بسملة

بسملة

03/09/2013

وحدةُ الأمّة والعالَمِين


 

وحدةُ الأمّة والعالَمِين

§        الشّيخ حسين كوراني

 

الحجُّ تعزيزُ توحيدِ الله تعالى، وتظهير وحدة الأمّة في صراط توحيد العالَمِين وجمْع شملِهم والكلمة، وائتلاف الفُرقة، لتتجلّى منظومة الخلْق الواحدة، التي باعدتْ بينها الأهواء، كما تُباعِد بين أفراد العائلة الواحدة.

تعزيزُ التّوحيد: تدبُّرٌ وتفكيرٌ وتعمّقٌ يحرّر من أَسْر الكَثَرات والأرباب المتفرّقين والأهواء المُتشاكسة لينتظمَ القلب في خطّ العقل وتتحقّق وحدةُ الفرد بعد الانفصام والتّشظّي والفؤاد الهواء والعين التي لا تُبصر، والأُذُن التي إنْ سمعتْ، لا يتّبع صاحبُها أحسنَ القول؛ تشدُّه تعلّقاتُ الأهواء إلى الهَوى – الباطل، بألف وثاق.

تعزيزُ التّوحيد: يقظةُ العقل بعد سُباتِه. «نعوذُ بالله من سُبات العقل وقُبْحِ الزَّلَل- قال عليٌّ عليه السّلام، وعيُ الوجودِ كما يَعِي ما حولَه مَن أفاق من إغماء، أو نشطَ من عقال أو أبلَّ من مرض. وصولٌ بعد التّيه المُطبق، والضّربِ بعيداً في مهاوي القفار والرّدَى.

 

الحجّ تعزيزُ توحيد الله تعالى، وتظهيرُ وحدة

الأمّة في صراط توحيد العالَمِين

 

* تظهيرُ وحدة الأمّة: حين كان أمير الحجّ محمّديّاً كنّا نحجّ أمّة. أصرّتِ الأهواء عبر «الاستبداد»، و«المُلك العَضُوض» على إحلال الغرائزيّة والميول والتّعلّقات محلّ العقلانيّة وثقافة القانون الإلهيّ. الكَثَرات بدلاً من التّوحيد. آلَ الأمرُ إلى تجزئة الحَجيج وتمزيقِهم، وصِرنا نحجُّ وحداناً وزرافات. رأسُ الفساد هي الأهواء. «حبُّ الدّنيا رأسُ كلِّ خطيئة».

الأُمم على شاكلة أفرادها. بين حجّ الفرد وحجّ الأمّة أبعد ممّا بين حجّ الأمّة وحجّ العالمِين. الوجه الآخر لهذه الحقيقة أنّ المدخل الحصريّ إلى «حجّ الأمّة» هو الحجّ النّصوح يؤدّيه الفرد. «الحجُّ الإبراهيميّ» الذي يعزّز توحيدَ الله واليقينَ العقائديّ، والبحث عن «السِّرب» و«الجماعة» عن «حجّ الأمّة».

***

قواعدُ الحجّ الإبراهيميّ، البراءةُ والهجرة، والولايةُ، والصّلاةُ، وخدمةُ النّاس.

البراءة والهجرة: ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ العنكبوت:17. ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ.. مريم:48.

الولاية: ﴿..إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا.. البقرة:124. ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا مريم:49-50.

الصّلاة: ﴿..لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ.. إبراهيم:37، مدخلاً إلى تثبيت البراءة والولاية، وخدمة النّاس بمعناها الآتي.

خدمة النّاس: في أبعاد الثّقافة والفكر، والسّياسة، والجهاد، والحريّة، والعيش الكريم، لإتاحة الفرصة للعبادة ﴿..لِيَعْبُدُونِالذّاريات:56.

وأذِّن في النّاس بالحَجّ. ﴿..فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ إبراهيم:37.

«بابُ السّلام» إلى هذه القواعد، تصحيحُ النّيّة والقَصد، ليقتربَ القلبُ من حَرَمِ التّوحيد. «قربةً إلى الله».

 

 

«بابُ السّلام» إلى «الحجّ الإبراهيميّ»،

تصحيحُ النّيّة والقَصد، ليقتربَ القلبُ

من حَرَم التّوحيد. «قربةً إلى الله».

 

***

لا قُربَ بدون نيّة وقصد وحركة ودوام السّير والسّفر، ولا سلامةَ في السّفر بدون الزّاد والرّاحلة والقافلة، والمُستطاع من القوّتَين العلميّة والعمليّة النّظريّة والتّطبيق. ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ.. الأنفال:60.

لا قُربَ بدون بُعد. مَن اقتربَ من جهة ابتعدَ عن خلافِها. من هنا كانت البراءةُ أُولى القواعد الحَنيفيّة. لا قُربَ من حَرَم التّوحيد إلّا بتَرْكِ الأرباب المُتشاكسين وما يعبدون من دون الله ليتنفّسَ فجرُ الهجرة وتبدأ التّرجمة العمليّة للبراءة في أُولى المراحل والتّجلّيّات.

***

حين دعا الإمامُ الخمينيّ إلى مسيرة البراءة في مكّة، كان يؤذِّنُ في الأمّة بالعودة إلى الحجّ الإبراهيميّ. حجّ الفرد المتحرّر من أَسْرِ الطّواغيت والملأ والمُترَفين، المتّصلِ ببحرِ الأمّة والعالَمين.

وعندما أعلن الإمام الخمينيّ يومَ القدس العالميّ كان يؤسِّسُ لحقيقة تماهي القِبلتَين؛ أقصى القوم والجهاد، قطعُ دابرِ الطّواغيت عن القدس وما حولَها، لينتظمَ حجُّ الفرد والأمّة ووحدةُ العالَمِين.

 

 

«البراءة من الطّواغيت» محور هذه الثّلاثيّة الخمينيّة الكَونيّة:

مسيرةُ البراءة. يومُ القدسِ العالميّ. حركةُ المستضعفين.

وحين دعا الإمامُ إلى تأسيس «حركة المستضعفين» كان يُلفت الأجيالَ إلى عالميّة مفهوم النّاس الذين وُضع البيتُ «مثابةً لهم وأمناً».

«البراءةُ من الطّواغيت» محورُ هذه الثّلاثيّة الخمينيّة الكونيّة.

 لَئِنْ تمكّنت الوهابيّة -وتكفيريّو ساحلها- من عَرْقلة مسيرة البَراءة فإنّها لم تتمكّن من النّيل من روحها. وهجُ تحرير فلسطين خيرُ دليل.

بات التّحالف الأمويّ - الوهابيّ، والصّهيونيّ والمادّيّ، في قلب المأزق. تخرّصَ أنّ بالإمكان محاصرة عالميّة التّجديد الخمينيّ للأذان الإبراهيميّ - المحمّديّ. أمعنَ في الاستكبار والتّفَرعُن. آنَ له أن يدركَ أنَّ حجّ الأمّة قطعَ أشواطاً قياسيّةً في زمنٍ قياسيّ. عالميّةُ الأُسرة الواحدة -لا العَولَمة المفترِسة- هي النّظامُ الدّوليّ الجديد. فَلْنَعرفْ كيف نحجّ مع وليّ الأمر وأمير الحاجّ والحجّ، ولنُدرك بعيدَ مرامي: ﴿تبت يدا أبي لهب وتب المسد:1.

 

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

05/09/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات