صاحب الأمر

صاحب الأمر

02/10/2013

الحجّ، والطّواف نيابةً عن المعصوم


الحجّ، والطّواف نيابةً عن المعصوم

«استَكثِر من هذا، فإنّه أفضل ما أنتَ عامِله»

______الفقيه العارف السّيّد محمّد تقيّ الأصفهانيّ قدّس سرّه______

·   حول عظيم فضل النّيابة في الحجّ والطّواف عن الإمام عليه السلام، وعن المعصومين الأربعة عشر جميعاً عليهم صلوات الله تعالى وسلامه، أورد صاحب كتاب (مكيال المكارم..) المؤلّف بأمرِ إمام الزّمان عليه السلام في المنام، العديد من الرّوايات حول ذلك وتعرّض لفقهها ودلالاتها.

·        تقدّم «شعائر» هذه المكارم ليَتحلّى بها مَن أمكنه من حجّاج بيت الله الحرام، ونسألُهم الدّعاء.

 

استحباب الحجّ نيابةً عن المؤمنين مطلقاً: في (الكافي) عن أبي عبد الله (الصّادق) عليه السلام، قال: «قلت له عليه السّلام: الرّجل يحجّ عن آخَرٍ ما له من الأجر والثّواب؟ قال عليه السّلام: للّذي يحجّ عن رجلٍ أجرُ وثوابُ عشر حجج».

- وروى الصَّدوق في (الفقيه) عن الصّادق عليه السلام، سُئل عن الرّجل يحجّ عن آخَر، أَلَهُ من الأجر والثّواب شيء؟ فقال عليه السّلام: «للّذي يحجّ عن الرّجل أجر وثواب عشر حجج، ويُغفَر له ولأبيه، ولأُمّه، ولابنه، ولابنته، ولأخيه، ولأخته، ولعمّه، ولعمّته، ولخاله، ولخالته، إنَّ الله تعالى واسع كريم».

دلَّ هذان الحديثان وغيرهما ممّا لم نذكره طلباً للاختصار على استحباب النّيابة في الحجّ عن المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات خصوصاً إذا كانوا من ذوي القرابات، فالنّيابة فيه عن مولانا صاحب الزّمان، أعظمُ قدراً وأفضلُ أجراً، لأنّه أعظم أهل الإيمان قدراً وأفضلهم شأناً وأجراً، خصوصاً بملاحظة ما قدّمناه من الرّوايات المصرِّحة، بأنّ رعاية قرابة الرّسول صلّى الله عليه وآله أهمّ وأفضل، وأعظم."..".

* ومن (الروايات) ما دلّ على بعث (الأئمة) عليهم السّلام النّائب إلى مكّة ليحجّ عنهم، وإعطائهم الأجرة، فيظهر من ذلك حُسنُ النّيابة فيه عن الإمام الحيّ عليه السّلام، للجزم بعدم الخصوصيّة في بعضهم عليهم السّلام في هذا الحكم، وعدم خصوصيّته في كون النّيابة بأجرة، بل المتبرّع بذلك أفضل قدراً وأعظم أجراً كما لا يخفى.

- روى في (الوسائل) عن (تهذيب) الشّيخ بإسناده عن محمّد بن عيسى اليقطينيّ قال: «بعث إليّ أبو الحسن الرّضا عليه السلام رزم ثيابٍ، وغلماناً، وحجّة لي، وحجّة لأخي موسى بن عبيد، وحجّة ليونس بن عبد الرّحمن، وأَمَرَنا أن نحجّ عنه فكانت بيننا مائة دينار أثلاثاً بيننا»، الحديث.

- ومنها في (الكافي) بإسناده عن موسى بن القاسم البجليّ، قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: يا سيِّدي إنّي أرجو أن أصوم بالمدينة شهر رمضان، فقال: تصوم بها إنْ شاء اللهُ، قلت: وأرجو أن يكون خروجنا في عشر من شوّال، وقد عوَّد الله زيارة رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل بيته، وزيارتك، فربّما حججتُ عن أبيك، وربّما حججتُ عن أبي، وربّما حججتُ عن الرّجل من إخواني، وربّما حججتُ عن نفسي، فكيف أصنع؟ فقال عليه السّلام: تمتّع، قلت: إنِّي مقيم بمكّة منذ عشر سنين، فقال عليه السّلام: تمتّع».

أقول: الاستشهاد للمطلوب بهذا الحديث في موضعَين.

أحدهما: قول الرّاوي: ربّما حجَجْتُ عن أبيك. وتقرير الإمام له على ذلك بضميمة الإطلاقات الدّالّة على عدم الفرق في النّيابة عن الحيّ والميت، فإذا تحقّق رجحان النّيابة في الحجّ عن الإمام الماضي، ثبت الرّجحان للنّيابة عن الإمام الحيّ صلوات الله عليه.

والثّاني: تقرير الإمام لقول الرّاوي: ربّما حججتُ عن الرّجل من إخواني. فإنّه يدلّ على رجحان هذا العمل، إذاً كان عن إمام زمانه بنحوٍ أوْفى، وطريقٍ أوْلى.

ومنها: ما ذكره القطب الرّاونديّ رضي الله عنه في (الخرائج والجرائح) قال: إنَّ أبا محمّد الدّعلجيّ كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا وكان قد سمعَ الأحاديث، وكان أحد ولدَيه على الطّريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن وكان يغسل الأموات، وولدٌ آخر يسلكُ مسالك الأحداث في فعلِ الحرام، وكان قد دَفع إلى أبي محمّد حجّة يحجّ بها عن صاحب الزّمان عليه السلام، وكان ذلك عادة الشّيعة يومئذٍ، فدفع إلى ولده المذكور بالفساد شيئاً منها وخرج إلى الحجّ. فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفاً بالموقف فرأى إلى جانبه شابّاً حسن الوجه أسمر اللّون بذؤابتَين، مقبلاً على شأنه في الابتهال والدُّعاء، والتّضرُّع وحُسن العمل. فلمّا قربَ نفرُ النّاس التفتَ إليّ، وقال: يا شيخ أما تستحي؟ فقلتُ: من أيِّ شيءٍ يا سيِّدي؟ قال: يدفع إليك حجّة عمّن تعلم، فتَدفع منها إلى فاسقٍ يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك، وأومى إلى عيني، وأنا من ذلك اليوم على وَجَلٍ ومخافةٍ، وسمع أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النّعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده، حتّى خرج في عينه الّتي أوْمى إليها قرحة، فذهبَت.

أقول: ينبغي التّدبُّر في هذا الحديث من أوّله إلى آخره، ففيه فوائد جمّة ومطالب مهمّة.

منها: إخباره عليه السّلام بالغَيب.

ومنها: الاهتمام في الوجوه الرّاجعة إلى الإمام، بأن لا يعطيها إلَّا الصّالحين من الأنام، فإنَّ الظّاهر من الحديث المذكور من بدئه إلى الختام، أنَّ أبا محمّد أَعطى مِن وجهِ الحجّة المذكورة شيئاً إلى ولدِه المُقارِف للآثام، لا أنّه أعطاه الحجّة، كما زَعمهُ بعض الأعلام، فتدبّر فيه حتّى يتّضح لك المرام.

ومنها: سرعة عقوبة المؤمن على فعله ما لا ينبغي من الأعمال، وأنّ هذا لطفٌ إليه من الخالق المُتعال.

ومنها: تقريره عليه الصّلاة والسّلام نيابة عنه عليه السّلام، وكذا بعثُ النّائب ليحجَّ عنه، عليه الصّلاة والسّلام كما لا يخفى. وممّا يُستأنَس منه استحباب النّيابة في الحجّ عن الإمام عليه السلام وبعثِ النّائب ليحجّ عنه، الرّوايات الدّالّة على استحباب الطّواف عنهم عليهم السّلام، فاستَمِع لِما يُتلى عليك، أحسَنَ اللهُ تعالى إلينا وإليك.

في الطّواف نيابة عنه عليه السّلام

بعدما أثبتنا استحباب الطّواف نيابةً عنه، فاستحبابُ بعثِ النّائب ليَطوف عنه واضح، لأنّه مودّةٌ وإحسانٌ، مضافاً إلى أنّه مقدّمة للطّواف بنيابته عليه السلام فيَحكم العقلُ بِحُسنه، ورَجَحانه للأنام. ويدلّ عليه أيضاً فحوَى ما دلَّ على استحبابِ بعثِ النّائب ليحجّ عنه صلوات الله عليه، بل يمكن أن يُقال: لمّا ثَبتَ رجحانُ أصلِ العمل، فشرطيّة المباشرة منفيّة بالأصل، وإنْ كان لو باشرَهُ المؤمنُ بنفسه أدرك مرتبةً عاليةً من الفضل.

- وأمّا ما يدلّ على استحباب الطّواف عن الإمام الحيّ خصوصاً، فما رواه ثقة الإسلام الكلينيّ في (الكافي) بإسناده عن موسى بن القاسم، قال: «قلتُ لأبي جعفر الثاني عليه السلام: قد أردتُ أن أطوف عنك، وعن أبيك، فقيل لي إنّ الأوصياء لا يُطاف عنهم، فقال عليه السّلام لي: بل طفْ ما أمكَنَك، فإنَّ ذلك جائزٌ.

ثمّ قلتُ له بعد ذلك بثلاث سنين: إنّي كنت استأذنتُكَ في الطّواف عنك وعن أبيك فأذنتَ لي في ذلك، فطفتُ عنكما ما شاء الله، ثمّ وَقع في قلبي شيءٌ، فعملتُ به، قال: وما هو؟ قلتُ: طفتُ يوماً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال عليه السَّلام ثلاث مرات: صلّى اللهُ على رسول الله. ثمّ اليوم الثّاني عن أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ طفتُ اليوم الثّالث عن الحسن، والرّابع عن الحسين، والخامس عن عليّ بن الحسين، والسّادس عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، واليوم السّابع عن جعفر بن محمّد، واليوم الثّامن عن أبيك موسى، واليوم التّاسع عن أبيك عليّ، واليوم العاشر عنك يا سيّدي، وهؤلاء الّذين أُدين الله بولايتهم، فقال: إذاً والله تدين الله بالدِّين الّذي لا يُقبَل من العباد غيره. قلت وربّما طفتُ عن أمّك فاطمة وربّما لم أطف، فقال عليه السّلام: استَكثِر من هذا، فإنّه أفضل ما أنت عامله إنْ شاء الله».

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

03/10/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات