دَرسان من اليقين الزَّينبي
نجيب حمدان
هل يعقل أن نمرّ مروراً عابراً -أَلِفْناه- بِعَظَمة هذا اليقين الزينبي -المحمّدي- الذي نفهم منه أنّ كلّ فجائع المصطفى الكربلائيّة، لم تقوَ على إضعاف عزيمتها قيد أنملة، فإذا كلُّ حرفٍ من خطبتها التاريخيّة كضربةٍ بحدّ ذي الفقار:
«وهل رأيُك الا فَنَدْ. وأيّامُك إلا عَدَدْ. وجَمْعُك إلا بَدَدْ. يوم يُنادي المنادي: ألا لعنةُ الله على الظالمين..».
( 1 )
- أيُّ سِرٍّ في هذا اليقين الزينبي، وهل إلى رَشْحةٍ منه، من سبيل؟
- أليقين طمأنينة قلب، وسكينةٌ يُنزلها الله على مَن يجعله في درعه الحصينة:
﴿الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ الرعد:28.
وليس المُراد بالذِّكر اللّساني منه فقط، ولا القلبيّ بمَعزل عن اللّساني، بل المُراد به القلبي الذي لا سبيل إليه إلا باللّساني.
وينبغي أن يكون واضحاً أنّ الفكر أرقى أنواع الذِّكر.
علينا إذاً أن نُفكِّر جيّداً، للوصول إلى الذِّكر القلبي، وأن نُجيد اختيار الذِّكر اللّساني الذي يتكفّل بِتَهيئة المُناخ الأمثل للذِّكر القلبي.
والنُّقطتان العمليّتان هنا:
* اختيار أوقاتٍ مناسبة للتفكير بالنفْس، وما حولنا، والهمِّ العام: همِّ المسلمين، وكلِّ عباد الله المُستضعفين، والمسار والمصير.
* واختيار أذكار نلتزم بالمواظبة عليها على قاعدتين:
1- يذكرون الله قياماً، وقُعوداً، وعلى جُنوبهم. 2- خيرُ الأعمال أدومُها وإن قلَّ.
هل تُدرك يا قلب، أنّ ثمّة مشكلة في الموقف السائد من الذِّكر؟
( 2 )
يرتبط اليقين بالعبادة ارتباطاً وثيقاً: ﴿واعبد ربَّك حتى يأتيك اليقين﴾ الحجر:99.
ولَئِن لم يكن لنا أن نتحدّث عن علاقة عبادة مولاتنا السيدة زينب بِيقينها، فلا أقلَّ من الحديث العام في هَدي ما نعرف من سيرتها المباركة.
نعرف عموماً أنّها كانت تصلّي صلاة الليل حتى في ليلة الحادي عشر، وأجواءِ الأسر، ونعرف أنّها كانت تضطرّ لصلاة النوافل من جلوس، لأنّها عليها السلام، كانت تحتفظ بالرغيف الذي كان يُعطى لكلِّ أسير، لِتُطعمه لأيتامِ رسول الله، أيتامِ أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
فما هو موقفنا من صلاة اللّيل، ولو قضاءً؟!
المجلة
حسينية الصديقة الكبرى 
