أحسن الحديث

أحسن الحديث

02/11/2013

سورةُ «الزّخرف»


موجز في التّفسير

سورةُ «الزّخرف»

ـــــ إعداد: سليمان بيضون  ـــــ

* السُّورة الثّالثة والأربعون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة «الشّورى».

* آياتُها تسعٌ وثمانون، وهي مكّيّة، من أدمَن قراءتها آمَنَهُ اللهُ تعالى في قبره من هوامّ الأرض، وضغطة القبر، ثمّ تُدخله الجنّة.

* سُمِّيتْ بـ «الزّخرف» لقوله عزّ وجلّ ﴿وَزُخْرُفاً..﴾ في الآية الخامسة والثّلاثين منها.

 

«الزُّخْرفُ»: الذّهب، ثمّ سُمِّي كلُّ زِينةٍ زُخْرُفا،ً ثمّ شُبِّه كلُّ مُمَوَّهٍ مُزَوَّرٍ به. وزَخْرَفَ البيت زَخْرَفَةً: زَيَّنَه وأَكْمَلَه. وكلُّ ما زُوِّقَ وزُيِّنَ، فقد زُخْرِفَ. (لسان العرب - بتصرّف)

محتوى السّورة

«تفسير الميزان»: سورةُ الزّخرف موضوعةٌ للإنذار كما تشهد به فاتحتُها وخاتمتُها، والمقاصد المتخلّلة بينهما، إلّا ما في قوله: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الزّخرف: 67-68، إلى تمام ستّ آياتٍ استطراديّة.

تَذكرُ [السّورة] أنّ السّنّة الإلهيّة إنزالُ الذِّكر وإرسالُ الأنبياء والرُّسل، ولا يصدّه عن ذلك إسراف النّاس في قولهم وفعلهم، بل يرسل الأنبياء والرّسل ويهلك المستهزئين بهم والمكذّبين لهم، ثمّ يسوقهم إلى نارٍ خالدة. وقد ذَكَرت [السّورة] إرسال الأنبياء بالإجمال أوّلاً، ثمّ سُمّي منهم إبراهيم، ثمّ موسى، ثمّ عيسى عليهم السلام، وذكرتْ من إسراف الكفّار أشياء، ومن عُمدتها قولُهم بأنّ لله سبحانه ولداً، وأنّ الملائكة بنات الله. ففيها عناية خاصّة بنَفي الولد عنه تعالى، فكرّرتْ ذلك، وردّتْه، وأوعدتْهم بالعذاب. وفيها حقائق متفرّقة أُخَرَ.

«تفسير الأمثل»: إنّ طبيعة السّور المكّيّة -والّتي تدور غالباً حول محور العقائد الإسلاميّة؛ من المبدأ، والمعاد، والنّبوّة، والقرآن، والإنذار، والتّبشير- منعكسةٌ ومتجلّية في سورة «الزّخرف». ويمكن تلخيص مباحثها بصورةٍ موجزة  في سبعة فصول:

الفصل الأوّل: هو بداية السّورة، ويتحدّث عن أهمّية القرآن المجيد، ونبوّة نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآله، ومواجهة المشركين لهذا الكتاب السّماويّ.

الفصل الثّاني: يذكر قِسماً من أدلّة التّوحيد في الآفاق، ونِعَم الله المختلفة على البشر.

الفصل الثّالث: يكمل هذه الحقيقة عن طريق محاربة الشّرك، ونفي ما يُنسب إلى الله عزّ وجلّ من الأقاويل الباطلة، ومحاربة التّقاليد العمياء، والخرافات والأساطير، كالتّشاؤم من البنات، أو الاعتقاد بأنّ الملائكة بنات الله عزّ وجلّ.

الفصل الرّابع: ينقل جانباً من قصص الأنبياء الماضين وأُمَمِهم، وتاريخهم، لتجسيد هذه الحقائق، مع إبراز حياة إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام بصورةٍ خاصّة.

الفصل الخامس: يتعرّض لمسألة المعاد، وجزاء المؤمنين، ومصير الكفّار المشؤوم، ويحذّر المجرمين، ويهدّدهم بتهديداتٍ وتحذيراتٍ وإنذاراتٍ قويّة.

الفصل السّادس: هو من أهمّ فصول هذه السّورة، ويتناول القِيَم الباطلة الّتي كانت ولا تزال حاكمة على أفكار الأشخاص المادّيّين، ووقوعهم في مختلف الاشتباهات حينما يُقيّمون مسائل الحياة ويزنونها بالميزان الدّنيويّ، حتّى أنّهم كانوا يتوقّعون أن ينزل القرآن الكريم على رجلٍ غنيٍّ عظيم الثّراء، لأنّهم كانوا يعدّون قيمة الإنسان في ثرائه! لهذا نرى القرآن في آياتٍ عديدةٍ من هذه السّورة يهاجم هذا النّمط من التّفكير السّاذج والجاهل ويحاربه، ويوضح المُثل الإسلاميّة والإنسانيّة السّامية.

الفصل السّابع: هو فصل المواعظ والنّصائح العميقة المؤثّرة، حيث يكمّل الفصول الأُخَرَ، ليجعل من مجموع آيات السّورة دواءً شافياً تماماً، يترك أقوى الأَثَر في نفس السّامع.

ثواب تلاوتها

«مجمع البيان»: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأ سورةَ (الزّخرف)، كان ممّن يُقالُ له يومَ القيامة: يا عبادِ لا خوفٌ عليكم اليومَ ولا أنتم تحزنون، ادخلوا الجنّةَ بغير حساب».

 «ثواب الأعمال»: عن الإمام الباقر عليه السلام: «مَن أدمنَ قراءةَ (حم الزّخرف)، آمنَهُ اللهُ في قبره من هوامِّ الأرض، وضغطةِ القبر، حتّى يقفَ بين يدَي الله عزّ وجلّ، ثمّ جاءتْ حتّى تُدخلَه الجنّةَ بأمرِ الله تبارك وتعالى».

 

تفسير آياتٍ منها

بعد ذكر الآية الكريمة، نوردُ ما رُويَ من الحديث الشّريف في تفسيرها نقلاً عن (تفسير نور الثّقلين) للمحدّث الشّيخ عبد عليّ الحويزيّ رضوان الله عليه.

قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ الزّخرف:4.  

* الإمام الصّادق عليه السلام: «هو أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه».

* سئل الإمام الرّضا عليه السلام: أين ذُكِر عليٍّ عليه السلام في أمّ الكتاب؟ فقال: «في قوله سبحانه

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، هو عليٌّ عليه السّلام».

قوله تعالى: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ الزخرف:13.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «ذكرُ النّعمة أن تقول: الحمدُ لله الذي هدانا للإسلام، وعلّمَنا القرآن، ومنَّ علينا بمحمّدٍ صلّى الله عليه وآله. وتقول بعده: سبحان الّذي سخّر لنا هذا..».

قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ.. الزخرف:28.

* الإمام السّجّاد عليه السلام: «فينا نزلت هذه الآية ".." والإمامةُ في عقِب الحسين عليه السّلام إلى يوم القيامة».

* سُئل الإمام الصّادق عليه السلام كيف صارت [الإمامة] في ولد الحسين عليه السلام دون ولد الحسن عليه السلام؟ فقال: «إنّ موسى وهارون كانا نبيَّين ومرسلَين أخوَين، فجعل اللهُ النّبوّةَ في صُلب هارون دون صلب موسى ".." هو الحكيمُ في أفعاله، لا يُسأل عمّا يفعلُ وهم يُسألون».

قوله تعالى: ﴿..نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ.. الزخرف:32.

* رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يا معشرَ المساكين! طِيبوا نفساً وأعطوا اللهَ الرّضا من قلوبكم يُثبْكم اللهُ عزّ وجلّ على فَقركم، فإنْ لم تفعلوا فلا ثوابَ لكم».

قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ الزخرف:44.

الإمام الصّادق عليه السلام: «الذّكرُ القرآن، ونحن قومُه، ونحن المسؤولون».

قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا.. الزخرف:45.

أمير المؤمنين عليه السلام: «وأمّا قولُه ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا..فهذا من براهين نبيّنا صلّى الله عليه وآله الّتي آتاه اللهُ إيّاها، وأوجب به الحجّةَ على سائر خلقه، لأنّه لمّا خَتَم به الأنبياء، وجعلهُ اللهُ رسولاً إلى جميع الأمُم وسائر المِلل، خصّه بالارتقاءِ إلى السّماء عند المعراج، وجَمَع له يومئذٍ الأنبياء، فعلِم منهم ما أُرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه. فأقرّوا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحُجج في الأرض من بعده، وفضلِ شيعة وصيّه من المؤمنين والمؤمنات، الذين سلّموا لأهل الفضل فضلَهم ولم يستكبروا عن أمرهم، وعرف من أطاعهم وعصاهم من أُمَمهم وسائرِ من مضى ومن غبر أو تقدّم أو تأخّر».

قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ.. الزّخرف:55.

الإمام الصّادق عليه السلام: «إنّ الله تبارك وتعالى لا يأسفُ كأسفنا، ولكنّه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضَون، وهم مخلوقون مدبّرون، فجعل رضاهم لنفسه رضًى، وسخطَهم لنفسه سخطاً، وذلك لأنّه جعلهم الدّعاةَ إليه والأدلّاء عليه، فلذلك صاروا كذلك ".." ولو كان يصل إلى المكوِّن الأسفُ والضّجر -وهو الذي أحدثهما وأنشأهما- لجاز لقائلٍ أن يقول: إنّ المكوِّن يَبيدُ يوماً، لأنّه إذا دخله الضّجرُ والغضبُ دخله التّغيير، فإذا دخله التّغيير لم يؤمَن عليه الإبادة، ولو كان ذلك كذلك لم يُعرف المكوِّن من المكوَّن، ولا القادرُ من المقدور، ولا الخالقُ من المخلوقين، تعالى الله عن هذا القول علوّاً كبيراً، هو الخالقُ للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجةٍ استحالَ الحدُّ والكيفُ فيه..».

قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ الزخرف:74-75.

أمير المؤمنين عليه السّلام: «وأمّا أهلُ النّار، فخلّدَهم في النّار وأوثقَ منهم الأقدام، وغلَّ منهم الأيدي إلى الأعناق، وألبسَ أجسادَهم سرابيلَ القَطِران، وقُطِّعتْ لهم منها مقطّعاتٌ من النّار، هم في عذابٍ قد اشتدّ حرُّه، ونارٍ قد أُطبِق على أهلِها، فلا يُفتحُ عنهم أبداً، ولا يدخلُ عليهم ريحٌ أبداً، ولا ينقضي منهم عمرٌ أبداً. العذابُ أبداً شديدٌ والعقابُ أبداً جديدٌ، لا الدّارُ زائلةٌ فتَفنى، ولا آجالُ القوم تُقضى».

قوله تعالى: ﴿..إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الزخرف:86.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «القضاةُ أربعة، ثلاثةٌ في النّار وواحدٌ في الجنّة: رجلٌ قضى بجَورٍ وهو يعلمُ أنّه جَورٌ فهو في النّار، ورجلٌ قضى بجورٍ وهو لا يعلمُ أنّه جَورٌ فهو في النّار، ورجلٌ قضى بالحقِّ وهو لا يعلمُ فهو في النّار، ورجلٌ قضى بالحقِّ وهو يعلمُ فهو في الجنّة».

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

04/11/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات