حوارات

حوارات

08/01/2016

الدِّين الخاتم كمالُ التوحيد الإبراهيميّ


حوار حول عقيدة الخاتميّة مع المرجع الديني الشيخ جعفر السبحاني

الدِّين الخاتم كمالُ التوحيد الإبراهيميّ

ــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أسئلة كثيرة تثار حول الخاتميّة بين آنٍ وآخر، وهي تتراوح بين سؤالٍ قرآنيّ، أو فلسفيّ، أو فقهيّ. هذا الحوار لآية الله الشيخ جعفر السبحاني يتضمّن إجابات جامعة على عددٍ من هذه الأسئلة وما يتفرّع عنها من استفهامات تتعلّق بالكيفيات التي ينظِّم فيها الدين الخاتم شؤون البشرية، وخصوصاً في مجال الاجتماع، والاقتصاد، والثقافة، والتنوّع الحضاري والديني.

في ما يلي جزء من الحوار - الذي هو عبارة عن أسئلة كثيرة التداول طرحها الشيخ سبحاني وأجاب عنها - وقد أدرجه سماحته في ملحق كتابه القيّم (أضواء على عقائد الشيعة الإمامية).

 

* كيف تكون الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع، والقرآن الكريم ينصّ على أنّ المؤمنين بالله وباليوم الآخر من جميع الشرائع ناجون، شأنهم شأن من اعترف بالإسلام؟

ج: إن استنتاج بقاء شرعية الشرائع السماوية من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ البقرة:62، ومن الآيات المشابهة لها مبنيٌّ على غضّ النظر عمّا تهدف إليه الآيات، وذلك أنّ الآيات بصدد ردّ مزاعم ثلاثة كانت اليهود تتبنّاها، لا بصدد بيان بقاء شرائعهم بعد بعثة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله. والمزاعم المشار إليها هي:


1) كانت اليهود والنصارى يستولون على المسلمين، بل العالم، بادّعائهم فكرة «الشعب المختار». بل إنّ كل واحدة من هاتين الطائفتين: اليهود والنصارى، كانت تدّعي أنها أرقى أنواع البشر، وكانت اليهود أكثرهم تمسّكاً بهذا الزعم، وقد نقل عنهم سبحانه قولهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ..﴾ المائدة:18، وقد بلغت أنانية اليهود واستعلاؤهم الزائف حدّاً بالغاً وكأنّهم قد أخذوا على الله عهداً بأن يستخلصهم ويختارهم، حيث قالوا: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً..﴾ البقرة:80.

 

2) وقد كانت اليهود والنصارى تبثّان وراء فكرة «الشعب المختار» فكرة أخرى، وهي: أنّ الجنّة نصيب كلّ مَن ينتسب إلى بني إسرائيل أو يسمَّى مسيحياً ليس إلّا، وكأنّ الأسماء والانتساب مفاتيح للجنة، قال سبحانه ناقلاً عنهم: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى..﴾ البقرة:111، ولكنّ القرآن يرد عليهم ويقول: ﴿..تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ البقرة:111-112؛ فإنّ قوله سبحانه: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ..﴾، يعني الإيمان الخالص، وقوله: ﴿..وَهُوَ مُحْسِنٌ..﴾، يعني العمل وفق ذلك الإيمان، وكلتا الجملتين تدلّان على أنّ السبيل الوحيد إلى النجاة يوم القيامة هو الإيمان والعمل، لا الانتساب إلى اليهودية والنصرانية.

 

3) قولهم إنّ الهداية في اعتناق اليهودية والنصرانية، وهذا الزعم غير الزعم الثاني، ففي الثاني كانوا يقتصرون في النجاة بالانتماء إلى الأسماء، وفي الأخير يتصوّرون أنّ الهداية الحقيقية تنحصر في اعتناق اليهودية والنصرانية: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا..﴾ البقرة:135، والقرآن الكريم يردّ هذه الفكرة كما سبق، ويقول إنّ الهداية الحقيقية تنحصر في الاقتداء بملّة إبراهيم واعتناق مذهبه في التوحيد الخالص الذي أُمر الأنبيّاء بإشاعته بين أُممهم، قال سبحانه: ﴿..قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ البقرة:135.

نستخلص من كلّ هذه الآيات أنّ اليهود والمسيحيّين، وبخاصة القدامى منهم كانوا يحاولون - بهذه الأفكار الواهية - التفوّق على البشر، والتمرّد على تعاليم الله سبحانه، والتخلّص بصورة خاصة من الانضواء تحت لواء الإسلام، مرّةً بافتعال أكذوبة «الشعب المختار» الذي لا ينبغي أن يخضع لأيّ تكليف، ومرّةً أخرى بافتعال خرافة «الأسماء والانتساب» وادّعاء النجاة بسبب ذلك، والحصول على مغفرة الله وجنته وثوابه، ومرّة ثالثة بتخصيص «الهداية» وحصرها في الانتساب إلى إحدى الطائفتين، بينما نجد أنّه كلّما مرّ القرآن على ذكر هذه المزاعم الخرافية أعلن بكل صراحة وتأكيد: أنّه لا فرق بين إنسانٍ وآخر إلا بتقوى الله، فإنّ ﴿..أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ..﴾ الحجرات:13.

وأمّا النجاة والجنة فمِن نصيب مَن يؤمن بالله، ويعمل بأوامره دونما نقصان لا غير، وهو بهذا يقصد تفنيد مزاعم اليهود والنصارى الجوفاء..

 

* الأنبيّاء على قسمين: منهم مَن كان صاحب شريعة، ومنهم من كان مبلّغاً لشريعة مَن قبله من الأنبياء، كأكثر أنبيّاء بني إسرائيل. فإذا خُتم باب النبوّة التشريعية لكون الشريعة الإسلامية متكاملة، فلماذا خُتم باب النبوّة التبليغية؟

ج: إنّ الأمة الإسلامية غنيّة عن هذا النوع من النبوّة، وذلك لوجهَين:

الأول: أنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله ترك بين الأمّة الكتاب والعترة وعرّفهما إليها، وقال إنّ الأمّة لن تضلّ ما دامت متمسّكة بهما. فإذا كانت الهداية تكمن في التمسّك بهما، فالأمّة الإسلاميّة في غنى عن المهمّة التبليغية، إذ مهمّتها موجَدة بالتمسّك بهما؛ فالعترة الطاهرة مشاعل الحق، ومنارات التوحيد، أغنتْ الأمّة علومهم وتوجيهاتهم عن بعث نبيٍّ يبلّغُ رسالات الله، وهذا إجمال الكلام في أئمّة أهل البيت عليهم السلام، والتفصيل موكول إلى محلّه.

الثاني: أنّ علماء الأمّة المأمورين بالتبليغ بعد التفقّه، أغنوا الأمة عن أي نبوّة تبليغية، قال سبحانه: ﴿..فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ التوبة:122، وقال سبحانه: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..﴾ آل عمران:104.

 

 * لماذا حُرم الخلَف من المكاشفة الغيبيّة والاتّصال بعالم الغيب واستطلاع ما هناك من المعارف والحقائق؟

ج: إنّ الفتوحات الغيبية من المكاشفات والمشاهدات الروحية لم يُوصَد بابها، وإنّما أُوصد باب خاصّ وهو باب النبوّة الذي يحمل الوحي التشريعي أو التبليغي. قال سبحانه: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصّلت:53.

فالفتوحات الباطنية من المكاشفات والإلقاءات في الرَّوع غير مسدودة بنص الكتاب العزيز، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا..﴾ الأنفال:29، أي يجعل في قلوبكم نوراً تفرّقون به بين الحقّ والباطل، وتميّزون به بين الصحيح والزائف، لا بالبرهنة والاستدلال، بل بالشهود والمكاشفة، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الحديد:28.

 

* حاجةُ المجتمع إلى تشريعات جديدة تتزايد يوماً بعد يوم، وما بلَغَنا من تشريع لا يجاوز قوانين محدودة، فكيف تَفي النصوص المحدودة بالحوادث الطارئة غير المتناهية؟

ج: إنّ خلود التشريع وبقاءه في جميع الأجيال ومسايرته للحضارات الإنسانية، واستغناءه عن كلّ تشريع سواه، يتوقّف على وجود أمرين فيه:

الأوّل: أن يكون التشريع ذا مادة حيوية خلّاقة للتفاصيل، بحيث يقدر معها علماء الأمّة والأخصائيون منهم على استنباط كلّ حكم يحتاج إليه المجتمع البشري في كلّ عصرٍ من الأعصار.

 الثاني: أن ينظر إلى الكون والمجتمع بسعةٍ وانطلاق، مع مرونة خاصة تماشي جميع الأزمنة والأجيال، وتساير الحضارات الإنسانية المتعاقبة، وقد أحرز التشريع الإسلامي كِلا الأمرين.

أمّا الأول فقد أحرزه بتنفيذ أمور:


أ) الاعتراف بحجيّة العقل في مجالات خاصة: فإنّ من سمات التشريع الإسلامي التي يمتاز بها عن سائر التشريعات هي إدخال العقل في دائرة التشريع، والاعتراف بحجّيته في الموارد التي يصلح له التدخل والقضاء فيها، فالعقل أحد الحجج الشرعية، وفي مصافّ المصادر الأخرى للتشريع، وقد فتح هذا الاعتراف للتشريع الإسلامي سعةً وانطلاقاً وشمولاً لِما يتجدّد من الأحداث، ولِما يطرأ من الأوضاع الاجتماعية الجديدة.

 

ب) إنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد عند العدلية: فإنّ مَن أمعن في الكتاب والسنّة يقف على أنّ التشريع الإسلامي تابع لملاكات، فلا واجب إلّا لمصلحة في فعله، ولا حرام إلّا لمفسدة في اقترافه، ويشهد بذلك كتاب الله في موارد. يقول سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ المائدة:91، فالآية تعلّل حرمة الخبيثَين باستتباعهما العداوة والبغضاء وصدّهما عن ذكر الله.

 

 

فإذا كانت الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد في الموضوع، فالغاية المتوخّاة من تشريعها إنما هي الوصول إليها، أو التحرّز عنها، وبما أنّ المصالح والمفاسد ليست على وِزانٍ واحد، بل رُبّ واجب يسوّغ في طريق إحرازه اقتراف بعض المحارم، لاشتماله على مصلحة كبيرة لا يجوز تركها أصلاً، ورُبّ حرامٍ ذي مفسدة كبيرة، لا يجوز اقترافه، وإن استلزم ترك الواجب أو الواجبات.

 

ج) إنّ التشريع الإسلامي في مختلف الأبواب مشتمل على أصول وقواعد عامّة تفي باستنباط آلاف من الفروع التي يحتاج إليها المجتمع البشري على امتداد القرون والأجيال. أخرج الكليني عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سمعته يقول: «إنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى لَمْ يَدَعْ شَيْئاً تَحْتَاجُ إِلَيْه الأُمَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنْزَلَه فِي كِتَابِه، وبَيَّنَه لِرَسُولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ، وجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ حَدّاً وجَعَلَ عَلَيْه دَلِيلاً يَدُلُّ عَلَيْه، وجَعَلَ عَلَى مَنْ تَعَدَّى الْحَدَّ حَدّاً».


د) وممّا أضفى على التشريع الإسلامي خلوداً وغضاضة وشمولية وإغناء عن موائد الأجانب، فتح باب الاجتهاد فيما تحتاج إليه الأمّة في حياتها الفردية والاجتماعية، ومَن أقفله في الأدوار السابقة قطع الأمّة الإسلامية عن مواكبة التطور والحضارة، ومن ثمّ جعل التشريع الإسلامي ناقصاً غير كامل لما تحتاج إليه الأمّة.

 

ه‍) ومن الأسباب الباعثة على بقاء الدين وكونه مادّة حيوية صالحة لحلّ المشاكل والمعضلات الطارئة، كون الحاكم الإسلامي بعد النبيّ والأئمّة ممثّلاً لقيادتهم الحكيمة في أمور الدين والدنيا، التي من شأنها أن توجّه المجتمع البشري إلى أرقى المستويات الحضارية، فقد فتحت لمثل هذا الحاكم الصلاحيات المؤدّية إلى حقّ التصرّف في كلّ ما يراه ذا مصلحة للأمّة في إطار القوانين العامة، لأنّه يتمتع بمثل ما يتمتع به النبيّ والإمام من النفوذ المطلق إلّا ما كان من خصائص النبيّ والأئمّة..

 

أمّا الأمر الثاني: إنّ الذي فتح للتشريع الإسلامي خلوداً وغناء عن سائر التشريعات هو مرونة أحكامه التي تماشي جميع الأزمنة والحضارات، وقد تمثّلت هذه المرونة بأمور:

 

 أ) كونه جامعاً بين الدعوة إلى المادّة والروح، إذ غالت المسيحية في التوجّه إلى الناحية الروحية، فدعت إلى الرهبانيّة والتعزّب، وغالت اليهودية في الدعوة إلى ملاذّ الحياة والانكباب على المادة حتّى نسيت كلّ قيمة روحية، فالإسلام دعا إلى المادية والمعنوية على وجهٍ يطابق الفطرة الإنسانية، وجعل الفطرة مقياساً للحلال والحرام، وشرَّع للإنسان ما يسعده في الدنيا والآخرة على ما هو مفصَّل في محله.

 

ب) الإسلام ينظر إلى المعاني والحقائق لا الظواهر والقشور، فيأمر بالأخذ باللّبّ لا بالقشر، وهذا هو السرّ في خاتمية الدين الإسلامي وتمشّيه مع تطوّر الحياة، ولا يُتوهّم من ذلك جواز التدخل في التشريع بحجّة الأخذ باللبّ دون القشر، فإنّ الكبريات الواردة في الكتاب والسنة كلّها لبّ، وأمّا القشر فإنما يرجع إلى التخطيط والتجسيد..

 

ج) من الأسباب الموجبة لمرونة هذا الدين وانطباقه على جميع الحضارات الإنسانية، تشريعُه القوانين الخاصّة التي لها دور التحديد والرقابة بالنسبة إلى عامّة تشريعاته، وقد اصطلح عليها الفقهاء بـ«الأدلّة الحاكمة»، لأجل حكومتها وتقدّمها على كلّ حُكمٍ ثبتَ لموضوعٍ بما هو هو، فهذه القوانين الحاكمة، تعطي لهذا الدين مرونة يماشي لبّها كلّ حضارة إنسانية.

مثلاً قوله سبحانه: ﴿..وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ..﴾ الحج:78، حاكمٌ على كلّ تشريع استلزم العمل به حَرَجاً لا يُتحمَّل عادةً للمكلّف، فهو مرفوعٌ في الظروف الحَرِجَة.

ومثله قوله صلّى الله عليه وآله: «لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ»، فكلّ حكمٍ استتبع العملُ به ضرراً شديداً، فهو مرفوعٌ في تلك الشرائط، وقِسْ عليهما غيرهما من القوانين الحاكمة.

نعم تشخيص الحاكم عن المحكوم، وما يرجع إلى العمل بالحاكم من الشرائط، يحتاج إلى الدقة والإمعان والتفقّه والاجتهاد..

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر/ 21

ملحق شعائر/ 21

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات