أحمد شوقي في مدح الإمام عليٍّ عليه السلام

أحمد شوقي في مدح الإمام عليٍّ عليه السلام

02/06/2011


تأبى الجبال ما حَمَلْ*

أمير الشعراء أحمد شوقي



 يا جبلاً تأبى الجبالُ ما حَمَلْ
أثأْرُ عثمانَ الذي شجَاها
قَضيَّةٌ من دمِهِ تَبْنيها
ذلكَ فَتْقٌ لمْ يَكنْ بالْبال
وإنَّ أَمَّ المؤمنينَ لامْرأهْ
أَخرجَها منْ كِنِّها وسِنِّها
وشرُّ مَنْ عَداكَ مَنْ تَقيهِ
جهَّزها طَلْحةُ والزُّبيْرُ
صاحِبةُ الهادي وصاحباهُ
يا ليتَ شعري هل تعدَّوْا وَبَغوْا

***


جاءَتْ إلى العِراقِ بالبنينا
فانْصَدَعتْ طائِفَتَينِ البَصْرهْ
أَوْ ذادَةُ البَيْعةِ والذِّمامِ
وانْتَهَكَ الحيُّ دِماءَ الحيِّ
وجاءَ في الأُسْدِ أبو تَرابِ
يَرجُو لصَدْع المؤمِنينَ رأْبا
وعجِزَ الرَّأْيُ وأَعْيا الحِلْمُ
منْ كلِّ يومٍ سَافِكِ الدِّماءِ
تجُرُّ ذاتُ الطُّهْرِ فيه عسْكَرا
ظلَّ الخِطامُ منْ يَدٍ إلى يدِ
مُسْتَلَماً تُوهي الغُيوثُ دونَهُ
حتّى أرادَ اللهُ إمْساكَ الدَّمِ
وظَفَرَتْ أَلْوِيةُ الإِمامِ
فرُدَّتِ الأُمُّ إلى مَقرِّها

***


يَا يومَ صِفِّينَ بمن قَضَاكا
فيكَ انْتهى بِالفِتْنةِ التَّراقي
ونَفَدَتْ بقِيَّةٌ مِنْ صَحْبِ
بَنو الظُّبَى، أُبُوَّةُ الأَسِنَّهْ
لقدْ وفَى بدْرٌ لهمْ أَهِلَّهْ
لوْ في بِناءِ المَجْدِ ذلكَ الدَّمُ
فيا مَجالاً قَصَرَ الأعِنّهْ
ترجْرَجَتْ بالفِئَتَيْنِ أرضُهُ
وَوَقَعَ الأَنْجادُ بالأنجادِ
ما كان ضرَّ نُصَراءُ البَيْعَهْ
بَيْنا بُنودُهُمْ هيَ العَوالي
غادرَهُمْ بسحرِهِ مُعاويهْ
أَلْقى الْقَنا وشرَّعَ المَصَاحِفا
فلا تسَلْ عنْ فَشَلِ العَزائِمِ
انْقَطَعَ النَّظْمُ والانقيادُ
ورأْيُهُ في الأشْعريِّ أعجَبُ
أينَ أَبو موسَى وأَيْنَ عَمْرُو
أَمَنْ دَهَى قيْصَرَ والمُقَوْقَسا
قامَ فَردَّ الرجُلَيْنِ ونَزَلْ
أبى عليَّاً وارْتضى مُعاويهْ

***


يَا زَيْدَ كلِّ مسرَجٍ ومُلجَمِ
أصابَ قَرْناً لا تُرامُ شمسُهُ
يا شُؤْمَ سَيْفٍ قطَعَ الصَّلاةَ
أَلرَّأْيُ للأُمَّةِ في الوُلاةِ
وقَتْلُكَ الإنسانَ غِيلةً شَنِعْ
النَّفسُ للهِ ولِلنِّظامِ
فَكَيْفَ بالبَغْيِ على عَليِّ

***


ما لكَ والنَّاسَ أبا تَرابِ!
هُمْ طَرَّدوا الكَليمَ كلَّ مَطْرَدِ
وزُيِّنَ العِجْلُ لَهُمْ لمَّا ذَهَبْ
وَبِابْنِ مَرْيمٍ وَشَوْا ونمُّوا
وأخرجوا مُحَمَّداً منْ أَرْضِهِ
وهبَّ منهُمُ مَنْ لِحَقِّكَ اخْتَلَسْ
وأَشرَقوا الحُسَيْنَ بالدِّماءِ
فَاسمُ سُمُوَّ الزّاهدِ الحَواري
إنْ زال مُلْكُ الأَرْضِ عنْكَ مِنْ مَلِكْ
ماذا رَمتْ عليكَ ربَّةُ الجَملْ
أَمْ غُصَّةٌ لم يُنتَزَعْ شَجاها
هبَّتْ لها واسْتَنْفَرتْ بَنِيها
كَيْدُ النِّساءِ مُوهِنُ الجِبالِ
وإنْ تَكُ الطَّاهرةُ المبرّأَهْ
ما لم يَزُلْ طولَ المدى منْ ضِغْنِها
ومُلْقِيَ السِّلاحِ تَلْتقيهِ
ثلاثةٌ فيهمُ هُدىً وخَيْرُ
فكيفَ يَمْضونَ لِما يأْباهُ
أم دمَ ذي النُّوريْنِ بالحقِّ بَغَوْا؟

***


قاضِينَ حقَّ الأُمِّ مُحْسنينا
فَريقُ خَذْلٍ وفريقُ نُصْرهْ
وقادةُ الفِتْنةِ والزِّمامِ
منْ أجْلِ مَيْتٍ غَابرٍ وحَيِّ
على مُتونِ الضُّمَّرِ العِرابِ
وأُمُّهُمُ تَدفَعُهُ وتَأْبى
وخُطِبتْ بالمُرْهَفاتِ السِّلْمُ
تَعوذُ منْهُ الأرضُ بالسَّماءِ
وتَذْمُرُ الخيلَ وتُغري العَسْكرا
كالتَاجِ للأصْيَدِ بعد الأصْيَدِ
وَبِالدِّماءِ أنْهُرا يَفْدونَهُ
في كَرَمٍ لِسَيْفِهِ المُقَدَّمِ
وأَلْقَتِ البَصْرَةُ بالزِّمامِ
مُبالَغاً في نَقْلِها وبِرِّها

***


هلْ أَنْصَفَ الجَمْعانِ إذْ خَاضَاكا؟
واصْطَدمَ الشّآمُ بِالعِراقِ
تلقَّتِ الطَّعْنَ بصَدْرِ رَحْبِ
آلُ الكِتابِ أَولِياءُ السُّنَّهْ
وخُنْتَهُمْ مَشيخَةً أَجِلّهْ
بلْ عَمَدوا لِما بَنَوْا فهدَّمُوا
ومدَّ في اشْتجارِها الأَسنَّهْ
وضَاقَ عنْهُمْ طولُهُ وعَرضُهُ
وخرَّ عَمَّارٌ مِنَ النِّجادِ
لوْ صَبَروا على الوَغى سُوَيْعهْ
والنَّصْرُ حولَ البِيضِ والعَوَالِي
كأَنَّهم أَعجَازُ نَخْلٍ خَاوِيهْ
يَنْشُدُ باللهِ الخَميسَ الزَّاحِفَا
ولمْ يزَلْ طليعةَ الهَزَائِمِ
وحكَمَتْ في الشُّكُمِ الجِيادُ
للهِ فيهِ قَدَرٌ مُحجَّبُ
لا يَسْتَوي مُجرَّبٌ وغَمْرُ
كمنْ على مُصْحَفِه تقوَّسا؟
وقامَ عمْروٌ فأقرَّ وعزَلْ
ونقَضَ المِنبَرُ عَقْدَ الزَّاويه.

***


كيْفَ عَلا غُرَّتَكَ ابْنُ مُلْجَمِ؟!
أعْيا على الأقران دَهْراً لَمسُهُ
واغْترَّ ليْثَ الغابةِ المِصْلاتا
وليسَ للغِضابِ والغُلاةِ
الجُبْنُ أنْ تَقْتُلَ مَنْ لا يَمْتَنِعْ
والدَّمُ إحْدَى الحُرَمِ العِظَامِ
ألرّاَشدِ المُقَرَّبِ الوَليِّ؟.

***


ليسَ الذِّئابُ لكَ بِالأترابِ
وأتعَبوا عَصاهُ بالتَّمرُّدِ
وافْتُتِنوا بالسَّامِريِّ والذَّهَبْ
واحْتَشَدوا لِصَلْبِهِ وهمّوا
وسرَحتْ أَلْسُنُهُمْ في عِرْضِهِ
وفَجَعُوكَ بالصَّلاة في الغَلسْ
ملوَّحاً بينَ عُيونِ الماءِ
في دَرَجاتِ القُرْبِ والجِوارِ
يا طُولَ مُلْكٍ في السَّماءِ تَمَّ لكْ!
 

اخبار مرتبطة

  إصدارات : دوريات

إصدارات : دوريات

02/06/2011

  إصدارات : كتب أجنبية

إصدارات : كتب أجنبية

02/06/2011

  إصدارات : كتب عربية

إصدارات : كتب عربية

02/06/2011

نفحات