مصطلحات

مصطلحات

09/07/2013

موضوعُه الحقُّ تعالى


العرفان

موضوعُه الحقُّ تعالى

ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

 

مُصطلح «العرفان» مشتقٌّ من مادّة «عرف»، فهو والمعرفة بمعنًى واحد. قال ابن منظور ما ملخّصه: «العرفان: العلم.. عَرَفَه.. يَعْرفُهُ.. عَرَفَه.. عِرْفَةً وعِرفاناً.. ورجلٌ عَروفٌ: عارفٌ، يعرفُ الأمورَ.. والعريفُ والعارفُ بمَعنى، مثل عليم وعالم.. والجمع عُرَفَاء..».

يقول آيةُ الله مصباح اليزديّ في كتابه (محاضرات في الإيديولوجيّة المقارنة): «يُطلقُ العرفانُ في اللّغة على العِلم، ويُطلقُ اصطِلاحاً على لونٍ خاصٍّ من الإدراك، وهو الحاصلُ عن طريق تركيزِ الالتفاتِ إلى باطن النّفس، وليس من طريق التّجربة الحسّيّة ولا من طريق التّحليل الذّهنيّ».

يُضيف: «فالعارفُ الّذي قد حقّق تقدّماً في سَيرِه العرفانيّ، يَنظرُ إلى عالَم الوجودِ على أنّه مظاهرُ لِنُورِ الباري جلَّ وعلا، وكأنّ كلَّ ظاهرةٍ من ظواهرِ العالَمِ مرآةٌ تعكسُ الجمال الأحَديّ، وهو لا يَرى وجوداً استقلاليّاً لأيِّ موجودٍ ما عدا الذّات الإلهيّة المقدّسة. وهذا اللّون من المعرفة لا يَحصل إلّا في ظلِّ العمل المُخلص بأحكامِ الدِّين، وفي الواقع فإنّه الثّمرة الرّفيعة والنّهائيّة للدِّين الحقيقيّ. وهذا هو النُّور المعنويّ الّذي يُفيضه اللهُ سبحانه على قلوبِ أحبّائه».

وفي تعريفٍ آخَر، يقول السّيّد يحيى يثربيّ في كتابه (العرفان النّظريّ): «العرفانُ هو عبارة عن العِلم بالحقّ سبحانه من حيث أسماؤُه وصفاتُه ومظاهِرُه، والعلم بأحوالِ المبدأ والمَعادِ، وحقائق العالمِ، وكيفيّة رجوعها إلى الحقيقة الواحدة الّتي هي الذّات الأَحَدَيّة للحقّ تعالى، ومعرفة طريق السُّلوك والمجاهدة لِتحرير النّفس من علائقها وقيود جزئيّتها، ولاتّصالها بمبدئها، واتّصافها بِنَعْتِ الإطلاق والكلّيّة».

إلّا أنّ التّعريف الجامع والأدقّ هو ما ذَكَرَه الإمامُ الخمينيّ قدّس سرّه في بعض وصاياه: «موضوعُ الفلسفة مُطلَق الوجود؛ من الحقّ تعالى إلى آخرِ مراتبِ الوجود، وموضوعُ علمِ العرفان والعرفانُ العلميّ هو الوجودُ المطلَق، أو ... الحقّ تعالى، ولا بحثَ له في غير الحقّ وجلوتِه (وتجلّيه) الّذي ليس غيره. إذا بحث كتابٌ أو عارفٌ عن شيءٍ غير الحقّ فلا الكتابُ عرفان، ولا القائلُ عارف..».

وينقسم العرفان إلى نظريٍّ وعَمَليّ:

فما هو المُراد من هذين القسمَين؟

أوّلاً: العرفان النّظريّ: هو فرعٌ من فروعِ المعرفة الإنسانيّة التي تحاول أن تُعطي تفسيراً كاملاً عن الوجود ونظامه وتجلّياته ومراتبه. بعبارةٍ أُخرى: العرفانُ النّظريّ هو بِصدَدِ إعطاءِ رؤية كونيّة عن المَحاوِر الأساسيّة في عالَم الوجود. لكنّ هذه الرّؤية يَستندُ العارفُ في تأسيسها على المُكاشفة والشُّهود. ومن هنا، فإنّ العرفانَ النّظريّ هو علمٌ له موضوع ومبادئ ومسائل، كأيِّ لونٍ من ألوان المعرفة الأخرى.

والكلامُ في هذا القسم من العرفان يَقعُ في مقامَين:

المقام الأوّل: في الطّريق المُوصِلِ لمعرفة حقائق الوجود؛ فالمَشرَبُ العرفانيُّ يعتقدُ أنّه لا طريقَ لتلك المعرفة إلَّا من خلالِ تَصفيةِ القلب وتزكيته بواسطة الرّياضات المعنويّة، الّتي أقرَّها الشّارعُ المقدَّس.

المقام الثّاني: عندما يَنتقلُ العارفُ إلى إثبات تلك المكاشفات والحقائق للآخرين، فإنّه أيضاً يحاول الاستعانة بالمَنهجِ والأسلوب الاستدلاليّ في سبيل هذا الهدف. فلا يبقى فرقٌ أساسٌ بين العارف والفيلسوف في هذا المقام من البَحث، وإلَّا لَبقِيت تلك المكاشفاتُ في دائرةِ الادّعاءات الّتي لا دليل قطعيّاً يؤيّدها أو يُثبتها، فلا تكون حجّةً على غيره.

ثانياً: العرفان العمليّ: هو مرتبطٌ بالسُّلوك وبالعمل وبالمجاهدة الخارجيّة، ولا علاقة له بالرُّؤية الكَونيّة، أي بالعرفان النّظريّ. وهو (العمليّ) الّذي يَتعهّدُ تفسيرَ وبيان مقامات العارفين ودرجات السّالكين إلى القُرب الإلهيّ بِقَدَمِ المجاهدة والتّصفية والتّزكية. والغايةُ الّتي يَبتغيها العارفُ من سُلوكِه هي الوصول إلى حيث لا يرى في الوجود غيرَه تعالى، أي أنّ العارف يريد أنْ يَصل إلى مرتبة: ﴿..فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ..﴾ البقرة:115.

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/07/2013

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات