مرابطة

مرابطة

09/07/2013

وصيّة الشّهيد السّيّد محمّد مهدي مرتضى*

 


وصيّة الشّهيد السّيّد محمّد مهدي مرتضى*

سيّدي اقتُلني فيك

 

كلمةٌ إلى ملَك الموت..

السّلام عليكَ يا منفّذَ أمرِ الله عزّ وجلّ..

أيّها العزيز، قد صحبتُكَ منذ زمن، وأنا لم أَخَفْ منك يوماً، لأنّه لا يخاف منكَ إلّا مَن يموتُ حَتْفَ أنفه، أمّا مَن أيقنَ بالشّهادة فيعرف أنّه وكما قال المعصوم حين سُئِلَ عن الشّهيد أَيُفتَن عند موته؟ فقال: «كَفى ببارقة السّيفِ فوقَ رأسه فتنة».

لذا، أُقسمُ عليك بمَن استأذنتَه قبلَ قبض روحِه –رسولنا الأكرم صلّى الله عليه وآله- أن تُشعرَني باقترابك، لا لأُوصي لشيءٍ من الدّنيا، أو لأُودّع أحداً، بل أَمْهِلني لأُسلّم على الحسين عليه السلام. كما وأُقسم عليك أن لا تبدأَ بقبضِ روحي من لساني، بل اجعَله آخرَ ما ينطفىءُ منّي، وَدَعْني لآخر لحظة أقول: «يا عليّ».

الآن طابَ لي الموتُ..

إلهي وسيّدي ومولاي، لك الشّكرُ على ما تُنعمُ به علينا كلّ لحظة، وكلّما قلنا لك الشّكر استوجبَ علينا أن نقول لك الشّكر. إلهي قد تفضّلت عليّ بزيارة سادتي أئمّة الورى في العراق، وأنا أعرف أنّ هذا توفيقٌ خاصٌّ ورعايةٌ منك، فلك الحمدُ والشّكرُ على ذلك.

إلهي أُقسم عليك بأحبّ الخلق إليك محمّدٍ وآله أن تسامحَني وتغفرَ لي وتعفوَ عن كثير ظلمي وجرمي بمحبّتي لآل محمّدٍ صلّى الله عليه وآله.

إلهي أطمَعتَني في عفوك مذ زرعتَ في قلبي محبّةَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فأخطأتُ وقصّرتُ فَأَذنبتُ ولا عُذرَ لي في ذلك، بل لك الحجّةُ التّامةُ والكاملةُ عليّ، وأنا أعرفُ أنّ محبّتي لآل محمّدٍ لا تزيدني إلّا مسؤوليةً عندَك، وقد طالَ عليَّ الأملُ وكَثُرَت ذنوبي فلا تمحوها إلّا الشّهادة.

إلهي إنّ للشّهادة أهلَها، وأنا لستُ منهم، لكنّ أملي بكرمِك وجودِك وفيضِك الذي لا ينقطع، أقنعَني أنّك ستأخذُ بيدي ولو كنتُ متأخّراً في السّير إليك.

إلهي إن لم توفِّق للشّهادة إلّا المُخلصين فمَن لمَن أبصرَ قلبُه وقَصُرَت يداه. سيّدي ما ظنّي بكَ أن تحرمَني حاجةً أفنيتُ عمري في طلبها منك، فإنْ لم أكن أهلاً للدّعاء فأنت أهلٌ للإجابة، ويُطمئنُني أنّك ستَستجيبُ لي دعوتي لأنّك سمحتَ لي بالمداومة على طلبها، وأنا الذي ما فتئتُ أسألك إيّاها في كلّ موقفٍ طلبتُها منك أوّل ما رأيتُ مرقدَ الامير عليه السلام، وتحت قبّة الحسين عليه السلام، وعند ضريح أبي الفضل عليه السلام، وعند الشّهداء أصحاب الحسين عليه السلام.

سيّدي لا أسألُك متاعَ الدّنيا قَطّ، فلا تجعل أجري أجرَ مَن عبدَ سواك.

إلهي وربّي اغفر لي، واحجُب ذنوبي عن قلب صاحب الزّمان، فأنا أعلمُ أنّها تَسوؤه وتسرُّ أعداءَه، وأنا وَاللهِ أعلمُ أنّ سرورَه أحبّ إليك من سرور أعدائه.

سيدي اُقتلني فيك، وارزقني الشّهادة في سبيلِك، وارزُقني نصرةَ صاحب العصر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، والعودةَ في دولة آل محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، وحين تجمعُ بيني وبينَهم يومَ القيامة استُر علينا يا ستّارَ العيوب، ولا تجعل جوارحي تشهد عليّ. اغفر لي ذنوبَ النّظر، لأنّ عيني رَأَتْ مرقدَ أمير المؤمنين عليه السلام، واغفر لي ذنوبَ لساني لأنّه مُولَعٌ بذكر عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

لا يمتلك عَدَمٌ مثلي ما يقدّمُه لجبّار السّماء، إلّا أنّك فتحتَ باباً للتقرّب إليك سمّيته «آل محمّد»، فاشهد أنّني أهواهم وأُبغضُ عدوَّهم.. قلبي معهم، ونُصرتي معدَّةٌ لهم. أللّهم اجعلني ممّن تنتقمُ به لهم، ولا تَستبدل بي غيري، إنك الجوادُ الكريم.

أحسُّ الموتَ ذا يَدنو إليَّ

فتَجري دمعةٌ من مُقْلَتَيَّا

لخوفٍ؟ لا، وَحَقِّ وَصِيِّ طَه

أَيَخشى الموتَ مَن يَهوى عَليّا؟

ولكنّي رجوتُ اللهَ رَجوى

وأُمنيتي يجودُ بها عَلَيَّا

أموتُ وفي شفاهي «يا عليّ»

فمَعه يسهلُ الموتُ عَلَيّا

 

 

 

____________________________

 * استُشهد في المواجهات الأخيرة، ودُفن جثمانه الطّاهر في مدينة بعلبك بتاريخ 19 أيّار 2013

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/07/2013

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات