أعلام

أعلام

05/08/2013

المفضّل الجعفيّ

 


المفضّل الجعفيّ

الفقيه المحدِّث، من تلامذة الإمام الصّادق عليه السلام  

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ

 

* عاصر أربعة من الأئمّة، من الباقر إلى الرّضا عليهم السلام، وكان من أوثق تلامذة الإمام جعفر الصّادق عليه السلام ووكلائه والرُّواة عنه، وكان ممّن روى صريح النّصّ بالإمامة منه على الإمام الكاظم عليهما السلام.

* له مؤلّفات جليلة أشهرها (توحيد المفضّل)، ووصيتّه إلى أصحابه في شؤون عقائديّة وأخلاقيّة مختلفة.

* جاء في (موسوعة طبقات الفقهاء): «وكان مِن كبار العلماء، ومِن فقهاء الرُّواة، أخذ العلوم عن الامام أبي عبد الله الصّادق عليه السّلام، وروى عنه وعن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، ووقع في إسناد كثيرٍ من الرّوايات عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام تبلغ مائة وأحد عشر مورداً».

 

المفضّل بن عمر الجعفيّ الكوفيّ، ولد بالكوفة في نهاية القرن الأوّل، في أيّام الإمام محمّد الباقر عليه السّلام، كنيته أبو عبد الله، وقيل أبو محمّد. له ولد يدعى محمّد من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.

جاء في كتاب (الأنساب) للسّمعانيّ: «الجُعْفيّ: بضمّ الجيم وسكون العَين المهملة وفي آخرها الفاء، هذه النّسبة إلى القبيلة وهي جُعفيّ بن سعد العشيرة، وهو من مذْحِج، وكان وَفَد على النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في وفد جعفة في الأيام التّي توفّي فيها النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم..».

من روايات مدح الأئمّة للمفضّل

* عن هشام بن أحمد، قال: «دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أريد أنْ أسأله عن المفضّل بن عمر، وهو في ضيعة له في يومٍ شديد الحرّ، والعرقُ يَسيل على صدره، فابتدأني فقال: نعم والله الّذي لا إله إلَّا هو، المفضّل بن عمر الجعفيّ، حتّى أحصيتُ نيّفاً وثلاثين مرّة يقولها ويكرّرها..».

* عن ابن أبي عمير بإسناده، أنّ الشّيعة حين أحدثَ أبو الخطّاب ما أحدثَ، خرجوا إلى أبي عبد الله عليه السلام، فقالوا: «أقِمْ لنا رجلاً نفزع إليه في أمر ديننا وما نَحتاج إليه من الأحكام. قال عليه السّلام: لا تحتاجون إلى ذلك، متى ما احتاجَ أحدُكم، عرَجَ إليّ وسمع منّي ويَنصرف. فقالوا: لا بدّ. فقال عليه السّلام: قد أقمتُ عليكم المفضّل، اسمعوا منه واقبَلوا عنه، فإنّه لا يقول على الله وعليَّ إلّا الحقّ..».

* عن موسى بن بكير، قال: «كنتُ في خدمة أبي الحسن عليه السلام، ولم أكن أرى شيئاً يصل إليه إلّا من ناحية المفضّل بن عمر، ولربّما رأيتُ الرّجل يجيء بالشّيء فلا يقبله منه ويقول: أوصِلْه إلى المفضّل».

* عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ، قال: «كنتُ عند الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السلام إذ دخل المفضّل بن عمر، فلمّا بصُر به ضحك إليه، ثمّ قال: إليّ يا مفضّل، فوَربّي إنّي لأحبُّك وأحبُّ مَن يحبُّك، يا مفضّل! لو عرف جميعُ أصحابي ما تعرفُ ما اختلف اثنان».

* دخل الفَيض بن المختار على الإمام الصّادق عليه السلام، فقال: جعلني اللهُ فداك، ما هذا الاختلاف الّذي بين شيعتكم؟ قال عليه السّلام: وأيّ الاختلاف يا فيض؟ فقال له الفيض: إنّي لأجلس في حلَقهم بالكوفة، فأكاد أن أشكّ في اختلافهم في حديثهم، حتّى أرجع إلى المفضّل بن عمر، فيوقفُني من ذلك على ما تستريحُ إليه نفسي، ويطمئنُّ إليه قلبي. فقال أبو عبد الله عليه السّلام: أجل، هو كما ذكرتَ يا فيض.

أقوال العلماء بِحقّه

* الشّيخ المفيد، محمّد بن محمّد بن النّعمان (ت: 413 هجريّة)، عدّه في كتابه (الإرشاد) من شيوخ أصحاب الإمام الصّادق عليه السلام، بقوله: «.. فممّن روى صريح النّصّ بالإمامة من أبي عبد الله الصّادق عليه السّلام على ابنه أبي الحسن موسى عليه السّلام من شيوخ أصحاب أبي عبد الله وخاصّته، وبطانته، وثُقاته الفقهاء الصّالحين رضوان الله عليهم، المفضّلُ بنُ عمر الجعفيّ و".."».

* الشّيخ الطّوسيّ، محمّد بن الحسن (ت: 460 هجريّة)، عدَّهُ في كتابه (الغَيبة) مِن «الممدوحين».

* الشّيخ ابن شهرآشوب، محمّد بن عليّ (ت: 588 هجريّة)، عدّه في كتابه (مناقب آل أبي طالب) من الثّقات الّذين روَوا النّصّ على الإمام الكاظم بالإمامة من أبيه الإمام الصّادق عليهما السلام، فقال: «وروى صريح النّصّ عليه بالإمامة من أبيه ثقاتٌ، منهم: أخوه عليّ [عليّ بن الإمام جعفر الصّادق]، وإسحاق، والمفضَّل بن عمر الجعفيّ و".."».

* العلّامة المجلسيّ، محمّد باقر (ت:1111 هجريّة)، قال عنه وعن محمّد بن سنان: «يظهر من الأخبار الكثيرة علوّ قدرهما وجلالتهما».

* السّيّد صدر الدِّين العامليّ، محمّد بن صالح (ت: 1264 هجريّة)، في تعليقته على (رجال أبي عليّ)، قال: «مَن نظر في حديث المفضّل المشهور عن الصّادق عليه السّلام [كتاب التّوحيد] علِم أنّ ذلك الخطاب البليغ، والمعاني العجيبة، والألفاظ الغريبة، لا يخاطِب الإمامُ بها إلّا رجلاً عظيماً، جليلاً، كثيرَ العلم، زكيَّ الحسّ، أهلاً لتحمّل الأسرار الرّفيعة، والدّقائق البديعة. والرّجل عندي من عِظم الشّأن وجلالة القدر بمكان».

* الشّيخ حسين النّوريّ الطّبرسيّ (ت: 1320 هجريّة)، قال في كتابه (خاتمة المستدرك): «عندنا تَبَعاً لجملة من المحقّقين، [المفضّل] من أجلّاء الرّواة، وثقات الأئمّة الهداة عليهم السّلام». ثمّ أورد ما ذكره العلماء الأعلام من الرّوايات المادِحة للمفضّل، وقال معقّباً: «هذه جملة من الأخبار الّتي وقفتُ عليها في مدح المفضّل، بل جلالة قدره ونيابته، رواها مثلُ ثقة الإسلام الكلينيّ، ورئيس المحدّثين الصَّدُوق، والصّفّار، والشّيخ المفيد، وشيخ الطّائفة، وأبو عمر الكشّيّ في كتبهم، ".." فلا مجال للتّأمّل والتّشكيك فيها».

* الشّيخ محمّد حسين المظفّر (ت: 1381 هجريّة) في كتابه (الإمام الصّادق عليه السّلام): «أبو عبد الله، المفضّل بن عمر الجُعْفيّ الكوفيّ، روى عن الصّادق والكاظم عليهما السلام، وجمعَ من فواضل الخصال ما قلَّ أن يجمعَه سواه من فقهاء الرّواة وأعيان الثّقات، فهو قد جَمَع إلى العلم الجمّ، والفضل الغزير، والصَّلاح والوَرَع، الوكالةَ عن الإمامَين عليهما السلام، يجمع لهما حقوقَ الأموال، ويُصلح ما بين النّاس من أموالهما، ويُداري الضّعفاء امتثالاً لأمرهما، إلى غير هذا من كريم الصّفات، وكفى به نُبلاً ومعرفةً أن يعتمدا عليه في هذه المهمّة الكبرى، الّتي يَحتاجُ القائمُ بها إلى سعَةِ صدرٍ، وعلوِّ همّةٍ، وجدٍّ في قضاء حوائج إِخوانه، وإِيمانٍ كاملٍ، وإنّ أعماله لتَشهد بكفاءته للاعتماد، وقد جعله الصّادق وكيله ".." إلى أنْ وافاه القدَر المحتوم، وهو محمود السِّيرة، زكيّ السَّريرة».

* السّيّد أبو القاسم الخوئيّ (ت: 1412 هجريّة)، في كتابه (معجم رجال الحديث)، قال: «المفضّل بن عمر، جليل، ثقة».

ردّ التُّهم المنسوبة إليه

إنّ تأكيدَ غالبيّة العلماء والمحقّقين وثاقة المفضّل بن عمر الجعفيّ وصحّة اعتقاده، مردّه نسبةُ بعض المحدّثين الغلوّ والانحراف إليه، استناداً إلى بعض المرويّات الّتي فيها ذمّ له، ومن هؤلاء الّذين قالوا بانحرافه وفساد اعتقاده، الشّيخ أحمد بن عليّ النّجاشيّ (ت: 450 هجرية) في كتابه الرّجاليّ (فهرست أسماء مصنّفي الشّيعة) المعروف بـ (رجال النّجاشيّ)، والشّيخ أحمد بن الحسين المعروف بابن الغضائريّ، من أعلام القرن الخامس، في كتابه المعروف بـ (رجال ابن الغضائريّ).

وممّن ناقش في التّهم الواردة في الكتابَين المذكورين، الرّجاليّ الكبير والمرجع المعاصر السّيّد الخوئيّ قدّس سرّه في (معجم رجال الحديث)، حيث نقل الرّوايات المادحة ثمّ تلك الذّامّة، وقال: «والذي يَتَحصّل ممّا ذكرنا أنّ نسبة التّفويض والخطّابيّة إلى المفضّل بن عمر لم تثبت، فإنّ ذلك وإن تقدّم عن ابن الغضائريّ، إلّا أنّ نسبة الكتاب إليه لم تثبت ".."، وظاهر كلام الكِشِّيّ، وإن كان أنّ المفضّل كان مستقيماً ثمّ صار خطّابيّاً، إلّا أنّ هذا لا شاهدَ عليه، ويؤكّد ذلك كلام النّجاشيّ حيث قال: وقيل إنّه كان خطّابيّاً. فإنّه يُشعر بعدم ارتضائه، وأنّه قولٌ قالَه قائلٌ. وأمّا ما تقدّم من الرّوايات الواردة في ذمّه فلا يُعتدّ بما هو ضعيف السّند منها، نعم، إنّ ثلاث روايات منها تامّة السّند، إلّا أنّه لا بدّ من ردّ علمها إلى أهلها، فإنّها لا تقاوِم ما تقدّم من الرّوايات الكثيرة المتضافرة التي لا يبعُد دعوى العلم بصدورها من المعصومين إجمالاً، على أنّ فيها ما هو الصحيح سنداً، فلا بدّ من حملها على ما حملنا عليه ما ورد من الرّوايات في ذمّ زرارة، ومحمّد بن مسلم، ويزيد بن معاوية وأضرابهم. ويؤكد ذلك، أنّ الاختلاف إنّما هو في الرّوايات التي رُويت عن الصّادق عليه السّلام، وأمّا ما روي عن الكاظم والرضا عليهما السّلام فكلّها مادحة على ما تقدّم، وهذا يكشف عن أنّ القدح الصّادر عن الصّادق سّلام الله عليه إنّما كان لعلّة».

إلى أن يقول قدّس سرّه: «ويكفي في جلالة المفضّل تخصيصُ الإمام الصّادق عليه السّلام إيّاه بكتابه المعروف بـ(توحيد المفضّل)، وهو الذي سمّاه النّجاشيّ بكتاب (فكّر)، وفي ذلك دلالة واضحة على أنّ المفضّل كان من خواصّ أصحابه ومورد عنايته. أضف إلى ذلك ما تقدّم من توثيق الشّيخ المفيد إيّاه صريحاً، ومِن عدِّ الشيخ إيّاه من السّفراء الممدوحين، وأمّا ما ذكره النّجاشيّ من أنّه كان فاسد المذهب، مضطربُ الرّواية، لا يُعبأ به..».

وقال السّيّد محسن الأمين في (أعيان الشيعة): «اختلف أصحابنا في وثاقته وعدمها، بل في صحّة عقيدته وعدمها، ونُسب إلى الغلوّ، بل قيل: إنّه كان خطّابيّاً. فمَن زعم عدم وثاقته لم يَقبل روايته، ومَن زعم فساد عقيدته بالغلوّ تبرّأ منه ".." على أنّ الذي رجّحه المحقّقون من أصحابنا وثاقتُه وبراءتُه من الغلُوّ».

وقال محقّق كتاب (بحار الأنوار) في الهامش تعليقاً على قول الذّامّين للمفضّل بن عمر: «كيف يكون في أصحاب الأئمّة عليهم السّلام رجلٌ فاسد المذهب، كذّاب، غالٍ، مع أنّهم عليهم السّلام كانوا متوسّمين يعرفون كلّاً بسيماه، وحليته، وسريرته، وقد روي أنّهم كانوا يحجبون بعض شيعتهم عن الورود عليهم، لِفِسقه، أو فساد عقيدته، أو عدم تحرّجه عن الآثام. فكيف لم يحجبوا مفضّل بن عمر وأضرابَه الموصوفين بكذا وكذا، ولم يَلعنوهم، ولم يكذّبوهم، ولم يطردوهم؟! بل الظّاهر الحقّ أنّ مفضّل بن عمر الجعفيّ، وجابر بن يزيد الجعفيّ، ويونس بن ظبيان، وأضرابهم ممّن أَخذوا عن الصّادقَين عليهما السّلام كانوا صحيحي الاعتقاد، صالِحي الرّواية، صادقي اللّهجة، متحرّجين عن الكذب وسائر الآثام، غير أنّه قد كُذِب عليهم، وزِيد في رواياتهم، واختُلق عليهم، وإنّما أُتوا من قِبَل الغُلاة وأشباههم ممّن أرادوا أن يهدموا أساس المذهب، فكذبوا، وزادوا، واختلقوا أحاديث، ونسبوها إلى أصحاب الأئمّة الصّادقين نُصرة لمذهبهم، وترويجاً لمَرامهم الفاسد كما فعلت المُرجِئة والقَدَريّة، فوضعوا أحاديث ونسبوها إلى المعروفين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله».

 

الكتُب المنسوبة إليه

1-  (التّوحيد) المعروف بـ(توحيد المفضّل): وهو ما أملاه عليه الإمام الصّادق عليه السّلام، من بحوث توحيديّة، حيث ذكر فيها، عليه السّلام، من بدائع خلق الله تعالى وغرائب صُنعه، في الإنسان، والحيوان، والنّبات، والشّجر، وغير ذلك، ما يدلّ على قدرة الله تعالى في خلقه، وتدبيره، وإرادته، وأكثر ما اشتُهر المفضّل بهذا الكتاب، (انظر قراءة في كتاب من هذا العدد)، وقد سمّاه الشيخ النّجاشيّ كتاب (فكِّر)ـ حيث إنّ الإمام عليه السّلام كان يبدأ كلامه عند كلّ فصل بقوله: «فكِّر يا مُفَضّل».

2 -  (رسالة الإهليلجة): صرّح ابن شهرآشوب في (المعالم) أنّها من إملاء الإمام الصّادق عليه السّلام ومن تأليف المفضّل الجعفيّ. وقال الشّيخ الطّهرانيّ في (الذّريعة إلى تصانيف الشّيعة): «كتاب (الإهليلجة) في التّوحيد، رسالة من الإمام الصّادق أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السّلام، كتبها في جواب ما كتبه إليه المفضّل بن عمر الجعفيّ، يسأله فيه أن يكتب ردّاً على الملحدين المنكرين للرّبوبيّة، واحتجاجاً عليهم ".." ثمّ أورد عليه السّلام فيها مناظرته مع الطّبيب الهنديّ، واحتجاجه عليه بالتكلّم في الإهليلجة، أوردها العلّامة المجلسيّ في المجلّد الثّاني في التّوحيد من (البحار) مع الشّرح والبيان. وذكر في أوّل البحار توصية السّيّد ابن طاوس في (كشف المحجّة) وفي (أمان الأخطار) بعين عبارتهما بحمل هذا الكتاب في الأسفار، والنّظر والتفكّر فيه».

3 - كتاب (الصّراط) أو (معرفة الصّراط): يذكر السّيّد محمّد حسين الجلاليّ في (فهرس التّراث) أنّه رأى نسخة منه في المكتبة الوطنيّة بباريس، وصوّرها، وفي أوّلها: « بسم الله الرّحمن الرّحيم، كتاب الصّراط، تأليف المفضّل بن عمر، عمّر الله قلوبنا به ولسائر المؤمنين، وحسبي الله ونعم الوكيل، ربّ أنعمت فزدْ يا كريم".."».

4 – (الوصيّة): ذكر ابن شعبة الحرّانيّ في (تحف العقول عن آل الرّسول) وصيّة بعنوان (وصيّة المفضّل بن عمر لجماعة الشّيعة)، وممّا جاء فيها:

«أُوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وشهادة أن لا إله إلَّا الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، اتّقوا الله وقولوا قولًا معروفاً، وابتغوا رضوانَ الله، واخشَوا سخَطه، وحافظوا على سنّة الله، ولا تتعدَّوا حدود الله، وراقبوا الله في جميع أُموركم، وارضَوا بقضائه فيما لكم وعليكم.

عليكم بالفِقه في دين الله، والورعِ عن محارمه، وحسنِ الصُّحبةِ لمن صحِبَكم برّاً كان أو فاجراً.

ألا وعليكم بالورع الشّديد، فانّ مِلاك الدِّين الورع، صلّوا الصّلواتِ لمَواقيتها، وأدّوا الفرائضَ على حدودها.

ألا ولا تُقصّروا فيما فرض الله عليكم، وبما يرضى عنكم، فإنّي سمعتُ أبا عبد الله عليه السّلام يقول: تفقّهوا في دين الله ولا تكونوا أعراباً، فإنّه من لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يومَ القيامة.

عليكم بولاية آل محمّد صلّى الله عليه وآله، أصلحوا ذات بينِكم، ولا يغتبْ بعضُكم بعضاً، تزاوروا وتحابّوا، وليُحسنْ بعضْكم إلى بعض.

لا تغضبوا من الحقّ إذا قيل لكم، ولا تُبغضوا أهل الحقّ إذا صدعوكم به، فإنّ المؤمن لا يغضب من الحقّ إذا صُدِعَ به".."».

ونُسب للمفضّل كتابٌ في أعمال اليوم واللّيلة، وكتاب في علل الشّرائع.

من مرويّاته عن الإمام الصّادق عليه السّلام

ننقل في هذا المجال بعض ما أورد الشّيخ الكُلَينيّ في كتابه (الكافي)، بسنده المتّصل إلى المفضّل بن عمر في أبواب مختلفة:

* في باب رواية الكتب وفضل الكتابة: عن المفضّل بن عمر، قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله عليه السّلام: «اكْتُبْ وبُثَّ عِلْمَكَ فِي إِخْوَانِكَ، فَإِنْ مِتَّ فَأَوْرِثْ كُتُبَكَ بَنِيكَ، فَإِنَّه يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانُ هَرْجٍ لَا يَأْنَسُونَ فِيه إِلَّا بِكُتُبِهِمْ».

* في باب أنّ الأئمّة عليهم السّلام هم أركان الأرض: عن المفضّل بن عمر، عنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السّلام قَالَ: «مَا جَاءَ بِه عَلِيٌّ عليه السّلام آخُذُ بِه ومَا نَهَى عَنْه أَنْتَهِي عَنْه، جَرَى لَه مِنَ الْفَضْلِ مِثْلُ مَا جَرَى لِمُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وآله، ولِمُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وآله الْفَضْلُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ الله عَزَّ وجَلَّ، الْمُتَعَقِّبُ عَلَيْه فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِه كَالْمُتَعَقِّبِ عَلَى الله [عزّ وجلّ] وعَلَى رَسُولِه صلّى الله عليه وآله، والرَّادُّ عَلَيْه فِي صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِالله. كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السّلام بَابَ الله الَّذِي لَا يُؤْتَى إِلَّا مِنْه، وسَبِيلَه الَّذِي مَنْ سَلَكَ بِغَيْرِه هَلَكَ، وكَذَلِكَ يَجْرِي لِأَئِمَّةُ الْهُدَى وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ..».

* في باب النّصّ على الإمام الكاظم عليه السّلام من قِبل أبيه الإمام الصّادق عليه السّلام، ما يدلّ على مكانته عندهم عليهم السّلام: عنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السّلام فَدَخَلَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ [الإمام الكاظم عليه السّلام] وهُوَ غُلَامٌ، فَقَالَ: «اسْتَوْصِ بِه، وضَعْ أَمْرَه عِنْدَ مِنْ تَثِقُ بِه مِنْ أَصْحَابِكَ».

* في باب أخوّة المؤمنين بعضهم لبعض: عن المفضّل بن عمر، قَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السّلام: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ بَنُو أَبٍ وأُمٍّ، وإِذَا ضَرَبَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ عِرْقٌ سَهِرَ لَه الآخَرُونَ».

* في باب من آذى المسلمين واحتقرهم: عن المفضّل بن عمر، قَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السّلام: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ الصُّدُودُ لأَوْلِيَائِي؟ فَيَقُومُ قَوْمٌ لَيْسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ لَحْمٌ، فَيُقَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آذَوُا الْمُؤْمِنِينَ، ونَصَبُوا لَهُمْ، وعَانَدُوهُمْ، وعَنَّفُوهُمْ فِي دِينِهِمْ. ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ».

 

 

وفاته ومدفنه

لم تذكر المصادر ما يشير إلى تاريخ وفاة المفضّل ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثّاني الهجريّ، وتوفّي في أواخره، وكان قد تجاوز عمره الثّمانين سنة. ولمّا سمع الإمام الكاظم عليه السّلام بموته قال: «رحمه الله، كان الوالد بعد الوالد، أما أنّه قد استراح».

يقول الشّيخ كاظم المظفّر في تقديمه على كتاب (توحيد المفضّل): «ومن المؤكّد أنّ المفضّل توفّي، وهو لم يكن بطوس ولا ببغداد، وإنّما كان بالكوفة، فإنّها كانت مسقط رأسه، وبها كان وكيلاً من قبل الإمامين الصّادق والكاظم، وكان المفضّل حيّاً حتّى سنة 183 للهجرة».

 

 

اخبار مرتبطة

  أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

05/08/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات