بسملة

بسملة

09/07/2013

إلى مَن يتنزّلُ الأمرُ في ليلة القَدر؟


إلى مَن يتنزّلُ الأمرُ في ليلة القَدر؟

-       الشّيخ حسين كوراني

الشّهيدان الشّيخ محمّد سعيد البوطيّ، والشّيخ حسن شحاتة، شاهدان على أنّ وحدة الأمّة في مرحلة متقدّمة جدّاً، رغم غابة الرّايات و«الفتاوى» والادّعاءات.

منذ رفع الإمام الخمينيّ أذان الصّحوة واليقظة بدأ الجسد الواحد الممزّق يتعافى. تراخت قبضة الأخطبوط الأميركيّ حتّى أصبح حائراً بخنجره الصّهيونيّ المسموم الذي تحوّل عبئاً على كلّ الغرب الذي زرعه في جسد الأمّة وبعض الشّرق الذي تحالف معه وربطَ مصيره به.

﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ * وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ باللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ للهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ آل عمران:196-200.

لا تغرّنّك حَشْرَجَاتُ الوهّابيّة وكلّ التّكفيريّين: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى باللهِ وَكِيلًا﴾ الأحزاب:47-48.

***

ليلة القدر وتنزُّل الملائكة فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر، من الثّابت الذي لا يتحوّل ما دامت السّماءُ والأرض.

نضع هذا الثّابت بإزاء ثابتٍ آخر مُجْمَعٍ عليه بين المسلمين هو: «وجودُ مؤهَّلٍ للتّمسُّك به من أهل البيت في كلّ عصر» –حسب تعبير الحافظ الهيتميّ في (الصّواعق المحرقة)- هذا المؤهَّل للتمسُّك به هو المطلوب من كلّ مسلمٍ بيعتُه، وهو إمام الزّمان الذي مَن لم يعرفه «فَميتتُه جاهليّة».

نستنتج إجماع الأمّة النّظريّ على أنّ الأمر يتنزّل في ليلة القدر على إمام الزّمان من أهل البيت عليهم السلام، الذي هو أحدُ الخلفاء الاثنَي عشر المُجمَع على عددهم.

هذا المجمع عليه نظريّاً هو الذي قطعت الأمّة في رحابه أشواطاً عمليّة حين توحّدت كلمتها على الإصرار على أن تمضي قدُماً في رحلة تعافي الجسد الواحد، فأضعفت الأمّةُ الهيمنة الأميركيّة، ولفظَ جسدُها أكثر الخنجر- الغدّة السّرطانيّة، وشرّد عدداً من أبرز الدّمى النّواطير.

يُمعنُ في التّيه مَن يظنّ أن تحصد الأمّة «إنجازات العصر» دون سيل الدّماء البدريّة الكربلائيّة.

ويُمعن في الضّلال البعيد مَن يظنّ أنّ الأمّة تعيش الانقسام والتّمزّق وقد دخلت أنفاق حروب الفِتن الطّائفيّة.

***

﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ العنكبوت:2-3. [ لا يُفتَنون = لا يُختبَرون]

في أبهى عصور الأمّة، مع سيّد النّبيّين كان الاختبار إلى حدّ الزّلزال: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ البقرة:214.

وكان الفَرُّ بعد الكَرّ: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ آل عمران:153.

وجاء النّصر رغمَ تعدّد المشارب والأطياف، ومظاهر القوّة والضّعف:

﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ باللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ آل عمران:154.

سُحُبُ الرّاهن وهمومُه الثّقال نتائجُ تلقائيّةٌ لما يتبخّر من قوى الشّيطان الأكبر وتَمظهراته، ولما يتصاعد من أنينِه والحَسَرات. علينا أن نثقَ بما عند الله تعالى في طيِّ الغدِ الواعد أكثرَ من ثقتنا بالحاضر النّاجز الذي تجلّى معه قولُ السّيدة زينب عليها السلام: «ما رأيتُ إلّا جميلاً..».

***

مفصلان، ينبغي أن تتضافرَ جهودُ الأمّة في تظهيرهما:

* ما يجري في العالم الإسلاميّ، هو بالتّأكيد مواجهات الأمّة –شيعةً وسنّة- مع خوارج العصر. الأمّةُ كلُّها تلتزمُ سُنّةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وحبَّ أهل البيت ومشايعتَهم ومودّتَهم عليهم السَّلام، والخوارج شيعة آل أبي سفيان، يتفانون في مودّتهم والاستنان بسُنَّتِهم.

والفرز قائمٌ متَسارعٌ بتصاعدٍ فَلَكيّ إلى حيث يُمكن القول: لم تشهد وحدةُ الأمّة في العصور الأخيرة يَقظةً وتماسكاً وتجذّراً كما تشهده في هذا العصر، والمقارنة بين حال الأمّة في بداية أحداث الشّام، وما هي عليه اليوم خيرُ دليل.

* تعميقُ الالتزام السّياسيّ لنهج إمام الزّمان الذي تجب بيعتُه على كلّ مسلم، وتظهيرُه. هذا شهرُ الله تعالى قد أظلَّنا وهو شهر القرآن وليلة القدر وتنزُّلِ الأمر على صاحب الأمر، فمَن هو؟ وعلى مَن يتنزّلُ الأمر وإلى مَن؟

إنْ كان هو «المهديّ المنتظَر» فما هو الطّريق إليه، ومَن؟

وإن لم يكن هو، فمَن نبايع حتّى لا تفرَّقَ بنا السُّبُل؟

ما أمسَّ حاجة الأمّة الواحدة التي تبلْورت وحدتُها في هذا العصر وتَجَوْهَرَت، إلى البحث الموضوعيّ والعمليّ عن «إمام الزّمان»؟

قال الإمام جعفر الصّادق عليه السلام، لمَن سأله عن واجب مَن أدرك زمنَ غيبةِ المهديّ المنتظَر عليه السلام: «إِذَا أَدْرَكْتَ هَذَا الزَّمَانَ فَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ. أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ. أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي».

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/07/2013

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات