)، وصلَ فيها إلى كتاب الصّلح، و(اللّمعة) للشّهيد الأوّل، وشرحُها لجدِّه الشّهيد الثّاني.
5- (حاشية الفقيه)، وهي حاشية على العبادات من كتاب (مَن لا يحضرُه الفقيه) للشّيخ الصّدوق.
6- (حاشية كتاب الرّجال)، وهي حاشية على كتاب (الرّجال الكبير) لأستاذه الميرزا محمّد الأسترآباذيّ، الفقيه والرّجاليّ المعروف قدّس سرّه.
7- (حاشية على مختلَف الشّيعة) للعلّامة الحلِّيّ.
8- (حاشية المدارك) المتقدِّم ذِكرُه، وهي غير تعليقاته عليه.
9- (حاشية المطوّل)، والمتن للتّفتازانيّ.
10- (حاشية المعالم)، وهي حاشية على (معالم الدّين) لوالده.
11- (ديوان شعره). 12- (رسالة تحفة الدّهر في مناظرة الغِنى والفَقر).
13- (رسالة في تزكية الرّاوي).
14- (رسالة في التّسبيح والفاتحة في ما عدا الأُوليَين) رجّح فيها التّسبيح.
15- (رسالة التّسليم في الصّلاة). 16- (رسالة في الطّهارة).
17- (روضةُ الخَواطر ونُزهة النّواظر)، وهو كتابٌ مشتَملٌ على فوائد، ومسائل، وأشعار له ولغيره، وحِكَم ملتقطة من كُتُب شتّى.
18- (شرح تهذيب الأحكام) للشّيخ الطّوسيّ.
19- (كتاب جامع). مشتَملٌ على نصائح، ومواعظ، وحِكَم، ومراثٍ، وألغاز، ومدائح، ومراسلات شعريّة بينه وبين شعراء أهل العصر، وأجوبة منه لهم في المدائحِ والألغاز.
وقد اتّضح أنّه رضوان الله عليه صبَّ اهتمامَه على الفِقه أوّلًا، ثمّ على كُتُب الحديث، ثمّ الرّجال، ثمّ أصول الفِقه، ثمّ عِلمِ البلاغة في ما يشملُ من عِلم المعاني، والبَديع، والبيان، ثمّ في الأدب شعراً ونَثراً، وبعد ذلك في علومٍ شتّى جمعَها من كُتبٍ شتّى.

زهدُه وتقواه

كان الشّيخ محمّد بن الحسن، حفيد الشّهيد الثّاني من الزُّهّاد الوَرِعين، ويَحتاطُ أشدَّ الاحتياطِ في أمرِ الدِّين. يقول المحدّث النّوريّ في (خاتمة المستدرك): «وكان [الشّيخ محمّد] من العلماء الربّانيّين الذين صاروا محلّاً للألطافِ الخاصّة الإلهيّة. ذكر ولدُه العالم الجليل الشّيخ عليّ السّبط في (الدُّرّ المنثور) من جملةِ احتياطِه وتقواه أنّه بلغَه أنّ بعضَ أهلِ العراق لا يُخرِجُ الزّكاة، فكان كلَّما اشترى من القوتِ شيئاً زَكَويّاً، زكَّاه قبل أن يتصرّفَ فيه».
وينقل أيضاً في (المستدرك): «وأرسل إليه الأمير يونس بن حرفوش رحمه الله إلى مكّة المشرّفة خمسمائة قرش -وكان هذا الرَّجل له أملاكٌ من زَرع وبساتين وغير ذلك، يتوقّى أن يدخلَ الحرامُ فيها- وأرسلَ إليه معها كتابةً مشتملةً على آدابٍ وتواضع، وكان له فيه اعتقادٌ زائد، والتمسَ منه أن يقبلَ ذلك، وأنّه من خالصِ مالِه الحلال، وقد زكَّاه وخمَّسَه، إلى أن يقبل. فقال له الرّسول: إنّ أهلَكَ وأولادَك في بلاد هذا الرَّجل، وله بكَ تمامُ الاعتقاد، وله على أولادِك وعيالِك شَفَقةٌ زائدة، فلا ينبغي أن تجبهَه بالرّدّ. فقال: إنْ كان ولا بدَّ من ذلك فَأَبقِها عندك واشترِ في هذه السّنة بمائة قرشٍ منها شيئاً من العُود والقماشِ وغيره، ونرسلُه إليه على وجهِ الهديّة، وهكذا نفعلُ كلَّ سنة حتّى لا يبقى منه شيء، فأرسلَ له ذلك تلك السّنة وانتقلَ إلى رحمة الله ورضوانه».
يتابع المحدّث النوري: «وطلبَه سلطانُ ذلك الزّمان -عفى الله عنه- مرّةً من العراق فأَبى ذلك، وطلبَه من مكّة المشرّفة فَأَبى، فبلغَه أنّه يُعِيدُ عليه أمرَ الطّلب، وهكذا صار، فإنّه عيّنَ له مبلغاً لخَرْجِ الطّريق، وكان يكتبُ له ما يتضمّنُ تمامَ اللُّطفِ والتّواضع، وبلغني أنّه قيلَ له: إذا لم تقبل الإجابة فاكتبْ له جواباً. فقال: إنْ كتبتُ شيئاً بغيرِ دعاءٍ له كان ذلك غيرَ لائق، وإنْ دعوتُ له فقد نُهينا عن مثلِ ذلك. فألحَّ عليه بعضُ أصحابه. وبعد التّأمّل قال: وردَ حديثٌ يتضمّنُ جوازَ الدّعاء لمثلِه بالهداية. فكتب له كتابة، وكتبَ فيها من الدّعاء: هداه الله. لا غَير».

وفاتُه

تُوفِّي الشّيخ محمّد بن الحسن ابن الشّهيد الثّاني الجُبَعيّ العامليّ رحمه الله، ليلةَ الاثنين في عاشرِ ذي القعدة الحرام، سنة ألف وثلاثين من الهجرة في مكّة المشرّفة، ودُفن فيها في منطقة المُعلَّى، قرب مزار أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام. ووُجد بخط السيّد حسين بن محمّد بن عليّ بن أبي الحسن العامليّ، ما نصّه: «تُوفِّيَ ابنُ خالي الشّيخ محمّد بن الحسنِ بن زين الدّين العامليّ في عاشر ذي القعدة الحرام، سنة ألف وثلاثين من الهجرة في مكّة المشرّفة».

قال الخونساريّ: «فظهرَ من تاريخ مولدِه ووفاتِه أنّ عمرَه خمسون سنة وثلاثة أشهر». ثمّ قال: «وهو بعينِه تاريخُ وفاةِ شيخِنا البَهائيِّ البَهيّ بأصفهان».
وقد كان الشّيخ رحمه الله قد أحسّ بدُنوِّ أجَلِه، فكان يتمنّى أن يساعدَه اللهُ ويُعينَه على سَكَرات الموت وما بعده، فقد نقل ولدُه الشّيخ عليّ عن خطِّ الشّيخ حسين المشغريّ الذي كان من جملة تلامذة أبيه ومُصاحبيه في مكّة، أنّه كتبَ بعدما رقّمَ تاريخ وفاته: «وقد سمعتُ منه قدّس سرّه قبلَ انتقالِه بأيّام قلائل مشافهةً، وهو يقولُ لي: إنّي أنتقلُ في هذه الأيّام، عسى الله أن يُعينَني عليها، وكذا سمعَه غيري، وذلك في مكّة المشرّفة، ودفنّاه، بَرَّدَ الله مضجعَه، في المُعلَّى، قريباً من مزار خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها».
وكان من كرامات هذا الشّيخ الجليل، أنّ زوجتَه العَلويّة أخبرت أنّه لمّا تُوفّي، كانت تلاوة القرآن الكريم تُسمَع عنده طوالَ تلك اللّيلة.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

نفحات