كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

14/09/2015

الصلاة تدرّجٌ في مراتب العبوديّة

الصّلاة

تَدرُّجٌ في مراتب العبوديّة

ــــــــــــــــــــ شيخ الفقهاء العارفين الشيخ بهجت قدّس سرّه ــــــــــــــــــــــــــ

 

من كتاب (كيمياء الصّلاة) الحاوي لتوجيهات مجموعة من العلماء حول الصّلاة، اخترنا عدّة إضاءات لشيخ الفُقهاء العارفين المقدّس الشيخ بهجت، يُبيّن فيها جوانب من حكمة تشريع هذه الفريضة الربّانيّة، وأنّها بمنزلة حوار روحي وسير مَلكوتي إلى الله تبارك وتعالى.

 

الصلاة تَخرِقُ الحُجُب

ربّما يتساءل البعض: ما معنى هذه العبارات الواردة في المناجاة الشعبانيّة: « إِلهِي هَبْ لِي كَمالَ الانقطاعِ إِلَيْكَ، وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ القُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلى مَعْدِنِ العَظَمَةِ..». فهل هناك من حاجة إلى أدوات وآلات لخَرق هذه الحُجُب؟

والجواب: أفضلُ سبيلٍ لخَرق هذه الحُجب هو الصلاة. فالصلاة صِلةٌ بين العبد وربّه، وحوارٌ روحيّ مفتوح، يعرجُ بروح الإنسان إلى ساحة القُدس الرُّبوبيّ.

 

حكمةُ تكرار الصلاة

لعلّ حكمة تكرار الصلاة - بالإضافة إلى التثبيت - تتمثّل في السير والسلوك، أي بالإضافة إلى ترسيخ الإيمان، فهي سيرٌ روحيّ ومَلكوتيّ لتكون - كما قيل - خطوةً من أجل لقاء الله؛ فتكون كلّ صلاة أفضل من الصلاة السابقة، والصلاة السابقة تمهيداً للصلاة اللاحقة.

قال الميرزا القمّي رحمه الله: «لا بدّ أن نكون شاكرين لله لمجرّد عدم مؤاخذته إيّانا على هذه العبادات والصلوات، ذلك أنّنا إنْ حرصنا على شرطٍ فقَدْنا الآخر، وإنْ حفظْنا الشرط الآخر ضيّعنا روح الصلاة والعبادة».

النّفَحات الرّبّانيّة

رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ في أَيّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحاتٌ..»: بموجب هذه الرواية: ربّما عاش الإنسان نَفحةً روحيّةً عن طريق الدعاء، وأخرى عن طريق الصلاة، أو بواسطة تلاوة القرآن أو غير ذلك... وعليه فكلّ عملٍ من شأنه أن يعرّضنا إلى نفَحات الله ويلفت عنايتنا إليه تعالى، لا بدّ أن نتعمّق فيه، وننشغل من خلاله بالذكر والمراقبة والتوجّه إلى المولى سبحانه. فلو جرتْ دموعُ الإنسان في الصلاة، لا بدّ أن يُوقن أنّه يقترب عروجاً من الله، ويعيش حالة من السموّ والتكامل الروحي.

 

من أسرار الصلاة

جاء في الرواية: «لَوْ عَلِمَ المُصَلّي ما يَغْشاهُ مِنْ جَلالِ اللهِ، ما انْفَتَلَ عَنْ صَلاتِهِ». يدخلُ المصلّي الحرمَ الإلهيّ بالتكبير، لكنّه لا يدري ما حقيقة هذا الذّكر. ومع أنّ «الكبير» و«العظيم» كلاهما من الأسماء الحسنى، إلّا أنّ المناسب للتكبير «الأكبر»؛ أي دَعْ جميع أمور الدنيا وكلّ كبيرٍ جانباً.

- وقيامُ العبد في الصلاة إظهارٌ للعبوديّة والسكون، وأنّه لا يمتلك أيّة حركة من ذاته، فالقيامُ هو مثولُ العبد بين يدي مولاه، كالعصا المنتصبة دون حركة، أو الغصن الذي ليس له أيّة إرادة ويَميل كيفما تحرّكه الرياح.

- والركوع يرمز إلى [العلاقة بين] السيّد والعبد، ومن هنا كان الذِّكر فيه: «سُبْحانَ رَبّي العَظيمِ».

- والسجود غايةُ الخضوع.

- والطمأنينة في القيام والركوع والسجود ركنٌ، ومقوِّمٌ للرُّكن نفسه، والطمأنينة في الذِّكر مُقوِّمة له أيضاً. فإذا عاد العبد من ساحة القدس الربوبي كان أوّل تُحفة يأتي بها السلام منه تعالى. جاء في دعاء مسجد الكوفة: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ وَيَعودُ السَّلامُ، حَيِّنا رَبَّنا مِنْكَ بِالسَّلامِ».

 

 (بتصرّف)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

14/09/2015

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات