يذكرون

يذكرون

منذ 4 أيام

علاجُ الوَسوَسة


علاجُ الوَسوَسة

الذِّكرُ، والفِكرُ، واتّباعُ ظاهر الشَّرع

ــــــــــــــــــــ الشّيخ حسين بن عبد الصّمد العامليّ ــــــــــــــــــــ

 

كتاب (العقد الحسينيّ) للشّيخ حسين بن عبد الصّمد، والد الشّيخ بهاء الدّين العامليّ رضوان الله تعالى عليهما، كتابٌ فقهيّ مختصَر في أحكام الطّهارة والصّلاة، اخترنا منه هذا «التّنبيه» الذي أورده، رحمه الله، في كيفيّة دفْع الوَسوسة في العبادات ومقدّماتها.

 

«..الوَسواسُ في الطّاهر والنّجس، والنّيّة في العبادات، وأفعال الصّلاة ".." قرّر الأئمّة عليهم السّلام أنّه من الشّيطان، وأجمعَ [العلماءُ] على ذلك، فلا بدّ للمؤمن الرّشيد من دفعه عنه، وذلك يكون بوجهَين:

الوجه الأوّل: ما بيَّنه اللهُ تعالى، وما وردَ عن المعصومين من الدّعاء لدفعه.

قال اللهُ تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فصّلت:36.

* ورويتُ بَسندي المتّصل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنّه قال: (مَنْ وَجَدَ مِنْ هَذَا الوَسْوَاسِ شَيئاً فَلْيَقُل: آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ، ثَلَاثاً، فَإنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ عَنْهُ).

* ورويتُ بسَندي إلى جعفر الصّادق عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله قال لِمَن شكى إليه كَثرةَ الوسواس، حتّى لا يعقل ما صلَّى من زيادةٍ ونُقصان: (إِذَا دَخَلْتَ فِي صَلَاتِكَ، فَاطْعَنْ فَخْذَكَ اليُسْرَى بِإصْبَعِكَ اليُمْنَى المُسَبِّحَةِ، ثُمّ قُلْ: بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، فَإِنَّكَ تَطْرُدُهُ عَنْكَ).

وقال العلماء: أنفعُ علاجٍ في دفْع الوسوسة ذِكرُ الله والإكثارُ منه، لأنّ الشّيطانَ إذا سمعَ ذِكْرَ الله خَنَس، أي بَعُد وتأخّر؛ فيَنبغي الإكثارُ من قول (لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ) لأنّها رأسُ الذّكر. وَقَد وردَ في فضلِها وشرافتِها وأسرارها من طريق الخاصّة والعامّة ما لا يكاد يُحصَر، ولهذا اختارَها أهلُ السّلوك لتربية السّالكين وتهذيبِ المُريدين، وقد جَمَعَتْ بين النَّفْي والإثبات: نَفْي أُلوهيّةِ ما سوى الله، وإثباتِ أُلوهيّتِه تعالى، لأنّ الإثباتَ إذا وردَ على القلبِ فلا بدّ أن يكونَ خالياً من كلِّ شيءٍ لِتَستقرَّ فيه ألوهيّةُ الله تعالى، وما دامَ فيه شيءٌ لا تستقرّ، لأنَّ الباري لا يقبلُ شريكاً، فإذا خَلا القلبُ من كلّ شيءٍ تثبتُ فيه أُلوهيّة الله تعالى، وانقهرَ الشّيطانُ وتأخَّر.

قال بعضُ العارفين: إذا أردتَ أن تقطعَ الوسواس في أيِّ وقتٍ أحسستَ به فَافْرَح، فإنّك إذا فرحتَ به انقطعَ عنك، لأنّه ليس شيءٌ أبغضُ إلى الشّيطان من سرورِ المؤمن، وإنْ غممتَ به زادَك.

قلتُ: هذا يدلّ على أنّ الوسواسَ إنّما يُبتلى به المؤمن، لأنّ اللّصَّ لا يقصدُ بيتاً خَرِباً، لكنّ دفعَه يكونُ بكمال الإيمان باللهِ ورسوله والأئمّةِ الرّاشدين صلواتُ الله عليهم أجمعين.

 

الوجه الثّاني في دفع الوسواس: الفِكرُ والتّعقّل، وذلك أنّه قد عُلم أنّ الوسواسَ من عدوّنا وعدوّ أبينا من قبل، والباري عزّ وجلّ والأئمّةُ المعصومون عليهم السّلام قد بيَّنوا ذلك، وأمرونا بمخالفتِه واتّباعِ ظاهر الشّرع؛ قالَ الله تعالى: ﴿..لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ..﴾ الأعراف:27. فإذا علمنا ذلك واتّبعناه نكونُ قد خالَفنا اللهَ والأئمّةَ المعصومين عليهم السّلام، واتّبعنا عدوّنا الّذي قصدُه إضرارُنا، ونكون قد أدخلنا الضّررَ على أنفسنا؛ أمّا في الدّنيا فَبالتَّعبِ والعناءِ بغير نفعٍ، وأمّا في الآخرة، فَلِمُخالفتنا أوامرَ الله ورسولِه والأئمّةِ المعصومين عليهم السّلام، وهذا لا يفعلُه موفَّقٌ رشيد، أجارَنا اللهُ وإيّاكم من ذلك».

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 4 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات