مصطلحات

مصطلحات

منذ يومين

الاستغفار


الاستغفار

سَترُ الذّنب، وصيانةُ العبدِ من العذاب

ــــــــــــــــــ الشّيخ محمّد عليّ الأنصاريّ* ــــــــــــــــــــ

الاستغفار لغةً: هو طلبُ الغَفْر، وهو السَّتْر. قال الرّاغب الأصفهانيّ: «الغَفر: إلباسُ ما يَصونُه عن الدَّنَس. ومنه قيل: اغفِر ثوبَك في الوعاء، واصبَغ ثوبَك، فإنّه أغفرُ للوسَخ».

الاستغفار اصطلاحاً: هو طلبُ المغفرة من الله تعالى، وهو: إمّا بمعنى «أن يصونَ العبدَ من أن يمسَّه العذاب»، أو بمعنى «أن يسترَ الذّنبَ عن الأغيار، كي لا يعلَمه أحدٌ، ولا يكونَ عليه شاهدٌ».

والمقصود هنا طلبُ المغفرة بالقول، وأمّا طلبُها بالعمل - كفعل بعض الطّاعات وأفعال الخير الموجبة لمغفرة الذّنوب - فذلك بابٌ واسعٌ لا يتّسعُ المقامُ لبيانه.

الفرق بين الاستغفار والتّوبة

فُرِّق بين «التّوبة» و«الاستغفار» من النّاحية اللّغويّة بـ: «أنّ الاستغفار طلبُ المغفرة بالدّعاء والتّوبة، أو غيرهما من الطّاعة. والتّوبة النّدمُ على الخَطيئة مع العزم على تَرْك المعاوَدة».

وأمّا من النّاحية الفقهيّة، فقد قال الشّيخ مرتضى الأنصاريّ في (رسائله): «إنّ ظاهر بعض الآيات والرّوايات مغايرةُ التّوبة للاستغفار»، مستَشهداً بقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ..﴾ هود:90، وبالصّيغة المعروفة للاستغفار: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إِلَيْهِ». ثمّ قال: «وممّا يظهر منه الاتّحاد: الجمعُ بين ما دلَّ على أنّ دواءَ الذّنوبِ الاستغفارُ وأنَّ التّائبَ مِنَ الذَّنْبِ يُغْفَرُ لَهُ، وأنّه كَمَنْ لا ذَنْبَ له».

آثارُ الاستغفار

يُستفاد من الآيات والرّوايات أنّ للاستغفار آثاراً مهمّة، منها:

أوّلاً: صلاحُ المجتمع، ونزولُ البركات، والحياة الطّيّبة: قال الله تعالى حكايةً عن نوح عليه السّلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ نوح:10-12.

ثانياً: رفعُ العذاب عن أُمّة النّبيّ صلّى الله عليه وآله. قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ الأنفال:33.

صِيغُ الاستغفار

وردت صِيَغ عديدة للاستغفار، منها: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي»، و«أَسْتَغْفِرُ اللهَ» و«أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتوبُ إِلَيْهِ»، و«أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ»، و«أَسْتَغْفِرُكَ اللَّهُمَّ» وصِيَغٌ أخرى.

الحكم التّكليفيّ للاستغفار

ينقسم الاستغفارُ بحسب الحكم التّكليفيّ إلى: المندوب، والواجب، والحرام، والمكروه.

* الاستغفار المندوب: يستَحبّ الاستغفار في حدّ ذاته وفي جميع الحالات، عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «خَيْرُ الدُّعاءِ الاسْتِغْفارِ». وعن أبي عبد الله الإمام الصّادق عليه السّلام: «إِنَّ رَسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كانَ لا يَقومُ مِنْ مَجْلِسٍ وَإِنْ خَفَّ حَتّى يَسْتَغْفِرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَمْساً وَعِشْرينَ مَرَّةً».

* الاستغفار الواجب: إذا أخذنا التّوبة من المعاصي والنّدمَ عليها ممّا يُشترَط تحقّقُه في الاستغفار، فيكون الاستغفارُ من الذّنوب - بمَعنى التّوبة منها - واجباً في جميع الأحوال، لوجوب التّوبة من الذّنوب.

* الاستغفار المحرّم: يَحرمُ الاستغفار للمشركين بنصّ الكتاب العزيز، قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ التّوبة:113. والظّاهر أنّ سائر الكفّار بحُكم المشركين من هذه الجهة.

* الاستغفار المكروه: لم أعثر على مثالٍ للاستغفار المكروه مصرَّحٍ به في كلمات الفقهاء، إلّا أنّهم قالوا: يُكرَه أن يُنادى خلفَ الجنازة: استَغفروا له. أي للميّت، ولعلّه لأجل ما فيه من التّعريض به، والإشعار بكونه مُذنِباً، وهو منافٍ لحُرمة المؤمن وهتكٌ لها. والكراهة هنا ليست لنفس الاستغفار، بل لقَول القائل...

 
 
 

* المقال مختصر عن (الموسوعة الفقهيّة الميسّرة)، للشّيخ الأنصاريّ.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

نفحات