مصطلحات

مصطلحات

منذ أسبوع

التشبيه

التّشبيه

المُماثلة بين شَيئين لوجود صفات مشتركة بينهما

____ د. إبراهيم الديباجي* ____

التشبيه في اللّغة التمثيل، فإذا قلتَ: هذا شبهُ هذا، فمعناه: أنّه مثيله، وشبّهتُ هذا بذاك، أي مثّلتُه به.

وأمّا في الاصطلاح، فمعناه: عقد مماثلة بين أمرين أو أكثر لوجود صفة مشتركة بينهما وأكثر بطريق خاصّ، لغرض يقصده المتكلّم.

ولعلّ ألطف تعريف له، قول ابن رشيق القيرواني: «التشبيه: صفة الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة أو جهات كثيرة لا من جميع جهاته، لأنّه لو ناسبه مناسبة كلية لكان إيّاه...».

ولو تأمّلنا البيت التالي للشاعر أبي الحسن علي بن محمّد التهامي:

فَالعَيْشُ نَوْمٌ وَالمَنِيَّةُ يَقْظَةٌ                       وَالمَرْءُ بَيْنَهُما خَيالٌ سَارِ

لفهمنا منه، أنّ الشاعر – مثلاً – يعقد مماثلة ما بين العيش والنوم لاهتدائه إلى صفات مشتركة بينهما، منها: سرعة الانقضاء، وعدم شعور الإنسان بمرور الوقت، وانصرافه إلى اللّهو والتغافل عن الأمور المهمّة في هذه الحياة. وهذا تعريفُ أديب، يحسّ بروعة التشبيه، ويستطيع أن يتصوّره ويصوّره للآخرين، فإذا وصف العيش وحده بأوصاف عديدة لا تأثير له كذلك.

واعلم أنّ التشبيه من المناهج الأولية التي تدلّ عليه الطبيعة لبيان المعنى؛ وأسلوبه من أكثر الأساليب استعمالاً وأوفرها انتشاراً لما في ذهن الانسان من مُماثلات كثيرة معقودة بين الاشياء، ولِما في التشبيه من قدرة على تقريب المعنى المقصود، إلى النفوس، لأنه – يكاد بما فيه من قوّة - أن يجسِّد المعنى أمام النفوس. ويخرج الخفيّ إلى الجليّ، ويُدني البعيد من القريب.

 

 

أركان التشبيه

إننا لو تأملنا تعاريف التشبيه المختلفة، لوجدنا له أربعة أركان طبيعية، ففي التعريف الذي قدمناه لك: «عقد مُماثلة بين أمرين..»، الأمر الذي يراد إلحاقه بغيره مثل «كريم» (في مثل: كريمٌ كالغيث)، هو «المشبَّه»؛ وهو أساس التشبيه وأحد ركنَيه، وتأتي كلّ عناصر الصورة لإبرازه وتوضيحه، وجلاء هيئته، وإخراجه من خفيّ إلى جليّ، كالانتقال من المعقول إلى المحسوس، لإيصال عاطفة الكاتب أو الشاعر، لتتمّ المشاركة بين المبدع والمتلقي، فيتأثّر القارئ أو السامع، ويحسّ بانفعاله، ويدرك خياله، ويتفهم أفكاره، قال تعالى: ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ الشعراء:63.

وفي قول الشاعر:

أنا كالماءِ إنْ رضيتُ صفاءً                      وإذا ما سَخِطتُ كُنْتُ لَهيباً

فالمشبّه: «فِرْق» في الآية القرآنيّة، و«أنا» في بيت الشّعر، كلّ منهما هو الركن الأساس الذي يجيء التشبيه لخدمته، وتوضيح مزاياه وصفاته، وإبرازه بالشكل الذي يفي بالغرض.

والأمر الذي يلحق به المشبّه كالغيث، هو «المشبّه به». وهو طرف التشبيه الآخر، أو الصورة التي يُراد بها تمثيل المشبّه ويأتي المشبّه به لتوضيح صورة المشبّه، لما ينطوي عليه من صفات تبرّز المعنى وتجلّيه في صورته المختارة. وهذان الرّكنان يسمّيان «طرفي التشبيه».

والوصف المشترك بين الطرفين، كالغزارة وعدم الانقطاع، هو «وجه الشّبه». ويغلب أن تكون هذه الصفة في المشبَّه به أقوى وأظهر منها في المشبَّه، ولا يكون طرفاً من أطراف التشبيه، ولكنه ركنٌ من أركانه، يحدّد اتجاه الصورة التشبيهيّة، ويبين غايتها، ففي مثل: «ذاكرة الإنسان، مثل البحر عمقاً واتساعاً»، فالوجه هو العمق والاتساع، بهاتَين الصفتين حمت الصورة نفسها مما يشوَّهُ المشبّه الذي جاءت لتزيينه، والتعريف به.

 

* باحث في اللغة والعلوم القرآنية.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات