تحقيق

تحقيق

01/03/2014

اليهوديّة والوهابيّة


اليهوديّة والوهابيّة

تحقيقٌ في المشتركات العقائديّة

------ إعداد: «شعائر» ------

ما فتئت الدّراسات تُظهر أوجه التّشابه بين اليهوديّة وبين الوهّابيّة، على مستوى العقائد والأفكار، حتّى يظهر للعيان أنّهما وجهان لعملةٍ واحدةٍ، ما يطرح التّساؤل التّالي: هل الالتقاء بينهما كان مصادفةً؟ أم اتّكأت الوهّابيّة على معتقدات اليهود المنحرفة خدمةً لمشاريع سياسيّة ستظهر في الأجيال التّالية، منها قطعُ صلة المسلمين بتاريخهم وتراثهم، وتشويه المعتقد الدّينيّ لإدخال الأفكار المسمومة في جسم العالم الإسلاميّ؟!

في هذا التّحقيق نظهر بعضاً ممّا ورد عن التّجسيم في كُتُب اليهود الدّينيّة، وعددٍ من كُتُب أصول الوهابيّة.

مسألة الجلوس والوزن والحجم

ينسبُ اليهود إلى الله تعالى الجلوس والقعود والاستقرار والثّقل والوزن والحجم، ففي نسخة التّوراة المحرّفة، الّتي هي أساس دين اليهود، ورد في أخبار الأيّام الثّاني، الإصحاح الثّامن عشر، الرّقم (18): «وقالَ: فَاسْمَعْ إِذاً كَلامَ الرَّبِّ. قَدْ رَأَيْتَ الرَّبَّ جالِساً عَلى كُرْسِيِّهِ وَكُلُّ جُنْدِ السَّماءِ وُقوفٌ عن يَمينِهِ وعن يَسارِهِ».

وفي سفر رؤيا يوحنّا، الإصحاح الرّابع، الرّقم (9): «وَشُكْراً للجالِسِ عَلى العَرْشِ، الحَيِّ إلى أبد الآبَدِينَ».

أمّا عند الوهّابيّة، فقد وَرد في كتاب (مجموع الفتاوى) لابن تيميّة الحرّانيّ، المجلّد الرّابع: «..أنّ محمّداً رسول الله يُجلسهُ ربُّه على العرشِ معه».

وجاء في هذا الكتاب: «وممّا يجب التّصديق به والرّضا: مجيئُه إلى الحشر يوم القيامة بمثابة نزوله إلى سمائه، وذلك بقوله: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ الفجر:22. وقال تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ..﴾ الزّمر:69، وهذا دليلٌ على أنّه إذا جاءهم وجلس على كرسيّه، أشرقت الأرضُ كلُّها بأنواره».

وورد فيه أيضاً: «إنّ عرشه أو كرسيّه وسع السّماوات والأرض، وإنّه يجلس عليه، فما يفضل منه قدر أربعة أصابع، أو فما يفضل منه إلّا قدر أربعة أصابع، وإنّه ليئطّ به أطيط الرَّحل الجديد براكبه».

وورد في كتاب (شرح حديث النّزول) لابن تيميّة: «إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسيّ، سُمِع له أطيطٌ كأطيط الرّحل الجديد».

وفي كتاب عثمان بن سعيد الدّارميّ: «وقد بلغنا أنّهم حين حملوا العرش وفوقه الجبّارُ في عزّته وبهائه، ضعفوا عن حملِه واستكانوا وجثوا على رُكَبهم، حتّى لُقّنوا: لا حولَ ولا قوّة إلّا بالله، فاستقلّوا به بقدرة الله وإرادته، لولا ذلك ما استقلّ به العرش ولا الحملَة ولا السّماوات والأرض ولا مَن فيهنّ، ولو قد شاء لاستقرّ على ظهر بعوضة فاستقلّت به بقدرته ولُطف ربوبيّته، فكيف على عرش عظيم أكبر من السّماوات السّبع والأرضين السّبع».

 

مسألة النّزول والارتفاع والحركة

جاء في سفر التّكوين، الإصحاح الحادي عشر، الرّقم (5): «فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ المَدينَةَ وَالبُرْجَ اللَّذَيْنِ كان بَنو آدَمَ يَبْنونَهُما».

وفي الإصحاح السّادس والأربعين منه، الرّقم (3-4): «فَقالَ: أَنا اللهُ إِلهُ أَبيكَ. لا تَخَفْ مِنَ النُّزولِ إلى مِصْرَ. لأنّي أَجْعَلُكَ أُمَّةَ عَظيمةً هُناكَ. أَنا أَنْزِلُ مَعَكَ إِلى مِصْرَ».

وجاء في سفر الخروج، الإصحاح الثّالث عشر، الرّقم (21): «وَكانَ الرَّبُّ يَسيرُ أَمامَهُمْ نَهاراً».

وفي سفر الخروج، الإصحاح التّاسع عشر، الرّقم (9): «قالَ الرَّبُّ لِموسى: ها أَنا آتٍ إِلَيْكَ في ظَلامِ السَّحابِ».

وفي سفر الخروج، الإصحاح التّاسع عشر، الرّقم (10، 11): «فَقالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبْ إِلَى الشَّعْبِ وَقَدِّسْهُمُ الْيَوْمَ وَغَدًا. وَلْيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ. وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. لِأَنَّهُ في اليَوْمِ الثّالِثِ يَنْزِلُ الرَّبُّ أَمامَ عُيونِ جَميعِ الشَّعْبِ عَلى جَبَلِ سَيْناءَ».

بموازاة ذلك، ينقلُ الرّحالة ابن بطّوطة ما شاهده عياناً بدمشق، وما سمعه مباشرةً من ابن تيميّة. يقول ابن بطّوطة: «...وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرتُه [أي ابن تيميّة] يومَ الجمعة وهو يَعِظُ النّاس على منبر الجامع ويذكّرهم. فكان من جملة كلامه أنْ قال: إنّ الله ينزلُ إلى سماء الدّنيا كنزولي هذا؛ ونزل درجةً من درج المنبر، فعارضَه فقيهٌ مالكيّ يُعرف بابن الزّهراء، وأنكرَ ما تكلّمَ به. فقامت العامّةُ إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنّعال ضرباً كثيراً حتّى سقطت عمامتُه..». وصدّر ابنُ بطّوطة الفقرة التي ترجمَ فيها لابن تيمية بعنوان: «الفقيهُ ذو اللّوثة»، ثمّ قال: «وكانَ بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقيّ الدّين بن تيمية، كبير الشّام، يتكلّمُ في الفنون، إلّا أنّ في عقلِه شيئاً»!

 

ونقرأ في كتاب (معارج القبول بشرح سلّم الوصول إلى علم الأصول) للحافظ بن أحمد بن عليّ الحكميّ (المتوفّى عام 1377 للهجرة): «عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ اللهَ يَنْزِلُ إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَلَهُ فِي كُلِّ سَمَاءٍ كُرْسِيٌّ، فَإِذَا نَزَلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، ثُمَّ مَدَّ سَاعِدَيْهِ فَيَقُولُ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَتُوبُ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ارْتَفَعَ فَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ)، رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ، قَالَ: وَلَهُ أَصْلٌ مُرْسَلٌ. وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ... عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ، قَالَ: (يَنْزِلُ اللهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ فَيَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ). حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَرِجَالُهُ أَئِمَّةٌ، وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ بِلَفْظِ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَفْتَحُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ ثُمَّ يَهْبِطُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَهُ فَيَقُولُ: أَلَا عَبْدٌ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ)».

وورد في هذا الكتاب: «عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ، إِذْ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ فِي يَدِهِ كَالْمِرْآةِ الْبَيْضَاءِ فِي وَسَطِهَا كَالنُّكْتَةِ السَّوْدَاءِ. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَعْرِضُهُ عَلَيْكَ رَبُّكَ لَيُكُونَ لَكَ عِيدًا وَلِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ؟ قَالَ: هِيَ السَّاعَةُ، وَهِيَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ سَيِّدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَنَحْنُ نَدْعُوهُ فِي الْجَنَّةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ وَلِمَ تَدْعُونَهُ يَوْمَ الْمَزِيدَ؟ قَالَ: إِنَّ اللهَ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ نَزَلَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُرْسِيِّهِ أَعْلَى ذَلِكَ الْوَادِي..».

وجاء في كتاب (فتاوى العقيدة) لـ محمّد بن صالح العثيمين: «إنّ الله يأتي إتياناً حقيقيّاً». ويقول في موضع آخر فيه: «... فإنّ ظاهرَه ثبوتُ إتيان الله هروَلةً، وهذا الظّاهر ليس ممتنعاً على الله فيثبت لله حقيقة».

 

الشّكل والصّورة عند اليهود والوهّابيّة

وبخصوص الشّكل والصّورة، وَرَد في سفر التّكوين، الإصحاح الأوّل الرّقم (26، 27): «وقالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسانَ عَلى صورَتِنا كَشَبْهِنا ".." فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسانَ عَلى صورَتِهِ».

وجاء في سفر تثنية الإصحاح الرّابع، الرّقم (15-16): «فَإِنَّكُمْ لَمْ تَرَوْا صورةً ما يَوْمَ كَلَّمَكُمُ الرَّبُّ في حوريبَ مِنْ وَسَطِ النّارِ، لِئَلّا تُفْسِدوا وَتَعْمَلوا لِأَنْفُسِكُمْ تِمْثالاً مَنْحوتاً صورَةَ مثالٍ ما، شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى».

وفي (مجموع الفتاوى) ورد: «..يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لِتَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ؛ فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمْ الله فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْك، وَهَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمْ الله فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ: فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ».

وجاء في كتاب (قرّة عيون الموحّدين) لـ عبد الرّحمن بن حسن بن محمّد بن عبد الوهّاب: «..فيأتون إلى الرّحمن الرّحيم، فيسفرُ لهم عن وجهه الكريم، حتّى ينظروا إليه، فإذا رأوه قالوا: أللّهمّ أنت السّلام ومنك السّلام، وحقَّ لك الجلال والإكرام».

 

 

الجوارح حقيقيّة بزعمهم

جاء في سفر الخروج، الإصحاح الخامس عشر، الرّقم (12): « تَمُدُّ يَمِينَكَ فَتَبْتَلِعُهُمُ الأَرْضُ».

وفي سفر الخروج، الإصحاح الخامس عشر، الرّقم (16): «بِعَظَمَةِ ذِرَاعِكَ يَصْمُتُونَ كَالحَجَرِ».

وفي سفر حزقيال، في الإصحاح السّابع والثّلاثين، الرّقم (1): «كَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ، وَأَنْزَلَنِي فِي وَسْطِ الْبُقْعَةِ وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَاماً».

بالتّوازي، جاء في كتاب (التّوحيد) لمحمّد بن عبد الوهّاب، بشرح سليمان اللّهيميد: «وعلى كلّ حالٍ، فَيَداهُ، سبحانه، اثنتان بلا شكّ، وكلّ واحدةٍ غير الأخرى».

ويسوق ابن عبد الوهّاب أحاديثَ يزعمُ من خلالها أنّ الله تعالى له جارحتا السّمع والبصر، فيقول في (أصول الإيمان): «وعن أبي هريرةَ... أَنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه [وآله] وسَلَّم قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...﴾ النّساء:58، إلى قوله: ﴿...إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ النّساء:58، ويضع إبهامَيهِ على أذنيهِ والّتي تلِيهَا على عينيه».

 

وورد في كتاب (بيان تلبيس الجهميّة) لابن تيميّة: «..وليس في كتاب الله ولا سنَّة رسولِه ولا قولِ أحدٍ مِن سلفِ الأمّة وأئمّتها أنّه ليس بجسمٍ، وأنَّ صفاته ليست أجساماً وأعراضاً، فنفيُ المعاني الثّابتة بالشّرع والعقل بنفي ألفاظ لم يَنفِ معناها شرعٌ ولا عقلٌ، جهلٌ وضلالٌ».

وجاء في كتاب (تفسير آية الكرسيّ) للشّيخ محمّد بن صالح العثيمين: «والكرسيّ هو موضع قدمَي الله عزّ وجلّ».

وورد في كتاب (عقيدة أهل السّنّة والجماعة) للشّيخ محمّد بن صالح العثيمين: «ونؤمن بأنّ لله تعالى عينَين اثنتَين حقيقيّتيْن لقوله تعالى: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا..﴾ هود:37 ".." وأجمع أهلُ السّنّة على أنّ العينين اثنتان، ويؤيده قول النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في الدّجّال: (إنّه أعور وإنّ ربّكم ليس بأعور)، ".." ونؤمنُ بأنّ المؤمنين يرونَ ربّهم يوم القيامة ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ القيامة:22-23».

وجاء في كتاب (نقض عثمان الدّارميّ على المريسيّ الجهميّ):

- «ويدُ الله غير آدم، فأكّد الله لآدم الفضيلة الّتي كرَّمه وشرّفه بها، وآثَرَه على جميع عباده، إذ كلّ عباده خَلَقَهم بغيرِ مَسيسٍ بيدٍ، وخَلَقَ آدمَ بِمَسيس».

- «عن ميسرة: إنّ الله لم يَمسّ شيئاً من خلقه غير ثلاث: خَلقَ آدمَ بيدِه، وكَتَب التّوراة بيدِه، وغرس جنّة عدنٍ بيده».

- «يضع الجبّار فيها قدمه، وإذا كانت جهنّم لا تضرّ الخزنة الّذين يدخلونها، ويقومون عليها، فكيف يستنكر وضعُ ربّ العالمين عليها قدمه؟».

صوت الله عند اليهود والوهّابيّة

جاء في سفر التّكوين، الإصحاح الثّالث، الرّقم (8-10): «وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِياً فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ ".." فَقالَ سَمِعْتُ صَوْتَكَ في الجَنَّةِ..».

وورد في سفر تثنية، الإصحاح الرّابع، الرّقم (12): «فَكَلَّمَكُمُ الرَّبُّ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلاَمٍ..».

وجاء في سفر أيّوب الإصحاح السّابع والثّلاثين، الرّقم (5): «اللهُ يُرْعِدُ بِصَوْتِهِ عَجَبًا».

وأمّا في (مجموع الفتاوى)، فقد ورد: «وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ كَلَامُ اللهِ وَقَدْ تَكَلَّمَ اللهُ بِهِ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ..».

هذا غيضٌ من فيضٍ من أوجه التّشابه بين اليهوديّة والوهّابيّة، فلا عجبَ أنْ مكّن الغربُ هذه العقيدة في شبه الجزيرة العربيّة، وسمح لها بالتّمدّد في الحجاز، ودافع عن أصحابها الّذين جعلوا للمحتلّ موطئ قدمٍ في فلسطين.

من آراء العلماء السُّنّة في ابن تيمية

يتوقّفُ فهمُ حقيقة «الوحدة الإسلاميّة» على اليقين بأنّ النّواصب ليسوا من الأُمّة، وحيث إنّ النَّصْبَ يقومُ في غالبِه على اعتماد مغالطات ابن تيمية وشُبُهاتِه، تَمَسُّ الحاجةُ إلى معرفةِ آراءِ كبار علماء الأمّة من السُّنّة، بالخصوص، وهذا بعضُها:

* قال المحقّق أبو الحسن السّبكيّ في طليعة رسالته (الدّرّة المضيّة في الرّدّ على ابن تيميّة)، ما نصّه:

«أمّا بعد، فإنّه لمّا أحدث ابن تيميّة ما أحدث في أصول العقائد، ونقضَ من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أنْ كان مستَتِراً بتبعيّة الكتاب والسّنّة، مُظهراً أنّه داعٍ إلى الحقّ، هادٍ إلى الجنّة، فخرج عن الاتّباع إلى الابتداع، وشذّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسميّة والتّركيب في الذّات المقدّسة، وأنّ الافتقار إلى الجزء ليس بمحالٍ، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وإنّ القرآن محدثٌ تكلّم الله به بعد أن لم يكن، وإنّه يتكلّم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدّى في ذلك إلى استلزام قِدَم العالم (والتزامه) بالقول بأنّه لا أوّل للمخلوقات، فقال بحوادث لا أوّل لها، فأثبت الصّفة القديمة حادثةً، والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحدٌ هذين القولَيْن في ملّة من المِلَل ولا نحلةٍ من النّحل، فلم يدخل في فرقةٍ من الفِرَق الثّلاثة والسّبعين التي افترقت عليها الأمّة... وكلُّ ذلك - وإن كان كفراً شنيعاً - ممّا تقلّ جملته بالنّسبة إلى ما أحدث في الفروع. فإنَّ متلقّي الأصول عنه، وفاهمُ ذلك منه، هم الأقلّون، والدّاعي إليه من أصحابه هم الأرذلون، وإذا حوقِقُوا في ذلك أنكروه وفرّوا منه، كما يفرّون من المكروه، ونُبهاءُ أصحابه ومتدّينوهم لا يظهر لهم إلّا مجرّد التّبعيّة للكتاب والسّنّة، والوقوف عند ما دلّت عليه من غير زيادةٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ».

* وممّا قاله ابن حجر العسقلانيّ في (الدّرر الكامنة في أعيان المائة الثّامنة):

«واقتضى له [لابن تيمية] ذلك العجبُ بنفسه حتّى زهى على أبناء جنسِه، واستشعرَ أنّه مجتهد، فصار يردّ على صغير العلماء وكبيرهم، قويّهم وحديثهم ".." وقال في حقّ عليّ: أخطأ في سبعة عشر شيئاً!! ثمّ خالف فيها نصّ الكتاب، منها اعتدادُ المتوفّى عنها زوجها أطول الأجلَين.

وكان لتعصّبه لمذهب الحنابلة يقعُ في الأشاعرة، حتّى أنّه سبّ الغزاليّ فقام عليه قومٌ كادوا يقتلونه ".." وأطلق ابن تيميّة إلى الشّام، وافترق النّاس فيه شيَعاً، فمنهم من نسبه إلى التّجسيم لِمَا ذكر في العقيدة الحمويّة والواسطيّة وغيرهما، من ذلك كقوله إنّ اليد والقدم والسّاق والوجه صفات حقيقيّة لله، وإنّه مستوٍ على العرش بذاته ".." ومنهم من ينسبُه إلى الزّندقة لقوله إنّ النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لا يُستغاثُ به، وإنّ في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ".." ومنهم مَن ينسبُه إلى النّفاق لقوله في عليٍّ ما تقدّم ".." وإنّه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها، وإنّما قاتلَ للرّياسة لا للدّيانة، ولقوله أنّه كان يحبّ الرّياسة ".." ولقوله أبو بكر أَسلمَ شيخاً يدري ما يقول، وعليّ أسلم صبيّاً والصّبيّ لا يصحّ إسلامه ".." فألزَموه بالنّفاق لقوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (ولا يبغضك إلّا منافقٌ)، ونسبه قومٌ إلى أنّه يسعى في الإمامة الكبرى [أي الرّئاسة]».

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

01/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات