نفسٌ  مطمئنّة

نفسٌ مطمئنّة

08/01/2016

فقيد العلم والجهاد العلامة الشيخ محمد خاتون رحمه الله


فقيد العلم والجهاد العلامة الشيخ محمد خاتون رحمه الله

.. على بُعْدِ نسمةٍ من فراقٍ طويل

 

 

برحيل فقيد الإسلام سماحة العلامة الشيخ محمد خاتون رضوان الله تعالى عليه تنطوي صفحة مشرقة من دوحة العلماء الأبرار المجاهدين في لبنان والعالمَين العربي والإسلامي. فقد كان رحمه الله عالماً عاملاً في الجهاد والتبليغ، وداعيةً مشهوداً لمواقفه العلمية والفكرية في تنشيط وتفعيل ثقافة المقاومة.

إذ تتقدّم «شعائر» من أمّتنا العربية والإسلامية، ومن مجاهدي المقاومة الإسلامية وجماهير حزب الله، وآل الفقيد بالعزاء الكبير، تسأل الله تعالى أن يدخله مقام الصدّيقين ويُسكنه فسيح جنّاته.

«شعائر»


أبحثُ عن بَضْعَةٍ منّي شاردة 


خاطرة للدكتور مصطفى نور الدين (خال الشيخ محمد خاتون رحمه الله

ألقاها في حفل تأبينه في بلدة جويا:

زمنٌ طويل مرَّ حتّى التقيته في بيتي بمناسبة عقد قران ابنتي..

فقلتُ له: أنا مسرورٌ مرّتين، مرَّةً لعقد قران ابنتي، والثانية لأَنكَ في بيتي الّذي افتقدكَ منذ زمنٍ طويل.

قال لي: حقَك عليَّ يا(خال)؛ بعد أسبوع عرفتُ بمرضِه.

عدت من بيتِهِ وكتبتُ هذه (الخاطرة..).

***

مررْتُ بداركُمْ صُبحاً

ومعي الشمسُ تروي

فصولَ الحكايةْ

عن بُرعُمِ عُمْرٍ

فاحَ عطرهُ

في راحتيها

منْذُ البدايةْ

يومَ كانت طفلةً

وأنا في رَحِمِ الحياة

يَضُخُّ  نورُها

في جسدي

أَحلامَ المسارِ الطويل

لأرتالِ الطيورِ الوادعةْ

أمضي في حُضنِ أَحبَّةٍ

شربوا ممّا شربتُ

حتّى ثَملنا فَغِبنا

في حُلُمٍ

مِن عبقِ الطيب

الروحِ الحانيةْ

باعدتنا الأيامُ

حتّى التقينا

تحتَ ظلالٍ

من دفء بيتي

قدَّمتُ له الصدرَ مِخدعاً

ومن قلبي وسادةْ

أسمعتُهُ آياتٍ بيِّناتٍ

من كتابِ عَتَبٍ

في القلبِ يُؤرِقُني

بُحْتُ به في حَقلِ عينيه

على إيقاعِ كلماتي الراجفةْ

ما هذا الهجرُ الطويلُ

عن البيتِ وحضني

وأنتَ ابن أُختي

صفِيَّةُ الصافيةْ؟

وابنُ أبٍ صديقٍ صدوقٌ

(عليُّ) شيخُ المنابِرِ

أَميرُ شعرٍ وقافيةْ

تبسَّمتْ دمعةٌ كَحَبِّ الندى

بين الرموش الذابلةْ

قرأْتُها أسىً مُبهماً

أحرفاً من كلماتٍ تائهةْ

صاغتها شفتاهُ

على إيقاعِ نبضِ قلبٍ

موسيقى حُنُوٍّ صادحة:

يا (خالُ) يا (خالُ)

لا تعتبْ فأنا على بُعْدِ

نسمةٍ من فراقٍ طويل

أمضي ومعي أسراري

أحلامي الهائمةْ

أمانيَّ المسافرةْ

لملمتُ آهاتي

دوَّنتها زفراتٍ لاهبةْ

على ورقِ الزعفرانِ نثرتُها

فوق هضابِ جويّا الساهرةْ

تَبحثُ عن طفلها عن ظَبيها

عن شيخها وأنا أبحثُ

عن بِضعةٍ منّي شاردةْ

كانت وغابت

على أملٍ  من لقاء

في فَيءِ ظلالٍ

من جنانِ السماء

أهازيج قرانا الحالمةْ

الى أن نلتقي

يا ابنَ أُختي

وحتماً سنلتقي

بلِّغ الأهل والأحبَّة

ألف تحيَّةٍ وسلام.

        

***

من أين آتيك؟

..ورثاء للدكتور السيد هاشم نور الدين 

وما بياض عِمّتك

إلّا رشْح قلبكَ الناصع ..

وما سنابل الخير

في واحات كفّيك

إلّا رفّة جفنٍ

فوق بحر عينك الدامع ..

وما الشوق في محيّاك

إلّا وردةً نديّة

في روضك الرائع ..



أنت يا أيّها المسكون

بطهارة الملائكة

وتسليم المطمئنين

الرابض في ساحك

رونق الغروب

وسكينة الليل

وخشوع السَحَر

وسخاء الفجر

وتسبيحات الشمس

على طول النهار ..


أنت أيّها الحرف الجميل

في أبجديّة العشق

أيّها اللون الساحر

في لوحة الغسق

والمبسم الباهر

على وجه الشفق

والطيف الساهر

في كلّ أحوال الأفق

لك في كلّ فصلٍ كتاب ..

وموسم حبّك حاضر

يسكن كلّ الفصول

وفي هدأة عينيك

يحترف المثول

وإعصار الشوق

بين ذراعيك ..

وجدول التوق

بين خدّيك 

وشفتيك ومنكبيك

وإشراقة ثغرك

لا غيابٌ ولا أفول ..


من أين آتيك

فبستانك على الدوام

مزهرٌ مثمرٌ مقمر 

لا يعرف الخريف والذبول

مساكب وردٍ وودّ ووجدٍ ومجد

ودفءٍ وفَيءٍ وظلٍّ وارف 

حبّ وعلمٌ وحلمٌ وسلامٌ ورشد

وسماءٌ لا يجافيها الصفاء

وأديمٌ يربو مع الدعاء

شمسك لا تغيب 

وبدرك لا يغادر

وعطاؤك سيولٌ وحقولٌ وبيادر ..

وجهادك خطّتْ مآثرَه

ساحاتٌ وربوعٌ وجموعٌ ومنابر ..

من أين آتيك

وكلّ سبلك معبّدة

مشرعةٌ للعابرين

وكلّ دروبك مغروسةٌ بالرياحين

ومسراك إلى الله

عابقٌ بالياسمين ..

وكلّ الطرق تؤدي إليك

إلى نداوتك وعذوبتك

وينابيع ودادك

وآلاء خصالك

ونُبل روحك ..

يا درّة حنان، وشلّال حنين 

يا دوحة إيمان، ومشكاة يقين ...

الرفيقُ المخلص على طول الطريق

نعى أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله العلامة الشيخ محمد خاتون رحمه الله بكلماتٍ مؤثّرة قال فيها: «نحن دائماً أمام مشيئة الله سبحانه وتعالى وقضائه وقدَره نسلّم كامل التسليم. بالأمس ليلاً رحل عنّا أحدُ إخواننا وعلمائنا الأجلّاء، ممّن شارك في انطلاقة مسيرة حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان منذ ساعاتها الأولى، وتحمّل فيها أيضاً الكثير من الأعباء الثقيلة والمسؤوليات الكبيرة طوال ثلاثين عاماً، أعني سماحة الأخ العزيز والحبيب والغالي الشيخ محمد خاتون، تغمّده الله برحمته، والذي كان لي شخصيّاً منذ عام 1977 أخاً في الروح، وزميلاً في الدراسة من النجف الأشرف، ورفيقاً مخلصاً على طول الطريق».

21/12/2015


 

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر/ 21

ملحق شعائر/ 21

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات