أنقذوا سُنَّة البحرين بإنصاف شِيْعَتِها

أنقذوا سُنَّة البحرين بإنصاف شِيْعَتِها

01/06/2011


محمّد بن المختار الشنقيطي*

كتب الصحافي الأميركي «نيكولاس كريستوف» في صحيفة نيويورك تايمز يوم 16 مارس/آذار الفائت مقالاً عن البحرين ضمَّنه حادثةً جديرة بالتأمّل. فقد أمسك رجال الأمن البحرينيّون بصديقه العامل معه في الصحيفة نفسها «مايكل سلاكمان»، وصوَّبوا السلاح إليه حتى أيقن بِمَوتٍ مُحقَّق. لكنّه حين أخرج جواز سفره، وأخبرهم بأنّه صحافي أميركي تغيّر المزاج تماماً، وقالوا له بكلِّ ودٍّ: «لا تخفْ، فنحن نحبُّ الأميركيّين. نحن لا نبحث عنك، نحن نبحث عن الشيعة».
 يشكو شيعة البحرين منذ استقلالها من التهميش السياسي والإجتماعي، وهم يبلغون نسبة 66% من المواطنين حسب التقديرات الرسميّة البريطانية، و55% حسب المصادر السُّنية البحرينيّة، والمُجمَع عليه أنّهم ليسوا ممثَّلين في النظام السياسي والإداري بما يناسب كمّهم العددي، وأنّ بعض قطاعات السلطة كالجيش والشرطة تكاد تكون موصدة في وجوههم، وأنّ أغلبهم يعيشون في مناطق أقلّ تنميةً وأكثر حرماناً من المناطق التي يعيش فيها السُّنة.
ربّما يحتاج السُّنة في البحرين إلى إدراك أنّ احتماءهم بالسلطة -من دون فتح قنواتها لمواطنيهم الشيعة- هو استراتيجيّة فاشلة على المدى البعيد، خصوصاً بعدما تفجَّرت الثورات الداعية إلى تغيير الهياكل الإستبداديّة في كلّ الدول العربيّة، إمّا بهدمها من الأساس أو بتغييرها تغييراً جوهريّاً.
يستطيع مجلس التعاون الخليجي أن يخدم شعب البحرين خدمة أفضل من التدخّل العسكري الذي ربّما كان مُتسرِّعاً، كما لاحظ المفكِّر القطري «الدكتور محمّد المسفر»، فالتدخّل السياسي أحكمُ من التدخّل العسكري، وأهل البحرين أحوج إليه اليوم.
 وقد يكون من المصلحة أن يتقدّم وسطاء من مجلس التعاون الخليجي بمبادرة حوار بين السلطة وحركة «الوفاق» في البحرين، وبمقترحات سياسيّة محدّدة تتضمّن نوعاً من المحاصَّة السياسيّة التي يستلزمها الإنشطار الطائفي الحالي.
 ومن صِيَغ هذه المحاصّة الممكنة وجود رئيس وزراء شيعي بصلاحيّات أكبر، يُزكّيه الملك ويُقرُّه مجلس النوّاب المنتخب، وإعطاء الشيعة نصف عضويّة الحكومة مثلاً، مع إعادة التقسيم الإداري والإنتخابي، وتوسيع دائرة الحريّات السياسيّة لِيَنعَم بها الجميع، واعتماد سياسات إجتماعيّة داعمة للمناطق الفقيرة.
وليس من الضرورة أن يُصرِّح الدستور بهذه المحاصّة على الطريقة اللبنانيّة، بل يمكن أن تتمّ الآن في شكل عقد إجتماعي عُرفي، يحقِّق التوافق على المدى القريب، مع السعي إلى التحوُّل إلى مَلكيّة دستوريّة على المدى البعيد، وتغيير الثقافة السياسيّة في المستقبل ليكون مفهوم المواطنة أقوى من الولاء للطائفة والمذهب.
وبذلك تتحوَّل البحرين، التي هي اليوم مصدر أزمة في الخليج، إلى نموذج يُحتذى في الإصلاح السياسي، والمصالحة بين الحكَّام والمحكومين، وتجاوز العقدة الطائفيّة المُضنية في الخليج.
 الحكمة السياسيّة والموقف الأخلاقي يُرشدان إلى أنّ أحسن السُبل لنصرة سُنّة البحرين هو تحصين البحرين بالعدل والحريّة، من خلال إنصاف شيعتها، وتحقيق سِلْم إجتماعي وإصلاح سياسي فيها، يتأسّس على التعاقد والتراضي بين الطائفتين.
أمّا الإصطفاف الطائفي غير المشروط مع أهل السُّنة، والوقوف في وجه مطالب الشيعة بالمشاركة السياسيّة والعدل الإجتماعي، فهو لا يخدم البحرينيّين السُّنة على المدى البعيد، وإنّما هو غطاء زائف قد يوحي بالسكون لأمدٍ قصير، ثمّ تعود الأمور لتسير على أَعِنَّتها كما كانت. وهو قبل كلّ ذلك ظلم لقطاع عريض من المواطنين البحرينيّين الشيعة.
* باحث موريتاني – «كليّة قطر للدراسات الإسلاميّة»


اخبار مرتبطة

  إصدارات : دوريات

إصدارات : دوريات

02/06/2011

  إصدارات : كتب أجنبية

إصدارات : كتب أجنبية

02/06/2011

  إصدارات : كتب عربية

إصدارات : كتب عربية

02/06/2011

نفحات