يزكّيهم

يزكّيهم

09/12/2015

في محاسبة النّفس وتَزكيتها


في محاسبة النّفس وتَزكيتها

يَجْمَعُ للدُّنْيا مَنْ لا عَقْلَ لَهُ

_____ الفقيه الشيخ إبراهيم الكفعميّ* قدّس سرّه _____

 

تزكية النفس من خلال تخليتها من المعاصي وتحليتها بجميل الأعمال وتجليتها بالتعرف والقرب إلى الحضرة المقدسة، من أهم الأمور التي أولاها علماء الأخلاق عناية خاصّة.

في هذه المقتطفات المختارة من كتاب (محاسبة النفس) للفقيه العارف الشيخ إبراهيم الكفعمي توجيهات معنوية يخاطب فيها النفس ويدعوها إلى التطهّر والتزكية.

 

يا نفس: إذا أردتِ أن تقفي على عيوب نفسك، فخُذيها من ألسنة أعدائك لا من ألسنة أحبّائك وأوليائك. ولو سمعتِ صفتك عن غيرك لمقتّيه - إذا كنتِ لا تدرين من الموصوف – وأبغضتيه. ولعلّ انتفاع الإنسان بعدوٍّ يذكرُ معائبَه، أكثر من انتفاعه بصديقٍ يُشهر مناقبَه، فعن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام: «جَهْلُ المَرْءِ بِعُيوبِهِ، مِنْ أَكْبَرِ ذُنوبِهِ»، فَمَنْ داهَنَكِ يا نَفْسُ في عَيْبِكِ، عابَكِ في غَيْبِكِ.

يا نفس: إنّ محبّتك لنفسك، ونسيانك لرَمسك، قد أصمّكِ وأعماكِ، وأضلّكِ وأرداكِ، لأنّ الإنسان إذا أحبّ الشيء أغمضَ عن مواضع عيوبه كأنّه لا ينظرها، وأعرض عن قبائح ذنوبه كأنّه لا يسمعها، فصار من هذا الوجه كالأعمى لتغاضيه، وكالأصمّ لتَغابيه.

يا نفس: جاهِدي نفسك على أربعة أقسام: قلّة القُوت من الطعام، والغُمض من المنام، وتَرْكُ إكثار الكلام، واحتمال الأذى من الأنام.

فإنّه يتولّد من قلّة الطعام موتُ الشهوات. ومن قلّة المنام صفو الإرادات. ومن قلّة الكلام السلامة من الآفات، ومن احتمال الأذى البلوغ إلى الغايات.

يا نفس: الدنيا يجمع لها مَن لا عقل له، وعليها يُعادي مَن لا علم له، وعليها يحسد مَن لا فقهَ له، ولها يسعى مَن لا يقين له.

يا نفس: دعي المساخرة والمشاجرة، وصومي عن الدنيا تفطري بالآخرة، فإنّ رأس مال الدنيا الهوى، ورِبحها لَظى، تُقرّب المنيّة، وتبعّد الأمنية.

يا نفس: لو أنّ الدنيا من ذَهبٍ يَفنى، والآخرة من خَزَفٍ يَبقى، لكان ينبغي لكِ أن تختاري ما يبقى على ما يفنى، فكيف وقد اخترتِ خزفاً يفنى على ذهبٍ يبقى؟!

يا نفس: الدنيا دار خراب، وأكثر خراباً منها قلبُ مَن يشيدها ويخطبها. والجنّة دار عمران، وأَعمَرُ منها قلب مَن يريدها ويطلبها، فبيعي دنياك بآخرتك تربحيهما، ولا تبيعي آخرتك بدنياك فتخسريهما.

يا نفس: إذا سألتِ اللهَ الدنيا فإنّما تسأليه طول الوقوف يوم الحشر الموصوف، هذا سوى ما يقاسيه أصحاب الأموال في الدنيا من الخوف والحزن، وتجشّم المصاعب في الحفظ والخزن. ودِرْياقُ [أي الدواء] الدنيا ما قُصد به المراضي والمثوبات، وما صُرف إلى الجيران والقرابات، وما أُعطي في الزكوات والصدقات، وما عدا ذلك سمومٌ وآفات.

يا نفس: لا تفرحي بما أتاكِ، ولا تَأْسي على ما فاتكِ من دنياك، ففرحك إنّما هو بموجودٍ لا يتركه في يدك الموتُ، وأسَفك إنّما هو على مفقودٍ لا يردّه عليك الفوت، وإذ قد علمت أنّ رزقك لا يأكله غيرك فلمَ به تهتمّين؟! وأنّ عملك لا يعمله غيرك فلمَ بغيره تشتغلين؟! وأنّ الموت يأتيكِ على بغتةٍ فلم لا إلى الطاعة تبادرين؟! وأنّك بعين الله على كلّ حالٍ فعلامَ منه لا تستحين؟! وإيّاكِ أن يراكِ اللهُ حيث زجركِ، أو يفقدكِ حيث أمرك.

يا نفس: إن كان لا يُغنيك ما يكفيك، فكلّ ما في الأرض لا يُغنيك، وأقل ّما في الخطر في جمع المال يوم المقام، أن يدخل الفقراء الجنّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

09/12/2015

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات