الملف

الملف

منذ أسبوع

حقيقة الزّيارة ومنتهاها إلى الله تعالى

حقيقة الزّيارة ومنتهاها إلى الله تعالى

«مَن زارَ قبر الحسين لله، وفي الله، أعتقَهُ اللهُ..»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: شعائر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

زيارة الحسين لله، محضُ التّوحيد، فهي زيارةُ عبدِه الذي تجلّى توحيدُه سبحانَه فيه إلى حيث أصبح سرَّ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، وهو أقربُ الخلق إلى الله تعالى.

في هذا السياق اختارت «شعائر» من كتاب (مَنْ زارَ الحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلامُ عارِفاً بِحَقِّهِ) للشّيخ علي التميمي - بتصرّف وإضافات – ما يلي:

 

ما ورَدَ من أنّ زائر الحسين عليه السّلام؛ عارفاً بحقّه، يكون كمَن زارَ الله فوق عرشهِ؛ يُعرَف [معناه] بالانتباه إلى أمور، منها:

 

الأوّل: أنّ العرش المذكور في الآيات والروايات ليس عرشاً ماديّاً؛ فإنّه اسمُ عِلمٍ وقُدرة، كما ورد في الخبر، وهو بعدُ يوافق الجَمّ الكثير من الروايات التي تناولتْ ما يصدر عن هذا العرش.

ففي هذا العرش مكنونُ ما كان وما يكون مِن عالَم الإيجاد والتدبير وعالَم الدِّين والمُداينة.

 

الثاني: قد تقدّم أنّ سيّدنا محمّداً وآله؛ صلوات الله عليهم، هم عينُ الحقائق الإلهيّة لعالَم الدِّين والمُداينة، وهو ما استفدناه من روايات كثيرة، وبهذا يكون العرش مصدرَ آثارهم وحقائقهم وولايتهم؛ وهو ما ذكرتْه بعض الأخبار، وهو أنّهم؛ صلوات الله عليهم، يوفون (يوافون) على العرش كلّ ليلةِ جُمعة فلا تُردُّ أرواحهم إلى أبدانهم إلاّ بعِلمٍ مُستفادٍ، ولولا ذلك لنفدَ ما عندهم كما نصّت تلك الأخبار.

 

وعلى هذا فعبارة: «مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَمَنْ زارَ اللهَ فَوْقَ عَرْشِهِ» دالّةٌ على قُرب الزائر من تلك الحقائق الإلهية المكنونة في عرشهِ، التي فيها ما شاء وما أراد، وهو ما لا يكون إلّا بهم؛ عليهم السلام، وبمواضع وأفعالٍ تنفذُ إليهم؛ عليهم السلام.

وهكذا بقية الآثار الواردة في زيارتهِ عليه السّلام.

 

ويشير إلى أنّ المزور حقيقةً بزيارة الإمام الحسين عليه السّلام هو اللهُ تعالى، العديد من روايات زيارتهِ عليه السّلام؛ منها:

1- قول الصادق عليه السّلام: «مَن زارَ قَبْرَ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ يُريدُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، شَيَّعَهُ جَبْرَئيلُ وَميكائيلُ وَإِسْرافيلُ حَتّى يُرَدَّ إِلى مَنْـِزلِهِ».

2- قوله عليه السّلام: «سَمِعْتُ أَبي يَقولُ لِرَجُلٍ مِنْ مَواليهِ - وَسَأَلَهُ عَنِ الزِّيارَةِ - فَقالَ لَهُ: مَنْ تَزورُ وَمَنْ تُريدُ بِهِ؟ قالَ: اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى، فَقالَ: مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ صَلاةً واحِدَةً يُريدُ بِها اللهَ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ يَلْقاهُ وَعَلَيْهِ مِنَ النّورِ ما يَغْشى لَهُ كُلُّ شَيْءٍ يَراهُ، وَاللهُ يُكْرِمُ زُوّارَهُ...».

3- قوله عليه السّلام عن زائري سيّد الشهداء عليه السّلام: «...فَإِذا اغْتَسَلُوا ناداهُمْ مُحَمّدٌ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: يا وَفْدَ اللهِ أَبْشِروا بِمُرافَقَتي في الجَنَّةِ...».

4- قوله عليه السّلام: «مَنْ أَتى قَبْرَ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ زائِراً لَهُ عارِفاً بِحَقِّهِ يُريدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ وَالدّارَ الآخِرَةَ غَفَرَ اللهُ – واللهِ – ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَما تَأَخَّرَ...».

5- قوله عليه السّلام: «مَنْ زارَهُ يُريدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ، أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْ ذُنوبهِ كَمَوْلودٍ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ...».

6- قوله عليه السّلام: «مَن زارَ قَبْرَ الحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، للهِ وَفي اللهِ، أَعْتَقَهُ اللهُ مِنَ النّارِ وَآمَنَهُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ..».

7- عن جابر الجُعفيّ قال: دخلتُ على جعفر بن محمّد عليه السّلام في يوم عاشوراء فقال لي: «هَؤُلاءِ زُوّارُ اللهِ، وَحَقٌّ عَلى المَزورِ أَنْ يُكْرِمَ الزَّائِرَ..».

8- قوله عليه السّلام: «...اللَّهُمَّ إِنّي إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْري وَإِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسي، وَإِلَيْكَ أَلْجَأْتُ ظَهْري... اللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ وَفَدَ إِلَيْهِ الرحال (الرّجال، وشُدّت إليه الرّحال)، وَأَنْتَ يا سَيِّدي أَكْرَمُ مَأْتِيٍّ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ... اللَّهُمَّ إِلَيْكَ توجّهتُ، وَإِلَيْكَ خَرَجْتُ، وَإِلَيْكَ وَفدْتُ وَلِخَيْرِكَ تَعَرَّضْتُ».

9- قوله عليه السّلام: «...الحَمْدُ للهِ الذي إِلَيْهِ قَصَدْتُ فَبَلَّغني، وَإِيَّاهُ أَرَدْتُ فَقَبِلَني... اللَّهُمَّ إنّي أَرَدْتُكَ فَأَرِدْنِي، وَإِنّي أَقْبَلْتُ بِوَجْهي إِلَيْكَ فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنّي، فَإِنْ كُنْتَ عَلَيَّ ساخِطاً فَتُبْ عَلَيَّ، وَارْحَمْ مَسيري إِلى ابْنِ حَبيبِكَ؛ أَبْتَغي بِذَلِكَ رِضاكَ عَنِيّ فَارْضَ عَنّي...».

10- قوله عليه السّلام: «إِلَيْكَ يا رَبِّ صَمَدْتُ مِنْ أَرْضي...».

زيارة سيّد الشهداء عليه السّلام صورة توحيدية خالصة

يمكن أن نستعرض صورة إجمالية مختزلَة من إحدى زيارات سيّد الشهداء عليه السّلام، كي نرى المقدار المطلوب من التوجّه إلى الله سبحانه في زيارته عليه السّلام، وهو ما يعكس دلالاته التوحيدية الرائعة؛ و ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ق:37.

جاء في الزيارة السادسة عشرة، [في كتاب (كامل الزيارات) ص 236 -258 ]، ما يلي:

إِذا أَرْدَتَ المسيرَ إِلى قَبْرِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ...

قُلْ حين تغتسل: اللَّهُمَّ طهِّرْ قَلْبي ...

فَإِذا خَرَجْتَ فَقُلُ: اللَّهُمَّ إِنّي إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ ...

ثُمّ قُلْ: بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ ... اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَإِلَيْكَ خَرَجْتُ...

اللَّهُمَّ اجْعَلْني في دِرْعِكَ ...

اللَّهُمَّ إنّي أَعوذُ بِكَ ...

اللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ وَفَدَ إِلَيْهِ ...

اللَّهُمَّ إِنّي أَرَدْتُكَ فأَرِدْني.

اللَّهُمَّ صلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ سَعْيي مَشْكوراً.

اللَّهُمَّ طَهِّرْني ...

اللهُ أَكْبَر - ثلاثين مرّةً -

الحَمْدُ للهِ الّذي إِلَيْهِ قَصَدْتُ فبلّغَني وَإِيَّاهُ أَرَدْتُ فَقَبِلَني...

اللَّهُمَّ إنّي أَرَدْتُكَ فَأَرِدْنِي...

التَكْبيرُ وَالتَّهْليلُ وَالتَّمْجيدُ وَالتَّحْميدُ وَالتَّعْظيمُ للهِ وَلِرَسولِهِ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ.

اللهُ أَكْبَر – ثلاثين مرّةً –

لا إلهَ إلّا الله ... [ ثلاثاً ]

والحَمْدُ للهِ... [ ثلاثاً ]

وَسَبْحانَ اللهِ ... [ ثلاثاً ]

وَالحَمْدُ للهِ ...

وَلا إِلَهَ إِلّا اللهُ ... [ أربعاً ]

وَالحَمْدُ للهِ...

كبِّرْ ثلاثينَ تكبيرة ...

لا إلهَ إلّا اللهُ تَهْليلاً لا يُحْصيهِ غَيْرُهُ ...

وَسَبْحانَ اللهِ...

وَالحَمْدُ للهِ ولا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ أكَبْرُ ... أَبَداً أَبَداً أَبَداً ...

اللَّهُمَّ ...

..أنَّك حقٌّ وَأنّ رَسولَكَ حَقٌّ وأنّ قولَكَ حَقٌّ وأنَّ قضاءَكَ حَقٌّ وَأَنَّ قُدْرَتَكَ حَقٌّ وَأَنَّ فِعْلَكَ حَقٌّ وأَنَّ جَنَّتَكَ حَقٌّ وَأنَّكَ مُميتُ الأَحْياءِ وَأَنَّكَ مُحْيي المَوْتى وأَنَّكَ باعِثُ مَنْ في القُبورِ...

ثمّ امشِ...

بالتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد والتعظيم لله ولرسوله؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ...

أشهدُ ألّا إلهَ إلّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له...

(هنا فقرات من الإقرار ببعض العقائد المرتبطة بسيّد الشهداء عليه السّلام، ككَونه صفوة الله مِن خلقهِ، والسلام عليه بما يليق به عَلَيْهِ السَّلامُ)

ثمّ امشِ قليلاً وقُلْ:

اللهُ أكبر – سبع مرّات – وهلِّله سبعاً، واحمده سَبعاً، وسبِّحه سَبعاً، وقُلْ لَبَّيْكَ داعِيَ الله سَبعاً...

***

 [ثم تأتي] فقرات من إظهار النُّصرة لسيّد الشهداء، والتسليم بأمرهِ عليه السّلام، والسلام عليه بما ثبت له من مقامات، وهي بمجموعها لا تُخرجه عليه السّلام من عبوديّته لله سبحانه، ولا تُخرج الزائر من دائرة «اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يَتَّبِعُ النّورَ الّذي أُنْزِلَ مَعَهُ (معَهم)، وَأَحْيِنا مَحْياهُمْ وَأَمِتْنا مَماتَهُمْ...: اللَّهُمَّ هَذا مَقامٌ أَكْرَمْتَني بِهِ وَشَرَّفْتَني بهِ، وَأَعْطَيْتَني فيهِ رَغْبَتي عَلى حَقيقَةِ إيماني بِكَ وَبِرَسولِكَ». فاقرأ وتدبّر ولا تكن ممّن يجحدُ الحقّ ويزِلُّ عن الصّراط المستقيم.

اللَّهُمَّ أَدْخِلْني في أَوْلِيائِكَ ...

رَحِمَكَ اللهُ يا أبا عَبْدِ اللهِ ...

أَنَّكَ عَبَدْتَهُ حَتّى أَتاكَ اليَقين ...

فَأَسْأَلُ اللهَ البَرَّ الرَّحيم ...

أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَأَمينُه ...

اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ ...

رَبِّ أَفْحَمَتْني ذُنوبي ...

يا سَبْحانَكَ! ...

يا سَيّدي فَارْحَمْ كَبْوَتي ...

رَبِّ أَشْكو إِلَيْكَ قَسَاوَةَ قَلْبي ...

أَسْتَكينُ لَكَ ...

فَاقْبَلْ تَوْبَتي ...

وَنَفِّسْ كُرْبَتي وَارْحَمْ خُشوعي وَخُضوعي وَانْقِطاعي إِلَيْكَ سَيِّدي ...

فَأَنْتَ رَجائي وَظَهْري وَعُدَّتي وَمُعْتَمَدي لا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ.

ثُمَّ كَبِّرْ خَمْسَةً وَثَلاثينَ تكبيرةً

ثمّ ... إِلَيْكَ يا رَبِّ صَمَدْتُ مِنْ أَرْضي ...

اللَّهُمَّ ارْحَمْ تَضَرُّعي ...

ثم تسبِّح عند رأسه ألف تسبيحة ...

اللَّهُمَّ رَبَّ الأَرْباب ...

أَتَوَسَّلُ إِلى اللهِ في جَميعِ حَوائِجي ...

اللَّهُمَّ رَبَّ الحُسَيْنِ! ...

وتُسَبِّح عند رِجلَيه ألفَ تسبيحة ... فإنْ لم تقدر فمائة ... (انتهى).

فهل يوجد توجُّهٌ وانقطاعٌ إلى الله سبحانه وتعالى مثلُ هذا؟!   

 

نعم؛ هناك بعض الفقرات الموجودة في هذه الزيارة [السادسة عشرة] وغيرها، مرتبطة بسيّد الشهداء عليه السّلام مباشرةً؛ فإنّه على الرغم من شرح الزيارة نفسها لتلك الفقرات بما يُبقي حقيقة الزيارة على صراطها الحقّ من الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى؛ كقوله عليه السّلام: «اللَّهُمَّ... وَقَدْ أَتَيْتُكَ زائِراً قَبْرَ ابْنِ نَبِيِّكَ صَلَواتُك عَلَيْهِ...».

وهذا نحوٌ من التعبُّد جَرتْ عليه سُنَنُ الله في خلقهِ، وإلّا فهو؛ جلَّ جلاله، محيطٌ بكلِّ شيءٍ، وهو أقربُ إلى الإنسان من حبل الوريد، ولكن على الرغم من ذلك ﴿..فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ..﴾ البقرة:144. والحكمة في هذا التحديد المكانيّ، بل في كلِّ تحديدٍ مكانيٍّ أو زمانيٍّ إنّما هو ﴿.. لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ..﴾ البقرة:143.

فعلى الرغم من تعدّد صوَر الإتيان والتوجّه إليه سبحانه؛ سواء أكان من مكانٍ محدَّدٍ أو زمان معلومٍ، فالمَأْتِيُّ واحدٌ؛ سبحانه وتعالى؛ فلم يتعدّد ولم يختلط ولم يشارِكْهُ شيءٌ من تلك الأماكن أو الأزمِنة على الرغم من شديد احترامها وقَداستِها لدى المسلمين، فهم لا يعبدون الكعبةَ على الرغم من تحرِّيهم لها ومواظبتِهم على استقبالها وتقديسها.

وكلامنا هذا لا نَعني بِهِ مَن ﴿..صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ..﴾ سبأ:20؛ فإنّهم إنّما يُريدون أن يعبدوا الله كما يُريدون لا كما يُريدُ الله سبحانه وتعالى، فهم؛ في واقع الأمر يعبدون أهواءَهم وأنفسهم الأمّارة بالسوء، فهم مستكبرون، غافلون، كما وصفَهم القرآن الكريم.

فالنتيجة؛ أنّ زيارة سيّد الشهداء زيارةُ اللهِ سبحانه وتعالى؛ أي قصدُ قُربِهِ ورضاه، كغيرها من أعمال القُرب، فهي مهما امتزجتْ بلباس المكان أو الزمان أو غيرهما مِن خَلْقِ الله لا تخرجُ عن حدِّ العبادة، بل المناقشة فيها خروجٌ عن حدِّ العبادة، فضلاً عن إنكارها وعدم امتثالها؛ فإنّه خروجٌ عن أمر الله سبحانه.

﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ..﴾ الأعراف:12.

هذا هو الأساس المعرفيّ العمليّ الأوّل لزيارة سيّد الشهداء عليه السّلام، وهو أن تكون الزيارة لله سبحانه وتعالى، وهذا ما دأَبَ عليه الشيعة الملتزمون بعُروة أهل البيت عليهم السلام.

 

السيّدُ ابنُ طاوس يشرح مَعنى:

«زارَ اللهَ في عَرْشِهِ»

عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ صامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبانَ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ البَتَّةَ، ومَنْ صامَ يَوْمَيْنِ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ في دارِ الدُّنْيا وَدامَ نَظَرُهُ إِلَيْهِ في الجَنَّةِ، وَمَنْ صامَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ زارَ اللهَ في عَرْشِهِ في جَنَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ».

قال السيد ابن طاوس عليه الرحمة: «أقول: لعلّ المراد بزيارة الله في عرشِه، أن يكونَ لقومٍ من أهل الجنّة مكانٌ من العَرش، مَن وصل إليه يُسمَّى زائرَ الله، كما جعلَ اللهُ الكعبةَ الشريفة بيتَه الحرام، مَن حجَّها فقد حجَّ الله.

وذكر الشيخ ابن بابويه رحمَه الله في كتاب (مَن لا يحضره الفقيه) أنّ معنى هذا الحديث زيارة أنبياء الله وحُجَجِه في الجنان، وأنّ من زارهم فقد زارَ الله.

وقد وردتْ أحاديث كثيرة: أنّ زيارة المؤمن وعيادتَه وإطعامَه، وكسوتَه، منسوبةٌ إلى أنّها زيارةُ الله وموصوفةٌ بأنّها عُمِلَت مع الله».

السيد ابن طاوس، إقبال الأعمال: ج 3/ ص 294.

 

  

زيارةُ الأنبياء والحُجَج

زيارةُ الله

قال الشيخ الصّدوق عليه الرحمة والرضوان:

«روى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم الأزدىّ، قال: سمعتُ أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول: مَنْ صامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبانَ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ البَتَّةَ، ومَنْ صامَ يَوْمَيْنِ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ في دارِ الدُّنْيا وَدامَ نَظَرُهُ إِلَيْهِ في الجَنَّةِ، وَمَنْ صامَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ زارَ اللهَ في عَرْشِهِ مِن جَنَّتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ».

أضاف رحمَه الله تعالى:

«قال مصنِّف هذا الكتاب: زيارةُ الله زيارةُ أنبيائه و حُجَجِه صلواتُ الله عليهم. مَن زارَهم فقد زارَ اللهَ، كما أنّ من أطاعَهم فقد أطاعَ الله، ومَن عَصاهم فقد عَصى الله، ومَن بايعَهم فقد بايعَ الله عزّ وجلّ، وليس ذلك على ما يتأَوّلُه المشبِّهة، تَعالى اللهُ عمّا يقولون علوّاً كبيراً».

الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج 2/ ص 93،

وانظر: فضائل الأشهر الثلاثة: ص57. 

«شعائر»

 

.. واللهُ يُكرِمُ زُوّاره

«عن أبي عبد الله (الصّادق) عليه السّلام، قال:

سمعتُ أبي يقولُ لرَجلٍ من مَواليه و[قد] سألَه عن الزّيارة، فقالَ له: مَن تزورُ ومَن تريدُ به؟

 قال [السّائل]: [أريدُ به] اللهَ تبارك وتعالى، فقال:

مَن صلّى خلفَه صلاةً واحدةً يريدُ بها اللهَ، لَقِيَ اللهَ يومَ يلقاه وعليه من النّور ما يَغشى لَه كلُّ شَيءٍ يَراه، واللهُ يُكرِمُ زُوّارَه ويَمنعُ النارَ أن تنالَ منهم شيئاً، وإنّ الزائرَ له لا يتناهى له دونَ الحَوض، وأميرُ المؤمنين عليه السّلام قائمٌ على الحَوض يصافحُه ويَرويه من الماء، وما يسبقُه أحدٌ إلى وُروده الحوضَ حتّى يَروى، ثمّ ينصَرِف إلى منزلِه من الجنّة، ومعه ملَكٌ من قِبَلِ أميرِ المؤمنين يأمرُ الصّراطَ أن يذلَّ له، ويأمرُ النارَ أن لا يصيبَه من لَفْحِها شيءٌ حتّى يَجُوزَها، ومَعه رسولُه الّذي بعثَه أميرُ المؤمنين عليه السّلام».

ابن قُولويه، كامل الزيارات: الباب (44)، ص238.

«شعائر»


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

نفحات