مصطلحات

مصطلحات

28/03/2014

الاستبداد


الاستبداد

تعريفه وصفاتُه

ـــــ  إعداد: «شعائر» ـــــ

يُفرِّق علماءُ الاجتماع بين ثلاثة معانٍ للاستبداد: الاستبدادُ لغةً، والاستبدادُ عن طريق ذكر المُرادف، والاستبدادُ عن طريق الوصف. بمعنى أنّهم - في تعريفهم للاستبداد - يفرِّقون بين تلك الجوانب لاعتباراتٍ معرفيّة. ولذلك فالاستبدادُ لغةً - عندهم - يعني غرورَ المَرْءِ برأيه، والأنَفَة عن قبولِ النّصيحة، أو الاستقلالَ في الرّأي، وفي الحقوق المشتركة.

ويُراد بالاستبداد عند إطلاقه، استبدادُ الحكومات خاصّة، لأنّها أظلمُ مظاهر أضراره الّتي جعلت الإنسان أشقى ذوي الحياة. وأمَّا تحكُّمُ النّفسِ على العقل، وتَحكُّم الأستاذ والزَّوج، ورؤساء الكنيسة، وبعض الشّركات، وبعض الطّبقات، فيوصَفُ بالاستبداد مجازاً، أو مع الإضافة.

إذاً، ليس الاستبداد كما يُفهم منه لأوَّلِ وَهلةٍ ذا طابعٍ سياسيٍّ. فهناك أنماطٌ شتّى من الاستبداد؛ الاجتماعيّ، والفكريّ، والكَنَسيّ، والاقتصاديّ، والطّبقيّ. بَيْدَ أنّه - لأسبابٍ موضوعيّةٍ - أكثرُ التصاقاً بالسّياسيِّ منه بأيِّ جانبٍ آخَر.

وقد ورد تعريفُ مصطلح الاستبداد (Despotism) في الموضوعات السّياسيّة بأنّه: «حُكمٌ أو نظامٌ يَستقلُّ بالسُّلطة فيه فردٌ أو مجموعةٌ من الأفراد، دون خضوعٍ لقانونٍ أو قاعدة، ودون النّظر إلى رأي المحكومين».

وما تجدرُ الإشارةُ اليه، أنَّ المصطلح شاع في القرن التّاسع عشر في البلاد العربيّة، وخصوصاً عند مفكِّرِي «النّهضة» في إطار ما دَرجَ الكلامُ عليه حول الاستبداد وطبائعه، وقد جاء تعريفه عند الشّيخ محمّد عبده على النّحو التّالي: «المُستبدُّ عُرفاً مَن يفعلُ ما يشاءُ، غير مسؤولٍ، ويَحكمُ بما يقضي به هَواه، وافَقَ الشَّرعَ أو خالَفَه، ناسَبَ السُّنّةَ أو نابذها. ومن أجل هذا نرى النّاس كلّما سمعوا هذا اللّفظ، أو ما يُضارِعُه، صَرفوه إلى هذا المعنى، ونفروا من ذِكره لعظم مصابِهم منه، وكثرةِ ما جلب على الأمم والشّعوب من الأضرار».

أمّا عبد الرّحمن الكواكبيّ، فيُشير إلى معنى الاستبداد بقوله: «الاستبداد في اصطلاح السّياسيّين هو تصرُّفُ فردٍ أو جمعٍ في حقوق قومٍ بالمشيئة، وبلا خوف تَبِعة، وقد تطرأُ مزايداتٌ على هذا المعنى الاصطلاحيّ فيستعملون في مقام كلمة (استبداد) كلمات: استعباد، واعتساف، وتسلُّط، وتحكُّم. وفي مقابلتها كلمات: مساواة، وحسّ مشترَك، وتكافؤ، وسلطة عامّة. ويستعملون في مقام وصف الرّعيّة (المُسْتَبَدّ عليهم) كلمات: أسرى، ومُستصغَرين، وبؤساء، وفي مقابلتها: أحرار، وأُباة، وأحياء، وأعزّاء».

وبعد أن ينتهي من تعريف الاستبداد بأسلوب ذكر المرادفات والمقابلات، يعرّفه بالوصف، فيقول: «وأمّا تعريفه بالوصف، فهو أنَّ الاستبداد صفةٌ للحكومةِ المُطلَقة العنان فعلاً أو حُكماً، وهي الّتي تتصرّفُ في شؤون الرّعيّة، كما تشاء بلا خشيةِ حسابٍ ولا عقابٍ محقّقَين. وتفسير ذلك هو كونُ الحكومة إمّا هي غير مكلّفة بتطبيق تصرُّفها على شريعةٍ، أو على أمثلةٍ تقليديّةٍ، أو على إرادة الأمّة، وهذه حالةُ الحكومات المطلقة، أو هي مقيَّدة بنوعٍ من ذلك ولكنّها تملكُ بنفوذِها إبطالَ قوّة القيد بِما تَهوى، وهذه حالةُ أكثر الحكومات الّتي تسمِّي نفسَها بالمقيّدة أو بالجمهوريّة».

في العلوم السّياسيّة الحديثة والمعاصرة، لا يَنأى تعريفُ الاستبداد عمَّا ذَكَرَه علماءُ الاجتماع والمحقِّقون في العصور المُتعاقبة. فالاستبدادُ في مآله الأخير لا يُفضي إلَّا إلى الهلاك، كما في قول أمير المؤمنين عليه السّلام: «مَن استبدَّ بِرأيه هَلَك». وهذه الحكمة بقدر ما تَنطبق على الأفراد والجماعات، تنطبق أيضاً على الدُّول، والمجتمعات، والحضارات الإنسانيّة.

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

28/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات