صاحب الأمر

صاحب الأمر

31/08/2016

من بركات الدعاء بتعجيل فرج صاحب الزمان


..اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلى أوليائِهم المعتَرفينَ بمَقامِهم

من بركات الدعاء بتعجيل فرج صاحب الزمان

____ السيّد محمّد تقي الأصفهاني قدّس سرّه ____

في كتابه (مكيال المكارم) وتحت عنوان «المكارم التي تحصل للإنسان بالدعاء لفرج مولانا صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف»، أورد السيّد محمّد تقي الأصفهاني تسعين مكرمة من المكارم التي يختصّ بها الداعي بالفرج.

ما يلي، المكرمة السابعة والخمسون التي استفادها المؤلّف من خلال فقرةٍ وردت في دعاء الإمام السجّاد عليه السلام في «يوم عرفة»، في حقّ الداعين للإمام المهديّ بالفرج، شارحاً الدعوات، ثمّ الصفات التي ينبغي أن تتحقّق في الداعي لتناله دعوات الإمام عليه السلام.

 

قال الإمام زين العابدين عليه السلام في «دعاء عرفة»، بعد الدعاء لمولانا صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه وظهوره، والصلاة عليه وعلى آبائه الطاهرين، سلام الله عليهم أجمعين: «..اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى أَوْلِيائِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمْ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمْ، الْمُقْتَفِينَ آثَارَهُمْ، الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمْ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِوَلاَيَتِهِمْ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإمَامَتِهِمْ، الْمُسَلِّمِينَ لأمْرِهِمْ، الْمُجْتَهِدِينَ فِي طاعَتِهِمْ، الْمُنْتَظِرِينَ أَيَّامَهُمْ، الْمَادِّينَ إلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمْ، الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ، الزَّاكِيَاتِ، النَّامِيَاتِ، الغَادِيَاتِ، الرَّائِحاتِ. وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرْوَاحِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى أَمْرَهُمْ، وَأَصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ، وَتُبْ عَلَيْهِمْ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَخَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلاَمِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ..».

لا شبهة في استجابة دعائه عليه السلام، وقد دعا عليه السلام، بستّ دعوات للمؤمنين المتّصفين بصفاتٍ عشرة، والمؤمن إذا دعا بتعجيل فرج مولاه مع اجتماع الشرائط، يكون من مصاديق المذكورين في ذلك الدعاء، فيستجاب في حقّه تلك الدعوات.

ستّ دعواتٍ من الإمام السجّاد عليه السلام

*  الدعاء لهم بالصلاة من الله، عزّ وجلّ، في كلّ غدوٍّ ورواح.

* السلام عليهم من الله تعالى.

* اجتماع أمرهم على التقوى.

* إصلاح شؤونهم وما يهمّهم.

* قبول توبتهم وغفران ذنوبهم.

* سكناهم في دار السلام في جوار الأئمّة الكرام عليهم الصلاة والسلام.

وفي بيان هذه الدعوات:

يمكن أن يكون المراد بالصلاة من الله تعالى: الرحمة، كما هو أحد التفاسير الواردة. ويمكن أن يكون المراد الثناء منه على العبد في الملأ الأعلى، كما ورد في حقِّ مَن يباهي الله تعالى به الملائكة.

والمراد بالصلوات المباركات كثرة منافعها الدنيويّة، وبالزاكيات الخاليات من شوب السخط، وعروض الغضب، وبالناميات ازديادها، وتضاعف آثارها الأخرويّة.

والمراد باجتماع أمرهم على التقوى، أن تكون أفعالهم جميعاً موافقة للتقوى، خالية عن شوب الهوى، بأن لا يصدر منهم أمر مخالف لِما أمر الله تعالى به، ويحتمل أن يكون المراد ائتلافهم جميعاً على كلمة التقوى والأوّل أظهر، وإصلاح شأنهم، أي إصلاح أمورهم الدنيويّة.

صفات الداعي

أمّا شرح الصفات بحسب ما يستفاد من كلمات العترة الطاهرة:

الأولى: الإذعان بالشؤون التي خصّ الله بها الأئمّة الطاهرين عليهم السلام، إجمالاً أو تفصيلاً، وإلى ذلك أشار عليه السلام بقوله: «الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمْ».

الثانية: أن يتبعهم في عقائدهم، ويدين بما دانوا به، وهو المراد بقوله عليه السلام: «الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمْ».

والثالثة: الاقتداء بهم في آدابهم وأفعالهم الصادرة منهم في كلّ أمرٍ من الأمور، وإليه أشار عليه السلام بقوله: «الْمُقْتَفِينَ آثَارَهُمْ».

والرابعة: أن يجعل عروته ما جعلوه له عروة، ويحصل ذلك بالعمل على طبق ما أمروا به ونهوا عنه، وهو المعبّر عنه بقوله عليه السلام: «الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمْ».

والخامسة: التمسّك والتوسّل في المُهمّات بحبل ولايتهم لا غير، وإليه أشار بقوله: «الْمُتَمَسِّكِينَ بِوَلاَيَتِهِمْ».

والسادسة: أن يجعلهم أئمّة خاصّة، ولا يدخل فيهم من ليس منهم كالزيديّة وأشياعهم مثلاً.

والسابعة: التسليم لأمرهم. روي في أصول (الكافي) بإسناد صحيح عن عبدِ الله الكاهِليّ، قَالَ: «قَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام: لَوْ أَنَّ قَوْماً عَبَدُوا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وأَقَامُوا الصَّلَاةَ، وآتَوُا الزَّكَاةَ، وحَجُّوا الْبَيْتَ، وصَامُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَالُوا لِشَيْءٍ صَنَعَه الله أَوْ صَنَعَه رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله: أَلَّا صَنَعَ خِلَافَ الَّذِي صَنَعَ، أَوْ وَجَدُوا ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ، لَكَانُوا بِذَلِكَ مُشْرِكِينَ، ثُمَّ تَلَا هَذِه الآيَةَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ النساء:65. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام: عَلَيْكُمْ بِالتَّسْلِيمِ».

وفي (الكافي) بإسناد صحيح عنه عليه السلام، قال: «إِنَّمَا كُلِّفَ النَّاسُ ثَلَاثَةً: مَعْرِفَةَ الأَئِمَّةِ، والتَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، والرَّدَّ إِلَيْهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيه».

والثامنة: بذل الوسع في طاعتهم، وإلى هذ أشار بقوله عليه السلام: «الْمُجْتَهِدِينَ فِي طاعَتِهِمْ».

والتاسعة: انتظار ظهور دولتهم، كما قال: «الْمُنْتَظِرِينَ أَيَّامَهُمْ».

والعاشرة: أن يجعل إمامه نصب عينيه، ويعتقد أنّه بحضرة إمامه في جميع أحواله، وبمرأى منه ومسمع في تمام أشغاله، بحيث لا يخفى منه شيء عليه، ولو كشف الغطاء عن عينه نظر إليه، وحينئذٍ يجتهد في رعاية الأدب بالنسبة إليه، وهذا معنى قوله: «الْمَادِّينَ إلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمْ»، ويدلّ على ما ذكرنا أخبار كثيرة:

منها ما في (الخرائج والجرائح) لقطب الدين الراونديّ، عن أبي بصير، قال: «دخلت المسجد مع أبي جعفر عليه السلام، والناس يدخلون ويخرجون، فقال عليه السلام لي: سَلِ النّاسَ هَلْ يَرَوْنَني؟ وكلّ مَن لقيته سألته عنه: هل رأيت أبا جعفر عليه السلام، فيقول: لا، وهو واقف. حتّى دخل أبو هارون المكفوف، فقال عليه السلام: سَلْ هَذا، فقلت: هل رأيت أبا جعفر عليه السلام؟ فقال: أليس هو قائماً؟ قلت: وما علمك؟ قال: وكيف لا أعلم وهو نور ساطع».

***

لا ريب في أنّ الداعي لمولانا صاحب الزمان وبتعجيل فرجه، يكون مصداقاً للعناوين المذكورة إذا كان ملازماً للتقوى، وناهياً نفسه عن الهوى، ومهذّبها عمّا يرديها، ومبعّداً لها عمّا يغويها، وترتّب الفوائد التي ذكرناها هي على نحو الكمال مشروط بالتقوى وتهذيب النفس، فإذا صار الداعي كذلك فاز بما ذكرناه هنالك. فإنّ هذا الدعاء موالاةٌ للأئمّة الهداة، واعترافٌ بمقامهم، واتّباعٌ لمنهجهم، واقتفاءٌ لآثارهم، واستمساكٌ بعروتهم، وتمسّكٌ بولايتهم، وائتمامٌ بهم، وتسليمٌ لأمرهم، واجتهادٌ في طاعتهم، ودليلٌ على انتظار أيّامهم، وكلّ ذلك يظهر للمُحِبّ الموافق بأدنى تأمّل صادق.

(بتصرّف)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

31/08/2016

دوريات

نفحات