أعلام

أعلام

21/01/2015

أبو حمزة الثُّماليّ


أبو حمزة الثُّماليّ

«سلمان زمانه» وراوي دعاء السّحَر

ــــــــــــــــ سليمان بيضون ــــــــــــــ

إنّه التّابعيّ الجليل ثابت بن دينار، المشهور بأبي حمزة الثّماليّ. من كبار علماء عصره في التّفسير، والحديث، والفقه، وعلوم اللّغة وغيرها.

عاصر أربعة من أئمّة أهل البيت عليهم السّلام وروى عنهم، وكان منقطعاً إليهم، مقرّباً عندهم، عظيمَ المنزلة لديهم. وقد لقّبه الإمام الصّادق عليه السّلام بـ «سلمان زمانه» لقُربه من بيت النّبوّة وولائه الثّابت للأئمّة الأطهار عليهم السّلام.

روى عن الصّحابيّ الجليل جابر الأنصاريّ، وروى عنه محدّثو الشّيعة وبعض محدّثي السّنّة، ووقع في أسناد ما يزيد على ثلاثمائة وستّين رواية. وهو من زهّاد أهل الكوفة ومشايخ الشّيعة فيها، والمسموع قوله فيهم.

 

ثابت بن دينار الثُّماليّ الأزديّ، سُمّي البطن الذي ينتمي إليه «ثُمالة» لأنّهم شهدوا حرباً فَنِيَ فيها أكثرُهم، فقال النّاس ما بقي منهم إلّا الثّمالة، أي البقيّة القليلة.

لم تذكر النّصوص سنة ولادته، والمرجّح أنّه ولد في العقد الخامس من الهجرة، في مدينة الكوفة.

غلبت كنيتُه – أبو حمزة – على اسمه واشتُهر بها، وقد وردت في أسانيد غالب الرّوايات. و«حمزة» أكبر أبنائه، استُشهد هو وأخواه: نوح، ومنصور مع زيد بن عليّ بن الحسين، عليهما السّلام، في ثورته. وله أولاد آخرون هم: محمّد وعليّ وحسين، وهم من رُواة الحديث أيضاً. قال السّيّد مهديّ بحر العلوم في (الفوائد الرّجاليّة): «أبو حمزة الثّماليّ، ثابت بن دينار وأبناؤه محمّد وعليّ والحسين ثقاتٌ جميعاً».

 

في كتب الرّجال

عكست الكُتب التي عُنيت بأحوال رواة الحديث مكانة أبي حمزة الثّماليّ، فوصفته بكلّ جميل، وممّن ذكَره:

* الشّيخ عبّاس القمّيّ في (الكُنى والألقاب)، قال: «أبو حمزة ثابت بن دينار، الثّقة الجليل، صاحب الدّعاء المعروف في أسحار شهر رمضان، كان من زهّاد أهل الكوفة ومشايخها..».

* السّيّد أبو القاسم الخوئيّ في (معجم رجال الحديث)، قال: «.. وهو من خيار رجال الشّيعة، وثقاتهم، ومعتمديهم في الرّواية والحديث، وقد وقع في أسناد كثير من الرّوايات عن أئمّة أهل البيت، عليهم السّلام، تبلغ ثلاثمائة وواحداً وستّين مورداً». وقال أيضاً: «أخذ العلم عن الأئمّة الأربعة: زين العابدين، والباقر، والصّادق، والكاظم، عليهم السّلام، وروى عنهم، وكان منقطعاً إليهم مقرّباً عندهم».

 

 

* أحمد بن عليّ النّجاشيّ في (فهرست أسماء مصنّفي الشّيعة)، قال: «كوفيٌّ ثقة ".." وكان من خيار أصحابنا، وثقاتهم، ومعتمديهم في الرّواية والحديث».

* السّيّد محسن الأمين في (أعيان الشّيعة) في سياق كلامه عن محدّثي الشّيعة، قال: «..ومنهم في كثرة التّأليف والرّواية أبو حمزة الثّماليّ، ثابت بن دينار».

* السّيّد مهديّ بحر العلوم في (الفوائد الرّجاليّة)، قال: «أبو حمزة الثّمالي، جليلٌ في الطّائفة، عظيم المنزلة عند الأئمّة، عليهم السّلام..».

* السّيّد حسن الصّدر في (تأسيس الشّيعة)، قال: «مُعَظَّم عند الأئمّة، كثير السّماع منهم، من المنقطعين إليهم، شيخ الشّيعة في عصره بالكوفة، والمسموع قوله فيهم».

 

 

 

قصّة تعرّفه إلى الإمام السّجاد عليه السّلام

جاء في كتاب (الكافي) للكُلينيّ، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة الثّماليّ، قال: إنّ أوّل ما عرفتُ عليّ بن الحسين، عليه السّلام، أنّي رأيتُ رجلاً دخل من باب الفيل [في مسجد الكوفة] فصلّى أربع ركعات، فتبعتُه حتّى أتى بئر الزّكاة، وهي عند دار صالح بن عليّ، وإذا بناقتَين معقولتَين ومعهما غلامٌ أسود، فقلتُ له: من هذا؟ فقال: هذا عليّ بن الحسين، عليهما السّلام، فدنوتُ إليه، فسلّمت عليه وقلت له: ما أقدمَك بلاداً قُتِل فيها أبوك وجدّك؟ فقال [عليه السّلام]: «زُرْتُ أَبي، وَصَلَّيْتُ في هَذا المَسْجِدِ..». ثمّ قال: «ها هُوَ ذا وَجْهي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ». [يقصد الإمام عليه السلام أنّني لن أبقى هنا، وإنّما جئت للزّيارة والصّلاة وسأرجع إلى مدينة جدّي صلّى الله عليه وآله]

وقد لازم أبو حمزة الإمام السجّاد عليه السّلام بعد ذلك، وروى عنه نفائس العلوم، منها: (رسالة الحقوق)، وكتاب في (الزّهد والمواعظ)، وآخر في (نوادر الأحاديث)، ودعاء أسحار شهر رمضان، الذي صار يعرَف بـ (دعاء أبي حمزة الثّماليّ).

كذلك لازم الإمامَين الباقر والصّادق، عليهما السّلام، وروى عنهما الكثير، حتّى توالت شهادات الأئمّة عليهم السّلام بحقّه، فقد رُوي عن الإمام الصّادق، عليه السّلام قولُه: «أَبو حَمْزَةَ في زَمانِهِ مِثْلُ سَلْمانَ في زَمانِهِ». وقوله عليه السّلام لأبي حمزة: «إِنّي لَأَسْتَريحُ إِذا رَأَيْتُكَ».

كذلك فقد شهد الإمام الكاظم عليه السّلام لأبي حمزة بالإيمان في قصّةٍ جرتْ بينه وبين أحد الخراسانيّين، جاء إلى بغداد بعد شهادة الإمام الصّادق عليه السّلام يسأل عن وصيّه والإمام من بعده، حيث قال الإمام الكاظم للخراسانيّ: «أَلَمْ يَقُلْ لَكَ أَبو حَمْزَةَ الثُّمالِيُّ بِظَهْرِ الكوفَةِ، وَأَنْتُمْ زُوّار أَميرِ المُؤْمِنينَ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَذا وَكَذا؟» قال الرّجل: نعم. فقال له الكاظم عليه السّلام: «كَذَلِكَ يَكونُ المُؤْمِنُ إِذا نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ بِالإيمانِ..»، يعني أبا حمزة.

وجاء في رواية عن الفضل بن شاذان، قال: سمعتُ الرّضا عليه السّلام يقول: «أَبو حَمْزَةَ الثُّمالِيُّ في زَمانِهِ كَسَلْمانَ الفارِسِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ خَدَمَ أَرْبَعَةً منّا: عليَّ بْنَ الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَبُرْهَةً مِنْ عَصْرِ موسى بْنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلامُ..».

الرّاوي عنهم والرّاوون عنه

جاء في (موسوعة طبقات الفقهاء): «روى أبو حمزة عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ، وشهر بن حوشب، وعبد الله بن الحسن، وأبي رزين الأسديّ.

[و] روى عنه: أبان بن تغلب، وأبو أيّوب الخزّاز، وعليّ بن رئاب، والحسن بن محبوب ".." وداود الرّقّي، وسيف بن عميرة، وعائذ الأحمسيّ، وعبد الله بن سنان، وشعيب العقرقوفيّ، وصفوان الجمّال، وعيسى بن بشير، ومحمّد بن مسلم، ومعاوية بن عمّار..».

كُتبه

قد مرّ وصف السّيّد الأمين في (الأعيان) لأبي حمزة الثّماليّ بكثرة التّأليف، ومن كُتُبه – وقد فُقدت نُسَخُها:

* كتاب في الزّهد. قال الكلينيّ في (روضة الكافي): «عن أبي حمزة، قال: ما سمعتُ بأحدٍ من النّاس كان أزهدَ من عليّ بن الحسين، عليهما السّلام، إلّا ما بلغَني من عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ".." [كان] إذا تكلّم في الزّهد ووعظ أبكى مَن بحضرته.

[إلى أن يقول أبو حمزة]: وقرأتُ صحيفةً فيها كلامُ زهدٍ من كلام عليّ بن الحسين، عليهما السّلام، وكتبتُ ما فيها، ثمّ أتيتُ عليّ بن الحسين، صلوات الله عليه، فعرضتُ ما فيها عليه، فعرَفه، وصحّحه، وكان ما فيها: بسم الله الرّحمن الرّحيم، كَفانا اللهُ وإيّاكم كيدَ الظّالمين، وبغيَ الحَاسِدين..».

* كتاب (النّوادر). قال السّيّد محمّد عليّ الأبطحيّ في (تهذيب المقال): «ولعلّ الرّوايات الكثيرة التي رواها الرّجال عن أبي حمزة الثّماليّ، عن المعصومين، عليهم السّلام، في أبواب الفقه والسُّنن، والتّوحيد والنّبوّة والإمامة، وغيرها، هي من الكتابَين: (النّوادر) و(الزّهد)».

* كتاب (تفسير القرآن). نقل عنه الطّبَرسيّ في تفسيره (مجمع البيان)، ويروي عنه الثّعلبيّ في تفسيره (الكشف والبيان)، وابن شهرآشوب في كتابَيه (الأسباب والنّزول) و(المناقب)، وهو آخر مَن نَقَل عن تفسير أبي حمزة، ثمّ فُقِد الكتابُ بعد ذلك، وبقيت رواياته مفرّقة في الكتب التي أُخذت عنه. وقد قام الشّيخ عبد الرزّاق حرز الدّين بجمع مادّة الكتاب من المصادر المختلفة، وطبعها مستقلّة في قمّ سنة 1420 للهجرة. وقد عدّ جامعُ الكتاب خصائصَ عدّة لهذا التّفسير، هي:

1- عنايته الكبيرة بأسباب نزول الآيات.

2- اهتمامه بما ورد في فضائل أهل البيت عليهم السّلام، وما نزل في عليٍّ، عليه السّلام، خاصّة.

3- تفسيره القرآن بالقرآن.

4- تفسيره القرآن بالسّنّة واجتهاده في ذلك.

5- نقله قراءةَ الآيات وما يرتبط بها من الإفصاح عن معنى معيّن.

6- اتّباعه المنهج اللّغويّ في تفسيره بعضَ الآيات القرآنيّة.

7- تعرّضه لحالة الآية الإعرابيّة من النّاحية النّحويّة للتّوصّل إلى بيان معانيها ودرك مقاصدها.

8- روايته أكثر من قول في تفسيره بعض الآيات.

9- حرصه على الرّجوع إلى أئمّة أهل البيت عليهم السّلام في تفسير ما أشكلَ عليه من آيات، والتزامُه بإبراز آرائهم في المسائل والأحكام الفقهية.

ويقول أخيراً: ولأبي حمزة معانٍ تفسيريّة متميّزة، ونكات عند تفسيره بعض الآيات، وذلك نتيجة اجتهاده، وتدبّره، وسعة اطّلاعه.

 

 

مرويّاته

* إضافة إلى الكتُب التي ألّفها أبو حمزة الثّماليّ، فإنّه قد روى عن الإمام السجّاد عليه السّلام (رسالة الحقوق)، التي تحوي خمسين حقّاً، يذكر فيها حقوق الله سبحانه وتعالى على الإنسان، وحقوق نفسه عليه، وحقوق أعضائه: من اللّسان، والسّمع، والبصر، والرِّجلَين، واليدَين، والبطن، والفرج، وحقوق الأفعال: من الصّلاة، والصّوم، والحجّ، والصّدقة. وقد كُتبت لها الشّروح المُتعدّدة، وتُرجمت إلى لغات مختلفة.

* كما روى عنه، عليه السّلام، دعاءه في أسحار شهر رمضان، وهو من الأدعية المشهورة والطّويلة، والحاوية لأعلى المضامين في المناجاة، ومطالب الدّنيا والآخرة، الذي بدايته: «إِلَهِي لَا تُؤَدِّبْنِي بِعُقُوبَتِكَ..».

* وأمّا سائر مرويّاته – خصوصاً عن الإمام الباقر عليه السّلام - فيلخّصها السّيّد محمّد عليّ الأبطحيّ في هامش كتاب (تهذيب المقال في تنقيح رجال النّجاشيّ) بالقول [مختصراً]: «وقد روى أبو حمزة الثّماليّ في فضائل آل محمّد، عليهم السّلام شيئاً كثيراً، من أنّهم الشّجرة الطّيّبة، وأنّهم الصّراط المستقيم، وأنّ الله تعالى أخذ عهد ولايتهم في عالم الذّرّ، وأنّ ولايتهم ولايةُ الله تعالى التي لم يُبعث نبيٌّ قطّ إلّا بها، وأنّ الكافرين بولايتهم تحبط أعمالهم، وأنّ الجِنّ تأتيهم تسألُهم عن معالم الدّين، وأنّ النّبأ العظيم هو أمير المؤمنين، عليه السّلام، وأنّه الصّراط والميزان، وأنّ عليّاً، عليه السّلام، هو الّذي عنده علم الكتاب، وأنّه الّذي علّمه رسول الله، صلّى الله عليه وآله، ألفَ بابٍ، يُفتح من كلّ بابٍ ألفُ باب، وأنّ الإمام مَن يسمع الكلامَ في بطن أمّه، وأنّ الإمام يعلم ما في سنَته وشهره ويومه من الكائنات والضّمائر، وأنّ الأرض لا تبقى إلّا وفيها مِن آل محمّد مَن يعرِّف الحقّ، وأنّ الله لا يفرضُ طاعةَ عبدٍ يحجبُ عنه علمَ سمائه وأرضه..».

* ومن نماذج مرويّات أبي حمزة، ما أورده أبو نعيم في (حلية الأولياء) بسنده عنه، قال: «كان عليّ بن الحسين يحملُ جرابَ الخبز على ظهره باللّيل فيتصدّق به، ويقول: إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ».

* وفي المصدر نفسه عن أبي حمزة أنّ الإمام السّجاد عليه السّلام، قال: «إِذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ نادَى مُنادٍ لِيَقُمْ أَهْلُ الفَضْلِ، فَيَقومُ ناسٌ مِنَ النّاسِ، فَيُقالُ انْطَلِقوا إِلى الجَنَّةِ، فَتَتَلقّاهُمُ المَلائِكَةُ، فَيَقولونَ: إِلى أَيْنَ؟ فَيَقولونَ: إِلى الجَنَّةِ، قالوا: قَبْلَ الحِسابِ؟ قالوا: نَعَمْ، قالوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قالوا: أَهْلُ الفَضْلِ، قالوا: وَما كانَ فَضْلُكُمْ؟ فَيَقولونَ: كُنّا نَصِلُ مَنْ قَطَعَنا، وَنُعْطِي مَنْ حَرَمَنا، وَنَعْفو عَمَّنْ ظَلَمَنا، فَيُقالُ لَهُمْ: صَدَقْتُمْ، اُدْخُلُوا الجَنَّةَ».

* ومنها ما أورده محمّد بن أبي إبراهيم النّعمانيّ في كتابه (الغَيبة) بسنده عن أبي حمزة الثّماليّ، عن الإمام الباقر عليه السّلام، أنّه قال: «مِنَ المَحْتومِ الّذي حَتَمَهُ اللهُ، قِيامُ قائِمِنا، فَمَنْ شَكَّ فيما أَقولُ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ كافِرٌ بِهِ».

* وأورد الشّيخ عبّاس القمّيّ في (مفاتيح الجنان) أنّ أبا حمزة الثّماليّ قال للإمام الصّادق عليه السّلام: إنّي رأيتُ أصحابنا يأخذون من طين الحُسَين عليه السّلام يستشفون به، هل في ذلك شيءٌ ممّا يقولون من الشّفاء؟ فقال الإمام عليه السّلام: «يُسْتَشْفى بِما بَيْنَهُ وَبَيْنَ القَبْرِ عَلى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْيالٍ ".." فَخُذْ مِنْها فَإِنَّها شِفاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ، وَجُنَّةٌ مِمّا تَخافُ، وَلا يَعْدِلُها شَيْءٌ مِنَ الأَشْياءِ الّتي يُسْتَشْفى بِها إِلّا الدُّعاءُ، وَإِنَّما يُفْسِدُها ما يُخالِطُها مِنْ أَوْعِيَتِها وَقِلَّةِ اليَقينِ مِمَّنْ يُعالَجُ بِها..».

وفاته

عاش أبو حمزة الثّماليّ عمراً مديداً لعلّه تجاوز فيه المائة سنة، وأكثر المصادر أنّه توفّي سنة 150 للهجرة، فيكون بذلك قد أدرك ما يقرب من سنتَين من إمامة الإمام الكاظم، عليه السّلام، وإن كان لم يلتقِ به، وقد صرّح أبو عمرو الكشّيّ في (رجاله) بأنّ أبا حمزة توفّي بعد شهادة الإمام الصّادق عليه السّلام بسنة واحدة.

وقد تحدّث أبو حمزة عن تقدّمه في العمر وبلوغه من الكبر عتيّاً، بقوله للإمام الصّادق، عليه السّلام: جُعلتُ فداك! قد كبُر سنّي، ودقّ عظمي، واقترب أجلي، وقد خِفت أن يُدركني قبل هذا الأمر الموتُ. قال: فقال لي [عليه السّلام]: «يَا أبا حَمْزَةَ! مَنْ آمَنَ بِنا وَصَدَّقَ حَديثَنا، وَانْتَظَرَ أَمْرَنا، كانَ كَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رايَةِ القائِمِ، بَلْ وَاللهِ تَحْتَ رايَةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ».

وممّا يؤكّد مكانة أبي حمزة لدى أهل البيت، عليهم السّلام، وأهليّته لحمل الأسرار، أنّ الإمام الصّادق عليه السّلام أخبره بوقت وفاته وشهدَ له بحُسن العاقبة، فقد رُوي عن عليّ بن أبي حمزة – ولده - في خبرٍ قال: «قال الصّادق عليه السّلام لأبي بصير: إِذا رَجَعْتَ إِلى أَبي حَمْزَةَ الثُّمالِيِّ فَاقْرَأْهُ (فَأَقْرِئهُ) مِنّي السَّلامَ، وَأَعْلِمْهُ أَنَّهُ يَموتُ في شَهْرِ كَذا في يَوْمِ كَذا.

قال أبو بصير: جُعلت فداك، واللهِ لقد كان فيه أنسٌ، وكان لكم شيعة؛ قال عليه السّلام: صَدَقْتَ، ما عِنْدَنا خَيْرٌ لَكُمْ.

قلتُ: شيعتكم معكم؟ قال الإمام عليه السّلام: إِنْ هُوَ خافَ اللهَ، وَرَاقَبَ نَبِيَّهُ، وَتَوَقّى الذُّنوبَ، فَإِذا هُوَ فَعَلَ، كانَ مَعَنا في دَرَجاتِنا.

قال أبو بصير: فرجعتُ، فما لبث أبو حمزة أنْ مات في تلك السّاعة في ذلك اليوم».

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

21/01/2015

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

  إصدارات عربيّة

إصدارات عربيّة

نفحات