موقف

موقف

31/08/2016

نصيحة لعموم المسلمين


نصيحة لعموم المسلمين

تخلّقوا بأخلاق رسول الله صلّى الله عليه وآله

____ العلّامة السيّد محسن الأمين رحمه الله ____


إنّ المسلمين اليوم يقدَّرون بثلاثمائة وخمسين مليوناً؛ منهم تسعون مليوناً من الشيعة*، والباقون من أهل السنّة، وهي قوّة في الكون لا يُستهان بها. ولكنّ تفكّك عُرى المودّة والاتّفاق، وفقْد الرابطة بينهم، أضعف قوّتهم المعنوية والمادية، فأصبحوا عيالاً على غيرهم، وفقدوا استقلالهم، والدولُ التي لها شبه استقلال منهم فاقدة للاستقلال الصناعي والاقتصادي، الذي هو من مقوّمات الاستقلال في الحكم.

ومع هذا كلّه، فهم غافلون عن حاضر أمرهم ومستقبله، مشتغلون بالسفاسف والعداوات المذهبية والعِرقيّة والطائفية، متهاونون بأهمّ فروضهم الدينية، مُضيِّعون لمحاسن دينهم الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، التي استفادت منها جميع الأمم، وسعدت باتّباع بعضها.

وإذا حصل لأحدهم شيء من حكم موهوم أو إمارة مستمَدّة من الغير، استأثر بها على إخوانه وأثار أضغانهم وحفائظهم، ولم يلتفت إلى أنّه بهم حصل له ما بيده، وعمّا قليلٍ ينتقل إلى غيره.

وأكثر ذوي الملك والإمارة منهم ينحون نحو العادات الأخرى، ويعادون التعاليم الإسلامية، ويسعون جهدهم لإبادتها بالقهر والقوّة، ظنّاً منهم أنّ أصحاب الدول يميلون إليهم ويوالونهم بسبب ذلك، وأنّهم يذهبون بذلك شوطاً بعيداً في اللحاق بهم والاقتباس من قوّتهم ومدنيتهم التي غلبوا بها الأمم.

وهيهات الذي ظنّوا؛ فإنّ العطف والحنان والسيادة والمنعة هي اليوم، وقبل اليوم، ليست لترك العادات الجميلة، والأخلاق النبيلة، والتعاليم الإلهية، والعدل والإنصاف، بل مَن كان ذا قوّة نال العطف والحنان، وأحرز السيادة والمنعة. ومَن ظنّ أنّ الأغيار تحترمه وتراعيه وتقرّ به بترك تقاليده الإسلامية، فقد ظنّ خطأً وارتكب شططاً، بل هو يخسر بذلك عطف شعبه ورعيّته، ولا ينال من غيره إلّا السخرية به.

فأنتم أيّها الإخوان السنّة، كفّوا عن معاداة إخوانكم الشيعة، وعن القدح فيهم، ورميهم بالضلال، وإثارة حفائظهم، والاستئثار عليهم بما هم شركاؤكم فيه. فقد آن لكم أن تعلموا أنّ الذي فرّق بينكم وبينهم هو السياسة.. والسياسة اليوم تقضي عليكم وعليهم باتّفاق الكلمة، والتأمّل الصحيح، وتَرْك التقليد الذميم، (ومعاملتهم على) أنّهم إخوانكم في الدين.

وأنتم أيّها الكُتّاب وحمَلة الأقلام ولسان حال الأمة، إلى متى تقدحون في إخوانكم الشيعة وتنتقصونهم وترمونهم بالعظائم، وتنابزونهم بالألقاب في مؤلّفاتكم ومنشوراتكم، وتثيرون الأضغان وتزيدون الأحقاد، وتوسِّعون شقّة الخلاف، تقليداً لبعض مَن حملتهم على ذلك السياسة، وأنتم في هذا الزمن العصيب أحوج إلى الاتّفاق منكم إلى النزاع والشقاق.

وأنتم أيّها الشيعة، عليكم أن تعملوا بما أمَركم به إمامُكم، الإمامُ من أهل البيت؛ جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام، من التحبّب إلى إخوانكم أهل السنّة، وزيارتهم والصلاة في جماعاتهم وتشييع جنائزهم وعيادة مرضاهم، وتجنّب كلّ ما يُوغر صدورهم، حتى يقولوا: «رَحِمَ اللهُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ؛ مَا أَحْسَنَ مَا أَدَّبَ بِهِ أَصْحَابَه»...

وأنتم أيها الأخوان من السنة والشيعة، لا تَتركوا العمل بوصيّة نبيّكم صلّى الله عليه وآله وسلّم، من اللِّين والتساهل مع كلّ أحدٍ، ولما أمر به ربّكم في كتابه العزيز نبيَّه الأكرم صلّى الله عليه وآله، من معاملة الخارجين عن ملّة الإسلام بالرّفق واللّين، تعليماً لكم وتهذيباً لأخلاقكم، بقوله تعالى: ﴿..وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..﴾ النحل:125، وغيرها من الآيات البيّنات..

نسأله تعالى أن يوفّق الجميع لما فيه الصلاح والإصلاح.

_____________________________________________________

* هذه الأرقام تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي أيام تأليف السيد الأمين لـ(أعيان الشيعة)، ومنه هذا المقال.

  أما تعداد المسلمين – من السنة والشيعة – اليوم، فيتجاوز المليار ونصف المليار.

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

31/08/2016

دوريات

نفحات