مراقبات

مراقبات

منذ يوم

أعمال شهر رجب


أعمال شهر رجب

«..وجعلتُ هذا الشّهر حبلاً بيني وبين عبادي»

ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

من لوازم الإيمان اليَقظة وعلامتُها المراقبة، وهي «قرارٌ بالتزام قانون الله تعالى: الشِّرعة والمنهاج» تماهياً مع اليقين والحبّ: اليقينِ به تعالى، وحبِّه سبحانه.

في المناجاة الشّعبانيّة: «وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفَلُ عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ. إِلهِي وَأَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الأبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً، يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ».

وأبرزُ كُتُب المراقبات: كتاب «إقبال الأعمال» لسيّد العلماء المراقبين، السّيّد ابن طاوس، و«المراقبات» للفقيه الكبير الشّيخ الملَكيّ التّبريزيّ، وفي هَديهما: هذا الباب.

 

* من أبرز مناسبات شهر رجب:

1- المبعثُ النّبويُّ الشّريف في اليوم السّابع والعشرين.

2- ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام في الكعبة المشرَّفة في اليوم الثّالث عشر.

3- ولادة الإمام الباقر عليه السّلام في اليوم الأوّل.

 

* أبرزُ الأعمال:

1- إحياء اللّيلة الأولى، وليلة النّصف منه.

2- عمل ليلة الرّغائب

3- عمل الاستفتاح (أمّ داود).

4- أعمال ليلة المَبعث ويومها.

5- الصّوم.

6- صلاة سلمان. (في أوّل الشّهر، ومنتصفه، وآخره).

7- الاستغفار، وقراءة التّوحيد، والذِّكرُ البديل عن الصّيام.

 

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ الله تعالى نصبَ في السّماء السّابعة ملَكاً يُقال له الدّاعي، فإذا دخلَ شهر رجب نادى ذلك الملَك كلّ ليلة منه إلى الّصباح يقول: طُوبى [يعني هنيئاً] للذّاكرين، طوبى للطّائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليسُ مَن جالسَني، ومطيعُ مَن أطاعني، وغافرُ مَن استَغفرَني. الشّهر شهري والعبدُ عبدي والرّحمةُ رحمتي، فمَن دعاني في هذا الشّهر أجبتُه، وجعلتُ هذا الشّهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمَن اعتصم به وَصَل إليّ».

ولو لم يكن حول أهمّيّة شهر رجب إلّا هذه الرّواية لكان ذلك كافياً. فاللهُ عزّ وجلّ يخاطب الذّاكرين والمطيعين: «أنا جليسُ مَن جالَسني ومطيعُ مَن أطاعني». إذاً، نحن أمام دعوةٍ عظيمة، تمتدُّ طيلة هذا الشّهر العظيم، شهر رجب.

وعن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السّلام: «رجب شهرٌ عظيمٌ يُضاعف اللهُ فيه الحسنات ويمحو السّيّئات، مَن صام يوماً من رجب تباعدت عنه النّارُ مسيرة سنة، ومَن صام ثلاثة أيّامٍ وَجَبت له الجنّة».

الأعمالُ المشتركة لشهر رجب

الأعمالُ التي لا تختصّ بيَوم معيّن، بل هي لجَميع أيّام الشّهر، هي:

1- العُمرة الرّجبيّة: قال الشّيخ المفيد رضوان الله عليه : «وللعمرة فيه فضلٌ كبير قد جاءت به الآثار».

وقال الشّيخ الطّوسيّ عليه الرحمة والرضوان: «ويستحبّ العمرةُ في رجب، ورُوي عنهم عليهم السلام أنّ العمرةَ في رجب تلي الحجّ في الفضل».

قال الفقيه السّيّد محمّد العاملي: «وأما أنّ أفضلَها ما وقعَ في رجب فيدلّ عليه روايات، منها ما رواه ابن بابويه في الصّحيح، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه سُئلَ أيّ العمرة أفضل، عُمرةُ رجب أو عمرةٌ في شهر رمضان؟ فقال: لا، بل عمرةٌ في رَجب أفضلُ..».

2- ..وزيارةُ الإمام الرّضا عليه السلام أفضل: ورغم هذه الأهميّة البالغة للعمرة الرّجبيّة فإنّ الأفضلَ منها زيارة الإمام الرّضا عليه السلام في رجب، وعليه أيضاً تُجمع كلمة العلماء، في ما يبدو من تتبّع كلماتهم، وقد عقد الحرّ العامليّ في (الوسائل) باباً تحت عنوان «استحبابُ زيارة الرّضا عليه السلام، وخصوصاً في رجب، على الحجّ والعمرة المندوبَين».

والرّوايات كثيرة جدّاً في عظيم ثواب زيارة الإمام الرّضا عليه السلام، مطلقاً، و تقصرُ العقولُ عن إدراكها، خصوصاً عندما نجد مثلَ العلّامة الحلّيّ يصرّح بصحّة سند الرّواية التي تتضمّن أنّها أفضل من زيارة سيّد الشّهداء عليه السلام.

3- التّهليل. 4- الاستغفار. 5- قراءة سورة التّوحيد. 6- السّجود. 7- أذكار للأشهر الثلاثة (رجب وشعبان وشهر رمضان). [انظر: باب «يذكرون» من هذا العدد]

8- الصّوم: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ألا فمَن صامَ من رجب يوماً إيماناً واحتساباً استوجبَ رضوانَ الله الأكبر، وأطفأَ صومُه في ذلك اليوم غضبَ الله، وأغلقَ عنه باباً من أبواب النّار، ولو أُعطيَ ملءَ الأرض ذهباً ما كان بأفضلَ من صومِه، ولا يستكمل (له) أجره بشيءٍ من الدّنيا دون الحسَنات إذا أخلصَه لله، وله إذا أمسى عشرُ دعواتٍ مُستَجابات، إنْ دَعا بشيءٍ من عاجل الدّنيا أعطاه اللهُ، وإلّا ادّخرَ له من الخيرِ أفضلَ ما دعا به داعٍ من أوليائه وأحبّائه وأصفيائه».

* الذِّكر البديل لمن لم يستطع الصّوم:

* «سُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يا نبيَّ الله، فمَن عجزَ عن صيام رجب بضَعفٍ أو علّة ".." يصنع ماذا ليَنال ما وصفتَ؟

 قال صلّى الله عليه وآله: يتصدّقُ عن كلِّ يومٍ برغيف، والذي نفسي بيده أنّه مَن تصدَّق بهذه الصَّدَقة كلّ يوم، ينالُ ما وصفتُ وأكثَر، لأنّه لو اجتمعَ جميعُ الخلائق كلّهم من أهلِ السّماوات والأرض على أن يقدّروا ثوابَه، قدر ثوابِه، ما بلغوا عُشرَ ما يُصيبُ في الجنان من الفضائل والدّرجات. قَيل: يا رسولَ الله، فمَن لم يقدر على الصّدقة يصنع ماذا لينالَ ما وصفت؟.. قال: يُسبِّحُ اللهَ في كلّ يومٍ من أيّام رَجب إلى تمامِ الشّهر هذا التّسبيح مائةَ مرّة: (سُبحانَ الإلهِ الجَليل، سُبحانَ مَن لا ينبغي التّسبيحُ إلّا له، سبحانَ الأعزِّ الأكرم، سبحانَ مَن لَبِسَ العزَّ وَهو لَه أَهْل)».

9- صلاة لكلّ ليلة. 10- صلاة أربع ركعات. 11- صلاة في ليلة من رجب. [انظر: باب «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد]

12- صلاة عشر ركعات في ليلة من رجب: في (الإقبال): «قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله: مَن صلّى ليلةً من ليالي رجب عشرَ ركعات، يقرأُ في كلّ ركعة فاتحةَ الكتاب، و(قل يا أيّها الكافرون)، و(قل هو الله أحد) ثلاث مرّات، غفرَ الله تباركَ وتَعالى له كلَّ ذنبٍ عمل وسلفَ له من ذنوبه، وكتبَ اللهُ تبارك وتعالى له بكلّ ركعةٍ عبادةَ ستّين سنة..».

 

13- الدّعاء: شهر رجب من أبرز مواسم الدّعاء والتّضرّع إلى الله تعالى، وقد رُوي فيه العديد من الأدعية عالية المضامين، بين خاصٍّ مؤقّتٍ بيومٍ محدّد، أو عامٍّ يقرأ في جميع أوقات هذا الشّهر المبارك. ومن أبرز الأدعية العامّة، دعاء «يَا مَن أَرجُوه لكلّ خَيرٍ»، المرويّ عن الإمام الصّادق عليه السّلام.

عن محمّد بن ذكوان، قال: قلتُ للصّادق عليه السلام: «جُعِلتُ فداك، هذا رجب، علّمني فيه دعاءً ينفعُني الله به. قال عليه السلام: اكتُبْ: بسم الله الرّحمنِ الرّحيمِ، قُلْ في كلّ يومٍ مِن رَجَب صَباحاً ومَساءً وفي أعقابِ صَلَواتِك:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَير، وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كلِّ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الْكَثيرَ بِالْقَليلِ، يا مَنْ يُعْطي مَنْ سَأَلَهُ، يا مَنْ يُعْطي مَنْ لَمْ يسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً، أَعْطِني بِمَسْأَلَتي إِياكَ، جَميعَ خَيرِ الدُّنْيا وَجَميعَ خَيرِ الآخِرَةِ، وَاصْرِفْ عَنّي بِمَسْأَلَتي إِياكَ، جَميعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآْخِرَةِ، فَإنَّهُ غَيرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيتَ، وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ يا كَريمُ.

ثمّ مدّ عليه السلام يدَه اليُسرى فقبضَ على لحيتِه، ودعا بهذا الدّعاء، ثمّ قال: يا ذَا الْجَلالِ وَالإكْرامِ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيبَتي عَلَى النّارِ».

14-  أوّلُ خميسٍ من رجب، وصلاة ليلة الرّغائب. [انظر: باب «بصائر» من هذا العدد]

 

15- يومُ الجُمعة من شهر رجب. [انظر: باب «بصائر» من هذا العدد]

 

مراقبات أيّام شهر رجب

في ما يلي، إشارة إلى أهمّ أوقات شهر رجب الحرام، مع بيان فضائلها وشيءٍ من خصوصيّاتها، والإشارة إلى أبرز الأعمال الواردة فيها، على أن تُراجع كُتب الأدعية للوقوف على جميع العبادات المسنونة في أيّام الشّهر المبارك، مثل كتاب (مفاتيح الجنان)، و(مناهل الرّجاء – أعمال شهر رجب)، و«كتاب شعائر الرّابع» الحاوي لجميع الأعمال مع متون الأدعية والزّيارات.

* اللّيلة الأولى: (من اللّيالي الأربع)

قال الشّيخ الطّوسيّ: رُوي عن أبي عبد الله الصّادق عليه السّلام، عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ عليه السّلام، قال: «كان يُعجِبُه أن يفرغ نفسَه أربعةَ ليالٍ في السّنة، وهي أوّلُ ليلةٍ من رَجب، وليلةُ النّصف من شعبان، وليلةُ الفِطر، وليلةُ النَّحر».

وقال الميرزا الملكي التّبريزي في (المراقبات): «وأوّلُ ليلةٍ منه [من رجب]، من اللّيالي الأربع التي يتأكّد استحباب إحيائها والدّعاء عند الاستهلال بما رُوي..».

* اليوم الأوّل: (علامةٌ بينكم وبين المنافقين)

لأوّل كلّ شهر ميزة خاصّة، فكيف بأوّل يومٍ من شهر رجب؟ ورد عن الإمام الصّادق عليه السلام: «..مَن صامَ ذلك اليوم تباعدتْ عنه النّار مسيرة سنة..».

* ومن أبرز أعمال هذا اليوم، زيارة سيّد الشّهداء عليه السّلام. روى الشّيخ الطّوسيّ، عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَن زارَ الحسينَ بن عليّ عليهما السّلام في أوّل يومٍ من رَجب غفرَ اللهُ له البتّة». أي غفرَ اللهُ له قَطعاً، ولم يبقَ له ذنبٌ أبداً.

وقال الشّيخ المفيد رضوان الله عليه: «ويستحبّ فيه زيارةُ سيّدنا أبي عبد الله الحسين عليه السّلام في أوّل يومٍ منه ".." ومَن لم يتمكّن من زيارة أبي عبد الله عليه السّلام في هذا اليوم، فَلْيَزُر بعضَ مشاهد السّادة عليهم السّلام، فإنْ لم يتمكّن من ذلك، فَلْيُومِ إليهم بالسّلام، ويجتَهد في أعمال البِرّ والخَيرات».

 

* ومن العبادات التي يتوجّب تعاهدُها بالرّعاية والاهتمام، بدءاً من هذا اليوم الأوّل، الصّلاةُ التي رواها الشّيخ الطّوسيّ في (مصباح المتهجّد)، وتُعرف بـ «صلاة سلمان»، نسبةً إلى الصّحابيّ الجليل سلمان المحمّديّ، الّذي رَوى هذه الصّلاة عن رسولِ الله صلّى الله عليه وآله. ويميّزها عن غيرها من الصّلوات المعروفة أيضاً بـ «صلاة سلمان»، أنّها ثلاثون ركعة، يؤتَى بها على ثلاثِ دفعاتٍ، في أوّل الشّهر وفي أوسطه، وفي آخره. يعقبُ كلّاً منها دعاءٌ صغير، وأكّد رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّها علامةٌ بين المؤمنين والمنافقين، لأنّ المنافقين لا يُصلّونها. [انظر: باب «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد]

 

* اليوم الثّالث عشر: (ولادةُ سيّد الأوصياء صلوات الله عليه)

تجتمعُ في اليوم الثّالث عشر من شهر رَجب خصائصُ شديدة الأهميّة، وهو ما يجعلُه يوماً استثنائيّاً بكلّ معنى الكلمة.

لو لم يَكن من خصائصِه إلّا أنّه يومُ مولدِ نفسِ المُصطفى الحبيب، وأخيه ووصيّه صلّى الله عليهما وآلهما، لكَفى بذلك فَخراً وذُخراً وكرامةً ومزيداً. وحيث إنّ أمنيّةَ الموحّدِ الحقيقيّ والمحمّديّ الصّادق، أن يكونَ في صراطِ عليٍّ المستقيم، وأن يتشرّفَ بصدقِ الانتماء إليه، فَلْنَغتنم أيّها الحبيب هذه الفرصةَ الرّجبيّة.

- يُضاف إلى ذلك أنّ اليومَ في حدِّ ذاته أوّلُ الأيّام البِيض التي يُغني اشتهارُها عن التّعريف بها، ولصومِه ثوابٌ كبير.

- وهو بعدُ أوّلُ أيّامِ العملِ العظيم المشهور، عملِ الاستفتاح لقضاءِ الحوائج المعروف بـ «عمل أمّ داوود»، الذي تَوارَثَته الأجيالُ مفتاحاً لحلّ المشاكل المُعضلة، لا سيّما في مجال إطلاقِ سراحِ الرّهائن والأسرى، فمَن أرادَ القيامَ بهذا العمل لا بدّ له أن يبدأَ بصومِ الأيّام البيض الثّلاثة.

- وهناك الصّلوات الخاصّة باللّيالي البيض الثّلاث (13 – 14 – 15 رجب) وهي عبارةٌ عن اثنتَي عشرة ركعة. يُؤتى منها بركعَتين في ليلة 13، وأربع رَكعات ليلة 14، وستّ ركعات ليلة 15. يقرأ (الحَمد) مرّة، و(يس)، و(تبارك المُلك)، و(قل هو الله أحد)، مرّة، مرّة.

* ليلة النّصف من رجب ويومه: (..وكلَّ سيّئةٍ وجدتُموها فامحوها)

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إذا كان ليلةُ النّصف من رَجب، أمرَ اللهُ خازنَ ديوانِ الخلائق وكَتَبةَ أعمالِهم، فيقولُ لهم اللهُ عزَّ وجلَّ: انظُروا في ديوانِ عِبادي، وكلَّ سيّئةٍ وجدتُموها فامحوها وبدِّلوها حَسنات».

ويُستحبّ أن تُحيا ليلة النّصف من رجب حتّى الصّباح، ويزداد فضلُ الإحياء بالعبادة. يقول السّيّد ابن طاوس حولَ إحياءِ هذه اللّيلة: «ينبغي أن يكونَ المُصدّق لله وللرّسول، الموافقُ للإقبال والقبول، على قَدَم المراقبة طولَ ليلِه..».

وأمّا يوم النّصف من رجب، ففي رواية عن ابن عبّاس، أنّ الله تعالى قال لآدم عليه السّلام: «أحبُّ الأوقاتِ إليَّ، النّصفُ من رَجب..[إلى قوله]: ..إنّي باعثٌ من وُلدك نبيّاً.. عظيمَ البَركة، أخُصِّه وأَمّته بيَومِ النّصف من رجب ".." يا آدم، قُل لِوُلدِك أن يحفظوا أنفسَهم في رجب، فإنّ الخطيئةَ فيه عظيمة».

هذا، وقد ورد الحثُّ على زيارة الإمام الحسين عليه السّلام في النّصف من رجب، فقد سُئِلَ الإمام الرّضا عليه السّلام: في أيّ شهرٍ نزورُ الحسينَ عليه السّلام؟ قال: «في النّصفِ من رَجب، والنّصفِ من شَعبان».

وأوردَ الشّيخُ المفيد في (المزار)، زيارةً للنّصف من رجب، تسمّى بالغفيلة؛ لِغَفلةِ النّاس عن فضلِها. قال: «فإنّ أتيتَ الصّحنَ فادخُل الرّوضةَ وكبِّرِ اللهَ ثلاثاً، وَقِفْ على القبر، وَقُل: السَّلامُ عَلَيكُم يا آلَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكُم يا صَفْوَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكُم يا سادَةَ السّاداتِ..»، إلى آخر الزّيارة، وقد أوردها المحدّث القمّي في (مفاتيح الجنان).

- وفي هذا اليوم، تُصلّى الرّكعات العشر الثّانية من «صلاة سلمان» المتقدّم ذكرُها في اليوم الأوّل.

- ومن أهمّ عبادات اليوم الخامس عشر، عملُ «أمّ داود»، وهو بالغُ الأهمّية، ينتظرُه مَن يعرفُه من شهرٍ إلى شهر، حيث إنَّه وإنْ كان في الأصل يؤدَّى في منتصف رجب، ولكن وردت الرُّخصةُ في الإتيان به في كلّ شهر. ومَن عجِز عن العمل بكامل خصوصيّاته، فلا أقلّ من الاهتمام بدعائه، فإنَّ له وحدَه كذلك أهمّية خاصّة.

قال الشّيخ الطّوسيّ: «ويُستحَبّ أن يدعو بدعاء أم داود». وقال السّيّد ابن طاوس، حول دعاء الاستفتاح الذي يُقرَأ في سياق العمل: «وهو دعاءٌ جليلٌ مشهورٌ بين أهل الرّوايات، وقد صار موسماً عظيماً في يوم النّصف من رجب، معروفاً بالإجابات وتفريج الكُرُبات».

وفي (المراقبات) للملَكيّ التّبريزيّ: «وإن وُفِّقَ لدُعاء الاستفتاح مع الشّرائط فهو، وإلّا، لا يَترك لا محالةَ الدّعاءَ نفسَه، ويزورُ الإمام الحسينَ عليه السّلام».

وحريٌّ بكلِّ صاحبِ حاجةٍ صعبةٍ ومُستعصيةٍ، وبالخصوص الأعزّاء عوائل الرّهائن والأسرى والمفقودين، أنْ يولُوا هذا العمل أهميّةً قصوى. وَلْنَتَعامل مع الدُّعاء بروحِه العامّة، لنَضعَه في موقعِه الطّبيعيّ، فندعو للجمهوريّةِ الإسلاميّةِ وللمقاومةِ الإسلاميّةِ، والمجاهدين في فلسطين وأهلِنا في أفغانستان والعراق، وكلّ مكان يواجهُ الإيمانُ فيه قوى الشّركِ والفساد. ومَن أراد أن تُقضى حوائجه الخاصّة فليَهتمّ بالشّأن العام.

وتفصيل هذا العمل المروي عن الإمام الصّادق عليه السّلام تجده في كُتب الأدعية والعبادات، لا سيّما في (مفاتيح الجنان).

* ليلة المبعث الشّريف، ويومُه: (أفضلُ الأيّام على الإطلاق)

وردّ عن الإمام الجواد عليه السّلام في فضيلة اللّيلة السّابعة والعشرين، وهي ليلة المبعث النّبويّ الشّريف: «إنّ في رجب لَليلةً خيرٌ ممّا طَلَعت عليه الشّمس، وهي ليلةُ سبعٍ وعشرين من رجب ".." وإنّ للعامل فيها من شيعتِنا أجرَ عَمَلِ ستّينَ سَنة..».

ومن أعمال هذه اللّيلة زيارةُ أمير المؤمنين عليه السّلام.  قال السّيّد ابن طاوس: «إعلَم أنّ من أفضلِ الأعمالِ فيها زيارةَ مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام، فيُزارُ فيها زيارةَ رجب..».

وقد تحّدث الشّيخ القمّيّ في (مفاتيح الجنان) عن اتّحاد النّبيّ والوصيّ، مبيّناً أنّ السّبب في زيارةِ الأمير ليلةَ المَبعث هو الالتزام برسول الله صلّى الله عليه وآله والتّأكيد على الثّبات في خطّ بعثتِه صلّى الله عليه وآله، عبرَ الالتزامِ بأمير المؤمنين عليه السّلام وَوِلايتِه وإمامتِه، فالمُرتضى هو نفسُ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وبذلكَ صرّح القرآنُ الكريم، وعليه أكّدَ المصطفى صلّى الله عليه وآله.

واليومُ السّابع والعشرون من شهر رجب يومٌ عظيمٌ جدّاً، بل وَرَد في بعض الرّوايات أنّه أفضلُ الأيّام على الإطلاق، لأنَّه تَشَرّف بِبِعثة المُصطفى صلّى الله عليه وآله. وقد هدانا اللهُ تعالى لِنعمةِ الإسلام، ووَفَّقَنا للاعتقادِ به عزَّ وجلَّ من خلال الاعتقادِ بِرسولِه الأعظم صلّى الله عليه وآله، وأن نكونَ مِن أمَّتِه. فلنَعرف عَظَمةَ هذه النِّعمة وَلْنَعرف واجبنَا في شُكرِها.

ومن أهمّ العبادات الواردة في هذا اليوم، الإكثار من الصّلاة على النّبيّ وآله الأطهار، وزيارة رسول الله، وزيارة أمير المؤمنين عليهما وآلهما السّلام. وجميعُ الزّيارات الخاصّة بشهر رجب موجودة بتمامها في كتاب (مفاتيح الجنان).

* الأيّام الأخيرة من شهر رجب: (تدارُك ما فات)

لم يبقَ من هذا الشّهر الكريم إلّا أيّامٌ قليلة، وقد وَرد في الرِّوايات ما يؤكّدُ على التّعويض على ما فات بالجدِّ في الأيّام الأخيرة من هذا الشّهر. فإذا كان الشّخصُ لم يَستطِع الصّيام في أوّل الشّهر أو في وَسَطه أو ما قبلَ الأخير، فَلْيَصُم ما استَطاع من آخِر الشّهر.

ومن المهمّ كذلك أن نُكثِرَ (في هذه الفرصة المُتبقّية) من الصَدَقة والاستغفار وقراءةِ (قل هو الله أحد)، كما يُستَحبُّ الإكثارُ من الذّكر المرويِّ عن الإمام السّجّاد عليه السّلام، الذي وردَ أنّه كان يُكثِرُ من قراءته في شَهر رجب: «عَظُمَ الذّنبُ من عَبْدِك، فَلْيَحْسُنِ العفوُ من عندك».

ولا يفوت التّذكير بأداء الدّفعة الثّالثة من «صلاة سلمان» في اليوم الأخير من الشّهر. ويكفي في الحثّ على هذه الصّلاة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله اعتبرَها علامةً تميِّز المؤمنين من المنافقين.

 

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر 14

ملحق شعائر 14

  دوريّات

دوريّات

منذ يوم

دوريّات

نفحات