موقف

موقف

22/11/2014

دروس الأخلاق في الحوزات العلميّة

رأي العلّامة الطهراني* في دروس الأخلاق في الحوزات العلميّة

أساس مدرسة التّشيّع قائمٌ على التّضحية*

 

لطالما كان بحثُ الحكمة والفلسفة شائعاً ورائجاً في الحوزات العلميّة [الإماميّة]. ولأجل ذلك حاز متكلّمو الشّيعة قصَب السّبق والظّفر والتّفوّق طوال الألف سنة الماضية، وقد تخرّج من هذه الحوزات علماء وفقهاء أمثال:

هشام بن الحكم، والسّيّد المرتضى، والشّيخ المفيد، والشيخ نصير الدّين الطّوسيّ، والعلّامة الحلّيّ، والميرداماد، والملّا صدرا الشيرازيّ، والقاضي نور الله التستريّ.

[ومن المتأخّرين]: السيّد مهدي بحر العلوم، والشيخ محمّد كاظم الخراسانيّ (الآخوند)، والميرزا محمّد حسن الآشتيانيّ، وابنه الميرزا أحمد، والميرزا مهدي الآشتيانيّ، والشيخ حسين قُلي الهمدانيّ، والسيّد أحمد الكربلائيّ الطهرانيّ، والميرزا محمّد حسن النائينيّ، والشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء، والشيخ محمّد حسين الإصفهانيّ الكمبانيّ، والمولى الشيخ مهدي النراقيّ، والميرزا محمّد حسن الشيرازيّ، والشيخ محمّد باقر الإصطهباناتيّ، والشيخ أحمد الشيرازيّ، والميرزا فتح الله المشهور بشيخ الشريعة الإصفهانيّ، والشيخ محمّد علي الشاه ‏آباديّ، وتلميذه البارز القائد الكبير للثورة الإسلامية الإمام الخمينيّ، والسيّد حسين باد كُوبه‏ إي؛ وتلميذَيه: أستاذنا الأكرم العلّامة السيد محمّد حسين الطباطبائيّ، وأخوه السيّد محمّد حسن، وغيرهم ممّن يصعبُ عَدّهم؛ أولئك الذين كانوا حماةً للدّين وللقرآن الكريم، ولشريعة سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله والأئمّة الطّاهرين عليهم السّلام.

وبناءً على هذا الأساس، فإنّ البحث التّفسيريّ للقرآن الكريم، وتدريس الحكمة والفلسفة والعلوم العقليّة، و[علوم] العرفان والأخلاق من الضرورات اللّازمة لهذه الحوزات الفقهيّة، ولا تنفكّ عنها. ذات ليلة، أبدى المرحوم آية الله السيّد عبد الهادي الشيرازيّ أسفَه في مجلسٍ خاصّ، وقال: «حين قدمتُ للدّراسة في النّجف الأشرف، كان هناك اثنتا عشرة حوزة رسميّة لتدريس الأخلاق والعرفان، أمّا الآن فليس هناك حتّى حوزة واحدة».

نعم، لقد استمرّت هذه الحوزات فعّالة بتدريس الأبحاث القرآنيّة، والتفسيريّة، والأخلاقيّة، والعرفانيّة، والحكميّة، والفلسفيّة، إلى زمن الثورة الدستوريّة (في إيران)، ثمّ سعى الاستعمار الكافر:

أوّلاً: إلى إنهاء وجود النّجف كمركزٍ علميّ وفقهيّ، وإلى نقل الحوزات وتفريقها في أماكن شتّى.

ثانياً: سعى الاستعمار إلى إنهاء تدريس القرآن والتفسير والعلوم العقليّة والفلسفيّة في الحوزات الشيعيّة، ليصبح علماؤهم كالأشاعرة من العامّة وكالأخباريّين والحشويّين، يهتمّون بالظواهر في حين يبقى المحتوى واللّبّ خالياً فارغاً؛ وذلك لئلّا يثور عليهم أحد أو يَقف بوجههم، ولتهبطَ قدرة البحث وإمكانيّته، وكذا التفكير والمسائل العقليّة والعلميّة في الحوزات، فتتغلّب عليها خططُهم ودسائسُهم المموّهة. وإلى هذا اليوم، فقد استؤصل بحث التفسير والبحوث القرآنيّة، وبحوث الحكمة والفلسفة والعرفان، استئصالًا تامّاً، فصار يُعَدّ تدريسُها... من الأمور الوضيعة.

نقلَ لي المرحوم آية الله الشيخ مرتضى المطهريّ عن سماحة آية الله السيّد رضا الشيرازيّ أنّه قال: «قلتُ لأحد المراجع العظام المشهورين والمعروفين في أحد أسفاري الأخيرة إلى العتبات المقدّسة [في العراق]: لماذا لا تَشرعون بدرس التفسير في الحوزة؟

قال: ليس ذلك ممكناً مع وضعنا وموقعنا الحاليّ!

قلتُ: لماذا كان ذلك ممكنا للعلّامة الطباطبائيّ حين جعلَه درساً رسميّاً في حوزة قم العلميّة؟

قال: لقد قام بتضحية حين فعل ذلك». (أي أنّه ضحّى بنفسه)!

لقد أوردتُ هذا المطلب هنا ليعلم الجميع أنّ أساس مدرسة التّشيّع قائمٌ على التّضحية، وعلى الفضلاء والعلماء العظام أن يكونوا السبّاقين في هذا المضمار؛ وإلّا فما الفرق بين حوزاتنا، وغيرها.

 

________________________________

* من كتاب (الرّوح المجرّد) للعلامة السيد محمد حسين الطهراني - بتصرّفٍ يسير

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

22/11/2014

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات