أحسن الحديث

أحسن الحديث

30/12/2013

سورةُ «الجاثية»


موجز في التّفسير

سورةُ «الجاثية»

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ

* السُّورة الخامسة والأربعون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة «الدّخان».

* آياتُها سبعٌ وثلاثون، وهي مكّيّة، وفي الرّوايات أنّ من قرأها «سَتَرَ اللهُ عورَتَه، وسكّن روعتَه عند الحساب»، «وكان مع محمّدٍ صلّى الله عليه وآله».

* سُمِّيتْ بـ «الجاثية» لقوله عزّ وجلّ ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا.. في الآية الثّامنة والعشرين منها.

 

سادس السّور «الحواميم» السّبع، وهي سُوَرٌ متتالية نزلت جميعها في مكّة، تبدأ بقوله تعالى ﴿حم، وهي: غافر أو المؤمن، وفصّلت، والشّورى، والزّخرف، والدّخان، والجاثية، والأحقاف. وقد ورد عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله، قولُه: «الحواميم سبع، وأبوابُ جهنَّم سبع، تَجيءُ كلُّ حاميم منها فتقف على بابٍ من هذه الأبواب، تقول: أللَّهمّ لا تُدخِل من هذا الباب مَن كان يؤمنُ بي ويقرأُني».

و«الجاثية» من «الجثوّ»، وهي إشارة إلى وضعِ كثير من النّاس في ساحة القيامة، وتعني كونَ المرء على حالةٍ بين القيامِ والقعود، وهي هيئة تدلّ على الانتظار والتّرقُّب وفقدان الاطمئنان، لِمَن لم يتعيَّن له تكليف، ولا ثواب، ولا عقاب، وهو ينتظر صدورَ الحكمِ في حقّه.

هدف السُّورة

«تفسير الميزان»: غرَض السّورة دعوةٌ عامّة للإنذار، تفتتحُ بآيات الوحدانيّة، ثمّ تذكر تشريع الشّريعة للنّبيّ صلّى الله عليه وآله، وتشير إلى لزوم اتّباعها له ولغيره بما أنّ أَمامهم يوماً يُحاسَبون فيه على أعمالهم الصّالحة؛ من الإيمان، واتّباع الشّريعة، واجتراحهم السّيِّئات بالإعراض عن الدّين. ثمّ تذكر ما سيجري على الفريقَين في ذلك اليوم، وهو يوم القيامة. وفي خلال مقاصدها إنذارٌ ووعيدٌ شديدٌ للمستكبرين المُعرِضين عن آيات الله، والذين اتّخذوا إلههم هواهم وأَضلَّهُم اللهُ على علم. ومن طرائف مطالبها بيانُ معنى كتابة الأعمال واستنساخها.

محتوى السُّورة

«تفسير الأمثل»: نزلت هذه السّورة في وقتٍ كانت المواجهة بين المسلمين ومشركي مكّة قد اشتدّت وطغت على الأجواءِ الاجتماعيّةِ في مكّة، ولذلك فإنّها أكّدت المسائل المتعلّقة بالتّوحيد، ومحاربة الشّرك، وتهديد الظّالمين بمحكمة القيامة، والتّنبيه إلى كتابة الأعمال وتسجيلها، وكذلك التّنبيه إلى عاقبة الأقوام المتمرِّدين الماضين. ويمكن تلخيص محتوى هذه السّورة في سبعة فصول:

* الأوّل: بيانُ عظَمة القرآن المجيد وأهمّيته.

* الثّاني: بيانُ جانبٍ من دلائل التّوحيد أمام المشركين.

* الثّالث: ذكرُ بعض ادّعاءات الدّهريّين، والرّدّ عليها بجوابٍ قاطع.

* الرّابع: إشارة وجيزة إلى عاقبة بعض الأقوام الماضين -كبني إسرائيل– كشاهدٍ على مباحث هذه السّورة.

* الخامس: تهديد الضّالّين المُصرّين على عقائدهم المنحرفة والمتعصِّبين لها، تهديداً شديداً.

* السّادس: الدّعوة إلى العفو والصّفح، لكنّ مع الحزم وعدم الانحراف عن طريق الحقّ.

* السّابع: الإشارات البليغة المعبّرة إلى مشاهد القيامة المهولة، وخاصّة صحيفة الأعمال الّتي تشتمل على كلّ أعمال الإنسان دون زيادةٍ أو نقصان.

وتبدأ هذه السّورة بصفات وأسماء الله عزّ وجلّ العظيمة؛ كالعزيز، والحكيم، وتنتهي بها أيضاً.

ثوابُ تلاوتها

عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأ حاميم الجاثية سَتَرَ اللهُ عورَتَه، وسكّنَ رَوْعَتَه عند الحساب».

وعن الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَن قرأ سورة الجاثية كان ثوابَها أنْ لا يرى النّار أبداً، ولا يسمع زفير جهنّم ولا شهيقَها، وهو مع محمّدٍ صلّى الله عليه وآله».

تفسيرُ آياتٍ منها

بعد ذكر الآية الكريمة، نوردُ ما رُويَ من الحديث الشّريف في تفسيرها، نقلاً عن (تفسير نور الثّقلين) للمحدّث الشّيخ عبد عليّ الحويزيّ، و(تفسير كنز الدّقائق) للمفسّر الشّيخ محمّد بن محمّد رضا المشهديّ رضوان الله تعالى عليهما.

قوله تعالى: ﴿حم الجاثية:1.

* الإمام الصّادق عليه السّلام: «وأمّا ﴿حم، فمعناه: الحميدُ المجيدُ».

قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ الله.. الجاثية:14.

* الإمام الصّادق عليه السّلام في معنى الآية: «قل للَّذين مَنَنَّا عليهم بمعرفتنا أن يُعرِّفوا الّذين لا يعلمون، فإذا عرَّفوهم فقد غَفَروا لهم».

** وعنه عليه السّلام: «أيّام الله المرجوّة ثلاثة: يومُ قيام القائم، ويومُ الكرّة، ويومُ القيامة».

قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ.. الجاثية:24.

* أمير المؤمنين عليه السّلام: «فانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ والْقَمَرِ، والنَّبَاتِ والشَّجَرِ، والْمَاءِ والْحَجَرِ، واخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ والنَّهَارِ، وتَفَجُّرِ هَذِه الْبِحَارِ، وكَثْرَةِ هَذِه الْجِبَالِ، وطُولِ هَذِه الْقِلالِ، وتَفَرُّقِ هَذِه اللُّغَاتِ والأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ، فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمُقَدِّرَ وجَحَدَ الْمُدَبِّرَ، زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ ولَا لِاخْتِلافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ، ولَمْ يَلْجَأُوا إِلَى حُجَّةٍ فِي مَا ادَّعَوْا، ولَا تَحْقِيقٍ لِمَا أَوْعَوا، وهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ، أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ جَانٍ؟!..».

** الإمام الصّادق عليه السّلام: «الْكُفْرُ فِي كِتَابِ الله عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُه: فَمِنْهَا كُفْرُ الْجُحُودِ، والْجُحُودُ عَلَى وَجْهَيْنِ، والْكُفْرُ بِتَرْكِ مَا أَمَرَ الله، وكُفْرُ الْبَرَاءَةِ، وكُفْرُ النِّعَمِ.

فَأَمَّا كُفْرُ الْجُحُودِ فَهُوَ الْجُحُودُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ لا رَبَّ ولَا جَنَّةَ ولَا نَارَ، وهُوَ قَوْلُ صِنْفَيْنِ مِنَ الزَّنَادِقَةِ يُقَالُ لَهُمُ الدَّهْرِيَّةُ، وهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: ﴿..وما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ..، وهُوَ دِينٌ وَضَعُوه لأَنْفُسِهِمْ بِالاسْتِحْسَانِ عَلَى غَيْرِ تَثَبُّتٍ مِنْهُمْ ولَا تَحْقِيقٍ لِشَيْءٍ مِمَّا يَقُولُونَ، قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿..إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ...».

قوله تعالى: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ.. الجاثية:29.

* أمير المؤمنين عليه السّلام: «وأمّا القرآن، إنّما هو خطٌّ مسطورٌ بين دفّتين لا ينطق، وإنمّا تتكلّمُ به الرِّجال».

** الإمام الباقر عليه السّلام: «إِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِنَاطِقٍ يَأْمُرُ ويَنْهَى، ولَكِنْ لِلْقُرْآنِ أَهْلٌ يَأْمُرُونَ ويَنْهَوْنَ».

قوله تعالى: ﴿..إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الجاثية:29.

* الإمام الصّادق عليه السّلام: «إنّ الأعمالَ تُعرَض على الله في كلّ خميس، فإذا كان الهلال أُجّلت (أُجملت، وفي بعض المصادر وردت: أُكملت) فإذا كان النّصف من شعبان عُرضت على رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، وعلى عليٍّ عليه السّلام، ثمّ تُنسَخ في الذّكر الحكيم».

قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الجاثية:37.

* النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «يقول اللهُ عزَّ وجلَّ: الكبرياءُ ردائي والعظَمةُ إزاري، فمَن نازَعَني واحدةً منهما، ألقيتُه في نارِ جهنّم».

 

 

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

02/01/2014

دوريّات

نفحات