مرابطة

مرابطة

10/05/2013

من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام في الحرب


 

من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام في الحرب
لَا تُقَاتِلُوهُم حَتَّى يَبْدَؤوكُم..
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

«للهِ أَبُوهُم، وهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا [للحرب] مِرَاساً وأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي؟ لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، وهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّين..». أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام
مجموعة من وصايا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، أوصى بها جُندَه في حروبه بالبصرة والنّهروان وصِفِّين، ويُمكن تقسيم المُدرَج منها هنا إلى مجموعتَين:
أوّلاً: وصايا إيمانيّة أخلاقيّة تبعث على الفضائل الّتي يجب أن يتحلّى بها المجاهد في سبيل الله تعالى.
ثانياً: وصايا «قتاليّة» لها دورٌ في ظَفر المُقاتِل، وغَلَبَتِه على عدوِّه، وسلامتِه من نكايتِه ومكائده.
 

أوّلاً: الوصايا الإيمانيّة والأخلاقيّة

1- «اتَّقِ اللهَ الَّذِي لَا بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِه، ولَا مُنْتَهَى لَكَ دُونَه، ولَا تُقَاتِلَنَّ إِلَّا مَنْ قَاتَلَكَ».
2- «ألَا إنَّكُم لاقُو العَدُوَّ غَداً إنْ شاءَ اللهُ، فأَطِيلُوا اللّيلة القيامَ، وأكثِرُوا تِلاوَةَ القُرآن، واسألوا اللهَ الصَّبْرَ والنَّصْرَ، والقُوهُم بالجدِّ والحَزْمِ، وكُونُوا صَادِقين».
3- كانَ عليه السلام إِذَا حَضَرَت الْحَرْبُ يُوصِي الْمُسْلِمِينَ بِكَلِمَاتٍ، فَيَقُولُ: «تَعَاهَدُوا الصَّلَاةَ وحَافِظُوا عَلَيْهَا واسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وتَقَرَّبُوا بِهَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً».
4- «لَا تُقَاتِلُوهُم حَتَّى يَبْدَؤوكُم، فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ الله عَلَى حُجَّةٍ، وتَرْكُكُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى يَبْدَؤوكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَى لَكُمْ عَلَيْهِم».
5- «فَلَا تَقْتُلُوا مُدْبِراً».
6- «ولَا تُصِيبُوا مُعْوِراً». [مُعْوِر، كمُجرم، وهو الذي أمكنَ من نفسه وعجز عن حمايتها]
7- «ولَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ».
8- «وَلَا تَقْتُلوا أَسِيراً».
9- «وَلَا تَكْشِفُوا عورةً».
10- «وَلَا تُمَثِّلوا بِقَتيل».
11- «وَلَا تَهْتِكوا سِتْرَاً».
12 - «وَلَا تَدخلوا داراً إلّا بِإذنِي».
13 - «وَلَا تَأخُذوا شيئاً من أموالِهم إلّا ما وَجَدتُم في عَسْكَرِهم».
14- «ولَا تَهِيجُوا النِّسَاءَ بِأَذًى، وإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وسَبَبْنَ أُمَرَاءَكُم، فَإِنَّهُنَّ ضَعِيفَاتُ الْقوَى والأَنْفُسِ والْعُقُولِ، إِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ..».
15- ومن كلامٍ له عليه السلام قاله لأصحابِه ليلةَ الهرير: «..مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ وتَجَلْبَبُوا السَّكِينَةَ».
16- ومن وصيّته عليه السلام لمالك الأشتَر رضوان الله عليه: «إيَّاكَ وَأَنْ تَبْدَأَ الْقَوْمَ بِقِتَالٍ إلَّا أَنْ يَبْدَؤوكَ، حتّى تَلقاهم وتَسمعَ مِنهُم، ولا يَجْرمنَّكُم شَنَآنُهم على قتالِهم قبلَ دُعائهم والإعذارِ إليَهم مرَّةً بعد مرَّة». [أي لا يحملنّك بغضُك إيّاهم على قتالهم قبل أن تُقيم عليهم الحجّة]
17- ومن روائع كلامه عليه السلام في الحثّ على الجهاد: «واللهُ مُسْتَأْدِيكُمْ شُكْرَهُ ومُوَرِّثُكُمْ أَمْرَهُ، ومُمْهِلُكُمْ فِي مِضْمَارٍ مَحْدُودٍ لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَهُ، فَشُدُّوا عُقَدَ الْمَآزِرِ واطْوُوا فُضُولَ الْخَوَاصِرِ، لَا تَجْتَمِعُ عَزِيمَةٌ ووَلِيمَةٌ، مَا أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ، وأَمْحَى الظُّلَمَ لِتَذَاكِيرِ الْهِمَمِ».
والمعنى: أنّ اللهَ تعالى أوْجَبَ عليكم أن تؤدّوا شُكرَه على نِعَمِه تعالى، وسيمُنّ عليكم بأنْ يورثَكم الأرض، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ..﴾ الأحزاب:27.
* والمضمار: هي الأربعون يوماً الّتي تُضمَر الخيلُ فيها، أي تُهيّأ للفوز بالسّباق، وقد كنّى بها الإمام عليه السلام عن الحياة الدّنيا، بمعنى أنّ المؤمنين يَتسابقون فيها لنَيلِ رضى الله تعالى.
* شدّوا عقد المآزر: حثٌّ على الجدّ والانتباه، كما يشدّ الرّجل مئزَره كي لا يُعيقه عن الحركة عندما يَهمّ بأمرٍ خطيرٍ.
* واطووا فضولَ الخواصر: كنّى الإمام عليه السلام عن الزّائد من متاع الدّنيا بفضول الخواصر، وهو الزّائد على ما تحتاجه البطنُ من المأكل والمشرب.
* لا تجتمعُ عزيمةٌ ووليمة: أي لا يجتمعُ الجدّ واللّهو. والعزيمة هي الإرادة الجازمة، والوليمة هي طعام العُرس.
* ما أنقضَ النّوم لعزائم اليوم، وأمحى الظُّلَم لتَذاكير الهِمَم: الرّجُل في سَفر، يعزمُ ليلاً على النّهوض باكراً والجدّ في المسير، فيغلبه النّوم إلى الضّحى، وينقضي بذلك ما كان عَزَم عليه في يومه. وكذلك المسافر يَستحثُّ همّته على المسير باللّيل، فإذا أدركَه الظّلام محا ما كان ذكَّرَ به نفسَه.



ثانياً: الوصايا القتاليّة

1- من وصيَّةٍ له عليه السلام وصّى بها معقلَ بن قيس الرّياحيّ حين أنفذه إلى الشّام في ثلاثة آلاف، مقدّمةً له:
«.. فَإِذَا لَقِيتَ الْعَدُوَّ فَقِفْ مِنْ أَصْحَابِكَ وَسَطاً، ولَا تَدْنُ مِنَ الْقَوْمِ دُنُوَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُنْشِبَ الْحَرْبَ، ولَا تُبَاعِدْ عَنْهُمْ تَبَاعُدَ مَنْ يَهَابُ الْبَأْسَ، حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي..»


2- ومن وصيَّةٍ له عليه السلام وصّى بها جيشاً بعثَه إلى العدوّ:
«فَإِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِكُم، فَلْيَكُنْ مُعَسْكَرُكُم فِي قُبُلِ الأَشْرَافِ [المرتفعات]، أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ أَوْ أَثْنَاءِ الأَنْهَارِ، كَيْمَا يَكُونَ لَكُم رِدْءاً ودُونَكُمْ مَرَدّاً [إشارة منه صلوات الله عليه إلى أهميّة الحواجز والموانع الطّبيعيّة التي تُعيق إمكانيّة التفاف العدوّ]، ولْتَكُنْ مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْه وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ، واجْعَلُوا لَكُمْ رُقَبَاءَ فِي صَيَاصِي الْجِبَالِ، ومَنَاكِبِ الْهِضَابِ [بمنزلة الكمائن أو نقاط الحراسة المستَترة]، لِئَلَّا يَأْتِيَكُمُ الْعَدُوُّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَةٍ أَوْ أَمْنٍ؛ واعْلَمُوا أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَوْمِ عُيُونُهُم، وعُيُونَ الْمُقَدِّمَةِ طَلَائِعُهُم [طلائع المقدّمة هو ما يعبّر عنه في يومنا بفِرَق الاستطلاع]، وإِيَّاكُمُ التَّفَرُّقَ، فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِيعاً، وإِذَا ارْتَحَلْتُمْ فَارْتَحِلُوا جَمِيعاً، وإِذَا غَشِيَكُمُ اللَّيْلُ فَاجْعَلُوا الرِّمَاحَ كِفَّةً [كِفّة: مستديرة، والمعنى: حراسة المعسكر من جميع جهاته]، ولَا تَذُوقُوا النَّوْمَ إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَةً».


3- وفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِيه، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَانَ يَأْمُرُ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ لَقِينَا فِيه عَدُوَّنَا، فَيَقُولُ:
«وأَقِلُّوا الْكَلَامَ فَإِنَّه أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وأَذْهَبُ بِالْوَهَلِ [كثرة الكلام والصّياح أثناء المعركة يدلّ على الاضطراب، والصّمت يُعين المقاتل على التّركيز ومعرفة ما يدور حوله، والوَهَل: الضّعف والفزع]، ووَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْمُبَارَزَةِ والْمُنَازَلَةِ والْمُجَاوَلَةِ، واثْبُتُوا واذْكُرُوا اللهَ عَزَّ وجَلَّ كَثِيراً، فَإِنَّ الْمَانِعَ لِلذِّمَارِ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمْ أَهْلُ الْحِفَاظِ الَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِهِمْ ويَضْرِبُونَ حَافَّتَيْهَا وأَمَامَهَا. وإِذَا حَمَلْتُمْ فَافْعَلُوا فِعْلَ رَجُلٍ وَاحِدٍ. وعَلَيْكُمْ بِالتَّحَامِي، فَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ [الحربُ سجال: أي أنّ النّصر في المعركة يكون تارةً لكم وطوراً لعدوّكم]، لَا يَشُدُّونَ عَلَيْكُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، ولَا حَمْلَةً بَعْدَ جَوْلَةٍ [هنا تحذيرٌ من أنّ فرار العدوّ قد يكون مناورة لتنظيم هجومٍ جديد ومباغت]، ومَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ [السّلم هنا بمعنى الاستسلام والانقياد] فَاقْبَلُوا مِنْه. واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ، فَإِنَّ بَعْدَ الصَّبْرِ النَّصْرَ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ».


4- «وَعَليكَ بالتّأَنّي في حربِك، وَإيّاكَ وَالعَجَلةَ إلّا أَنْ تُمكنَك فُرْصَةٌ».


5- عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لأَصْحَابِه:
«إِذَا لَقِيتُمْ عَدُوَّكُمْ فِي الْحَرْبِ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ واذْكُرُوا الله عَزَّ وجَلَّ، ولَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ فَتُسْخِطُوا اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى وتَسْتَوْجِبُوا غَضَبَه. وإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمَجْرُوحَ ومَنْ قَدْ نُكِّلَ بِه، أَوْ مَنْ قَدْ طَمِعَ عَدُوُّكُمْ فِيه، فَقُوه بِأَنْفُسِكُمْ».



أللّهُمّ قَدْ صَرَّحَ مَكْنُونُ الشَّنَآن

كان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو بهذا الدّعاء إذا لَقِيَ العدوّ محارباً:
«أللّهمَّ إِلَيْكَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ، ومُدَّتِ الأَعْنَاقُ، وشَخَصَتِ الأَبْصَارُ، ونُقِلَتِ الأَقْدَامُ، وأُنْضِيَتِ الأَبْدَانُ. أللّهمَّ قَدْ صَرَّحَ مَكْنُونُ الشَّنَآنِ، وجَاشَتْ مَرَاجِلُ الأَضْغَانِ، أللّهمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنَا وتَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا. ﴿..رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ الأعراف:89».
قال ابن ميثم البحرانيّ في شرحه على (نهج البلاغة): «أقول: رُوي أنّه عليه السلام كان إذا اشتدّ القتالُ ذكرَ اسمَ الله تعالى حينَ يركب، ثمّ يقول: الحمدُ للهِ على نِعَمِه علينا وفَضْلِه العَميم، سُبحانَ الَّذي سخّرَ لنا هذا وما كُنّا له مُقرنين، وإنّا إلى ربّنا لَمُنقَلِبون. ثمّ يستقبل القبلة ويرفع يدَيه ويقول: أللّهُمّ إليك نُقِلَت الأقدام [إلى آخر الدّعاء المتقدّم] ثمّ يقول: سِيروا عَلى بَرَكةِ الله. ثمّ يقول: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبر، يا اللهُ، يا أحدُ، يا صمدُ، يا ربَّ محمّد، بسمِ الله الرّحمن الرّحيم، ولا حولَ ولا قوّةَ إلَّا باللهِ العليّ العظيم، إيّاكَ نعبدُ وإيّاكَ نستعين، أللّهُمّ كُفَّ عنّا أيدي الظّالمين. فكانَ هذا شعارُه بصفّين».


اخبار مرتبطة

نفحات