كلمة سواء

كلمة سواء

01/03/2014

قِوامُ الشّريعة*


الأمرُ بالمعروف والنَّهي عن المنكر

قِوامُ الشّريعة*

ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

إنَّ الإسلام ليس مجرَّد تفكيرٍ وتدبُّرٍ وخشوعٍ يتحرَّك في داخل العقول والقلوب، وإنَّما هو منهجُ حياةٍ واقعيٍّ، يدعو إلى استنهاض الهِمَم والعزائم وتقوية الإرادة لتنطلق في الواقع مجسِّدةً المفاهيم والقِيَم الإلهيّة بصورةٍ عمليّةٍ، وهو يدعو إلى النّهوض بالتّكاليف الإلهيّة في عالم الضّمير وعالم الواقع على حدٍّ سواء، والاستقامة على ضوئها.

وبما أنَّ الإنسان يحملُ في جوانحه الاستعدادات المختلفة للخير والشّرّ، وللفضيلة والفجور، ويتأثّر بالعوامل الخارجيّة كالمُغرَيات والمُثيرات المتنوِّعة، إضافةً إلى دور الشّيطان في الوسوسة والإغراء، فهو بحاجة إلى مَن يَهديه ويُرشده ويُقوِّم له تصوُّراته وعواطفه وممارساته العمليّة، لتكون موصولةً بالعقيدة والشّريعة الإسلاميّة، ولهذا شرَّعَ الإسلامُ الأمرَ بالمعروف والنّهيَ عن المُنكَر، ليَقومَ به الإنسانُ المسلم إيقاظاً للقلوب البشريّة الغافلة، وتحريكاً للإرادات الضّعيفة، لِتَستقيمَ على أساسِ المفاهيم والموازين الإلهيّة.

والأمرُ بالمعروف والنّهي عن المنكر يَستتبعُ جميع مقوِّمات الشّخصيّة الإنسانيّة في الفكر والعاطفة والسُّلوك، لتكونَ مُنسجمةً مع المنهج الإلهيّ في الحياة، وتكون هذه المقوِّمات متطابقةً مع بعضها، فلا ازدواجيّة بين الفكر والعاطفة، ولا بينهما وبين السُّلوك، وهي وحدةٌ واحدةٌ يكون فيها الولاءُ والممارسةُ العمليّة للهِ وحده، ولِمنهجِ التّوحيد الّذي دعا إليه في جميع مفاهيمه وقِيَمِه.

فقد أَوجَبَ سبحانه وتعالى الأمرَ بالمعروف والنَّهيَ عن المُنكَر، وجَعلَه من التّكاليف الأساسيّة، لأنَّه غايةُ الدِّين، كما يُعلّمنا الإمام أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: «غايةُ الدِّينِ الأمرُ بالمعروف، والنَّهيُ عن المنكر، وإقامةُ الحدود». وقال عليه السّلام: «قِوامُ الشّريعةِ الأمرُ بالمعروف، والنّهيُ عن المنكر، وإقامةُ الحدود».

 

مواردُ الأمر والنّهي

لا يختصّ الأمرُ بالمعروف والنّهيُ عن المنكَر بموردٍ من الموارد، ولا مجالٍ من المجالات، بل هو شاملٌ لجميع ما جاء به الإسلام من مفاهيم وقِيَم، فهو يشملُ التّصوُّرات والمبادئ الّتي تقوم على أساسها العقيدة الإسلاميّة، ويشملُ الموازين والقيم الإسلاميّة الّتي تحكم العلاقات الإنسانيّة، وشاملٌ للشّرائع والقوانين، وللأوضاع والتّقاليد، وبعبارةٍ أخرى هو دعوةٌ إلى الإسلام عقيدةً ومنهجاً وسلوكاً، وذلك بتحويل الشُّعور الباطنيّ بالعقيدة إلى حركةٍ سلوكيّةٍ واقعيّةٍ، وتحويل هذه الحركة إلى عادةٍ ثابتةٍ متفاعلةٍ ومتّصلةٍ مع الأوامر والإرشادات الإسلاميّة، ومنكمشةٍ ومنفصلةٍ عن مقتضيات النّواهي الإسلاميّة.

وقد تجلَّت هذه الشّموليّة بوصيَّة رسولِ الله صلّى الله عليه وآله لِمعاذ بن جبل حينما أوفدَه إلى اليمَن: «يا معاذ، علِّمْهم كتابَ الله وأَحسِنْ أدَبَهم على الأخلاق الصّالحة، وأَنْزِلِ النّاسَ منازلهم - خيرهم وشرّهم - وأنفِذ فيهم أمرَ الله ".." وأمِتْ أمرَ الجاهليّة إلَّا ما سَنَّهُ الإسلامُ، وأَظهِرْ أمرَ الإسلام كلّه، صغيره وكبيره، وَلْيَكُن أكثرُ همِّك الصّلاة، فإنَّها رأسُ الإسلام بعد الإقرار بالدِّين، وذكِّر النّاسَ باللهِ واليومِ الآخِر، واتَّبِع الموعظة».

وقد بيَّن الإمام الحسين عليه السّلام مواردَ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، قائلاً: «..فَبدأَ اللهُ بالأمرِ بالمعروف، والنّهيِ عن المنكر فريضةً منه، لِعلمِه بأنّها إذا أُدِّيَت وأُقيمَت استقامت الفرائضُ كلُّها، هيِّنُها وصَعْبُها، وذلك أنَّ الأمرَ بالمعروف والنّهيَ عن المنكر دعاءٌ إلى الإسلام، مع ردِّ المَظالم ومخالفة الظّالم، وقسمة الفيْء والغنائم، وأَخْذِ الصّدقاتِ من مواضعِها، ووضعِها في حقِّها..».

 

______________________

* نقلاً عن كتاب (الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر) من إعداد «مركز الرّسالة» في قمّ المقدّسة

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

01/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات