موقف

موقف

منذ 6 أيام

يحيى ين يعمر يُسكتُ الحجّاج


يحيى ين يعمر يُسكتُ الحجّاج

ـــــــــــــــــــ الشيخ علي الأحمدي الميانجي* ـــــــــــــــــــ

جاء في كتاب (كنز الفوائد) للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي:

«قال الشِّعبي: كنتُ بواسِط وكانَ يومَ أضحى، فحضرتُ صلاةَ العيد مع الحجّاج، فخطب خطبةً بليغة، فلمّا انصرفَ جاءني رسولُه، فأتيتُه، فوجدتُه جالساً مستوفزاً. قال: يا شعبيّ، هذا يومُ أضحى، وقد أردتُ أن أُضحّي فيه برجلٍ من أهل العراق! وأحببتُ أن تستمعَ قولَه، فتعلمَ أنّي قد أصبتُ الرأي فيما أفعلُ به.

فقلت: أيّها الأمير، أوَتَرى أن تَستَنّ بسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وتُضحّي بما أمر أن يُضحّى به، وتفعلَ مثلَ فعله، وتدَعَ ما أردتَ أن تفعلَه به في هذا اليوم العظيم إلى غيرِه؟

فقال: يا شعبيّ، إنّك إذا سمعتَ ما يقولُ صوّبتَ رأيي فيه، لِكَذِبه على الله وعلى رسوله، وإدخاله الشُّبْهَةَ في الإسلام.

قلت: أفَيرى الأمير أن يُعفيني من ذلك؟ قال: لا بدّ منه. ثمّ أمر بنَطْعٍ فبُسط، وبالسّياف فأُحضِر، وقال: أحضِروا الشيخ، فأتوا به، فإذا هو يحيى بن يَعْمَر! فاغتممتُ غمّاً شديداً، وقلتُ في نفسي: وأيّ شيءٍ يقولُه يحيى ممّا يوجب قتلَه؟

فقال له الحجّاج: أنت تزعمُ أنّك زعيمُ العراق؟! قال يحيى: أنا فقيهٌ من فقهاء العراق. قال: فمن أيّ فقهِكَ زعمتَ أنّ الحسن والحسين من ذريّة رسول الله؟ قال: ما أنا زاعمٌ ذلك، بل قائله بحقّ. قال: وبأيّ حقٍّ قلتَه؟ قال: بكتاب الله عزّ وجلّ.

فنظرَ إليّ الحجّاج، وقال: اسمع ما يقول! فإنّ هذا ممّا لم أكن سمعتُه عنه، أتعرفُ أنت في كتابِ الله عزّ وجلّ أنّ الحسن والحسين من ذريّة محمّدٍ رسولِ الله؟

فجعلتُ أفكّرُ في ذلك، فلم أَجِد في القرآن شيئاً يدلّ على ذلك. وفكّر الحجّاج مليّاً ".." وكان الحجّاج حافظاً للقرآن، [فقال ليحيى: لعلّك تريدُ آيةَ المُباهلة]، فقال له يحيى: والله إنّها لَحُجّةٌ في ذلك بليغة، ولكنْ ليس منها أحتجُّ لما قلتُ، فاصفرَّ وجهُ الحجّاج وأطرقَ مليّاً، ثمّ رفع رأسه إلى يحيى، وقال له: إنْ أنت جئتَ من كتاب الله بغيرها في ذلك، فلك عشرةُ آلاف درهم، وإنْ لم تأتِ بها فأنا في حِلٍّ من دمك، قال: نعم!

فقال يحيى للحجّاج: قول الله تعالى: ﴿.. وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ..﴾، مَن عَنى بذلك؟ قال الحجّاج: إبراهيم، قال: فداود وسليمان من ذريّته؟ قال: نعم. قال يحيى: ومَن نَصّ اللهُ عليه بعد هذا أنّه من ذريّته؟ فقرأ الحجّاج: ﴿.. وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾، قال يحيى: ومَن؟ قال: ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى..﴾.

قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذريّة إبراهيم عليه السلام، ولا أبَ له؟ قال: من أمّه مريم. قال يحيى: فمَن أقرب: مريم من إبراهيم، أم فاطمة عليها السلام من محمّد صلّى الله عليه وآله؟ وعيسى من إبراهيم، أم الحسن والحسين عليهما السلام من رسول الله صلّى الله عليه وآله؟

قال الشعبيّ: فكأنّما ألقمَه حجراً! فقال: أطلِقوه قبّحَهُ الله، وادفعوا إليه عشرةَ آلاف درهم. لا باركَ اللهُ له فيها!

ثمّ أقبلَ عليّ فقال: قد كان رأيك صواباً، ولكنّا أبيناه. ودعا بجَزورٍ فنحره، وقام فدعا بطعامٍ فأكل وأكلنا معه. وما تكلّم بكلمةٍ حتّى انصرفنا، ولم يزل ممّا احتجّ به يحيى بن يعمر واجماً».

 
 
 

* مختصر عن كتابه (مواقف الشيعة)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

نفحات