كلمة سواء

كلمة سواء

20/04/2015

الحوار بين الأديان


الحوار بين الأديان

قضية تدخل في جوهر الأديان الوَحيانيّة

ـــــــــــ الشيخ عارف هنديجاني فرد* ـــــــــــــــــــــــ

دأب المشتغلون في الحوار الإسلامي المسيحي، وفي علم مقارنة الأديان، على التركيز والاهتمام بالحوار من منطلق أنه مسألة دينية ذات بُعد جوهري في حياة المؤمنين. وقد أخذ بعض الباحثين على كثيرٍ من المثقفين وأهل السياسة والفكر إهمالهم وتجنّبهم الحوار وعدم اكتراثهم لما يحدث في العالَمين الإسلامي والمسيحي من مؤتمرات وندوات لجعل الحوار مادة حياة وأكثر فعّالية في أوساط المؤمنين، سواء أكانوا مسيحيين أو مسلمين.

وهنا تجدر الإشارة إلى حقيقة ملحوظة وبارزة لدى مَن يعمل للحوار، وهي أن أكثر المشتغلين في الحوار وعليه، قد أساؤوا له، وحوّلوه إلى مادّة تجاذب في السياسة، يأخذ بها هذا الطرف أو ذاك في ضوء مصالحه ومشروعه الخاصّ، أو لتدعيم رؤية خاصة في المجال الديني، أو السياسي بحسب ما يكون عليه الحال من هدوء واضطراب في الواقع الإنساني.

ولعلّنا لا نُسيء إلى أحد إذا قلنا إن أكثر إخفاقات الحوار والتحاور قد تجلّت في اعتبار البُعد التاريخي والسياسي للحوار دون التعمّق في مدلولات النظرية الدينية، سواء أكانت إسلامية، أو مسيحية لإبراز المعنى الديني وما يحكم به هذا المعنى في حياة المؤمنين.

إنّ هذا التقديم النظري، إنّما يهدف إلى إبراز أصالة الحوار والبُعد الديني كما جاءت به الرسالات المقدّسة، وما لحِظته هذه الرسالات من حقائق في التكوين والتشريع معاً. فإذا استطاع الباحثون إدراك هذه الحقائق والكشف عنها، فإنّ ذلك من شأنه أن يمكّنهم من التأسيس لمنطلق حواري هادف وناجح من خلال إعطاء الحوار بُعده الديني، كما جاءت به الرسالات، دونما اعتبار للتجارب التاريخية التي غالباً ما كانت تشوّه الرؤية عند المتحاورين، باعتبار أنّ التجربة لم تحمل خصائص النظرية فيما عبّرت عنه، كما أنها لم تكن تُضفي الطابع الإنساني والإيماني على الواقع، بل كانت تتجاوز ذلك إلى كثيرٍ من التعبيرات الشخصانية الخاصّة بهذا الفريق أو ذاك، فضلاً عمّا كانت التجارب محكومة له من أنانيّات وعصبيات قاتلة باسم الدين والإنسانية...

من هنا، نرى أهميةً لانطلاق المتحاورين في ما جاءت به الرسالة المقدّسة، ونطقت به من أحكام وتعاليم ثابتة ومعبّرة عن جوهر الإيمان، ولعلّها في أكثر ما جاءت به واضحة وكاشفة ولا تحتاج إلى كبير عناء كي يتمكّن الإنسان من إدراك حقائقها والتعبير عنها، خلافاً لما يجري عليه البعض من تعمّق في المفردات والمقارنات والمقاربات لتحوير النص، أو تشويهه وفاقاً لرؤية خاصة يرى أنها تخدمه فيما يعبّر عنه ويريده لواقعه ومشروعه، في مقابل رؤية أخرى مخالفة له.

وقد شهدنا، وما زلنا نشهد، الكثير من المناظرات والندوات والمؤتمرات، التي تعقد حول الحوار والإيمان وضرورة استمراره في أجواء المناكفة والتشبّث بالرأي والرأي المضاد. وكأنّ المطلوب هو مجرّد الحديث والتحاور وإظهار القدرة الفكرية والعلمية في تناول النصوص وشرحها، وهذا ما لا نرى فائدة منه فيما لو كان المبتغى هو تعزيز الروح الإيمانية الباعثة على هذا الحوار، وإبرازه بالشكل الذي يؤدّى به إلى أن يكون حواراً إيمانياً فاعلاً وممتدّاً في الزمان والمكان الإنساني.

 

* باحث في الفكر الإسلامي

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

20/04/2015

دوريات

نفحات