كتاب شعائر 6 - القسم الرابع

كتاب شعائر 6 - القسم الرابع

منذ 6 أيام

كتاب شعائر 6 - القسم الرابع

 

23

شهر رمضان

 

 

* تذكيرٌ بأهمّية يوم القدر

   * دعاء اليوم الثّالث والعشرين

      *دعاء آخر جمعة

          *صلاة اللّيلة الرّابعة والعشرين

 

 

 

 


 

تذكير بأهمّية يوم القدر

تقدّم التأكيد على ضرورة الاهتمام بيوم القدر بمستوى الاهتمام بليلته، وهو أمرٌ بالغ الحساسيّة عظيم الفوائد، فقد يحصل فيه المؤمن على ما لم يحصل عليه في ليلة القدر، إمّا لأنّه لم يوفّق للعبادة فيها أو لم يحالفه التوجّه، وقد تتعاظم حصيلة من وُفّق لليلة القدر على أكمل وجهٍ، فزيادة الخير خيرٌ، وفي ذلك فلْيتنافس المؤمنون.

أعيد هنا ما تقدّم عن السيّد ابن طاوس والروايات التي أوردها حول «يوم القدْر»:

قال قدّس سرّه: «فإيّاك أن تهوِّن بنهار تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، وتتّكل على ما عملتَه في ليلتها وتستكثره لمولاك، وأنت غافل عن عظيم نعمته، وحقوق ربوبيّته. وكن في هذه الأيّام الثلاثة المعظّمات على أبلغ الغايات، في العبادات والدعوات، واغتنام الحياة قبل الممات. ".." والمهمّ من هذه الليالي في ظاهر الروايات عن الطاهرين ما قدّمناه من التصريح، أنّ أهمّها ليلة ثلاث وعشرين، فلا تُهمل يومها. فمن الرواية في ذلك بأسنادنا عن هشام بن الحكم رضوان الله عليه عن أبي عبد الله الصادق صلوات الله عليه أنّه قال: يومُها مثل ليلتها -يعني ليلة القدر-. وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام قال: هي في كلّ سنة ليلة، وقال: يومها مثل ليلتها. وفي حديث آخر عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه سأله بعض أصحابنا "..": كيف تكون ليلة القدر خيراً من ألف شهر؟ قال: العمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيه ليلة القدر. وقال أبو عبد الله عليه السلام: يومها مثل ليلتها -يعني ليلة القدر- وهي تكون في كلّ سنة».[1]

دعاء اليوم الثالث والعشرين

أللهمّ اغْسِلني فيه من الذنوب، وطهّرني فيه من العيوب، وامتَحِنْ قلبي فيه بتقوى القلوب، يا مُقيل عثَراتِ المؤمنين

إلهي أردتَ أن يكون باطني لك، وظاهري لأهل الدنيا لأصبح من أهل سرّك الذين تُدخلهم الجنّة سرّاً، فجعلتُ ظاهري لك من أجل الناس وهربت بباطني عنك، سرتُ في خطوات الشيطان أقفو أثره مُتْهِماً في البعد عنك ومُنْجِداً! صبغتُ ظاهري بقشرةِ تقوى بينها وبين ملامسة القلب أطْنان الحجب وأثقال الذنوب!

وها أنا ذا يا إلهي في ضيافتك، وقد أدركتُ أنّي من الأخسرين أعمالاً فهل تنهمر مُزُن رحمتك لتغسلني من أدراني؟ وهل تبلسم بحنانك جراحاتِ قلبي المظلم، وتمطره بحزمة سناً فتطهّرني من عيوبي وتمنّ عليّ بتقوىً تلامس شغافه، فأعبدك وحدك وأخشاك، وأرجوك وحدك لا شريك لك؟

مذنبٌ أنا، مقرٌّ، مذعنٌ، معترفٌ، فأقِلني. يا مقيل عثرات المذنبين.

دعاء الوداع في آخر جمعة

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله في آخر جمعة من شهر رمضان، فلمّا بصُر بي قال لي: يا جابر هذا آخر جمعة من شهر رمضان فودّعه، وقل:

أللهمّ لا تجعلْه آخر العهد من صيامنا إيّاه، فإنْ جعلْتَه فاجعلني مرحوماً، ولا تجعلني محروماً، فانّه من قال ذلك ظفر بإحدى الحسنيين: إمّا ببلوغ شهر رمضان من قابل، وإمّا بغفران الله ورحمته.[2]

والظاهر أنّ المراد تكرار هذا الوداع في الأسبوع الأخير من الشهر الكريم.

صلاة الليلة الرابعة والعشرين

1- حصّة هذه الليلة من الألف ركعة: وهي عبارة عن ثلاثين ركعة، ثماني ركعات بعد صلاة المغرب واثنان وعشرون بعد صلاة العشاء، نقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة وقل هو الله أحد مرة، أو بالترتيب المتقدّم ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو عشراً.

2- عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن صلّى ليلة أربع وعشرين منه ثماني ركعات يقرأ فيها ما يشاء كان له من الثواب كمن حجّ واعتمر.[3] - قال الكفعمي: «ويستحبّ أن يصلّي في كلّ ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثاً، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظٌ لا يَغفل، سبحان من هو رحيمٌ لا يعجل، سبحان من هو قائمٌ لا يسهو، سبحان من هو دائمٌ لا يلهو. ثمّ يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثمّ يقول: سبحانك سبحانك يا عظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثمّ تصلّي على النبيّ عشراً. من صلّاها غفر الله له سبعين ألف ذنب».[4]

24

شهر رمضان

 

* دعاء اليوم الرّابع والعشرين

        * صلاة اللّيلة الخامسة والعشرين

دعاء اليوم الرّابع والعشرين

اللّهمّ إنّي أسألك فيه ما يرضيك، وأعوذ بك ممّا يؤذيك، وأسألك التّوفيق لأن أطيعك ولا أعصيك يا جواد السّائلين.

إلهي طالما أسخطتك! لقد مللتُ نفسي لفرْط تمرّدها، فهل تمنّ عليّ بما يرضيك؟!.

ما أسعد من رضيت عنه، وما أشقى من حلّ عليه غضبك فهوى!.

إلهي، يرتجف القلب وتستبدّ به الرّاجفة من هذه الكلمة (يؤذيك)!!!

يا لَحظّي العاثر ومصيري الدّاثر!

وهذه أيّام شهرك ولياليه آذنت بانقضاء، فهل تمنّ عليّ فيها بالسّعادة، أن لا آتي في ما أستقبل إلّا ما يرضيك، إلهي إليك التجأت، وبك استعذت فوفّقني لطاعتك، واجعلني ممن نظرت إليه فرحمته، وأحللته حماك بجودك، يا من أمرتنا بالدّعاء وضمنت الإجابة يا جواد السّائلين.

جاء في تفسير (الآلوسيّ): «ويعجبني قول بعضهم: وما أولى هذا المذنب به:

أنا مذنبٌ أنا مخطئٌ أنا عاصي                  هـــو غـافـرٌ هـــو راحمٌ هو عافي

قـابَـلْتُهُنّ ثـلاثــةً بثلاثـــةٍ             وسَتَغْلِبَنْ أوصافُــــه أوصافي».[5]

صلاة اللّيلة الخامسة والعشرين

1- وهي عبارة عن ثلاثين ركعة ثماني ركعات بعد صلاة المغرب، واثنتان وعشرون بعد صلاة العشاء، وتقرأ في كلّ ركعة (الحمد) مرّة و(قل هو الله أحد) مرّة أو بالتّرتيب الذي ذُكر مراراً ثلاث مرّات أو خمساً أو سبعاً أو عشراً.

2- عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ومن صلّى ليلة خمس وعشرين منه ثماني ركعات يقرأ فيها (الحمد) وعشر مرّات (قل هو الله أحد)، كتب الله له ثواب العابدين».[6]

3- قال الكفعمي: «ويستحبّ أن يصلّي في كلّ ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثاً، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظٌ لا يَغفل، سبحان من هو رحيمٌ لا يعجل، سبحان من هو قائمٌ لا يسهو، سبحان من هو دائمٌ لا يلهو. ثمّ يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثمّ يقول: سبحانك سبحانك يا عظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثمّ تصلّي على النبيّ عشراً. من صلّاها غفر الله له سبعين ألف ذنب».[7]

 

 

 

 

 

 

 

 

25

شهر رمضان

 

* لنتداركْ تقصيرنا

   * رصيد الآخرة

      * كيف نتدارك؟

         * دعاء اليوم الخامس والعشرين

            * صلاة اللّيلة السّادسة والعشرين

 

لنتداركْ تقصيرنا

هذه ليالي شهر الله تعالى قد آذنت بانقضاء وسرعان ما تأتي ليلة العيد وينادي منادي الرّحمن أيّها النّاس هلمّوا إلى جوائزكم، لتوزّع الجوائز في يوم العيد.

السّؤال الذي ينبغي أن يطرحه كلّ منّا على نفسه: ما هي الحصيلة التي سأصل بها إلى يوم العيد، يوم توزيع جوائز الله تعالى؟

والفائدة العمليّة من طرح هذا السّؤال الآن، أن نتدارك في ما بقي من شهر الله تعالى تقصيرنا في ما مضى منه.

إذا كان بعضنا قد وفّقه الله تعالى لصالح الأعمال -وحافظ عليها- فلْيحرص على تحصين ما حصل عليه وزيادته ليستحقّ جوائز أفضل، ومواهب أسنى.

وهذا السّؤال -ما هي الحصيلة التي سأصل بها إلى ليلة العيد- ينحلّ إلى أسئلة عديدة ينبغي أن يطول وقوفنا عندها، فنتأمّل مليّاً في عملنا من أوّل شهر رمضان المبارك وإلى الآن في مختلف الجوانب.

ينبغي أن يسأل كلّ منّا نفسه:

ما هي حقيقة صيامي؟

هل كان صومي صوماً حقيقيّاً أم كان مجرّد امتناع عن المفّطرات لأنّه كان مقترناً بمعاصي الجوارح؟

فلأجرّب، إذاً، أن أصوم يوماً واحداً حقيقيّاً، لأقول بلسان الحال: إلهي ها أنا حاولت أن يكون صومي خالصاً لك وصادقاً.

والصّلاة أوّل وقتها؟

كيف تعاطيت مع «عمود الدّين» طيلة شهر الدّين؟ هل التزمت بالصّلاة أوّل وقتها مستجيباً بذلك لحثّ المصطفى ح للأُمّة على الاهتمام بأوّل وقت الصّلاة؟

وقراءة القرآن الكريم؟

كم قرأت من كتاب ربّي؟ أوليس هذا شهر القرآن؟ أوّلاً تنبع أهميّة شهر رمضان من أنّه يحتضن ليلة القدر، ليلةَ نزول القرآن الكريم؟

وحُسن الخُلُق؟

هل حاولتُ أن أُحسِّن خلقي في هذا الشّهر؟ كيف كان التّعامل مع الزّوج والأولاد والجيران والنّاس؟

ينبغي أن يحاسب كلّ منّا، أيّها الأعزّاء، نفسه، فإذا رأى أنّ النّتيجة التي حصل عليها دون ما ينبغي، أو رأى -لا سمح الله- أنّه لا وجود لنتيجة تُذكر، فينبغي استعظام ذلك حقيقةً والشّعور الجادّ بالتّقصير، وشدّ الهمّة في التّدارك.

لقد بسط لنا الرّحمن موائد رحمته ودعانا إلى ضيافته، وها أنا ذا أكاد أغادر ضيافة ربّي ولعلّني خالي الوفاض، صفر اليدين!!

إنّها فرصة قد لا تتكرّر. من قال إنّي سأدرك شهر رمضان المبارك القادم؟ أو سأوفّق للوقوف في عرفات. عن الإمام الصّادق عليه السلام: «من لم يُغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل (أي إلّا في شهر رمضان من السّنة التّالية) إلّا أنْ يَشهد عرفة».[8]

ليفترض الصّائم -وأطال أعمار الجميع- أنّه توفّي قبل ذلك وليردّدْ ما في دعاء السّحر «فمن يكون أسوأ حالاً منّي إن أنا نُقِلتُ على مثل حالي (أي بتقصيري وحبّي للدّنيا وغِيبتي وجرأتي على الله تعالى) إلى قبرٍ لم أمهّده لرقدتي ولم أفرشه بالعمل الصّالح لضجعتي».

ليفكرْ كلّ منّا أيّها الأعزّاء بهَوْل العرض على الله تعالى: «فيا سوأتاه غداً من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفّين جوزوا وللمثقلين حُطّوا أفَمع المخفِّين أجوز أم مع المثقلين أحُطّ؟ ويلي كلّما كبُر سنّي كثرت ذنوبي كلّما طال عمري كثرت معاصيَّ، فكم أتوب وكم أعود أما آن لي أن أستحي من ربّي».

إنّها فرصةٌ عظيمة وما تزال في متناولنا، فمن لم يصم فباستطاعته أن يتدارك ما بقي في هذا الشّهر وليثقْ بأنّ الله تعالى لا يردُّه ولا يخيّب أمله.

من كان تاركاً للصّلاة فليبدأ الآن الصّلاة تائباً إلى الله عزَّ وجلّ، ومن كان مقيماً على الغيبة، أو قطيعة الرّحم، أو عقوق الوالدين، فليتدارك.

إنّنا أمام فرصة عظيمة للتّوبة إلى الله عزَّ وجلّ.

اللّهمّ انقلنا إلى درجة التّوبة إليك، وأعنّا بالبكاء على أنفسنا.

رصيد الآخرة

أيّها الأعزّاء، ينبغي أن ندرك أهميّة الثّواب، ونغتنم ما بقي من شهر الله تعالى لنرفع من رصيدنا من الثّواب إلى أعلى الدّرجات.

بدءًا من سكرات الموت، وفي عالم البرزخ، وفي الآخرة عموماً، سنجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام الحاجة إلى الثّواب. أغنى الأغنياء في الدّنيا، لا تنفعه الميليارات، فهي عُملةٌ غيرُ رائجة هناك ولا تصلح للتّداول، والعملة التي تصلح للتّداول، وما ينجو به الإنسان هو رصيده من الثّواب. ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ الشّعراء: 88-89.

يا قلب..

كيف أتعاطى مع هذه الفرصة الإلهيّة المتبقّية من شهر رمضان المبارك؟ هل يصحّ التّعاطي معها بالإهمال الذي طبع عملي طيلة ما مضى من شهر الله عزَّ وجلّ، حيث بسط لي ربّي موائد الرّحمة لأحصل على عظيم الثّواب بأرخص الأثمان، وها أنا أكاد أغادر الموسم الفريد دون حصيلة تذكر.

أراد ربّي، تقدّست أسماؤه، أن ينقضي عنّي شهر رمضان وأنا من أغنى الأغنياء ثواباً، وها أنا لا أكاد ألوي على شيء!!

بهذه الرّوحيّة ينبغي أن نستقبل ما بقي من شهر رمضان المبارك ولياليه، وما تزال أمامنا فرصة يمكننا فيها التّعويض والتّدارك.

كيف نتدارك؟

لنحاول استعادة إحساسنا من خلال تذكّر مشاعرنا عند دخول شهر الله تعالى حيث يكثر الحديث، عادةً، عن خطبة النّبيّ صلّى الله عليه وآله فيصبح المؤمن يُصغي باهتمام ليعرف أهمّ الأعمال ليكثر منها، إلّا أنّ تعاقب الأيّام واللّيالي يضعف هذا الاهتمام، وربّما نتعامل مع الأيّام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، خصوصاً بعد ليالي القدر، بغير مبالاة وعدم اكتراث.

لذلك أُذكِّر هنا نفسي وإخواني وأخواتي ببعض ما تقدّم في بداية الشّهر المبارك.

لنضع خطبة رسول الله صلّى الله عليه وآله أمامنا ونحاول أن نطبّق ولو بعض ما أمرنا بالاهتمام به.

فلنحاول أن نصوم يوماً واحداً صوماً حقيقيّاً فإنّ في ذلك خيراً كثيراً، ولنحاول أن نلتزم قدر الاستطاعة بالصّلاة أوّل وقتها، ولنُلْغِ كلّ ما يمكن إلغاؤه ونؤجّلْ كلّ ما يمكن تأجيله لنعزّزَ الوقت الذي يمكن أن نمضيَه بالطّاعة والعبادة، ولنخصّص أكثر وقتنا المتاح لقراءة القرآن الكريم، والاستغفار، والصّلاة على النّبيّ وآله وطول السّجود.

ألم يتقدّم معنا أنّ آية واحدة تُقرأ في شهر الله تعالى يُعطى قارئها ثواب من ختم القرآن الكريم؟

إذا كنت لم أقرأ من كتاب ربّي أو قرأت قليلاً فلماذا لا أحرص الآن أن أعوّض؟

كم استغفرتُ الله تعالى؟

ألم يتقدّم معنا: «أيّها النّاس أنّ نفوسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم»؟!.

أمامي، إذاً، فرصةٌ قصيرة يمكنني أثناءَها أن أفكَّ نفسي من الرّهن، فلماذا لا أُكثِر من الاستغفار؟

ولماذا لا أُكثِر من الصّلاة على النّبيّ وآله ح؟

ألم يقل لنا رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو الصّادق الأمين، إنّها تُثَقِّل الموازين يوم تخفُّ الموازين؟!

لنجرِّب طول السّجود في هدي الحنان النّبويّ: «وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفِّفوا عنها بطول سجودكم».

ولنجرِّب حُسن الخُلُق..

ومن لا يستطيع منّا أن يكون حسن الخلق في كلّ الفترة الباقية من شهر رمضان المبارك، فليجرِّب أن يحسِّن خُلُقه ولو بعض المرّات، ومن حُسن الخُلُق توقير الكبار ورحمة الصّغار، فلنحرص على أن لا ينقضي عنا شهر رمضان دون أن نكرم يتيماً ونهتمّ بصلة الرّحم في هذا الشّهر الكريم، فلعلّ إحدى هذه المفردات تشكّل منعطفاً مصيريّاً، وما ذلك على الله تعالى بعزيز.

علينا، إذاً، أيّها العزيز أن نشحن أوقاتنا في هذه الفترة المتبقّية بالعمل الصّالح.

دعاء اليوم الخامس والعشرين

اللّهمّ اجعلني فيه محبّاً لأوليائك ومعادياً لأعدائك مُستنَّاً بسنَّة خاتم أنبيائك، يا عاصِمَ قلوب النّبيّين.

يريد الدّعاء لكلٍّ منّا أن يدعو القلب: اللّهمّ ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك، اجعلني يا إلهي بشراً سويّاً، خلّصني من انفصام قلبي بين وهْم حبّك وحبّ أعدائك ليوافق قولي فعلي وظاهري بواطني وتتعلّق همَّتي بما عندك ورغبتي في ما يرضيك فأقول صادقاً: عليك يا واحدي عكفتْ همّتي، وفي ما عندك انبسطتْ رغبتي، وبك أنستْ محبّتي.

سيّدي ولا سبيل إلى ذلك إلّا بحبّ أوليائك، ومعاداة أعدائك، والاستنان بسنّة خلقك وخاتم أنبيائك، فوفّقني واعصم قلبي يا عاصم قلوب النّبيّين.

صلاة اللّيلة السّادسة والعشرين

1- حصّة هذه اللّيلة من الألف ركعة، هي ثلاثون ركعة، ثمان منها تُصلّى بعد صلاة المغرب واثنتان وعشرون بعد صلاة العشاء، في كلّ ركعة نقرأ (الحمد) مرّة و(قل هو الله أحد) بالتّرتيب المتقدّم.

2- عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ومن صلّى ليلة ستّ وعشرين منه ثماني ركعات، فُتحت له سبع سماوات، واستُجيب له الدّعاء، مع ما له عند الله من المزيد».[9]

3- قال الكفعمي: «ويستحبّ أن يصلّي في كلّ ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثاً، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظٌ لا يَغفل، سبحان من هو رحيمٌ لا يعجل، سبحان من هو قائمٌ لا يسهو، سبحان من هو دائمٌ لا يلهو. ثمّ يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثمّ يقول: سبحانك سبحانك يا عظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثمّ تصلّي على النبيّ عشراً. من صلّاها غفر الله له سبعين ألف ذنب».[10]

 

26

شهر رمضان

                                                                

* تجديد التّوبة

   * شروط التّوبة

      * كيف نحصي ذنوبنا؟

        * كيف نستغيث؟

          * دعاء اليوم السّادس والعشرين

             * صلاة اللّيلة السّابعة والعشرين

 

تجديد التّوبة

ثلاثة أيّام أو أربعة سرعان ما تنقضي، وإذا بنا خارج شهر رمضان المبارك، فهل سنكون من السّعداء الذين منَّ الله عليهم بعتق رقابهم من النّار، أم أنّنا، لا سمح الله، سنكون من الأشقياء؟!

يلحّ علينا جميعاً بطرح هذا السّؤال، ما ورد عن الصّادق الأمين، الرّؤوف الرّحيم ح: «الشّقيّ من حرم غفران ربّه في هذا الشّهر الشّريف».

على المسلم أن يعيش بعمْقٍ هول الكارثة التي تحلّ به، إذا لم تشمله الرّحمة الإلهيّة فيُكتب من السّعداء عتقاء الله تعالى في هذا الشّهر المبارك.

بليلة واحدة، بل بساعة أو أقلّ، يمكن للتّائب أن ينتقل من حضيض الذّنوب إلى أوج القرب الممكن بالنّسبة إليه.

فكيف إذا كانت هذه اللّيلة في شهر الله تعالى، وكيف إذا كانت في العشر الأواخر منه، تنطلق التّوبة فيها في حُرقتها ولوعتها من منطلق: «إلهي ربح الصّائمون، وفاز القائمون، ونجا المخلِصون، ونحن عبيدك المذنبون، فارحمنا برحمتك، واعتقنا من النّار بعفوك، واغفر لنا ذنوبنا، برحمتك يا أرحم الرّاحمين».

***

يتركّز الحديث هنا حول فقرات من دعاء التّوبة للإمام السّجّاد عليه السّلام علَّنا نوفَّق لتوبةٍ صادقة يعوِّض عمقُ ندمها وضَرَمُ حسرتها تقصيرَنا في ما مضى.

يقول عليه السّلام: «هذا مقام من تداولته أيدي الذّنوب وقادته أزِمَّة الخطايا واستحوذ عليه الشّيطان».

تداولته أيدي الذّنوب: نقلتْه من ذنبٍ إلى ذنب فلا يكاد يخرج من معصية إلّا ويقع في معصية أخرى.

وقادته أزِمَّة الخطايا: كأن لكلّ خطيئة زمام «رسن»! والعاصي يُقاد بهذه الأزِمَّة، فهو تابعٌ لغيره كما يتبع الحيوان صاحبه، بل هو أسوأ من الحيوان، لأنّ هذا الذي يتبعه هو حيوان الشّهوة والهوى وشيطانهما.

واستحوذ عليه الشّيطان: سيطر عليه الشّيطان فهو بالنّسبة إليه أكثر من قرين، إنّه لا يسير مقتفّياً أثره وحسب، ولا يمشي في خطواته فقط، بل ملّك الشّيطان عليه عقلَه وقلبَه واجتاح كلّ مواقع نفسه، واستولى عليه واستقرّ واستحوَذ، فغدا باختياره صدىً للشّيطان، ومظهراً لاستحواذه.

«فقصَّر عمّا أمَرْتَه به تفريطاً، وتعاطى ما نهيتَ عنه تغريراً، كالجاهل بقدرتك عليه، أو كالمنكر فضل إحسانك إليه.

التّفريط: تقصيرٌ يؤدّي إلى التّضْييع، وهو في حقيقته لا ينفصل عن التعمّد، بل هو أسوأ أنواع التعمّد، لأنّه لا يستند إلى قناعة بما يسوَّغ التّقصير، بل يستند إلى قناعة واضحة بأنّ ذلك عين الخطأ، ولكنّ غلبة الشّقوة تحمل على التّضييع.

والتّغرير: حمْل النّفس على الغرور، والغرور: الانخداع، فيكون المعنى: حمْل النّفس على الانخداع، وهو معنى يصوِّر، بإبداع، حال العاصي الذي تقحّم أودية الخطر وهو يعلم أنّه يُلقي بيده إلى التّهلكة، فهو ليس جاهلاً بقدرة الله تعالى عليه، ولا منكراً لفضل إحسانه إليه، بل هو مثلهما، وقد حمّل نفسه على أن يكون كذلك.

شروط التّوبة

«حتّى إذا انفتح له بصر الهدى، وتقشَّعت عنه سحائب العمى».

يبدأ عليه السّلام ببيان ما ينبغي أن يقوم به التّائب الذي انفتح له بصر الهدى وزالت عنه حُجب الذّنوب، وهي غيوم العمى، فيذكر، عليه السّلام، الشّروط التّالية للتّوبة:

1-أحصى ما ظلم به نفسه

من أراد أن تكون توبته حقيقيّة، فعليه أن يحصيَ ذنوبَه، وليحرص أن لا ينسى أيّ ذنب فيكون ممّن قال فيهم عزَّ وجلّ: ﴿..أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ..﴾ المجادلة:6.

ولا يستخفّ بذنبٍ فيظنّ أنّه لا داعي للتّفكير به واستحضارِه، فقد روي عن رسول الله ح: «يا ابن مسعود، لا تحقّرنّ ذنباً ولا تُصغّرنّه، واجتنب الكبائر، فإنّ العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحاً ودماَ، يقول الله تعالى: ﴿يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضراً، وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه، والله رؤوف بالعباد آل عمران:30».[11]

2- فرأى كبير عصيانه كبيراً، وجليل مخالفته جليلاً.

والشّرط الثّاني للتّوبة أن يدرك التّائب خطورة المعصية وهو يفكّر في معاصيه، فيتعامل بكلّ موضوعيّة وواقعيّة، ولا يسمح لنفسه أن تحجبه عن حجم خطورة ما اقترف، والواقع أن كلّ المعاصي كبيرة، بالنّظر إلى من نعصي.

الذّنوب كلّها كبائر

جاء في شرح أصول الكافي: «وقال جماعة: الذّنوب كلّها كبائر لاشتراكها في مخالفة الأمر والنّهي، لكن قد يُطلَق الصّغير والكبير على الذّنب بالإضافة إلى ما فوقه وما تحته»..» قال الشّيخ الطّبرسيّ في (مجمع البيان) بعد نقل هذا القول: وإلى هذا ذهب أصحابنا رضي الله عنهم فإنّهم قالوا: المعاصي كلّها كبيرة لكنّ بعضها أكبر من بعض وليس في الذّنوب صغيرة وإنّما يكون صغيراً بالإضافة إلى ما هو أكبر ويستحقّ العقاب عليه أكثر»؛ قال الشّيخ في (الأربعين): لا يخفى أنّ كلام الشّيخ الطّبرسيّ مشعر بأنّ القول بأنّ الذّنوب كلّها كبائر متّفق عليه بين علماء الإماميّة وكفى بالشّيخ ناقلاً:

إذا قالت حذام فصدقوها فإنّ القول ما قالت حذامِ».[12]

3- فأقبلَ نحوك مؤمّلاً لك مستحيياً منك.

نحن أمام أمَل المستحي، أو حياء الآمل، لندرك أنّ مِن مقوّمات الاستغفار الحياء الذي قد ننساه فنعيش الأمل فحسب، والله تعالى أرحم الرّاحمين، ولكنّ حقّ لمن أتى بما يوجب الخجل أن يستحي، بل ويغمره الحياء والخَجل، قبل حياء العرض على الله تعالى، والوقوف بين يديه.

كم سنخجل عندما نرى ذنوبَنا؟ أليس من الأفضل لنا أن يشتدّ حياؤنا من ربّنا عزّ وجلّ ونتوب فيغفر لنا ويسترَ علينا، ويمحوَ سيّئاتِنا من صحائفِ أعمالنا ويُنسي بقاع الأرض هذه المعاصي فنقف بين يديه وقد طُويَت صفحة ذنوبنا برحمته.

أ- ووجَّه رغبته إليك ثقةً بك فأمَّك بطمعه يقيناً.

ونحن هنا أمام الرّجاء والأمل، بل الثّقة بالكرم واليقين بما وعد به من الإجابة.

وسيأتي الكلام –مباشرة- عن الخوف، وتقديمُ الرّجاء على الخوف ينسجم مع حال التّائب حيث إنّه بحاجةٍ إلى الرّجاء أكثر منه إلى الخوف.

ب- وقصدك بخوفه إخلاصاً

لا بدّ من الخوف، إذاً، وللمذنب أن يخاف بل عليه أن يشتدّ خوفه، وبمقدار الجناية يكون وجيبُ القلب، وبمقدار عُمقِه في النّفس تكون الحاجة إلى المُنجي والمغيث، فيصبح لعنصري الأمل والرّجاء معنىً آخر.

ويتفاعل ذلك كلّه في لحظة اليقظة والوعي، فيُنتج الشّرط السّادس للتّوبة وهو التّضرّع والاستغاثة.

ت- فَمَثَلَ بين يديك متضرّعاً، وغمض بصره إلى الأرض متخشّعاً، وطأطأ رأسه لعزّتك متذلّلاً، وأبثَّك من سرِّه ما أنتَ أعلم به خضوعاً وعدّد من ذنوبه ما أنت أحصى لها خشوعاً، واستغاث بك من عظيم ما وقع به من علمك وقبيح ما فضحه في حكمك، من ذنوب أدبرت لذّاتها فذهبت وأقامت تبعاتها فلَزِمَتْ.

تقف بنا هذه الفقرات عند الخشوع وتعميق الخجل والحياء وتعداد الذّنوب مجدّداً، ومعاودةِ استعراضها لتعميق إدراك قبحها وطلبِ الصّفح من الله تعالى.

كما تقف الفقرات عند رفع وتيرة التّضرّع لتصل إلى الاستغاثة، كما هي حال الغريق أو مَن أحاطت به النّار، فيستغيث من الأعماق.

فلنستغث أيّها العزيز، واثقين أنّ ربّنا نِعمَ الرّبّ، غياث من لا غياث له، وموضع حاجات الطّالبين، ومحبّ التّوّابين، وصريخ المستصرخين، وأرحم الرّاحمين.

هذه ستّة شروط، إذاً، للتّوبة وهي كما يلي: إحصاء الذّنوب، إدراك خطورتها، الحياء من الله تعالى، رجاء مغفرته عزَّ وجلّ، الخوف من غضبه وأليم عذابه، التّضرّع والاستغاثة.

كيف نحصي ذنوبنا؟

يبيِّن آية الله المَلَكيّ التّبريزيّ، ب أنّه يستحبّ لمن أراد التّوبة أن يتّخِذَ دفتراً يسجّل عليه معاصيه فيبقى لمدّة يومين يسجّل كلّ ما يتذكّره، والأفضل أن يجعل جدولاً لمعاصي العين، وجدولاً لمعاصي الأذن، واللّسان وهكذا.. ويظلّ يفكّر بخطورة ذلك حتى يصبح بكلّ كيانه جادّاً للتّوبة مستعدّاً للعلاج، وتصبح كلّ ذرّة في وجوده تقول: «أستغفر الله ربّي وأتوب إليه» عندها تتحقّق تلقائيّاً كلّ المراتب الأخرى.

وليلاحظ وجوبُ الحذر أن يقع ما يسجّله في يد أحد، فالله تعالى خير السّاترين يحرم فضيحة العبد لنفسه. لذا يمكن أن يكتب مرمّزاً يخلط بين الحسنات والسّيّئات بحيث لا يعرفه إلّا كاتبه.

المهمّ الإلفاتُ إلى التّدقيق في إحصاء الذّنوب والباقي تفصيل.

كيف نستغيث؟

أورد هنا بقيّة دعاء المولى الإمام السّجّاد خ، علّنا نتعلّم منه كيف تكون الاستغاثة:

«اللّهمّ إنّي أتوب إليك في مقامي هذا من كبائر ذنوبي وصغائرها، وبواطن سيّئاتي وظواهرها، وسوالفِ زَلّاتي وحوادثِها، توبةَ مَن لا يحدّث نفسه بمعصية، ولا يُضمر أن يعود في خطيئة، وقد قلتَ يا إلهي في محكم كتابك إنّك تقبل التّوبة عن عبادك، وتعفو عن السّيّئات، وتحبّ التّوّابين، فاقبل توبتي كما وعدت، واعفُ عن سيّئاتي كما ضمنتَ، وأوجبْ لي محبّتَك كما شرطْتَ. ولك يا ربّ شَرْطي ألّا أعود في مكروهك، وضماني أن لا أرجع في مذمومك، وعهدي أن أهجُر جميع معاصيك، اللّهمّ إنّك أعلمُ بما عمِلتُ فاغفر لي ما علِمتَ، واصْرِفني بقدرتك إلى ما أحببتَ.

اللّهمّ وعليّ تبعاتٌ قد حفظتُهنّ، وتبعاتٌ قد نسيتُهنّ، وكلُّهنّ بعينك التي لا تنام، وعِلمِك الذي لا يَنسى، فعوِّضْ منها أهلَها، واحطُطْ عني وِزْرَها، وخفّفْ عني ثِقْلَها، واعصِمني من أن أُقارِفَ مثلَها، اللّهمّ وإنّه لا وفاء لي بالتّوبة إلّا بعصمتك، ولا استمساك بي عن الخطايا إلّا عن قوّتك، فقوِّني بقوّة كافية وتولّني بعصمةٍ مانعة.

اللّهمّ أيُّما عبدٍ تاب إليك وهو في عِلم الغيب عندك فاسخٌ لتوبته، وعائدٌ في ذنبه وخطيئته، فإنّي أعوذ بك أن أكون كذلك، فاجعل توبتي هذه توبةً لا أحتاج بَعدها إلى توبة، توبةً موجبةً لِمَحْوِ ما سَلَف، والسّلامةِ في ما بقي، اللّهمّ إنّي أعتذر إليك من جهْلي، وأَسْتَوْهِبُك سوء فِعْلي، فاضْمُمْني إلى كنَفِ رَحْمتِك تَطوُّلاً، واستُرْني بسِتر عافيتك تفضُّلاً، اللّهمّ وإنّي أتوب إليك من كلّ ما خالف إرادتك، أو زال عن محبّتك من خطرات قلبي ولحظات عيني، وحكايات لساني، توبة تَسْلَمُ بها كلّ جارحة على حيالها من تَبِعاتك، وتأمن ممّا يخاف المعتدون من أليم سطواتك.

اللّهمّ فارْحم وَحدتي بين يديك، ووَجِيبَ قلبي من خشيتك، واضطرابَ أركاني من هَيْبتك، فقد أقامتني -يا ربّ- ذنوبي مقام الخِزْيِ بفِنائك، فإن سكتّ لم يَنطِق عنّي أحد، وإن شفعت فلست بأهل الشّفاعة. اللّهمّ صلّ على محمّد وآله، وشفِّعْ في خطاياي كرمَك، وعُدْ على سيّئاتي بعفوك، ولا تَجزِني جزائي من عقوبتك وابْسُط عليّ طَوْلَك، وجلِّلْني بسترك، وافعلْ بي فِعْلَ عزيزٍ تضرّع إليه عبدٌ ذليلٌ فرحِمَه، أو غنيٍّ تعرّض له عبدٌ فقيرٌ فنَعَشَه.

اللّهمّ لا خفيرَ لي منك فلْيَخفِرْني عزّك، ولا شفيع لي إليك فليشْفَعْ لي فضْلك، وقد أوجلتني خطاياي فلْيؤمِنّي عفوُك، فما كلّ ما نطقتُ به عن جهلٍ منّي بسوء أثري، ولا نسيانٍ لما سبق مِن ذميمِ فِعلي، لكنْ لِتسمع سماؤك ومَن فيها، وأرضك ومَن عليها ما أظْهرتُ لك من النّدم، ولجأتُ إليك فيه من التّوبة، فلعلّ بعضَهم برحمتك يرحمُني لسوء موقفي، أو تدركُه الرِّقّة عليّ لسوء حالي، فينالُني منه بدعوةٍ هي أسمع لَدَيك من دعائي، أو شفاعةٍ أَوْكَدُ عندك من شفاعتي تكون بها نجاتي من غضبك، وفَوْزَتي برضاك.

اللّهمّ إنْ يكُنِ النّدم توبةً إليك، فأنا أنْدَمُ النّادمين، وإنْ يكنِ التّرك لمعصيتك إنابةً فأنا أوّل المنيبين، وإنْ يكنِ الاستغفار حِطَّةً للذّنوب، فإنّي لك من المستغفرين، اللّهمّ فكما أمرت بالتّوبة، وضمنت القبول، وحَثَثْتَ على الدّعاء، ووعدْت الإجابة، فصلّ على محمّد وآله، واقبَلْ توبتي، ولا تُرجِعني مرجِع الخَيْبة مِن رحمتك، إنّك أنت التّوّاب على المذنبين، والرّحيم للخاطئين المنيبين.

اللّهمّ صلّ على محمّد وآله، كما هدَيْتنا به، وصلّ على محمّد وآله، كما استَنْقَذْتَنا به، وصلّ على محمّد وآله، صلاةً تشْفع لنا يوم القيامة ويوم الفاقة إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير، وهو عليك يسير».

دعاء اليوم السّادس والعشرين

اللّهمّ اجعل سعيي فيه مشكوراً، وذنبي فيه مغفوراً، وعملي فيه مقبولاً وعَيْبي فيه مستوراً. يا أسمع السّامعين.

إلهي، وقفتُ ببابك في هذا الشّهر مع الواقفين، ولسوء حظّي انشغلتُ عنك ولم أنشغل بالطّلب منك والتّقرّب إليك، وها هي قوافل السّائرين تستعدّ لمغادرة باب ضيافتك محمّلةً بأنواع العطايا والهدايا، وها أنا ذا كاليتيم المنقطع فارحمني.

طالما فرّطت وأسرفت وهذا قليل سعيي أريد به كثير العطاء فاجعل، اللّهمّ، قليل سعيي مشكوراً، أسعدني بستر عيوبي والرّضا وقبول القليل، يا من قبل اليسير، يا أسمع السّامعين.

* الغسل: ليلة 27

للغسل في هذه اللّيلة خصوصيّة منشأها النّصّ عليه بخصوصه، فقد روي عن الإمام الصّادق عليه السلام: «إغتسل ليلة تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع عشرين، وتسع وعشرين».[13]

صلاة اللّيلة السّابعة والعشرين

1- حصّة كلّ ليلة من العشر الأواخر: ثلاثون ركعة، ثمان ركعات بعد صلاة المغرب واثنتان وعشرون بعد صلاة العشاء بالتّفصيل الذي تقدّم مراراً.

2- عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: ومن صلّى ليلة سبع وعشرين منه أربع ركعات بـ (فاتحة الكتاب) مرّة و(تبارك الذي بيده المُلك)، فإن لم يحفظ تبارك، فخمس وعشرون مرّة (قل هو الله أحد)، غفر الله له ولوالديه».[14]

3- قال الكفعمي: «ويستحبّ أن يصلّي في كلّ ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثاً، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظٌ لا يَغفل، سبحان من هو رحيمٌ لا يعجل، سبحان من هو قائمٌ لا يسهو، سبحان من هو دائمٌ لا يلهو. ثمّ يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثمّ يقول: سبحانك سبحانك يا عظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثمّ تصلّي على النبيّ عشراً. من صلّاها غفر الله له سبعين ألف ذنب».[15]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

27

شهر رمضان

 

* الاستعداد للوداع

   * قبل فوات الأوان

      * دعاء اليوم السّابع والعشرين

            * صلاة اللّيلة الثّامنة والعشرين


 

الاستعداد للوداع: وداع مَن عزّ فراقه

للإمام السّجّاد خ، دعاءٌ في وداع شهر رمضان المبارك، يفتح لنا آفاقاً رحْبَةً لإدراك عظمة هذا الشّهر، ومن يقرأ هذا الدّعاء بعد انقضاء شهر الله تعالى سيشعر حتماً بالنّدم لتفريطه وعدم اغتنام فرصة الشّهر العظيم.

وقد آثرتُ أن أقف عند بعض فقرات هذا الدّعاء قبل انقضاء ضيافة الرّحمن ليكون حافزاً على تدارك ما فات والتّعويض قبل ضياع الفرصة واستحكام النّدم.

يقول عليه السّلام: «فنحن مودِّعوه - أي شهر رمضان - وِداعَ من عزّ فراقه علينا، وغَمّنا وأوْحَشَنا انْصِرافُه عنّا، فنحن قائلون:

السّلام عليك يا شهر الله الأكبر، السّلام عليك من أليفٍ آنس فسَرّ، وأوْحَشَ منقضياً فَمَضّ (أي آلم وأوجع) السّلام عليك من مجاورٍ رقّت فيه القلوب وقلّت فيه الذّنوب، السّلام عليك من ناصرٍ أعان على الشّيطان، وصاحبٍ سهّل سُبُل الإحسان، السّلام عليك ما أكثرَ عُتَقاءَ الله فيك، وما أسْعَدَ مَنْ رعا حُرْمَتَك بك، السّلام عليك ما كان أمْحاك للذّنوب وأسْتَرَك لأنواع العيوب».

لا شكّ في أنّ من يقرأ هذه الفقرات أو يسمعها بعد انقضاء شهر الله تعالى، سيقول: يا ليتني قمت في شهر الله بما يجعلني من عتقاء الله تعالى فيه.

إنّ أمامنا، أيّها الأعزّاء، متّسعاً لذلك، فإنّ يوماً واحداً من شهر الله عزّ وجلّ كثير، عظيم القدر، يمكن أن يتدارك فيه المسلم تقصيره طيلة حياته، بل إنّ ساعةً واحدةً فيه لِمَنْ عرف حقّها كافيةٌ لأن تخرجه من كلّ ذنوبه خاصّة وأنّ أمامنا ليلة العيد التي لا تقلّ عن ليلة القدر كما روي عن الإمام السّجّاد عليه السّلام.

لنتعاملْ، إذاً، مع هذه المدّة القصيرة الباقية من شهر رمضان المبارك، من منطلق أنّها آخر الفرصة الإلهيّة العظيمة، فهي لذلك أعزّ أوقاتها وأغلاها، ولنتأمل في هذه الفقرات من دعاء الإمام السّجّاد عليه السلام، وهو الدّعاء الخامس والأربعون من أدعية الصّحيفة السّجّاديّة.

كي لا أكون كاذباً عندما أقول غداً: إنّ فراق شهر رمضان عزّ عليّ، كيف أتعامل معه الآن؟

لأقول صادقاً: عزّ فراقه عليّ هل تدلّ طريقة تفاعلي معه الآن على أنّني سيوحشني انصرافه عنّي؟

هل أنا مسرورٌ به الآن وأعيش الأنس به، لأخاطبه غداً السّلام عليك من أليفٍ آنس فسرّ؟

هل أنا متعلّقٌ به ليؤلمَني انقضاؤه عنّي ويوجعني؟

هل شعرتُ فيه برقّة القلب، كم يتيم أكرمت، كم مرّة عفوت، كم كظمت غيظي، وهل قلَّت فيه ذنوبي، وهل أعانني تقييد الشّياطين فيه على كثير طاعات؟

إن وجدتُ الإجابة على هذه الأسئلة بالإيجاب ولصالحي فلْأحمدِ الله عزّ وجلّ ولأستزد، أما إذا وجدتُ الإجابة سلبيّة وليست لصالحي، فلم يفُتِ الأوان بعد.

إنّ أمامي مجالاً رحباً يمكنني أن أتدارك فيه ما فات.

قبل فوات الأوان: تذكيرُ النّفس بالبرنامج النّبويّ

تقدّمت الإشارة وأضيف: ليضعْ كلّ منّا أيّها الأعزّاء خطبة رسول الله ح، حول شهر رمضان المبارك بين يديه، ويحاول أن ينفّذ كلّ ما فيها خلال ما بقي من شهر الله تعالى بمعنى أنّه يعمد إلى كلّ مفردةٍ فيها فيحاول تنفيذها ولو مرّة واحدة:

1- يكثر من قراءة القرآن الكريم ولو مرّة واحدة.

2- يكفّ نفسه عن المحرّمات ولو ليوم واحد ليصوم صوماً حقيقيّاً.

3- يصلّي أوّل الوقت فإنّ أوقات الصّلاة أفضل أوقات هذا الشّهر المبارك.

4- يكثر من الاستغفار، كأن يستغفر، مثلاً، ثلاث مائة مرّة.

5- يطيل السّجود ولو مرّة واحدة. ومن أفضل ما يقال في السّجود، الذّكر اليونسيّ: لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين.

6- يكثر الصّلاة على النّبيّ وآله، ح.

7- يكرم يتيماً.

8- يصل ولو واحداً من أرحامه.

9- يحسّن خلقه ولو مرّة واحدة، يُستثار فلا يثور، ليكون بذلك مستجيباً لرسول الله ح، ملتمساً منه الدّعاء والشّفاعة وهو ح، بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم. وقد أمرنا ربّنا أن نأتيه أذا أخطأنا لنستغفر الله تعالى، ويستغفر لنا الرّسول:

قال الله عزّ وجل: ﴿...ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاسغفروا الله واستغفر لهم الرّسول لوجدوا الله توّاباً رحيماًالنّساء: 64.

وما أروع أن يفتتح ذلك أو يختم بمجلس عزاء حسينيّ تذكر خلاله فجيعة المصطفى الحبيب بنفسه أمير المؤمنين صلّى الله عليهما وآلهما، إعلاناً للثّبات في خطّ رسول الله ح، وإشهاداً للملائكة والوجود بالبكاء لما أبكاه، وحبّ من أحبّهم وبلّغ عن الله تعالى وجوب حبّهم.

سيّدي يا رسول الله هذا شهر الله قد آذن بانقضاء، وقد بلغنا عنك قولك: «الشّقيّ مَن حُرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم». وها أنا سيّدي بفِنائك أوقفتني الخصاصة ببابك وأنت الكريم: يا وجيهاً عند الله أشفع لنا عند الله.

أنت الهدى والنّور أنت محمّد الأوصاف محمودُ الشّمائل

حاشا يخــيب إذا أتاك مؤمّــل، ويــردّ ســائل

ها قـد أتيت يقودني أملي أفهل أعـود بغير طائل

ربّاه عبدك قد أســـاء وإنّ عفـــوك خير نائـل

عملي هبــاء لستُ أرجوه لتحقيــق المســائـل

           إلّا الصّلاة على الحبـــيب وآله الغُرّ الأفـاضـل[16]

دعاء اليوم السّابع والعشرين

اللّهمّ ارزقني فيه فضل ليلة القدر، وصيّر أموري من العُسرِ إلى اليُسرِ، واقبَل معاذيري، وحُطَّ عنّي الذّنب والوِزْر. يا رؤوفاً بعباده الصّالحين.[17]

أنت إلهي أوسع فضلاً من أن تقايسني بجهلي، مُنَّ عليّ بوافر فضلك وجزيل عطاياك، فضلِ ليلة القدر. بدِّل عسري يسراً، واقبل ما أظنّه عذراً، ولا عذر لي فأعتذر، فليشملني عفوك فإنّك ترزق العاصين كما ترزق المطيعين، إلهي إن كنت لا ترحم إلّا المطيعين الصّالحين فمن للعاصين، فاعف عن عبدك العاصي وارأف به يا رؤوفاً بعباده الصّالحين.

صلاة اللّيلة الثّامنة والعشرين

1- حصّة هذه اللّيلة من الألف ركعة هي ثلاثون ركعة: ثمان منها بعد صلاة المغرب واثنتان وعشرون بعد العشاء، بالتّرتيب المذكور.

2- عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ومن صلّى ليلة ثمان وعشرين من شهر رمضان ستّ ركعات بـ (فاتحة الكتاب) [مرّة واحدة] وعشر مرّات (آية الكرسيّ) وعشر مرّات: (إنّا أعطيناك الكوثر)، وعشر مرّات (قل هو الله أحد)، وصلّى على النّبيّ صلّى الله عليه وآله، غفر الله له».[18]

3- قال الكفعمي: «ويستحبّ أن يصلّي في كلّ ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثاً، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظٌ لا يَغفل، سبحان من هو رحيمٌ لا يعجل، سبحان من هو قائمٌ لا يسهو، سبحان من هو دائمٌ لا يلهو. ثمّ يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثمّ يقول: سبحانك سبحانك يا عظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثمّ تصلّي على النبيّ عشراً. من صلّاها غفر الله له سبعين ألف ذنب».[19]

 


 

28

شهر رمضان

* لمن الملك اليوم؟

   * المبالغة في الإلحاح

      * دعاء اليوم الثّامن والعشرين

          * صلاة اللّيلة التّاسعة والعشرين

 

لمن المُلك اليوم؟

هذا هو اليوم الثّامن والعشرون من شهر الله تعالى، وإذا كان الشّهر ناقصاً فمعنى ذلك أنّه لم يبق أمامنا من هذه الرّحمة الإلهيّة الخاصّة جدّاً إلّا اليوم ويوم الغد.

أمّا يوم الغد فينبغي الانشغال فيه بوداع الشّهر الكريم وأعمال ليلة العيد إذا ثبت، أو الاستعداد له في اليوم التّالي.

وأمّا هذا اليوم، فينبغي ملاحظة ما يجب أن تكون لنا وقفة معه قبل انقضاء الشّهر الكريم، خصوصاً ما لم يُذكر إلّا لماماً.

إنّ المحور دائماً وأبداً هو هذه الوديعة الربّانيّة، نفسي ونفسك أيّها العزيز، وكيف تردّ الأمانة إلى صاحبها سليمةٌ من كلّ مظاهر التّشوّه النّاشئة من الإعراض عن الحقّ والرّكض في أودية الباطل.

وعلى هذا الأساس فإنّ اليوم وغداً وما بعده إن كان، بتمامها وكمالها ينبغي أن تكون بالنّسبة إلينا فرصة المودّع للدّنيا.

ليتردّد في آصال آذان القلوب نداء: ﴿..لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهّار غافر: 16.

إنّ ما توعدون لآت. أنا وأنت وكلّ الخلائق أيّها الحبيب، سنقف في ذلك اليوم للحساب.

فماذا أعددنا؟ وهل نحاول استثمار هذه الفرصة الفريدة المتبقّية؟

تعال معي تُصْغِ أفئدتنا للآيات المحيطة بجو هذا النّداء الإلهيّ: ﴿لمن الملك اليوم؟ علّنا نتمكّن من الخروج من وهْم أنّ الحاكم غير الله تعالى، وهْمِ الكثرة والتّيه والعبثيّة، إلى نور التّوحيد العمليّ ليتجلّى في عقولنا وقلوبنا والسّلوك ولاء الواحد الأحد، ولاءٌ صادق اللّهجة ثابت الخطى، ملؤه العزّ والسّؤدد، لا يعرف أدنى شائبة من ازدواجيّة الولاء.

﴿وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين...﴾ غافر: 18  

قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ غافر 13-22

تمسّ حاجتنا أيّها الحبيب إلى أن نثبت على قرار طالما اتّخذناه ثمّ تراجعنا عنه، أن لا نعبد إلّا الله!

ما أوضح الهدف!

ما أوضح الهدف وما أشدّ خفاءه؟!

ما أسهل الطّريق، وما أشدّ وعورته؟!

ما أصغر الدّنيا التي تختطفنا فنصبح فيها أسرى أهوائنا، وما أكبر الآخرة التي لا تدرك إلّا بالعقول.

تضيع عنا عقولنا فإذا الدّنيا كلّ شيء، والآخرة لا شيء! بل ما أصغرنا حين نبيع نفساً هي أكبر من الدّنيا والآخرة ولا جزاء لها إلّا رضوان الله تعالى، نبيعها بهوىً هباء، وشهوة تعقب ويلات!

ومَن نؤذي، ومَن نعارض، وعلى مَن نتمرّد؟

أرأيت إلى من يؤذي محبّاً له قد محضه أسمى حنان؟

أرأيت إلى من يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو الرّؤوف الرّحيم؟!

من آذى وليّاً لله وأهانه، فقد استعدّ وأعدّ وأرصد لمحاربته تعالى!

أرأيت إلى من يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو الرّؤوف الرّحيم؟!

من آذى وليّاً لله وأهانه، فقد استعدّ وأعدّ وأرصد لمحاربته تعالى!

فكيف بمن آذى رسول الله صلّى الله عليه وآله؟!!

وكيف بمن آذى الله تعالى؟!!!

ألم يتقّدم معنا في دعاء اليوم الرّابع والعشرين: اللّهمّ إنّي أسألك فيه ما يرضيك، وأعوذ بك ممّا يؤذيك!

ألم نقرأ في دعاء السّحر: «تعارضنا بالنّعم ونعارضك بالذّنوب، خيرك إلينا نازل وشرّنا إليك صاعد».

نعارضه عزّ وجلّ، ونتمرّد عليه، إلى حيث قد أوحش ما بيننا وبينه فرط العصيان والطّغيان.

ورغم كلّ ما اقترفنا وما يعلم منّا أنّنا عائدون فيه، فهو يريدنا أن نحْسن الظّنّ به ولا يذهبَنّ بحلمنا الشّيطان، فنتصوّر أنّه سبحانه لا يغفر لنا ولا يقبلنا.

ولكن ماذا لو تبنا ثمّ كسرنا توبتنا وعدنا في التوثّب على معاصيه؟

أيّها الحبيب، ومن أين لنا أن نتوب توبة نصوحاً، إلّا بتوفيق منه سبحانه؟

يؤكّد ذلك حاجتنا إلى أن تكون الوقفة ببابه جلّ ثناؤه وقفة من لا وفاء له بالتّوبة إلّا بعصمته، ليردّد القلب: فقوّني بقوّة كافية، وتولّني بعصمة مانعة.

إلهي، وإذا كنت كما أنا بما كسبَتْ يداي، عاجزاً عن طاعتك فاستصلحني، واجعلني كما تحبّ:

«اللّهمّ قوّني لعبادتك، واستعملني في طاعتك، وبلّغني الذي أرجو من رحمتك يا أرحم الرّاحمين، اللّهمّ إنّي أسألك الرِّي يوم الظّمأ، والنّجاةَ يوم الفزع الأكبر، والفوزَ يوم الحساب، والأمْنَ يوم الخَوَف. وأسألك النّظر إلى وجهك الكريم، والخلودَ في جنّتك في دار المقامة من فضلك، والسّجود يوم يُكشف عن ساق، والظّلّ يوم لا ظلّ إلّا ظلّك، ومرافقة أنبيائك ورسلِك وأوليائك».[20]

دعاء اليوم الثّامن والعشرين

اللّهمّ وفّر فيه حظّي من النّوافل، وأكرِمْني فيه بإحضار المسائل، وقرّب فيه وسيلتي إليك من بين الوسائل، يا مَنْ لا يشغله إلحاح الملحّين.

إلهي حقَّ لمَن أقام في ضيافتك شهراً أن يطمع، وها أنا ذا أطلب منك توفير حظّي من النّوافل، ومن تقرّب إليك بها أحببتَه، وما أسعد من أحبَبته، وقد بلغ مسامع قلبي حديث حبّك لعبادك، ولكنّي من قِباح قِباحِهم، فهل إلى حبّك من سبيل؟

اللّهمّ وفّقني لاستحضار ما أريد منك، وتلطّف بالإجابة واجعل وسيلتي موصلةً إليك من بين مشتَبَكِ الإلحاح والطَلِبات. يا من لا يشغله إلحاح الملحّين.

صلاة اللّيلة التّاسعة والعشرين

1- حصّة هذه اللّيلة من الألف ركعة: ثلاثون ركعة بالتّرتيب المتقدّم.

2- عن رسول الله صلّآ الله عليه وآله: «ومن صلّى ليلة تسع وعشرين من شهر رمضان ركعتين بـ (فاتحة الكتاب) [مرّة واحدة] وعشرين مرّة (قل هو الله أحد)، مات من المرحومين ورُفع كتابه في أعلى عليّين».[21]

3- قال الكفعمي: «ويستحبّ أن يصلّي في كلّ ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثاً، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظٌ لا يَغفل، سبحان من هو رحيمٌ لا يعجل، سبحان من هو قائمٌ لا يسهو، سبحان من هو دائمٌ لا يلهو. ثمّ يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثمّ يقول: سبحانك سبحانك يا عظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثمّ تصلّي على النبيّ عشراً. من صلّاها غفر الله له سبعين ألف ذنب».[22]


 

29

شهر رمضان

*اليوم الأخير، وليلة العيد

  * أعمال اليوم الأخير

    * المحاسبة

      * تجديد التّوبة الصّادقة

        * الاستعداد لإطلاق الشّياطين

           * دعاء ختم القرآن الكريم

             * ليلــة العــيد

               * الجدّ في العبادة

                 * التّوسّـل

                    * بجناحي الخوف والرّجاء

                      * أعمـال ليـلة العـيد

                         * الغسل

                             * الإحياء

                               * ذكْرٌ خاص

                                 * التّكبير

                                    * زيارة الإمام الحسين عليه السّلام

                                       * ثلاث سوَر

                                           * الصّلوات

                                              * من الأدعية الخاصّة

                                                   * دعاء اليوم التّاسع والعشرين

 

اليوم الأخير، وليلة العيد

ينبغي التّنبّه إلى أنّ أعمال اليوم الأخير يؤتى بها في اليوم التّاسع والعشرين لاحتمال أن يثبت هلال شوّال في ليلة ذلك اليوم، ويكون اليوم التالي يوم عيد، ومن أتى بهذه الأعمال ثمّ لم يثبت العيد فينبغي له الإتيان بها في اليوم التّالي لأنّه سيكون حينئذ هو اليوم الأخير.

أمّا ليلة العيد، فمن الطبيعيّ أن لا يؤتى بها إلّا مرّة واحدة وذلك لأنّ بالإمكان الانتظار بعض الوقت لمعرفة ما إذا ثبتت رؤية الهلال أم لا، فإذا ثبتت أتى بأعمال ليلة العيد، وإذا لم تثبت اقتصر على عمل ليلة تسع وعشرين، ويأتي بأعمال ليلة العيد في اللّيلة التّالية.

أعمال اليوم الأخير

1- المحاسبة

في معرض حديثه عن مهام هذا اليوم، قال السّيّد ابن طاوس: «ومنها: اعتبار جريدة أعمالك من أوّل الشّهر إلى آخر يوم منه وقبل انفصاله. فيجلس بين يدي مالك يوم الحساب على التّراب، أو بحسب ما يتهيّأ جلوسه عليه بلزوم الآداب، ويحاسب نفسه محاسبة المملوك الضّعيف الحقير مع مالكه المطلع على الكبير والصّغير. فينظر ما كان عليه من حيث دخل دار ضيافة الله جل جلاله والحضور بين يديه».[23]

2- تجديد التّوبة الصّادقة

قال السّيّد: «يتوب إلى الله جلّ جلاله على قدر الخطر الذي بين يديه، فإن توقّفت نفسه عن الصّدق في التّوبة والنّدم على ما فات وترك ما هو آت، وعرف منها ".." الإصرار، ".." وتعذّر عليه حصول الصّدق في هذه الحال، وأبت نفسه المعتادة على الإهمال إلّا أن يكون حديثها لله جلّ جلاله وبين يديه بمجرّد اللّفظ والمقال، والقلب خال عن الإقبال، فليشرع في دعاء أهل البلاء والابتلاء ".." ويجتهد على عبرات تطفىء نيران الغضب، وعلى دعوات معروفة بلزوم الأدب، وتسليم العمل الذي عمله في شهره، إلى من كان قد جعله خفيراً وحامياً ومالكاً لأمره، فلعلّ الله جلّ جلاله لعنايته بخاصّته يقبل العمل من يد نائبه الحافظ لشريعته، ويتمّم ما فيه من النّقصان وتربح ما اشتملت عليه بضاعته من الخسران إن شاء الله تعالى».[24]

3- دعاء ختم القرآن

من وَفَّقه الله تعالى لختمة من القرآن الكريم، أو أكثر، فليقرأ ما يأتي الحديث عنه من أدعية ختم كتاب الله تعالى وعهده إلى خلقه.

أمّا إذا كنّا، أيّها العزيز، قد قصرنا في التّفاعل مع أصل هذا الشّهر ومحوره الذي به أصبح شهر رمضان شهر ليلة القدر وربيع القرآن، فلنبادر إلى الإكثار من قراءة كتاب ربّنا ورسالته إلينا على يدي سيّد رسله وخير خلقه ح، ولنعاهد الله تعالى أن نصلح أمر علاقتنا بحياة العقول والقلوب قرآنه الكريم ونجعل ما نقرأه منه في هذا اليوم بداية ختمة نواصل قراءتها بجدّ بعد شهر الله تعالى، ليكون ذلك بعض تعويض عما فرّطْنا في جَنْبِ الله سبحانه.

قال السّيّد: «ومنها (أي مهام هذا اليوم): دعاء ختم القرآن، فلا أقلّ أن يكون قد ختم واحدة في طول شهر رمضان، كما تقدّم ذكره في بعض الأخبار».[25] ثمّ أورد دعاء الإمام السّجّاد عليه السّلام الوارد في الصّحيفة السّجّاديّة عند ختم القرآن.[26]

وقال المحدّث القمّيّ رحمه الله: «ويختم القرآن غالباً في هذا اليوم -أي في اليوم الأخير- فينبغي أن يدعى عند الختم بالدّعاء الثّاني والأربعين من الصّحيفة السّجّاديّة وإن شاء أن يدعو بهذا الدّعاء الوجيز ثمّ ذكر دعاءين مختصرين.[27]

الاستعداد لدخول شوّال وإطلاق الشّياطين الذين كانوا في الاعتقال

تحت هذا العنوان نبّه سيّد العلماء المراقبين إلى مسألة بديهيّة غائبة عن الاهتمام، بل منسيّة كلياً، وهي من السّهل الممتنع، تتلخّص في أنّ المصدّق بما جاء عن رسول الله ح يجب أن يعتقد بأنّ الشّياطين المغلولة، يفكّ اعتقالها في شوّال، فينبغي أن يشتدّ حذرنا من الأخطار التي تتهدّدنا نتيجة ذلك، وتظهر آثار هذا الحذر في سلوكنا باللّجوء إلى الله.

دعاء اليوم التّاسع والعشرين

اللّهمّ غشّني فيه الرّحمة، وارزقني فيه التّوفيق والعصمة، وطهّر قلبي من غياهب التّهمة يا رحيماً بعباده المؤمنين.

إلهي، كنت أطلب منك الرّحمة، وها أنا أطلب أن تغشيّني بها، وكنت أطلب منك التّوفيق أو العصمة وها أنا أجمعهما. لقد جدّ الجِدّ وأزفت ساعة الخروج من الحِمى، ولا أدري إلى ما يكون مصيري!!

فيضاً من مُزْن رحمتك، وعارضاً من وابِلها، لأتقلّب في الرّحمة فتوفّقني وتعصمني، وتطهّر قلبي من ظلمات الشّكّ وسوءِ الظّنّ بك وبمواعيدك وبعبادك.

أنت إلهي أقربُ إليّ من نفسي وقلبي، فإليك أشكوهما فارحمني أنا العاصي كما ترحم أهل الطّاعات فإنّ شمسك تشرق على المحسن والمسيء.

ليلة العيد

إذا كان الشّهر ناقصاً فغداً يوم العيد، وعليه فينبغي الحديث عنه وعن ليلته، على أن يتواصل الحديث يوم الغد إذا لم يثبت العيد.

* في الرّوايات

1- عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، في حديث طويل: «فإذا كانت ليلة الفطر، وهي تسمّى ليلة الجوائز، أعطى الله العاملين أجرهم بغير حساب».

2- «قال الإمام الصّادق عليه السلام: «ليلة الفطر، اللّيلة التي يستوفي فيها الأجير أجره».[28]

3- قال الرّاوي واسمه حسن: «قلت لأبي عبد الله [الصّادق] خ: إنّ النّاس يقولون: إنّ المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر؟ فقال: «يا حسن إنّ القاريجار(أي العامل) إنّما يعطى أجرته عند فراغه وذلك ليلة العيد».[29]

4- وقد تقدّمت الإشارة حول ليلة العيد إلى أنّ الإمام السّجّاد خ، كان يمضيها بالعبادة ويحثّ على الجدّ في العبادة فيها ويقول إنّها لا تقلّ أهميّة عن ليلة القدر.[30]

الجدّ في العبادة

قال آية الله التّبريزيّ، عليه الرّحمة، مشيراً إلى هذه الرّواية: «عبادة هذه اللّيلة عظيمة جدّاً لما روي عن الإمام السّجّاد عليه السّلام، فيلزم على العامل أن يبذل في هذه اللّيلة جهداً أكبر من جهده في ليلة القدر، لأنّها جمعت مع شرفها أنّها وقت الجزاء وآخر العمل».[31]

قد يبدو غريباً الكلام عن أن يبذل الإنسان جهداً في ليلة العيد أكبر من جهده في ليلة القدر، ولكن ما تقدّم من الرّوايات يوضح السّبب، ولعلّ من المعاني التي ترمي إليها هذه الرّوايات المباركة أنّ شدّة الذّنوب وخطورتها قد تكون حجبت استحقاق المغفرة في ليلة القدر، وأنّ هذا العاصي كان ما يزال بحاجة إلى ما يوصله إلى درجة المغفرة والقبول، وها هو أمام الفرصة الأخيرة التي تستدعي اجتهاداً شديداً، بل وأكثرمن كلّ ما بذله في جميع ليالي القدر وطيلة الشّهر العظيم.

قال آية الله الملكي التّبريزيّ، أيضاً:

«واعلم أنّ وقت ظهور آثار أعمال شهر رمضان، وإعطاء جزاء عباداته هو يوم العيد، فمن أحسن مراقبة الله جلّ جلاله في ليلة عيده، وعالج في هذه اللّيلة تقصيره في ما يجب عليه في شهر رمضان، وجعل نفسه أهلاً للعيد، وخلط نفسه في عباد الله الصّالحين، يرجى له أن يقبله الله تعالى يوم العيد كما يقبلهم، ولا يقنِّطه من خاصّة ألطافه، ولا يدقّق عليه في تقصيره في عباداته لاعترافه بالتّقصير، وطلبه من الله تعالى أن يصفح عنه بكرم وجهه، ويلحقه بأهل نواله من عباده المكرمين، والشّهداء والصّديقّين».[32]

التّوسّـل

ثمّ يحثّ عليه الرّحمة، على التّوسّل في هذه اللّيلة بالمصطفى وأهل بيته الأطهار، صلوات الله عليه وعليهم، لإصلاح أعمال الشّهر كلّه، فيسلّم المتوسّل بهم أعماله طيلة شهر رمضان المبارك إليهم -إلى رسول الله وأهل البيت- صلّى الله عليه وعليهم، ويتوسّل لإصلاح نفسه، وقلبه، وظاهره، وباطنه، ويستشفع بهم إلى الله في شمول توفيق الله تعالى له طيلة سنته القادمة بل طيلة عمره كلّه.

ينبغي أن يهتمّ المسلم ليصلح بتوسّله هذا جميع ما أفسده في شهر الله تعالى وجميع عمره، ويحرص على إحياء هذه اللّيلة بالتّضرّع والجدّ في العبادة.

بجناحَي الخوف والرّجاء

ويشترك اليوم الأخير وليلة العيد في خصوصيّة بذل قصارى الجهد بالتّضرّع والاستغاثة ليمنّ الله علينا تعالى بعتق رقابنا من النّار، وإن كانت للّيلة ميزتها الخاصّة.

وحول الأعداد الكبيرة التي تشملها الرّحمة الإلهيّة في ليلة العيد، ورد في حديث عن الإمام الرّضا عليه السلام:

«فإذا كان ليلة الفطر أعتق من النّار مثل ما أعتق في سائر الشّهر».[33]

لنتصوّر شخصاً حُكم عليه بالإعدام وأمامه يومٌ وبعض يوم ليحاول فيها كي لا يصدق الملك الحكم عليه بالإعدام فما هي حاله في هذه الفترة؟

وما هي حاله بالذّات في السّاعات الأخيرة؟

طالما قرأنا، أيّها الأعزّاء، في شهر الله تعالى أو سمعنا: الحمد لله الذي من خشيته ترعد السّماء وسكّانها، وترجف الأرض وعمّارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمرّاتها.

وطالما قرأنا أو سمعنا:

والحمد لله الذي يحلُم عنّي حتّى كأنّي لا ذنب لي، فربّي أحمد شيءٍ عندي وأحقّ بحمدي.

وقد آن أوان أن نمزج بين الخوف والحبّ في معادلة الرّجاء المحبّبة الواعدة.

ليسألْ كلّ منّا نفسه هل أنا خائفٌ لفرط إسرافي على نفسي، وجرأتي على ربّي؟

أعمال ليلة العيد

 * الأول: الغسل

1- قال الشّيخ المفيد: «وغسل ليلة الفطر سُنَّة»[34] وقال في مكان آخر: «والغسل أيضاً سنّة عند انقراضه (الشّهر) في ليلة الفطر وهي اللّيلة التي يعطى فيها العامل أجره[35]

وقال الشّيخ الطّوسيّ: «ويستحبّ الغسل في هذه اللّيلة بعد غروب الشّمس».[36]

وسيأتي عنه، رحمه الله، في آخر الصّلوات استحباب غسل في آخر اللّيل.

* الثّاني: الإحياء

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم يموت القلوب».[37]

وعن أبي عبد الله [الإمام الصّادق] عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: «كان يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال في السّنة وهي: أوّل ليلة من رجب، وليلة النّصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة النّحر».[38]

وفي فقه الإمام الرّضا عليه السّلام: «اجتهدوا في ليلة الفطر في الدّعاء والسّهر».[39]

* الثّالث: ذكر في السّجود بعد المغرب

قال الشّيخ الطّوسيّ: «ومن السّنّة أن يقول عقيب صلاة المغرب ليلة الفطر وهو ساجد: يا ذا الجلال والإكرام، يا مصطفياً محمّداً وناصره، صلِّ على محمّد وآل محمّد واغفر لي كلّ ذنب أذنبته ونسيته أنا وهو عندك في كتاب مبين. ثمّ يقول: أتوب إلى الله. مائة مرّة».[40]

وهو غير ما يدعى به بعد صلاة أمير المؤمنين عليه السّلام كما سيأتي.

* الرّابع: التّكبير

وهو ذكرٌ خاصّ يكرّر في أربعة أوقات بعد صلاة المغرب والعشاء وصلاة الصّبح من يوم العيد وبعد صلاة العيد.

وقال الشّيخ المفيد: «التّكبير عند الفراغ من فرض المغرب، وانتهاؤه عند الفراغ من صلاة العيد من يوم الفطر، فيكون ذلك في عقب أربع صلوات. وشرحه أن يقول المصلّي عند السّلام من كلّ فريضة: الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، الحمد لله على ما هدانا، وله الشّكر على ما أولانا. فبذلك ثبتت السّنّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وجاءت الأخبار بالعمل به عن الصّادقين من عترته عليهم السّلام».[41]

قال الشّيخ الطّوسيّ: «يستحبّ التّكبير ليلة الفطر، وبه قال جميع الفقهاء[42].

".." قال أبو عبد الله عليه السلام: أمّا إنّ في الفطر تكبيراً ولكنّه مسنون قال: قلت: وأين هو؟ قال: في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وصلاة العيد ثمّ يقطع. قال: قلت كيف أقول؟ قال: تقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا. وهو قول الله تعالى: ﴿...ولتكملوا العدّة ولتكبّروا الله على ما هداكم...البقرة:185».[43]

وقال أيضاً: «ويستحبّ أيضاً التّكبير عقيب أربع صلوات: المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الفجر وصلاة العيد يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله على ما هدانا وله الشّكر على ما أولانا».[44]

وقال السّيّد: «وإن قدّم هذا التّكبير عقيب صلاة المغرب وقبل نوافلها كان أقرب إلى التّوفيق».[45]

الخامس: زيارة الإمام الحسين عليه السّلام

قال الشّيخ الطّوسيّ: «ويستحبّ زيارة الحسين عليه السلام في ليلة الفطر ويوم الفطر، وروي في ذلك فضل كبير».[46]

وقال السّيّد: «زيارة الحسين، صلوات الله عليه، في ليلة عيد الفطر. وقد ذكرنا في ".." مصباح الزّائر [47] ".." بعض فضلها وما اخترناه من ".." ألفاظ الزّيارة المختصّة بها. فإن لم يكن كتابنا عنده موجوداً في مثل هذا الميقات، فليزر الحسين، عليه أفضل الصّلوات، بغير تلك الزّيارة من الزّيارات المرويات. فإن لم يجد زيارة من المنقولات فليزره، عليه السّلام، بما يفتح الله، جلّ جلاله، عليه من التّسليم عليه والتّعظيم له والثّناء عليه والاعتراف له عليه السّلام بإمامته والبراءة من أهل عداوته، والتّوسّل إلى الله جلّ جلاله بشريف مقاماته في قضاء ما يعرض له من حاجاته».[48]

السّادس: قراءة ثلاث سوَر

وروي أنّه يقرأ آخر ليلة من شهر رمضان سورة الأنعام، والكهف، ويس، ويقول: مائة مرّة: أستغفر الله وأتوب إليه.[49]

السّابع: الصّلوات

1- عشر ركعات: صلاة يؤتى بها في اللّيلة الأخيرة ليتقبّل الله تعالى عمل شهر رمضان كلّه؛ أكّد الصّلاة السّيّد ابن طاووس والشّيخ الكفعميّ والمحدّث القمّيّ رحمهم الله تعالى، وهي مروية عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله قال: «من صلّى ليلة عيد الفطر عشر ركعات بـ (الحمد) مرّة و(الإخلاص) عشر مرّات، ويقول مكان تسبيح الرّكوع والسّجود: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر. ويسلّم بين كلّ ركعتين ويستغفر الله ألف مرّة بعد الفراغ، ويقول في سجدة الشّكر: يا حيّ يا قيّوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا رحمن الدّنيا والاخرة ورحيمهما، يا ارحم الرّاحمين، يا إله الأوّلين والآخرين، اغفر لي ذنوبي وتقبّل صومي وصلاتي. لم يرفع رأسه من السّجود حتّى يغفر له ويتقبّل منه صومه ويتجاوز عن ذنوبه».[50]

2- ستّ ركعات: عن النّبيّ ح أنّه قال: «من صلّى ليلة العيد ستّ ركعات، يقرأ في كلّ ركعة خمس مرّات (قل هو الله أحد) إلّا شفع في أهل بيته كلّهم، وإن كانوا قد وجبت لهم النّار - الخبر [51]

3- صلاة ليلة ثلاثين: عن رسول الله ح: «ومن صلّى ليلة ثلاثين من شهر رمضان اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كلّ ركعة (فاتحة الكتاب) [مرّة واحدة] وعشرين مرّة (قل هو الله أحد) ويصلّي على النّبيّ، ح، مائة مرّة ختم الله له بالرّحمة».[52]

4- ركعتان: قال الشّيخ المفيد: «ويستحبّ أن يُصلّى ليلة الفطر ركعتان، يقرأ في الأولى منهما (الحمد) و(قل هو الله أحد) ألف مرّة، وفي الثّانية (الحمد) و(قل هو الله أحد) مرّة واحدة، فقد رُوي عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله أنّه قال: «من صلّى هاتين الرّكعتين في ليلة الفطر لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه».[53]

وقال الشّيخ الطّوسيّ: «ويصلّي ليلة الفطر بعد الفراغ من صلاته كلّها ركعتين، يقرأ في الأولى (الحمد) مرّة واحدة و(قل هو الله أحد) ألف مرّة، وفي الثّانية (الحمد) مرّة، ومرّة واحدة (قل هو الله أحد)».[54]

وقال السّيّد: «ومن ذلك ما رويناه بأسنادنا ".."أنّ أميرالمؤمنين صلوات الله عليه كان يصلّي ليلة الفطر ركعتين، يقرأ في الأولى (فاتحة الكتاب) مرّة و(قل هو الله أحد) ألف مرّة، وفي الثّانية (فاتحة الكتاب) و(قل هو الله أحد) مرّة واحدة، ثمّ يقنت ويركع ويسجد ويسلّم. فإذا سلّم خرّ ساجداً ويقول في سجوده: أتوب إلى الله - مائة مرّة - ثمّ يقول: يا ذا المنّ والجود، يا ذا المنّ والطَّوْل، يا مصطفي محمّد، صلِّ على محمّد وآله وافعل بي كذا وكذا. فإذا رفع رأسه أقبل علينا بوجهه ثمّ يقول: والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل الله تعالى شيئاً إلّا أعطاه، ولو [كان ما] أتاه من الذّنوب بعدد رمل عالج غفر الله تعالى له».[55]

وقال الشّيخ الطّوسيّ:

«ويستحبّ أيضاً أن يصلّي بعد الفراغ من جميع صلواته في هذه اللّية، ركعتين يقرأ في الأولى منهما (الحمد) مرّة، وألف مرّة (قل هو الله أحد)، وفي الرّكعة الثّانية (الحمد) مرّة، ومرّة (قل هو الله أحد)».

أضاف:

«ويستحبّ أن يدعو بعدها بهذا الدّعاء:

يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا الله، يا رحيم يا الله، يا ملك يا الله، يا قدّوس يا الله، يا سلام يا الله، يا مؤمن يا الله، يا مهيمن يا الله، يا عزيز يا الله، يا جبّار يا الله، يا متكبّر يا الله، يا خالق يا الله، يا بارئ يا الله، يا مصوّر يا الله، يا عالم يا الله، يا عظيم يا الله، يا عليم يا الله، يا كريم يا الله، يا حليم يا الله، يا حكيم يا الله، يا سميع يا الله، يا بصير يا الله، يا قريب يا الله، يا مجيب يا الله، يا جواد يا الله، يا ماجد يا الله، يا مليء يا الله، يا وفيّ يا الله، يا مولى يا الله، يا قاضي يا الله، يا سريع يا الله، يا شديد يا الله، يا رؤوف يا الله، يا رقيب يا الله، يا مجيد يا الله، يا حفيظ يا الله، يا محيط يا الله، يا سيّد السّادة يا الله، يا أوّل يا الله، يا آخر يا الله، يا ظاهر يا الله، يا باطن يا الله، يا فاخر يا الله، يا قاهر يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ودود يا الله، يا نور يا الله، يا رافع يا الله، يا مانع يا الله، يا دافع يا الله، يا فاتح يا الله، يا نفّاع يا الله، يا جليل يا الله، يا جميل يا الله، يا شهيد يا الله، يا شاهد يا الله، يا مغيث يا الله، يا حبيب يا الله، يا فاطر يا الله، يا مطهر يا الله، يا ملك يا الله، يا مقتدر يا الله، يا قابض يا الله، يا باسط يا الله، يا محيي يا الله، يا مميت يا الله، يا باعث يا الله، يا وارث يا الله، يا معطي يا الله، يا مفضل يا الله، يا منعم يا الله، يا حقّ يا الله، يا مبين يا الله، يا طيّب يا الله، يا محسن يا الله، يا مجمل يا الله، يا مبدئ يا الله، يا معيد يا الله، يا بارئ يا الله، يا بديع يا الله، يا هادي يا الله، يا كافي يا الله، يا شافي يا الله، يا عليّ يا الله، يا عظيم يا الله، يا حنّان يا الله، يا منّان يا الله، يا ذا الطَّوْل يا الله، يا متعالي يا الله، يا عدل يا الله، يا ذا المعارج يا الله، يا صدق يا الله، يا ديّان يا الله، يا باقي يا الله، يا واقي يا الله، يا ذا الجلال يا الله، يا ذا الإكرام يا الله، يا محمود يا الله، يا معبود يا الله، يا صانع يا الله، يا معين يا الله، يا مكوِّن يا الله، يا فعَّال يا الله، يا لطيف يا الله، يا جليل يا الله، يا غفور يا الله، يا شكور يا الله، يا نور يا الله، يا قدير يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، يا ربّاه يا الله، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وتمنّ عليَّ برضاك، وتعفو عنّي بحلمك، وتوَسِّع عليّ من رزقك الحلال الطّيّب من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، فإنّي عبدك ليس لي أحد سواك ولا أحد أسأله غيرك يا أرحم الرّاحمين، ما شاء الله، لا قوّة إلّا بالله العليّ.

ثمّ تسجد وتقول: يا الله يا الله، يا ربّ يا الله، يا ربّ يا الله، يا ربّ يا الله، يا ربّ يا ربّ يا ربّ، يا منزل البركات، بك تنزل كلّ حاجة، أسألك بكلّ اسم في مخزون الغيب عندك والأسماء المشهورات عندك المكتوبة على سرادق عرشك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تقبل منّي شهر رمضان وتكتبني من الوافدين إلى بيتك الحرام وتصفح لي عن الذّنوب العظام وتستخرج يا ربّ كنوزك يا رحمن».

* الغُسل في آخر اللّيل

أضاف أيضاً: «واغتسِلْ في آخر اللّيل، واجلس في مصلاك إلى طلوع الفجر، واستفتح خروجك بالدّعاء إلى أن تدخل مع الإمام في الصّلاة، فتقول: اللّهمّ، إليك وجّهت وجهي وإليك فوّضت أمري، وعليك توكّلت، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر إلهنا ومولانا، الله أكبر على ما أولانا وحسن ما أبلانا، الله أكبر وليّنا الذي اجتبانا، الله أكبر ربّنا الذي برأنا، الله أكبر الذي خلقنا وسوّانا، الله أكبر ربّنا الذي أنشأنا، الله أكبر الذي بقدرته هدانا، الله أكبر الذي بدينه حبانا، الله أكبر الذي من فتنته عافانا، الله أكبر الذي بالإسلام اصطفانا، الله أكبر الذي فضّلنا بالإسلام على من سوانا، الله أكبر وأكبر سلطانا، الله أكبر وأعلى برهانا، الله أكبر وأجل سبحانا، الله أكبر وأقدم إحسانا، الله أكبر وأعزّ أركانا، الله أكبر وأعلى مكانا، الله أكبر وأسنى شأنا، الله أكبر ناصر من استنصر، الله أكبر ذو المغفرة لمن استغفر، الله أكبر الذي خلق وصوّر، الله أكبر الذي أمات فأقبر، الله أكبر الذي إذا شاء أنشر، الله أكبر أقدس من كلّ شيء وأظهر، الله أكبر ربّ الخلق والبرّ والبحر، الله أكبر كلّما سبّح الله شيء وكبّر وكما يحبّ الله أن يكبَّر، اللّهمّ صلِّ على محمّد عبدك ورسولك ونبيّك وصفيّك وحبيبك ونجيّك وأمينك ونجيبك وصفوتك من خلقك وخليلك وخاصّتك وخالصتك وخيرتك من خلقك، اللّهمّ صلِّ على محمّد عبدك ورسولك الذي هديتنا به من الضّلالة، وعلّمتنا به من الجهالة وبصّرتنا به من العمي وأقمتنا به على المحجّة العظمى وسبيل التّقوى وأخرجتنا به من الغمرات إلى جميع الخيرات وأنقذتنا به من شفا جرف الهلكات، اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد أفضل وأكمل وأشرف وأكبر وأطهر وأطيب وأتمّ وأعمّ وأعزّ وأزكى وأنمى وأحسن وأجمل ما صلّيتَ على أحد من العالمين، اللّهمّ شرّف مقامه في القيامة وعظّم على رؤوس الخلائق حاله، اللّهمّ اجعل محمّداً وآل محمّد يوم القيامة أقرب الخلق منك منزلة وأعلاهم مكاناً وأفسحهم لديك مجلساً وأعظمهم عندك شرفاً وأرفعهم منزلاً، اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعلى أئمّة الهدى والحجج على خلقك والأدلّاء على سنّتك، والباب الذي منه يؤتى، والتّراجمة لوحيك المستنّين بسنّتك النّاطقين بحكمتك الشّهداء على خلقك، اللّهمّ اشعب بهم الصّدع وارتق بهم الفتق، وأمت بهم الجور وأظهر بهم العدل، وزيّن بطول بقائهم الأرض، وأيّدهم بنصرك وانصرهم بالرّعب، وقوِّ ناصرهم، واخذل خاذلهم، ودمدم على من نصب لهم ودمّر على من غشمهم، وافضض بهم رؤوس الضّلالة وشارعة البدع ومميتة السّنن والمتعزّزين بالباطل، وأعزَّ بهم المؤمنين وأذلّ بهم الكافرين والمنافقين وجميع الملحدين والمخالفين في مشارق الأرض ومغاربها يا أرحم الرّاحمين. اللّهمّ وصلِّ على جميع المرسلين والنّبيّين الذين بلّغوا عنك الهدى واعتقدوا لك المواثيق بالطّاعة، ودعوا العباد إليك بالنّصيحة، وصبروا على ما لقوا من الأذى والتّكذيب في جنبك، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله وعليهم وعلى ذراريهم وأهل بيوتاتهم وأزواجهم وجميع أشياعهم وأتباعهم من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، والسّلام عليهم جميعاً في هذه السّاعة وفي هذا اليوم ورحمته وبركاته، اللّهمّ اخصص أهل بيت نبيّك محمّد المباركين السّامعين المطيعين لك الذين أذهبتَ عنهم الرّجس وطهّرتَهم تطهيراً بأفضل صلواتك ونوامي بركاتك والسّلام عليهم ورحمة الله وبركاته».[56]

* الثّامن: الأدعية الخاصّة

ومنها: «اللّهمّ إنّك أرحم الرّاحمين لا إله إلّا أنت، تفضّلتَ علينا فهديتنا، ومننتَ علينا فعرّفتنا، وأحسنتَ إلينا فأعنتنا على أداء ما افترضتَ علينا من صيام شهرك شهر رمضان. فلك الحمد بمحامدك كلّها على جيمع نعمائك كلّها، حتّى ينتهي الحمد إلى ما تحبّ وترضى. وهذا آخر يوم من شهر رمضان فإذا انقضى فاختمه لنا بالسّعادة والرّحمة والمغفرة، والرّزق الواسع الكثير الطيّب، الذي لا حساب فيه ولا عذاب عليه، والبركةِ والفوز بالجنّة، والعتق من النّار، ولا تجعله آخر العهد منه، وأهلّه علينا بأفضل الخير والبركة والسّرور عليَّ وعلى أهلي ووالديَّ وذرّيّتي يا كريم. اللّهمّ هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن هدى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان وقد تصرّم، فأعوذ بوجهك الكريم أن تغيب الشّمس من هذا اليوم، أو يطلع الفجر من هذه اللّيلة، ولك قبلي ذنب أو تبعة، تريد أن تعذّبني عليها يوم ألقاك. أي مليّن الحديد لداود، أي كاشف الكرب العظيم عن أيوّب، صلِّ على محمّد وعلى أهل بيت محمّد وهب لي فكاك رقبتي من النّار وكلّ تبعة وذنب لك قبلي، واختم لي بالرّضا والجنّة. يا الله يا أرحم الرّاحمين، صلِّ على محمّد وعلى أهل بيته المباركين الأخيار وسلم تسليماً».[57]

* التّاسع: وداع شهر رمضان المبارك

وقد وردت عدّة أدعية لذلك أحسنها كما عبّر المحدث القمّيّ، رحمه الله، الدّعاء الخامس والأربعون من الصّحيفة السّجّاديّة.

 

 

 

 

 

 

 

 

30

شهر رمضان

* من مستحبّات يوم العيد

  * معرفة فضيلة اليوم

    * الــغســــل

      * خصوصيّتان لصلاة الفجر

         * الأدب مع المولى صاحب الزّمان عجّل الله تعالى فرجه

           * دعــــاء النّـدبـــة

              * زكـاة الفـطرة

                 * التّوجّه إلى المصلّى

                   * الدّعاء بعد صلاة العيد

                       * صوم ستّة أيّام

                          * عيد الفرد، والأُمّة

                              * وفــي الختـام

من مستحبّات يوم العيد

1- معرفة فضيلة اليوم

كيف نستقبل فجر العيد أو صلاة الصّبح فيه؟

وكيف نتعامل مع هذه الفترة النّموذجيّة، ما بين الفجر والخروج إلى صلاة العيد؟

وما هي حالات القلب، ومناجاته والوِرد؟

هل يشير ذلك أو يدلّ على أنّنا نستقبل لحظات مفصليّة نتسلّم فيها ما نستحقّ؟!

لا شكّ في أنّ ذلك مرتبط بمدى معرفة يوم العيد.

قال السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة والرّضوان:

«اعلم أنّ نهار يوم العيد فتح باب سعيد، وتجديد فضل جديد لم يجرِ مثله منذ سنة ماضية، ويمضي فلا يعود مثله إلى نحو سنة آتية».

ومثل هذه الفرص الثّمينة جدّاً والمتباعدة يحكم العقل بوجوب اغتنامها، فلنغتنم.

2- الغسل

قال السّيّد: «إعلم أنّه ينبغي ابتداء هذا اليوم بعد ما ذكرناه بالغسل، لما رويناه بأسنادنا ".." عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «الغسل يوم الفطر سنّة. ".." فإذا هممتَ بذلك فقل: اللّهمّ إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، واتّباع سنّة نبيّك محمّد صلّى الله عليه وآله. ".." فإذا فرغت من الغسل فقل: اللّهمّ اجعله كفّارة لذنوبي، وطهّرني ديني، اللّهمّ اذهب عنّي الدّنس».[58]

3- صلاة الفجر

تتميّز صلاة الفجر يوم العيد بالتّكبير بعدها، كما مرّ في مستحبّات ليلة العيد، وبتعقيب خاصّ بها على ما نصّ عليه السّيّد في الإقبال، وهو نفسه الدّعاء الذي يأتي عن الشّيخ الطّوسيّ تحت عنوان: (التّوجّه إلى المصلّى) أنّه يدعى به بعد صلاة العيد.

قال الشّيخ الطّوسيّ:

«فإذا أصبح يوم الفطر يستحبّ له أن يغتسل، ووقته بعد طلوع الفجر إلى وقت صلاة العيد ويلبس أطهر ثيابه، ويمسّ شيئاً من الطّيب جسده ".." ثمّ يخرج إلى المصلّى بسكينة ووقار لصلاة العيد».[59]

4- الأدب مع المولى صاحب الزّمان عليه السلام

تتلخّص حصيلة الصّيام في تجذير توحيد الله تعالى في العقل والقلب والوجدان، ويتوقّف صدق ذلك على طبيعة العلاقة برسول الله ح، وهي علاقة تدور إثباتاً ونفياً مدار العلاقة بأوصيائه وفي عصرنا وصيّه المهدي المنتظر أرواح العالمين له الفداء.

فكيف هي علاقتنا به في يوم العيد، وهو صاحب الأمر الذي يتنزّل في ليلة القدر؟

قال السّيّد:

«فصلٌ في ما نذكره من أدب العبد يوم العيد مع من يعتقد أنّه إمامه وصاحب ذلك المقام المجيد، فأقول: إعلم أنّه إذا كان يوم عيد الفطر، فإن كان صاحب الحكم والأمر متصرّفاً في ملكه ورعاياه على الوجه الذي أعطاه مولاه، فلْيكن مهنّئاً له صلوات الله عليه بشرف إقبال الله، جلّ جلاله، عليه وتمام تمكينه من إحسانه إليه، ثمّ كن مهنّئاً لنفسك ولِمن يعزّ عليك وللدّنيا وأهلها، ولكلّ مسعودٍ بإمامته بوجوده عليه السّلام، وسعوده وهدايته وفوائد دولته. وإن كان من يعتقد وجوب طاعته ممنوعاً من التّصرّف في مقضى رياسته، فليكن عليك أثر المساواة في الغضب مع الله، جلّ جلاله، مولاك ومولاه، والغضب لأجله، والتأسّف على ما فات من فضله. واعلم أنّ الصّفاء والوفاء لأصحاب الحقوق عند التّفرّق والبِعاد، أحسنُ من الصّفاء والوفاء مع الحضور واجتماع الأجساد، فليكن الصّفاء والوفاء شعار قلبك لمولاك، وربُّك القادر على تفريج كربك».[60]

5- دعاء النّدبة

ويستحبّ في يوم العيد قراءة دعاء النّدبة الذي ورد أنّه يقرأ في الأعياد الأربعة: الفطر والأضحى والغدير ويوم الجمعة، وهو من تعابير الأدب مع وليّ الله تعالى، ووصّي رسوله صلّى الله عليه وآله.

وبعد أن أورد السّيّد الدّعاء في الإقبال قال:

«فإذا فرغت من الدّعاء، فتأهّب للسّجود بين يدي مولاك، وقل ما رويناه بأسنادنا إلى أبي عبد الله عليه السّلام قال: «إذا فرغت من دعاء العيد المذكور ضع خدّك الأيمن على الأرض وقل: سيّدي سيّدي، كم عتيق لك، فاجعلني ممن أعتقت، سيّدي سيّدي، وكم من ذنب قد غفرت، فاجعل ذنبي في من غفرت، سيّدي سيّدي، وكم من حاجة قد قضيتَ، فاجعل حاجتي فيما قضيتَ، سيّدي سيّدي، وكم من كربة قد كشفتَ، فاجعل كربتي فيما كشفتَ. سيّدي سيّدي، وكم مستغيثٍ قد أغثتَ، فاجعلني في من أغثتَ، سيّدي سيّدي كم من دعوة قد أجبتَ، فاجعل دعوتي في ما أجبتَ، سيّدي سيّدي، إرحم سجودي في السّاجدين، وارحم عبرتي في المستعبرين، وارحم تضرّعي فيمن تضرّع من المتضرّعين. سيّدي سيّدي، كم من فقير قد أغنيتَ، فاجعل فقري في ما أغنيتَ، سيّدي سيّدي، إرحم دعوتي في الدّاعين، سيّدي وإلهي أسأتُ وظلمتُ وعملتُ سوءاً، واعترفتُ بذنبي، وبئس ما عملتُ، فاغفر لي يا مولاي، أي كريم أي عزيز أي جميل».[61]

6- زكاة الفطرة

وتسمّى أيضاً زكاة البدن، وهي حوالي ثلاث كيلوغرامات من الموادّ الغذائيّة الأساسيّة، أو ثمنها بالشّروط المقرّرة في الرّسائل العمليّة.

ويمتدّ وقت إخراجها إلى الظّهر، ولكن ينبغي عزلها قبل الخروج إلى الصّلاة.

ولا بدّ من التّنبّه جيّداً إلى عظيم أهميّة هذه الزّكاة وعظيم دلالات التّعامل معها والموقف منها على كلّ حلات الصّائم طيلة الشّهر الكريم.

عن الإمام الصّادق عليه السلام: «إنّ من تمام الصّوم إعطاء الزّكاة -يعني الفطرة- كما أنّ الصّلاة على النّبيّ ح تمام الصّلاة، لأنّه من صام ولم يؤدّ الزّكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّداً، ولا صلاة له إذا ترك الصّلاة على النّبيّ صلّّى الله عليه وآله، لأنّ الله عزّ وجلّ قد بدأ بها قبل الصّوم [62]، وقال: ﴿قد أفلح من تزكّى* وذكر اسم ربّه فصلّىالأعلى:14-15».[63]

 قال السّيّد معقّباً: «واعلم أنّ بُخل الإنسان بزكاة الفطرة اليسيرة، ومَنْع الله جلّ جلاله من ماله أن يتصرّف فيه بالحوالة لفقير بمقدار الزّكاة الحقيرة، فضيحةٌ على العبد المدّعي للإسلام، وخروجٌ عن حكم العقول والأحلام، لأنّ حكم الألباب يقتضي أنّ صاحب المال، وهو ربّ الأرباب، أحقّ بالتّصرّف في ماله من عباده، يعطي من يشاء من عباده ويمنع من يشاء ويحكم فيه بحسب مراده. وكيف يستحسن العبد أن يقوم بين يدي الرّبّ في صلاة أو في شيء من العبادات، وهو قد منعه من هذا المقدار اليسير من الزّكوات وقابل مراسمه الشّريفة بالرّدّ والاستخفاف وإهمال التقدّمات. ما يفعل هذا إلّا من قلبه مُدْنَفٌ سقيم، وعقله ذميم، وعساه يكون ممن اتّخذ دينه هُزواً ولعباً، وكانت دعواه للإسلام كذباً».[64]

7- التوجّه إلى المصلّى

قال الشّيخ الطّوسيّ عليه الرّحمة والرّضوان: «فإذا توجّهتَ إلى المصلّى، فادع بهذا الدّعاء:

اللّهمّ من تهيّأ وتعبّأ وأعدّ واستعدّ لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب جوائزه وفواضله ونوافله فإليك يا سيّدي وفادتي وتهيئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك، فلا تخيّب اليوم رجائي يا مولاي، يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل، فإنّي لم آتك اليوم بعمل صالح قدّمته ولا شفاعة مخلوق رجوتها، ولكن أتيتك مقرّاً بالظّلم والإساءة لا حجّة لي ولا عذر فأسألك يا ربّ أن تعطيني مسألتي وتقلبني برغبتي ولا ترّدني مجبوهاً ولا خائباً يا عظيم يا عظيم يا عظيم، أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي العظيم لا إله إلّا أنت اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وارزقني خير هذا اليوم الذي شرّفته وعظّمته وتغسلني فيه من جميع ذنوبي وخطاياي وزدني من فضلك إنّك أنت الوهّاب.

8- الدّعاء بعد صلاة العيد

وأورد الشّيخ صلاة العيد ثمّ قال: «فإذا سلّم عقّب بتسبيح الزّهراء عليها السّلام وما خفّ عليه من الدّعاء ثمّ يدعو بهذا الدّعاء.

اللّهمّ إنّي توجّهت إليك بمحمّد أمامي وعليّ من خلفي وأئمّتي عن يميني وشمالي، أستتر بهم من عذابك وسخطك وأتقرّب إليك زُلفىً، لا أجد أحداً أقرب إليك منهم، فهم أئمّتي، فآمن بهم خوفي من عذابك وسخطك، وأدخلني برحمتك الجنّة في عبادك الصّالحين، أصبحت بالله مؤمناً موقناً مخلصاً على دين محمّد وسنّته وعلى دين عليّ وسنّته وعلى دين الأوصياء وسنّتهم، آمنت بسرّهم وعلانيتهم وأرغب إلى الله تعالى فيما رغبوا فيه، وأعوذ بالله من شرّ ما استعاذوا منه، ولا حول ولا قوّة ولا منعة إلّا بالله العليّ العظيم، توكّلت على الله حسبي الله ومن يتوكّل على الله فهو حسبه، اللّهمّ إنّي أريدك فأردني وأطلب ما عندك فيسّره لي. اللّهمّ إنّك قلت في محكم كتابك المنزل وقولك الحقّ ووعدك الصدق: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان﴾، فعظّمت شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن الكريم وخصّصته بأن جعلت فيه ليلة القدر، اللّهمّ وقد انقضت أيّامه ولياليه وقد صرت منه إلى ما أنت أعلم به منّي، وأسألك يا إلهي بما سألك به ملائكتك المقرّبون وأنبياؤك المرسلون وعبادك الصّالحون أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تقبل منّي كلّ ما تقرّبت به إليك فيه، وتتفضّل عليّ بتضعيف عملي وقبول تقربّي وقرباتي واستجابة دعائي، وهب لي من لدنك رحمة، وأعتق رقبتي من النّار، وآمنّي يوم الخوف من كلّ الفزع ومن كلّ هول أعددته ليوم القيامة، أعوذ بحرمة وجهك الكريم وبحرمة نبيّك، وبحرمة الأوصياء أن يتصرّم هذا اليوم ولك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها أو خطيئة تريد أن تقتصّها منّي لم تغفرها لي، أسألك بحرمة وجهك الكريم يا لا إله إلّا أنت بلا إله إلّا أنت أن ترضى عنّي، وإن كنت قد رضيتَ عنّي فزد في ما بقي من عمري رضى، وإن كنت لم ترضَ عنّي فمن الآن فارضَ عنّي يا سيّدي ومولاي السّاعة السّاعة السّاعة، واجعلني في هذه السّاعة وفي هذا اليوم وفي هذا المجلس من عتقائك من النّار عتقاً لا رقّ بعده. اللّهمّ إنّي أسألك بحرمة وجهك الكريم أن تجعل يومي هذا خير يوم عبدتك فيه منذ أسكنتني الأرض أعظمه أجراً، وأعمّه نعمة وعافية، وأوسعه رزقاً، وأبتله عتقاً من النّار وأوجبه مغفرة وأكمله رضواناً وأقربه إلى ما تحبّ وترضى. اللّهمّ لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك وارزقني العود فيه ثمّ العود فيه حتّى ترضى وترضي كلّ من له قبلي تبعة ولا تخرجني من الدّنيا إلّا وأنت عني راض، اللّهمّ اجعلني من حجّاج بيتك الحرام في هذا العام المبرور حجّهم المشكور سعيهم المغفور ذنبهم المستجاب دعاؤهم المحفوظين في أنفسهم وأديانهم وذراريهم وأموالهم وجميع ما أنعمت به عليهم. اللّهمّ اقلبني من مجلسي هذا وفي يومي هذا وفي ساعتي هذه مفلحاً منجحاً مستجاباً دعائي مرحوماً صوتي مغفوراً ذنبي، اللّهمّ واجعل فيما شئت وأردت وقضيت وحتمت وأنفذت أن تطيل عمري وأن تقوي ضعفي وأن تجبر فاقتي وأن ترحم مسكنتي وأن تعزّ ذلّي وتؤنس وحشتي وأن تكثر قلّتي وأن تدرّ رزقي في عافية ويسر وخفض عيش وتكفيني كلّ ما أهمّني من أمر آخرتي ودنياي، لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها ولا إلى النّاس فيرفضوني وعافني في بدني وأهلي وولدي وأهل موّدتي وجيراني وإخواني وذرّيّتي وأن تمنّ عليّ بالأمن أبداً ما أبقيتني، توجّهت إليك بمحمّد وآل محمّد ح، وقدّمتهم إليك أمامي وأمام حاجتي وطلبتي وتضرّعي ومسألتي، فاجعلني بهم وجيهاً في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين فإنّك مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بها السّعادة إنّك على كلّ شيء قدير، فإنّك وليّي ومولاي وسيّدي وربّي وإلهي وثقتي ورجائي ومعدن مسألتي وموضع شكواي ومنتهى رغبتي فلا يخيبنّ عليك دعائي يا سيّدي ومولاي، ولا يبطلنّ طمعي ورجائي لديك، فقد توجّهت إليك بمحمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وعليهم وقدّمتهم إليك أمامي وأمام حاجتي وطلبتي وتضرّعي ومسألتي، واجعلني بهم وجيهاً في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين إليك فإنّك مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بها السّعادة. إنّك على كلّ شيء قدير. اللّهمّ ولا تبطل عملي ورجائي يا إلهي ومسألتي، واختم لي بالسّعادة والسّلامة والإسلام والأمن والإيمان والمغفرة والرّضوان والشّهادة والحفظ، يا منزولاً به كلّ حاجة يا الله يا الله يا الله، أنت لكلّ حاجة فَتَوَلَّ عاقبتها ولا تسلّط علينا أحداً من خلقك بشيء لا طاقة لنا به من أمر الدّنيا، وفرّغنا لأمر الآخرة يا ذا الجلال والإكرام، صلِّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد وتحنّن على محمّد وآل محمّد كأفضل ما صلّيتَ وباركتَ وترحّمتَ وسلّمتَ وتحنّنتَ على إبرهيم وآل إبرهيم إنّك حميد مجيد».[65]

صوم ستّة أيّام

انتشرت في السّنوات الأخيرة ظاهرة محبّبة هي صيام ستّة أيّام بعد يوم العيد، وفي ما يلي تأكيد ذلك، وعلى الأيّام التّي يستحبّ صومها بشكل عام.

قال الشّيخ الطّوسيّ:

وقد روى الزّهريّ في شرح وجوه الصّيام ما يكون صاحبه فيه بالخيار ستّة أيّام عقيب يوم الفطر وهو الذي تسمّيه العامّة التّشييع، فمن صامه كان له فيه فضل، وفي أصحابنا من كرهه، والأصل فيه التّخيير، والصّوم عبادة لا تُكره لأنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال: «الصّوم جُنّة من النّار». وهو على عمومه. ويستحبّ في هذا الشّهر وفي سائر الشّهور صوم ثلاثة أيّام: أوّل خميس في العشر الأوّل، وأوّل أربعاء في العشر الثّاني، وآخر خميس في العشر الأخير، وكذلك في كلّ شهر، فإنّه مرويّ عنهم، عليهم السّلام، أنّ ذلك يعدل صيام الدّهر.[66]

وتجدر الإشارة إلى أهميّة الصّوم بعد العيد في الإصرار على تحصين حصيلة الصّوم، والمضيّ قدماً في خط ضيافة الرّحمن. وعليه سبحانه قصد السّبيل.

عيد الفرد، والأُمّة

تقبّل الله أعمالكم وأسعد الله أيّامكم، وكلّ عام وأنتم بخير. أعاده الله تعالى على الجميع باليُمْن والبركة وواسع الرّحمة والمغفرة والنّصر والمنعة إنّه سميع مجيب.

ماذا يعني العيد، هل هو فرح بالتّحلّل من قيود الصّوم، وابتهاجٌ باستئناف دورة الحياة العاديّة؟  

وما قيمة ذلك إذا كان الباطن مظلماً مطروداً لم ينعم بالرّضى والقرب من المليك المقتدر؟.

أو لم يقل المولى أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّما هو عيدٌ لمن قبِل الله صيامه وقيامه وشكر قيامه، وكلّ يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد».[67]

العيد هو الفرحة بالطّاعة، والفوز بالرّضوان.

إنّه يوم توزيع الجوائز الإلهيّة على ضيوف الرّحمن.

من كان صومه حقيقيّاً فجائزته التّقوى، ومن حافظ فيه على أوقات الصّلوات فجائزته استجابة الله تعالى دعاءه، ومن حسّن فيه خُلُقه استحقّ جوائز المرور على الصّراط، ومن أكرم فيه يتيماً استحقّ جائزة إكرام الله له يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله تعالى برحمته، ومن أكثر فيه من الاستغفار وطول السّجود استحقّ جائزة فكاك نفسه وحطّ الأوزار عن كاهله، ومن أكثر فيه الصّلاة على النّبيّ، صلّى الله عليه وآله، استحقّ جائزة رجحان كفّته وثقل ميزانه يوم تخفّ الموازين.

ومن الجوائز في يوم العيد الحجّ المبرور الذي يغفر معه الذّنب، وتكفّر السّيّئات، والتّوفيق للشّهادة في سبيل الله تعالى، كما أنّ من ألحّ فيه على التّوبة وسعى أن تكون صادقة، منّ الله تعالى عليه في يوم العيد بجائزة قبولها، وأكبر من ذلك أن يغفر الله ما سلف ويسدّد في ما يأتي، ومن أعظم جوائز يوم العيد استحقاق إخراج حبّ الدّنيا من القلب.

سيّدي أخرج حبّ الدّنيا من قلبي.

وأعظم منها أن يمنّ الله تعالى بحبّه، فيصبح القلب حرم الله عزَّ وجلّ.

أهل هذه الجوائز وأمثالها هم أهل العيد، ومن عداهم المسيئون الذين إذا كُشِف لهم الغطاء شُغلوا بإساءتهم عن تصفيق أيدٍ وثياب وترجيل شِعر.

مرّ الإمام الحسن عليه السلام في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون، فوقف عليهم ثمّ قال: «إنّ الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه -أي ميداناً للسّباق- يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قومٌ ففازوا وقصّر آخرون فخابوا، فالعجب كلّ العجب من ضاحك لاعبٍ في اليوم الذي يُثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون، وأيمُ الله لو كُشف الغطاء لعلموا أنّ المحسن مشغول بإحسانه والمسيء مشغول بإساءته فمضى».[68]

يقول السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة حول يوم العيد: «ولا تقطع يومك هذا باللّعب والإهمال وأنت لا تعلم أمردود أم مقبول الأعمال، فإن رجوت القبول، فقابل ذلك بالشّكر الجميل وإن خفتَ الرّدّ فكن أسير الحزن الطّويل».

وليس الهدف أيّها الأعزّاء من التّركيز على هذا الجانب إدخال الحزن على النّاس في يوم عيدهم، وإنّما الهدف الحفاظ على التّوازن، فلا يصحّ أبداً أن يُفهم العيد تحلّلاً من العبادة، كما لا يصحّ بطبيعة الحال أن تغلب الكآبة فيه، بل ينبغي أن يواجه المؤمن النّاس بالبشاشة والبهجة، إلّا أنّه يظلّ حريصاً في باطنه على صون ما أنجزه طيلة ضيافة الله تعالى، فلا يضيّعه في الانجراف في تيّار المعاصي ويظلّ حريصاً من الشّياطين الذين طال تقييدهم، وهاهم اليوم قد فُكَّت أغلالهم، يبذلون قصارى جهدهم في الإغواء والتّزيين والتّلبيس، إلى حدّ أنّ بعضنا قد يخسر في يوم العيد كلّ ما حصل عليه طيلة شهر الله تعالى.

من أجل هذا التّوازن كان هذا التّركيز.

خطب أمير المؤمنين عليه السّلام في يوم الفطر فقال: «أيّها النّاس إنّ يومكم هذا يُثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون وهو أشبه بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم، خروجكم من الأجداث إلى ربّكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربّكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم، رجوعكم إلى منازلكم في الجنّة».

«عباد الله إنّ أدنى ما للصّائمين والصّائمات أن يناديهم ملَك في آخر يوم من شهر رمضان أبشروا عباد الله! فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون في ما تستأنفون».[69]

إنّ الحرص على التّناسب بين ما سلف وما نستأنف هو، إذاً، منشأ تأكيد أن لا يكون يوم العيد نشازاً لا يصل الماضي بالمستقبل، فإذا اجتاز الصّائم يوم العيد دون أن يصاب بنكسة في إيمانه ومراقبته لنفسه، كان أقدر على مواصلة ذلك في ما بعد.

وعندما نتأمّل في مستحبّات يوم العيد نجد أنّها تركّز على صون ما أُنجز طيلة شهر رمضان المبارك وتعزيزه ليكون المخزون الإيمانيّ والشّعوريّ الذي يمكّن من مواصلة رحلة الحياة الشّاقّة بيُسر.

يحدّثنا السّيّد ابن طاوس، عليه الرّحمة، عن استحباب صلاة العيد على التّراب ويذكر ما جرى معه ذات مرّة فيقول: «واعلم أنّني كنت يوم من أيّام الأعياد وقد قمتُ من السّجّادة لأجلس على التّراب لأصلّي صلاة العيد، على المأمور به من الآداب، فأردتُ أن أجعل ذلك على سبيل العبادة لله جل جلاله لأنّه أهلٌ للعبادة، فورد على خاطري ما معناه: أُذكر كيف نقلناك من هذا التّراب (أي أذكر أنّك كنت في الأصل تراباً) الذي تجلس عليه إلى ما قد بلغناك إليه من التّكريم والتّعظيم وتسخيرنا لك ما سخّرناه من الأفلاك والدّنيا والآخرة والملك العظيم واشتغِل بالشّكر لنا واعتقاد المِنَّة العظيمة عن تطلّع خاطرك إلى الوسيلة إلينا بهذه الخدمة اليسيرة السّقيمة، فإنّا إذا رأيناك تقدّم حقّنا على ما يقع منك من الخدمة، كان أثبت لك في رسوخ القدم وسبوغ النّعم.

يريد، عليه الرّحمة، أنّ على الإنسان أن لا يستكثر عمله مهما كان العمل فإنّه بالنّسبة إلى الله عزَّ وجلّ لا يُذكر على الإطلاق فلله سبحانه وتعالى المنَّة الدّائمة فقد نقله من (تراب) إلى (إنسان) ومهما صدر من هذا الإنسان فلن يكون معادلاً لهذه النّقلة، فلا يصحّ أن يتباهى الإنسان بعباداته وإنجازاته التي هي فرع كونه إنساناً، بل يجب أن يكون مستحضراً أبداً لعظيم فضل الله تعالى عليه، ليتحقّق منه الشّكر الحقيقيّ الذي يقوم على النّقطة النّقيض للتباهي المشار إليه.

إلى أن يقول السّيّد عليه الرّحمة: «وقل في يوم العيد: بالرّحمة والجود وجميع الوسائل التي نقلتني بها من ذلك المقام النازل إلى هذا الفضل الشّامل الكامل صلِّ على محمّد وآل محمّد وانقلني عمّا تكره وقوعه منّي إلى ما يرضيك عنّي.

إلهي، ما بدأت به من كرم وفضل وحبّ وحنان فتمّمه، وكما نقلتني من تراب إلى إنسان فانقلني عن مصارع الذّنوب إلى ما يرضيك، فأنت الحقّ وماذا بعد الحقّ إلّا الضّلال»؟!

هكذا يمكن أن نعزّز في نفوسنا جميع المعاني الإيمانيّة التي عشناها في شهر الله تعالى، وحاولنا وهكذا يمكن أن يكون العيد همزة وصل بين ضيافة الرّحمن والوصول إليه بقلب سليم.

ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «زيّنوا أعيادكم بالتّكبير». وروي «أنّه كان صلّى الله عليه وآله يخرج في العيدين رافعاً صوته بالتّهليل والتّكبير وأنّه كان يُكبِّر يوم الفطر حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلّى».[70]

يوم العيد، إذاً، يوم عبادة، يوم تكبير وتهليل، يوم تضرّع لنيل الجوائزالقيّمة والفوز بالرّضوان، والتحلّي بمكارم الأخلاق، ويلحق بذلك ويقع في سياقه الحصول على الجوائز الماديّة بمختلف مظاهرها.

ويفرح الإنسان أيّها الأعزّاء بالجائزة لأنّه يحسّن بها أوضاعه ويرمّم بها شؤونه.

وما قيمة الجائزة إذا لم توظَّف في بلسمة الجراح ولمّ الشّعث ورأب الصّدع؟

وأيّ جراح أبلغ ضرراً وأبعد غوراً من جراح القلب وندوب تشويه الفطرة؟!

هكذا ينبغي أن تكون الجوائز الإلهيّة التي نحصل عليها في يوم العيد منطلقاً لتحسين أوضاعنا الشّخصيّة لنؤسّس على ذلك في تحسين أوضاعنا العامّة.

إنّها جوائز الجهاد الأكبر التي ننطلق بها في ساحات الجهاد الأصغر فنحمل هموم المسلمين والمستضعفين في الأرض بزخم جديد وروح تحنّ إلى الشّهادة فطالما رددنا في ليالي شهر رمضان المبارك «وقتلاً في سبيلك فوفّق لنا» هذه مواقع الجهاد تنتظرنا ﴿...وإنّها لكبيرة إلّا على الخاشعينالبقرة:45.

***

سيّدنا يا صاحب العصر والزّمان عليك صلوات الرّحمن، ما معنى العيد في غيابك وجدُّك الإمام الصّادق خ يخاطبك قبل ولادتك فيقول: «سيّدي غيبتك نفت رقادي»!

طالت علينا ليالي الانتظار، فهل يا ابن النّبيّ لليل الانتظار غد؟!

أرأيتم أيّها الأعزّاء إلى يتيمٍ منقطع وحيد فريد ينظر إلى ثياب الأطفال وبهارجها وألعابهم في يوم العيد وزخارفها، وهو يعيش اللّوعة والحسرة؟!

هكذا ينبغي أن تكونَ حال خالي الوفاض الذي لم يفِ شهر رمضان حقَّه، وهو ينظر إلى أهل الجوائز الإلهيّة عادوا محمَّلين بجوائزهم وهو لا يلوي على شيء.

ينبغي أن يستبدّ به الحزن فيصرخ من الأعماق: «إلهي ربح الصّائمون وفاز القائمون»؛ ﴿...ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير﴾ القصص: 24؛ ربّ ﴿...أنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين﴾ الأنبياء: 83.

 وليكن على يقين أنّه إن عاش هذه الحالة فإنّه لن يرجع خائباً.

اللّهمّ صُنْ ماء وجوهنا، ولا تخزنا أمام أهلينا وأوليائك وملائكتك، ولا تُشمت بنا عدوّك، اللّهمّ إنّك أكرم الأكرمين فاجعل بفضلك وكرمك عيدنا كما تحبّ وكما أنت أهلٌ له فإنّك نِعمَ المولى ونِعمَ النّصير.

اللّهمّ اقضِ في هذا اليوم حوائج المحتاجين، إشفِ كلّ جريحٍ وكلّ مريض، إقضِ دَين كلّ مدين، ردّ كلّ غريب، فكّ كلّ أسير، أيِّد جندك، وأنزل نصرك، وأرنا هلاك الكافرين، وعجّل لولِيِّك الفرج، إنّك وليّ الإحسان والنّعم.

 

 حسين محمّد كوراني

لبنان- بيروت

[email protected]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1]  الإقبال: 350.

[2]  الإقبال1/422.

[3]  الحر العاملي، وسائل الشيعة8/40. والكفعمي، البلد الأمين 176.

[4]  الكفعمي، البلد الأمين563. الهامش.

[5]  الآلوسيّ، تفسير الآلوسيّ: 9/71.

[6]  الحرّ العامليّ، وسائل الشّيعة: 8/40؛ والكفعميّ، البلد الأمين: ص176.

[7]  الكفعميّ، البلد الأمين: ص563. الهامش.

[8]  الشّيخ المفيد، المقنعة: ص 309.

[9]  الحرّ العامليّ، وسائل الشّيعة: 8/40-41؛ والكفعميّ، البلد الأمين: ص176.

[10]  الكفعميّ، البلد الأمين: ص563. الهامش.

[11]   الرّيشهريّ، ميزان الحكمة: الذّنوب.

[12]  المولى محمّد صالح المازندرانيّ، شرح أصول الكافي: 9/260. والمراد بــ الشّيخ في (كتاب الأربعين) الشّيخ بهاء الدين العامليّ رضوان الله تعإلى عليه؛ أنظر: البحرانيّ، الحدائق الناظرة: 10/52.

[13]  الإقبال: 1/400.

[14]  الحرّ العامليّ، وسائل الشّيعة: 8/40؛ والكفعميّ، البلد الأمين: ص176.

[15]  الكفعميّ، البلد الأمين: ص563. الهامش.

[16]  للكاتب.

[17]  أشار المحدّث القمّيّ رحمه الله إلى اختلاف في ترتيب أدعية الأيّام فقد ذكر الشّيخ الكفعميّ هذا الدّعاء في اليوم التّاسع والعشرين بدلاً من السّابع والعشرين.أضاف المحدّث القمّيّ: والأنسب أن يدعى به في اليوم الثّالث والعشرين.

[18]  الحرّ العامليّ، وسائل الشّيعة: 8/41؛ والكفعميّ، البلد الأمين: ص176.

[19]  الكفعميّ، البلد الأمين: ص563. الهامش.

[20]  من دعاء غرّة شهر جمادى الأولى. أنظر: الإقبال: 3/151.

[21]  الحرّ العامليّ، وسائل الشّيعة: 8/41؛ والكفعميّ، البلد الأمين: ص176.

[22]  الكفعميّ، البلد الأمين: ص563. الهامش.

[23]  الإقبال: 1/448.

[24]  المصدر: 454-455.

[25] المصدر.

[26]  المصدر: ص449 فما بعدها.

[27]  المحدّث القمّيّ، مفاتيح الجنان.

[28]  الشّيخ الصّدوق، الهداية: ص210.

[29]  البحرانيّ، الحدائق الناضرة: 4/191.

[30] الإقبال: 1/363-364.

[31]  المراقبات: ص169 بتصرّف.

[32]  المصدر.

[33]  ابن بابويه، فقه الرّضا عليه السّلام: ص205.

[34]  الشّيخ المفيد، المقنعة: ص51.

[35]  المصدر: ص311.

[36]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص648.

[37]  الرّاونديّ، الدّعوات: ص279.

[38]  الشّيخ المفيد، المقنعة: ص51.

[39]  ابن بابويه، فقه الرّضا عليه السّلام: ص206.

[40]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص648.

[41]  الشّيخ المفيد، مسارُّ الشّيعة: ص29.

[42]  الشّيخ الطّوسيّ، الخلاف1/656. المسألة 424.

[43]  المصدر: ص653.

[44]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص460.

[45]  الإقبال: 1/459.

[46]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص665.

[47]  أورد المجلسيّ الزّيارة المذكورة نقلاً عن مصباح الزّائر في البحار: 98/352، وقد ذكر في هامشه أنّها في مصباح الزّائر: ص172-175.

 [48] المحدّث القمّيّ، مفاتيح الجنان؛ والإقبال: 1/464.

 [49] الإقبال: 1/419.

[50]  الإقبال: 1/460.

[51]  المصدر: ص459.

[52]  الحرّ العامليّ، وسائل الشّيعة8/41. والكفعميّ، البلد الأمين176.

[53]  الشّيخ المفيد، المقنعة171.

[54]  الشّيخ الطّوسيّ، الاقتصاد: ص 273.

[55]  الإقبال: 1/459.

[56]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص649-650.

[57] المصدر: ص446-447. وقد أورد المحدّث القمّيّ بعض هذه الأدعية.

[58]  المصدر: ص 466-467.

[59]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص653.

[60]  الإقبال: 1/474.

[61]  الإقبال: 1/513-514.

[62]  جاء في هامش الرّواية في وسائل الشّيعة: في الفقيه: قبل الصّوم؛ وفي التّهذيب: قبل الصّلاة.

[63]  الإقبال: 1/465.

[64]  المصدر.

[65]  الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد: ص 654-658.

[66]  المصدر: ص 665-666.

[67]  الإمام عليّ عليه السّلام، نهج البلاغة (عبده): ص100.

[68]  الكليني، الكافي: 4/181

[69] الشّيخ الصّدوق، الأمالي: ص160.

[70]  الرّيشهريّ، ميزان الحكمة: 3/2198، نقلاً عن كنز العمال.

اخبار مرتبطة

  كتاب شعائر 6 - القسم الثالث

كتاب شعائر 6 - القسم الثالث

  كتاب شعائر 6 - القسم الثاني

كتاب شعائر 6 - القسم الثاني

  كتاب شعائر 6 - القسم الأول

كتاب شعائر 6 - القسم الأول

نفحات