وصايا

وصايا

31/08/2016

طاعةُ الله تُحيي القلب


من وصايا المحدّث القمّي

طاعةُ الله تُحيي القلب

____ إعداد: «شعائر» ____

هذه الوصايا عبارة عن مقتطفات من رسالة أخلاقية للفقيه المحدّث الشيخ عباس القمّي، مصنّف كتاب (مفاتيح الجنان)، ضمّنها رضوان الله عليه، مواعظ وتوجيهات موجزة، ونُشرت في كتابٍ قبل سنوات تحت عنوان (خمسون درساً في الأخلاق).

 

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أنا أخوَفُكُم مِنَ الله».

أيّها العزيز، اخشَ الله عزّ وجلّ، ولا تغفل طرفة عينٍ عن عظمته وجلاله، وتفكّر دائماً في أحوال يوم الحساب، وتذكّر أنواع العذاب.

تصوّر الموت وصعوبة عالم البرزخ ومؤاخذة يوم القيامة، واتلُ وتدبّر الآيات والأخبار التي وردت في باب الجنّة والنار، وأحوال الخائفين من الأخيار، واعلم أنّه كلّما ازدادت معرفة العبد بعظمة الخالق وجلاله، صار أبصر بعيوبه، وازداد خوفهُ من ربّه. فإنّ الله عزّ وجلّ نسَب الخوف منه وخشيته للعلماء، فقال: ﴿..إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ..﴾ فاطر:28.

روى الثعلبيّ بإسناده عن أبي اسحاق عن أبي جحيفة، أنّه قيل: يا رسول الله، قد أسرعَ إليك الشيبُ؟

فقال صلّى الله عليه وآله: «شيّبتني هودٌ وأخواتُها».

وفي حديثٍ آخر، قال صلّى الله عليه وآله: «شيّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمّ يتساءلون».

وإذا كنت لم ترَ، فقد سمعتَ حتماً حكايات خوف الأنبياء والمقرّبين، وبكاء أمير المؤمنين عليه السّلام، وتضرُّع سيّد الساجدين عليه السلام، ومناجاته.

 

 

 

الرجاءُ الصادق

أيّها الأخ، لا تيأس من رحمة الله، وكن مُؤمّلاً راجياً، واعلم أنّ الدّنيا هي مزرعةُ الآخرة. وقلب ابن آدم كالأرض، والإيمان كالبَذرِ، والطاعة كالماء الذي يجب أن يروي أرض القلب، ويطهِّر القلب من المعاصي والأخلاق الذميمة التي هي كالشوك والعُود، ويوم القيامة هو موسم الحصاد.

فإنّ مَن يزرع على هذا النحو، ثم يأمل، فإنّ رجاءه صادق. وإلاّ فلن يكون سوى الغرور والحمق.

ذمّ العجلة

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «العَجَلُ يوجِبُ العِثَار».

أي بنيّ، اِحذر العجلة والتسرّع، وتأمّل في أفعالك وأقوالك، واعلم أنّ كلّ أمرٍ يصدر عن بشرٍ دون تأمُّل فإنّه يبعث على الخسران، ويؤدّي بصاحبه إلى الندم. وكلُّ عَجولٍ وخفيفِ الرأي يصغُرُ عند الآخرين، ولا وقعَ له في قلوبهم ولا اعتبار.

اجتنابُ الغضب

رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قوله: «الغَضَبُ يُفسِدُ الإيمانَ كَما يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ».

لا تغضب ما استطعت، وزيِّن نفسك بزينة الحِلم. واعلم أنّ الغضب مفتاح كلِّ سوء، ولعلّ شدّته تؤدِّي بصاحبها إلى موت الفجأة. ويكفيك في مذمَّة الغضب أن تتأمّل في أفعال الشخص حين غضبه.

الحِلم زينةُ الخُلُق

الحِلم هو عبارةٌ عن التأنِّي، وكظْم الغيظ، وضبط النفس، بحيث لا تحرِّك قوّةُ الغضب الشخص بسهولة، ولا تؤدِّي به مكاره الدّهر إلى الاضطراب.

وكظم الغيظ هو عبارة عن إخفاء الغضب وحفظه. وكلاهما - الحِلم وكظم الغيظ - من الأخلاق الحسنة.

ويكفي الحِلم مدحاً أنّه ورد في معظم الأحاديث مقروناً بالعلم، وقيل: «الحِلمُ مِلحُ الأخلاق». وكما أنّ كلّ طعامٍ لا يُعرف طعمه إلّا بالملح، كذلك لا يجمل الخُلق إلا بالحِلم.

قال أمير المؤمنين عليٌّ عليه السّلام، فيما قال: «الحِلمُ نورٌ جَوهرهُ العقلُ»، «الحِلمُ تَمامُ العقلِ»، «الحِلم نِظامُ أمرِ المُؤمنِ»، «الحِلمُ خَلِيلُ المُؤمِنِ وَوَزيرُهُ»، «جَمالُ الرَّجُلِ حِلمُهُ»، «مَن غاظَكَ بِقُبْحِ السَّفَهِ عَلَيكَ، فغِظْهُ بِحُسْنِ الحِلْمِ عَنْهُ»، «إذا لَمْ تَكُنْ حَليماً، فتَحلَّم».

العفو عزُّ المؤمن

العفو صفةٌ إلهيّة، ويُذكر الله بهذه الصفة في مقام الثناء والحمد له.

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله، «العَفْوُ أَحَقُّ مَا عُمِل بِهِ»، «إِنَّ الله يُحِبُّ العَفْوَ»، «تَعافَوا تَسْقُطُ الضَّغائِنُ بَيْنَكُم»، «علَيْكُم بِالعَفْوِ، فَإنَّ العَفْوَ لا يَزيدُ العَبْدَ إِلَّا عِزّاً».

وروي عن عليّ بن الحسين السجّاد عليهما السلام، قولهُ: «وأنتَ الَّذِي سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالعَفُوِّ فاعْفُ عنِّي».

اعلم أنّ الذنب كلّما كان كبيراً، فإنّ فضيلة العفو عنه ستكون أكبر.

وقال الشاعر ما ترجمته نثراً: (الإساءة إلى المُسيء أمر سهلٌ -  إذا كنت رجلاً حقّاً أحسِن إلى مَن أساء إليك).

الرِّفق زينةُ الأفعال

أخي العزيز، ابتعد ما استطعتَ عن الغِلظة في القول والفعل، فإنّها صفةٌ خبيثةٌ تنفّر الرجال منك، وتخلُّ بشؤون حياتك، أما ترى أنّ الله سبحانه وتعالى، أرشد نبيّه صلّى الله عليه وآله، فقال له: ﴿..وَلَو كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلبِ لانفضُّوا مِن حَولِكَ..﴾ آل عمران:159.

وعكسها الرفق في القول والفعل، فإنّه محمودٌ في كلِّ الأحوال.

روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قوله: «إنَّ الرِّفْقَ لَمْ يُوضَع عَلَى شَيءٍ إِلَّا زانَهُ، ولَا نُزِعَ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شانَهُ»، «الرِّفْقُ نِصْفُ المَعِيشةِ»، «مَنْ أُعْطِيَ حَظّهُ مِنَ الرِّفْقِ أُعْطِيَ حَظّهُ مِن خَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَة».

وروي عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، قوله: «عَلَيْكَ بِالرِّفْقِ، فَإنَّهُ مفْتاحُ الصَّوابِ، وَسَجِيَّةُ أُولِي الألبَابِ».

 

قيدُ سُوءِ الخُلق

اجتنِب يا أخي العزيز سوءَ الخُلق، فإنّه يُبعدك عن الخالق والمخلوق، وسيّئُ الأخلاق يعيش معذّباً دوماً، فإنّه أسير عَدوّه الذي لا يتركُه أينما حلّ.

وقال الشاعر ما ترجمته نثراً: (إذا حاول سيّئ الأخلاق أن يهرب من البلاد ليستقرّ فى الأفلاك البعيدة -  فإنّه واقع، لا محالة، في بلاء سوءِ خُلُقه).

أمّا الأخلاق الحسنة، فإنّها أفضل صفات الأولياء. قال تعالى: ﴿وإنّك لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ﴾ القلم:4.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنَّ أَحَبَّكُم إليَّ وأقربَكُم منِّي يومَ القِيامةِ مَجلِساً أَحْسَنُكم خُلُقاً..»، «أَشْبَهُكُم بي، أحسَنُكم خُلُقاً».

وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: «حُسْنُ الخُلُقِ فِي ثَلاثٍ: اجتِنابِ المَحَارِمِ، وطَلَبِ الحَلالِ، والتَّوَسُّعِ على العِيالِ».

التناهي عن الفُحش والشّتم

تناهَ أيُّها الأخ العزيز عن الحقد والعداوة، فإنّ ثمرتهما الندامة والآلام الدنيوية والأُخروية، وآثارهما الضربُ واللّعنُ والطعن، ولا شكّ في خباثة هذه الصفات، لا سيّما الفحش والشتم.

روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قوله: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ الجَنَّةَ عَلَى كُلِّ فَحَّاشٍ بَذِيءٍ، قَليلِ الحياءِ، لا يُبالِي ما قَالَ ولا مَا قِيلَ لَهُ، فَإِنَّكَ إِنْ فَتَّشْتَهُ لَمْ تَجِدْهُ إِلَّا لِغِيَّةً أَوْ شِرْكَ شَيطَانٍ».

وروي عنه صلّى الله عليه وآله، أيضاً قوله: «إنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ فَاحشٍ مُتَفَحِّشٍ»، و«الجنّةُ حَرامٌ على كلِّ فاحِشٍ أَنْ يَدْخُلَها».

ورُوي عن محمّد بن علي الباقر عليهما السّلام، قوله: «قُولُوا لِلنّاسِ أَحْسَنَ مَا تُحِبُّونَ أَنْ يُقالَ لَكُم، فَإنَّ اللهَ يُبغِضُ اللَّعَّانَ السَّبَّابَ الطَّعَّانَ عَلَى المُؤمِنينَ، الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ، السَّائلَ المُلحِفَ»، و«إنَّ اللهَ يُحِبُّ الحَيِيَّ المُتَعفِّفَ، ويُبْغِضُ البَذِيَّ السَّائِلَ المُلحِفَ».

واعلم أنّ من الفُحش والسبّ ما يكون عن مجرّد الغضب، ويكون أيضاً عن مجالسة الأوباش والفُسَّاق وأهل الهذيان والفحّاشين، فتصبح تلك عادة جليسهم ويصبح فحّاشاً دون عداوةٍ وغضب.

ولعلّك تشاهد الأراذل والأوباش يطلقون الفُحش على بعضهم البعض – لا سيّما على أمّهاتهم ومحارمهم - من باب المزاح. لا شكّ أنّ مثل هؤلاء الأشخاص بعيدون عن الآدميّة كلَّ البعد.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

31/08/2016

دوريات

نفحات