ملحق

ملحق

31/08/2016

أَوثانُ اليوم، أخطر من اللاّت، وهُبَل!


 

أَوثانُ اليوم، أخطر من اللاّت، وهُبَل!

النص الكامل لخطبة الإمام الخميني قدّس سرّه

في الذكرى السنوية لمذبحة الحرم المكّي (1988)

 

 

 

 

 

 

 

ليس لنا ونحن نقرأ الخطبة المستعادة للإمام الخميني قدّس سرّه، في الذكرى السنوية الأولى لمذبحة الحرم المكّي قبل ثمانية وعشرين عاماً، إلّا أن نستحضر المشهد الراهن للأمّة بتداعياته المؤلمة على كلّ صعيد.

الحال باقٍ على حاله. لم يتبدّل من جوهر المشهد شيء ذلك على الرغم ممّا عصف بالبلاد العربية والإسلامية من انقلابات، وحروب أهلية، وفتن عمياء. فما ذكره الإمام في ذلك اليوم من توصيفات للنظام العالمي، والدور الذي تلعبه الوهابية وحكم آل سعود في هذا النظام، لا يزال يطابق أحوالنا الراهنة، ويعرب عن حقيقتها.

كان الإمام الخميني، وهو يتحمّل أعباء قيادة الأمّة، يعيش آلام الفتنة والانقسام، ويدرك أن قوى الشرّ العالمي هي التي تمدّها بأسباب الاستمرار. لم يكن حكمه على الدور الذي تولّته الوهّابية – الأمويّة - بتحريف مقاصد الشريعة المقدّسة، إلّا عن دراية الحكيم الذي يرى بعين الله الحقائق الواقعية ومجريات التاريخ. وستأتي الأيام لتبيِّن للعالم ولأبناء الأمّة المزيد من صدق الإنباء في ما ذهب إليه قبل نحو ثلث قرن مضى.

منذ ذلك اليوم الدموي الذي اقترفه جلاوزة الوهّابية بحقّ ضيوف الرحمن، من الحجّاج الإيرانيين وسواهم من حجيج البلاد الإسلامية الأخرى، راحت تتكشّف «مآثر» إضافية ممّا تختزنه مملكة آل سعود من هتكٍ للحرمات، وتحريف لقيَم الوحي وسماحة الإسلام وثقافته الأصيلة. وما دمنا في مقام الحديث المستعاد عن الذكرى الأولى في العام 1988، فإنّ الذي حصل العام المنصرم في موسم الحجّ، ليس سوى الامتداد الذي لا ينقطع في مسار العقيدة التكفيرية المتمادية في غيِّها، والتي تمارس بحقّ المسلمين ما يندى له الجبين، وفي أطهر مكانٍ جعله الله تعالى قبلةً للناس، ومثابةً لعبادته، وقربى إلى  جنابه الأقدس.

لقد جاءت خطبة الإمام قدّس سرّه، في ذكرى ذلك اليوم الدموي، لتستشرف أحوال الأمّة لعقودٍ وأجيال لاحقة؛ فقد نبَّه رضوان الله تعالى عليه، إلى أنّ ما حصل في رحاب البيت الحرام، إنّما يترجم منظومة كاملة تنضح بالانزياح عن قيم التوحيد الحقيقي، وعن القيم الإنسانية في العدالة، والتسامح، والحرية، والحقوق الطبيعية.

ففي خطبة الإمام قدّس سرّه، التي أرادها رسالة جامعة وشاملة، بيان في معرفة الحقّ تعالى وتوحيده ولطفه بعباده. ولقد اتّخذ من الحادثة المشؤومة بحقّ مئات الحجّاج من أبناء الشعب الإيراني وغيرهم، مناسبة لكشف زيف الوهّابية وانحرافاتها في العقيدة والسياسة والأخلاق المحمدية. ينطلق الإمام رضوان الله عليه، من مبدأ التوحيد الحقّ الذي يعبّر عنه الحجّ إلى بيت الله الحرام أعظم تعبير.

في كلام الإمام لا نجد أي انفصال أو انقطاع بين حقّ الله تعالى وحقوق الإنسان. ذلك بأنّ الحقّ واحد، فمَن كان مع الله لا ينتقم من الذين تركوا بيوتهم وهاجروا إلى بيت الله.. أولئك الذين حطَّموا أصنام الشرك وأوثان الاستبداد تأسيّاً بما فعل النبيّ إبراهيم عليه السلام، من قبل.

حين يربط الإمام قدّس سرّه، بين انتهاك البيت الحرام والانتقام من المؤمنين المهاجرين إلى الرحاب الإلهيّة في مكّة المكرمة، فإنّما ليؤكّد تلك الحقيقة الساطعة. يقول الإمام: «إنّ أعظم آلام المجتمعات الإسلامية، أنّها لم تدرك إلى الآن الفلسفة الحقيقية للكثير من الأحكام الإلهية. وإنّ الحجّ، ورغم كلّ الأسرار والعظمة الكامنة فيه، لا يزال باقياً بصورة عبادة جافة. ولذا فإنّ من أوجب واجبات المسلمين فهم وإدراك حقيقة الحجّ، وأن يكرّسوا له شطراً من إمكانياتهم المادية والمعنوية، لأدائه إلى يوم الدين..».

مؤدّى هذه الكلمات القاصدة ببلاغتها، توكيد الربط الوطيد بين غاية شعيرة الحجّ، التي تتجلّى بمكارم الأخلاق في أبهى صورها، ورعاية حقوق الناس والعناية بالمسلمين وحفظ أرواحهم وكراماتهم ومشاعرهم. وهو الأمر الجليل الذي لم يجد له في السلوك التكفيري للوهّابية أي سبيل.

من هنا سنجد قصد الإمام قدّس سرّه، أن يبيِّن أنّ الانحراف عن التوحيد الإبراهيمي هو أصل كلّ انحراف عن مكارم الأخلاق المحمّدية. وهو ما تمادت شواهده مع معاندي النبوّة الخاتمة، منذ آل أبي سفيان وصولاً إلى نظام آل سعود في عصرنا الراهن.

تركّزت الخطبة على تظهير قيَم الإسلام المحمّدي الأصيل في كلّ قضية تناولتها. وقد حرص الإمام، قدّس سرّه، على تأصيل مفهوم حقوق الإنسان على قاعدة الكلام الإلهي وتوجيهات الكلام المعصوم عليه السلام، ولذا سنرى كيف يدخل مفهوم الحقّ عند الإمام كأصلٍ للحقيقة الدينية المنْبنيَة على التوحيد. فالحقّ –عند الإمام- هو أمرٌ تكويني معوّل للخلق بالحقّ. ولمّا كان الوجود هو الحقّ، كان كلّ موجود وجوداً بالحقّ، وأمرِ الإيجاد الذي صَدَر عن الحقّ سبحانه، وكان الخلق هو عين فيضه الوجودي. وذلك يعني بحسب الحكمة الإلهية الظاهرة في كلام الإمام، أنّ كلّ موجود هو حقّ، وله بحكم كونه وُجد بمشيئة الواجب تعالى حقوق ينبغي أن تؤدّى، وخصوصاً في حياته وكرامته وحقّه في ممارسته عبادته لله الواحد الأحد. وحين يمضي الإمام في رحلة تأصيل مفهوم الحقّ، يتركّز مسعاه على جلاء التواصل الرحماني بين الحقّ والخلق، ثمّ ليؤسس رؤيته للحضور الإلهي في حياة الإنسان على مبادئ التكريم، والتسخير، والاستخلاف. وهكذا تأتي الخطبة في ذلك اليوم لتضيء على أهم ما يواجهه المسلمون في إيمانهم وعقيدتهم واجتماعهم وتدافعهم. ولقد كان واضحاً في المشروع الحضاري الإسلامي الذي أطلقه الإمام قدّس سرّه، مكانة الإنسان وكرامته. فالإنسان، وفق الحقيقة الدينية، هو الأشرف مقاماً ورتبةً في سلسلة الوجود. والقرآن الكريم يمنح الإنسان حقَّانية وجوده كمخلوق سيّد، حين سخَّر الله له الكون بما فيه وجعله خليفة له في الأرض.

* * * * *

سوف يجد القارئ في هذا النص رسالةً جامعة تتخطّى اللحظة التي ظهرت فيها يوم أُعلنت على الملأ. ومن هنا تكمن أهمية استعادتها وتقديمها لأبناء الأمة الإسلامية ولسائر الناس، لا سيّما في حقبة نشهد فيها ذروة التآمر على الإسلام والمسلمين، حيث تتموضع حكومة آل سعود كحجر الرحى في تغذية الفتنة، ونشر الانحراف عن صراط الحقّ.

وبعد...

حين يتحدّث صنّاع الحضارات عن لحظة ما في مسيرتهم، فإنهم بذلك إنّما يؤسّسون لمسيرة تاريخية كاملة. ذلك بأنّ كلّ قولٍ أو فعلٍ يصدر عنهم، هو تعبير عن الفهم العميق لمشكلات أممهم وشعوبهم.

نجدنا في هذه الخطبة المستعادة للإمام روح الله الموسوي الخميني قدّس سرّه، أمام رؤية ممتدّة في تاريخ الأمة، لتضيء بروحانية الإسلام المحمدي الأصيل ومكارم الأخلاق دروبها ومستقبلها.

 

  

 

مشخّصات

* المصدر: صحيفة الإمام، ج‏21، ص: 73.

* نداء

* التاريخ 29 تير 1367 ه. ش/ 5 ذي الحجّة 1408 ه. ق (20/ 7/ 1988/ م).

* المكان: طهران، جماران‏.

* الموضوع: «الذكرى السنوية لمذبحة الحرم المكي..».

* المخاطب: الشعب الإيراني‏.

 

بسم الله الرحمن الرحيم‏

﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ...﴾. (الفتح:27)

بالرغم من مرور عام على المذبحة الوحشية المروّعة بحقّ الحجّاج العزّل والزوّار المؤمنين الموحّدين، بأيدي عبيد أميركا السفّاكين آل سعود ما زالت مدينة الله، وخلق الله مذهولين، في حيرة ودهشة.

 إن آل سعود بقتلهم ضيوف الرحمن وتضريجهم أفضل عباد الله بدمائهم وتعفيرهم بالتراب، لم يلطخوا بدماء الشهداء الحرم الآمن فحسب، وإنّما العالمَ الإسلامي، وجعلوا المسلمين والأحرار في مأتم وعزاء.

إن المسلمين في العالم احتفلوا العام الماضي لأول مرة بعيد الأضحى في مذبح العشق وفي «مِنى» رضى الحقّ من خلال استشهاد أبناء إبراهيم عليه السلام الذين كانوا قد عادوا عشرات المرات من مواجهة نهَبة العالم وأذنابهم.

 ومرة أخرى تُقْدم أميركا وآل سعود وخلافاً لمعايير الحرية والتحرر، على قتل نسائنا ورجالنا وأمهات الشهداء وآبائهم والمعوّقين العزّل. وبكلّ خسّة ودناءة وقسوة انهالوا بالسياط على أجساد كبار السن وهم في النزع الأخير، وعلى الأفواه العطشى والجافّة لمظلومينا، وراحوا ينتقمون منهم.

الانتقام ممَّنْ؟ ولأي ذنب؟ الانتقام ممّن كانوا قد تركوا بيوتهم وهاجروا إلى بيت الله وبيت الناس! .. الانتقام من الذين حملوا على عاتقهم عب‏ء الأمانة والجهاد. الانتقام من الذين عادوا من تحطيم الأوثان. مثلما فعل إبراهيم عليه السلام، حيث كانوا قد سحقوا الشاه والاتحاد السوفيتي وأميركا، وحطموا الكفر والنفاق.

إن هؤلاء المؤمنين وبعد طيّ كلّ تلك السبل، وصرخة: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا..﴾ (الحجّ:27)، كانوا قد جاءوا حفاة وبرؤوس حاسرة كي يُسعدوا إبراهيم. جاءوا إلى ضيافة الله كي يغسلوا وجوههم بماء زمزم ويزيلوا غبار الرحلة، ويرووا ظمأهم من زلال مناسك الحجّ، ويتحملوا أعباء المسؤولية بعزمٍ أكبر، ويخلعوا عن أجسادهم في مسيرتهم وصيرورتهم الأبدية، ليس في ميقات الحجّ فحسب، وإنما في ميقات العمل أيضاً، لباس التعلّق بالدنيا.

إنهم ومن أجل إنقاذ المحرومين وعباد الله، حرّموا على أنفسهم الراحة والدعة، وأحرموا بإحرام الشهادة وعقدوا العزم على أن لا يكونوا عبيداً لإغراءات أميركا والاتحاد السوفيتي، ليس هذا فحسب، وإنما أن لا يطيعوا أحداً غير الله تعالى.

 جاؤوا ليقولوا ثانيةً لمحمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلم بأنّهم لم يتعبوا من الجهاد، مدركين جيّداً أن أبا سفيان وأبا لهب وأبا جهل يتربّصون بهم للانتقام، ويتساءلون في أنفسهم:

هل ما يزال اللّات وهُبَل في الكعبة؟

أجل، إنها أكثر خطراً من تلك الأوثان، ولكن بوجوه جديدة خادعة. إنهم يعلمون جيداً بأن الحرم اليوم حرم ولكن ليس للناس وإنما لأميركا! وأنّ كلّ من توجّه إلى الكعبة (من غير أن يقول): «لبيك» لأميركا سيتم الانتقام منه. الانتقام من حجّاج تتجلّى مناسك إبراهيم في كلّ ذرّة من ذرّات وجودهم وجميع حركات ثورتهم وسَكَناتها، ويحرصون بحقّ على تعطير أجواء بلدهم وحياتهم بنداء (لبّيك اللّهم لبّيك) المؤنس.

أجل، في منطق الاستكبار العالمي كلّ من يحاول أن يتبرّأ من الكفر والشرك سوف يُتّهم بالشرك، ويُفتي أصحاب الفتيا من أحفاد (بلعم بن باعورا)[1] بكُفره وقتله.

في النهاية يجب أن يتجلّى في تاريخ الإسلام سيف الكفر والنفاق الذي أُخفيَ وراء لباس الإحرام الكاذب لليزيدين والمأجورين من بني أمية، عليهم لعنة الله، وأمعن في قتل وسحق واستئصال أفضل أبناء نبيّ الإسلام الصادقين، سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأنصاره الأوفياء، أن يتجلّى ثانية من أكمام الوارثين لبني سفيان ليحزّ الحناجر الطاهرة والمطهرة لأنصار الحسين عليهم السلام في ذلك الطقس الحارّ في كربلاء الحجاز وفي مذبح الحرم، وأن يكيلوا لهم الاتهامات ذاتها التي كالها اليزيديون إلى أبناء الإسلام الصادقين حيث نعتوهم بالخوارج والملحدين والمشركين وأهدروا دماءهم، غير أننا سننفّس عن حزن قلوبنا إن شاء الله في الوقت المناسب بالانتقام من أميركا وآل سعود، وسنُدخل إلى قلوبهم حسرة استمتاعهم بهذه الجريمة العظيمة. وسندخل المسجد الحرام بإقامة احتفال انتصار الحقّ على جنود الكفر والنفاق، وتحرير الكعبة من أيدي غير المؤهّلين الذين تحرم عليهم.

أما حجّاج الدول الأخرى الذين جاؤوا إلى مكة وهم – يقيناً – قيد المراقبة والتخويف من قِبل حكوماتهم ودولهم، فسوف يفتقدون أصدقاءهم وإخوتهم وحماتهم ورفاق خنادقهم الحقيقيين.

وسيسعى آل سعود ومن أجل التغطية على جريمتهم المرعبة، وتبرير صدّهم عن سبيل الله ومنع الحجّاج الإيرانيين من التوجّه إلى الحجّ؛ إلى إمطار الحجّاج بحملات دعائية شديدة، وسيقوم وعّاظ السلاطين وأصحاب الفتاوى الذين باعوا أنفسهم - لعنة الله عليهم - في الدول‏ الإسلامية لا سيّما الحجاز، وعبر وسائل الإعلام والصحافة، بعرض مسرحيات وإلقاء خطابات لمصادرة أيّ فرصة تدفع الحجّاج للتأمّل وإدراك الفلسفة الحقيقية للحجّ، وكذلك للتعرّف على حقيقة ما جرى بتخطيط مبيّت من قبل الشيطان الأكبر في قتل ضيوف الرحمن. ومن البديهيّ أن مسؤولية الحجّاج في مثل هذه الظروف ستكون جسيمة للغاية.

حقيقة الحجّ

انّ أعظم آلام المجتمعات الإسلامية هي أنها لم تدرك لحدّ الآن الفلسفة الحقيقية للكثير من الأحكام الإلهية، وإن الحجّ ورغم كلّ الأسرار والعظمة الكامنة فيه، لا زال باقياً بصورة عبادة جافّة وحركات غير مجدية ولا مثمرة.

وإن من واجبات المسلمين الكبرى فهم حقيقة الحجّ وإدراكها، ولماذا ينبغي أن يكرسوا دائماً لأدائه شطراً من إمكانياتهم المادية والمعنوية.

 ما تمّ طرحُه لحدّ الآن، تحت عنوان فلسفة الحجّ، من قبل الجهلَة والمحلّلين غير الواعين والمرتزقة؛ هو أن الحجّ عبادة جماعية وزيارة وسياحة.

[يتساءل هؤلاء]: ما شأن الحجّ بالطريقة التي ينبغي أن نعيش عليها، وما شأنه بسُبل الجهاد والأساليب التي تمكّننا من الصمود بوجه العالمَين الرأسمالي والشيوعي!.

وما شأن الحجّ بوجوب استعادة حقوق المسلمين والمحرومين من الظالمين؟!.

 ما شأن الحجّ بالتفكير بسبيل التصدي للضغوط المعنوية والمادية التي يتعرّض لها المسلمون .. ما شأن الحجّ بضرورة أن يطرح المسلمون أنفسهم باعتبارهم قوة كبرى، والقوة الثالثة في العالم؟! .. ما شأن الحجّ بأن ينهض المسلمون ضدّ الحكومات العميلة؟

إنما الحجّ [عند هؤلاء] رحلة سياحية لمشاهدة الكعبة والمدينة، لا غير.

و(الحال) أنّ الحجّ شُرّع من أجل تقرّب الإنسان واتّصاله بربّ هذا البيت .

 ليس الحجّ مجرد حركات وأعمال وألفاظ. فالإنسان لا يصل إلى الله بالألفاظ والحركة الجافة .. الحجّ مركز المعارف الإلهية ويجب استلهام سياسة الإسلام في كافة مناحي الحياة منه .. الحجّ يتكفّل بإيجاد وبناء مجتمع خالٍ من الرذائل المادية والمعنوية .

 الحجّ تجلّي وتكرار تجسيد مظاهر العشق في حياة الإنسان والمجتمع المتكامل في الدنيا. مناسك الحجّ هي مناسك الحياة.

 ولهذا ينبغي لمجتمع الأمة الإسلامية، على اختلاف أعراقه وانتماءاته القومية، أن يكون إبراهيمياً كي يلتحق بركب أمة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ويتوحّد معها ويصبح يداً واحدة .

 الحجّ تنظيم وتمرين وبلورة للحياة التوحيدية .. الحجّ ميدان تجلٍّ، ومرآة تظهر مؤهلات المسلمين وقدراتهم المادية والمعنوية .. الحجّ كالقرآن يستفيد منه الجميع، ولكن إذا ما حاول المفكّرون والباحثون والمدركون لآلام الأمة الإسلامية الغوص في بحر معارفه ولم يهابوا الاقتراب من الخوض في أحكامه وسياساته الاجتماعية، فسوف يتسنّى لهم الانتقال من أصداف هذا البحر إلى المزيد من جواهر الهداية والرشد والحكمة والتحرّر، وسيرتوون من زلال حكمته إلى الأبد.

ماذا ينبغي لنا أن نفعل، وإلى أين نتوجه بهذا الهمّ الكبير حيث بات الحجّ مهجوراً كالقرآن، ومثلما توارى كتاب الحياة والكمال والجمال وراء الحجب التي صنعناها بأنفسنا وتم‏ دفن خزائن أسرار الخلقة وإخفاؤها تحت الأنقاض التي أوجدها أصحاب الفكر المنحرف من مفكّرينا، حتّى تدنّت لغة الأنس والهداية والحياة والفلسفة التي تبعث على الحياة، إلى لغة الغربة والموت والقبور. ابتُلي الحجّ أيضاً بالمصير نفسه. يذهب ملايين المسلمين كلّ عام إلى مكة وتطأ أقدامهم موطئ أقدام الرسول وإبراهيم وإسماعيل وهاجر، ولكن لا يوجد منهم من يسأل نفسه من هو إبراهيم ومحمّد عليهما الصلاة السلام وما الذي فعلاه وماذا كان هدفهما. وما الذي أراداه منا؟

يبدو أن الأمر الوحيد الذي لا يتم التفكير به هو هذا!!

لا شك في أن الحجّ الذي يفتقد للروح والمجرّد من التحرك والثورة .. الحجّ الذي لا يتضمّن البراءة [من المشركين، والدعوة إلى] الوحدة [بين المسلمين]، والحجّ الذي لا يقود إلى هدم الكفر والشرك؛ ليس حجّاً.

باختصار، يجب على كافة المسلمين السعي إلى تجديد حياة الحجّ والقرآن الكريم وإعادتهما إلى واقع حياتهم. وعلى الباحثين الإسلاميين الملتزمين العمل على تبديد كلّ ما نسجه علماء البلاط من أوهام وخرافات، من خلال عرض تفاسير صحيحة وواقعية لفلسفة الحجّ.

تحرير الطاقة الكامنة في العالم الإسلامي

وأما ما ينبغي للحجّاج الأعزاء أن يعرفوه هو أن أميركا وآل سعود حاولوا تصوير حادثة مكة بأنها نزاع طائفي وصراع على السلطة بين الشيعة والسنّة. وأظهروا إيران وقادتها بمنزلة أشخاص مسكونين بهوس تشكيل إمبراطورية كبرى، كي يتصور الكثير ممن يجهلون مسار الأحداث السياسية في العالم الإسلامي والمخططات المشؤومة لناهبي العالم، بأن صرخة براءتنا من المشركين وجهادنا من أجل حرية الشعوب، إنما هي من أجل الاستحواذ على السلطة السياسية واتّساع المساحة الجغرافية للحكومة الإسلامية.

بطبيعة الحال، نحن، وجميع المفكرين والباحثين المطلعين على النوايا الخبيثة لأجهزة آل سعود، لا نعجب من اتهام إيران وحكومتها التي تصدح منذ الانتصار وحتّى هذه اللحظة بالدعوة إلى الوحدة بين المسلمين، وتعتبر نفسها شريكَة في معاناة العالم الإسلامي وأفراح المسلمين وأحزانهم؛ لا نعجب من اتهامها ببثّ الفرقة بين المسلمين.

بل والأشد من ذلك اتهام الحجّاج الذين توجهوا إلى الحجاز شوقاً إلى زيارة مرقد الرسول والحرم الإلهيّ الامن، بتحشيد القوّات لاحتلال الكعبة وإحراق حرم الله وتدمير مدينة الرسول!! وإن دليلهم في ذلك مشاركة أفراد حرس الثورة والعسكريين ومسؤولي البلاد في مناسك الحجّ.

أجل، في منطق آل سعود أنّ العسكر والجُند في البلد الإسلامي لا بدّ وأن يكون أجنبياً عن الحجّ. وأسفارُ المسؤولين الحكوميين والعسكريين إلى الحجّ هي مَدعاة للتعجّب وتعدّ مؤامرة [عند آل سعود].

من وجهة نظر الاستكبار، ينبغي لمسؤولي الدول الإسلامية أن يذهبوا إلى الغرب، فما شأنهم والحجّ! .. إن عملاء أميركا يرون في إحراق العلم الأميركي بمنزلة إحراق الحرم. وشعار الموت‏

للاتحاد السوفيتي وأميركا و«إسرائيل»، إنما هو عداء لله والقرآن والرسول. وينظرون إلى مسؤولينا وعسكريينا بلباس الإحرام بصفتهم قادة المؤامرة.

الحقيقة هي أن دول الاستكبار الشرقية والغربية لا سيما الاتحاد السوفيتي وأميركا، قسّموا العالم عملياً إلى عالم حرّ وآخر محجور عليه سياسياً. وفي العالم الحرّ –باصطلاحهم- لا تعرف القوى العظمى أي حدود أو قانون لأطماعها وتعتبر الاعتداء على مصالح الآخرين واستعمار الشعوب واستغلالها وعبوديتها أمراً ضرورياً وموجّهاً تماماً ومنطقياً وينسجم مع الأصول والموازين والمعايير الدولية التي وضعوها بأنفسهم.

أما العالم المحجور عليه سياسياً، وهو الذي تقبع فيه – للأسف - معظم شعوب العالم الضعيفة لا سيما المسلمين، فلا يسمح فيه بأي حقّ للحياة والتعبير، إذ أن القوانين والمعايير هي ذاتها التي تتطلع إليها الأنظمة العميلة وتحقّق مصالح المستكبرين. ومما يؤسف له أن معظم الذين يحرصون على بقاء هذا العالم هم أنفسهم الحكام المفروضون على شعوبهم والذين يدعون إلى اتباع السياسات العامة للاستكبار، ويعتبرون حتى الصرخة من الألم داخل هذا الحصار وضمن هذه الأسوار ذنباً لا يُغتفر. وتقتضي مصالح الناهبين الدوليين بأنه لا يحقّ لأحد قول كلمة تفوح منها رائحة تضعيف هؤلاء الحكّام أو زعزعة استقرارهم.

ولأن المسلمين في العالم غير قادرين على البوح بالمصائب التي يمارسها حكّامهم بحقّهم بسبب القمع والحبس والإعدام، فلا بد لهم من التحدّث في الحرم الإلهيّ الآمن عن همومهم وآلامهم بكلّ حرية كي يتسنّى لبقية المسلمين التفكير بطريقة حل لتحريرهم. ومن هنا فنحن نؤكد ونصرّ على ضرورة أن يجد المسلمون أنفسهم أحراراً من قيود وأَسْر الظالمين، على الأقل في بيت الله الحرم الإلهيّ الآمن، وأن يعلنوا براءتهم في مسيرات كبرى من الذين يعادونهم، ويستفيدوا من كلّ وسيلة ممكنة لتحرير أنفسهم.

لقد أخذت حكومة آل سعود على عاتقها مسؤولية [رعاية] حجّاج بيت الله الحرام. وإني أقول بكلّ ثقة بأن حادثة مكة لم تكن بمعزل عن السياسة الأساسية والأولى للناهبين الدوليين في قمع المسلمين الأحرار واجتثاثهم.

إننا ومن خلال إعلان البراءة من المشركين، سعينا ونسعى إلى تحرير الطاقة الكامنة في العالم الإسلامي. وسيتحقّق ذلك في يومٍ ما بعون الله العظيم وعلى أيدي أبناء القرآن. وسيأتي اليوم، إن شاء الله، الذي يصرخ فيه كافة المسلمين وجميع المظلومين في العالم، ويبرهنون على أن القوى العظمى وعبيدها ومرتزقتها هم من أشدّ كائنات العالم إثارةً للاشمئزاز.

إن مذبحة حجّاج بيت الله، مؤامرة تهدف للإبقاء على سياسات الاستكبار والحيلولة دون نفوذ الإسلام المحمّدي الأصيل - صلّى الله عليه وآله وسلّم. وإن السيرة المظلمة لحكّام الدول الإسلامية تعتبَر وصمة عار تعكس تزايد آلام الإسلام والمسلمين ومعاناتهم.

مذابح آل سعود في أبناء المذاهب الإسلاميّة

إن نبيّ الإسلام ليس بحاجة إلى مساجد مجلّلة ومنائر مزيّنة. وإنما كان ينشد مجد أتباعه وعظمتهم الذين باتوا يعانون من الذلّ والهوان بسبب السياسات الخاطئة للحكّام والعملاء.

هل ينسى المسلمون فاجعة المذابح الجماعية بحقّ العلماء وآلاف النساء والرجال من أبناء المذاهب الإسلامية طوال حياة آل سعود المخزية. وكذلك جريمة المذبحة العامة بحقّ حجّاج بيت الله الحرام؟ ألم ير المسلمون كيف تحوّلت اليوم مراكز الوهابية في العالم إلى بؤر للفتنة والتجسّس، حيث تروّج من جهة للإسلام (الأرستقراطي)، إسلام أبي سفيان، إسلام ملالي البلاط القذرين، إسلام المتظاهرين بالقداسة من عديمي الشعور في الحوزات العلمية والجامعية، إسلام الذِّلة والنكبة، إسلام المال والقوّة، إسلام الخداع والمساومة والأَسْر، إسلام سيادة الثروة والرأسماليّين على المظلومين والحفاة، وبكلمة واحدة الإسلام الأميركي. حتّى أضحت تتبارى مع أميركا ناهبة العالم في هذا المجال.

لا يعرف المسلمون إلى من يشكون أَلَمَهم حينما يُطَمئن آل سعود و«خادم الحرمين» «إسرائيلَ» [قائلين]: لن نستخدم أسلحتنا ضدكم!

ولإثبات صحة كلامهم يُقدمون على قطع العلاقة مع إيران.

حقّاً، إلى أي حدّ من الودّ والإلفة بلغت علاقة زعماء الدول الإسلامية مع الصهاينة، حتى يتم إلغاء الجهاد الرمزي والظاهري ضد «إسرائيل» من جدول أعمال القمة الإسلامية. فلو كانت عندهم ذرة من الغيرة والحميّة الإسلامية والعربية لما كانوا مستعدين لمثل هذه المعاملة السياسية القذرة وبيع أنفسهم وأوطانهم.

أليست هذه التصرّفات مخجلة للعالم الإسلامي، وتعتبر تفرّجاً على الذنب والجريمة؟ ألا يوجد بين المسلمين من ينهض وينفض غبار كلّ هذا العار والذل؟

حقّاً، هل يجدر بنا أن نقعد فيتجاهلَ زعماء الدول الإسلامية مشاعر مليار مسلم، ويُمضوا على جميعَ فظائع الصهاينة، ويعملوا على تكرار تجربة مصر[2] وأمثالها للمرة الثانية؟

هل يصدق المسلمون بأنّ الحجّاج الإيرانيين جاؤوا لاحتلال بيت الله وحرم النبيّ الأكرم وسرقة الكعبة ونقلها إلى قم؟! إذا صدّق المسلمون بأن حكّامهم أعداء حقيقيون لأميركا والاتحاد السوفيتي، و«إسرائيل»، حينها سيصدّقون ما تروّج له وسائل إعلام هؤلاء ضدّنا.

طبعاً نحن أعلنا هذه الحقيقة في سياستنا الخارجية وتوجّهاتنا الدولية، من أننا كنّا وما زلنا نتطلّع إلى نشر نفوذ الإسلام في العالم وتقويض هيمنة الناهبين الدوليّين. وإذا ما أراد عملاء أميركا أن ينعتوا هذه السياسة بالتوسّعية والتفكير بتشكيل إمبراطورية عظمى، فنحن لا نخشى ذلك ونرحّب به.

اجتثاث جذور الفساد الصهيوني والرأسمالي والشيوعي في العالم

* إننا بصدد اجتثاث جذور الفساد الصهيوني والرأسمالي والشيوعي في العالم، وقد عقدنا العزم بإذن الله العظيم وعونه، على القضاء على الأنظمة القائمة على هذه القواعد الثلاث، وإشاعة مبادئ إسلامِ رسول الله صلّى الله عليه وآله داخل عالم الاستكبار. وستشهد الشعوب الرازحة تحت الأسر ذلك عاجلًا أم آجلًا. وسوف نحول دون تمادي الابتزاز وحصانةِ وكلاء أميركا، ولو تطلّب الأمر جهاداً مريراً.

وسوف لا نسمح إن شاء الله بأن يرتفع من الكعبة والحجّ - هذا المنبر العظيم الذي ينبغي له أن يُسمع العالمَ أجمع صوتَ المظلومين ويشدو بنداء التوحيد- صوتُ المساومة مع أميركا والاتحاد السوفيتي ومع الكفر والشرك. ونسأل الله تعالى أن يمنحنا القوة لنعلن، لا من كعبة المسلمين فحسب، بل لندقّ من كنائس العالم ناقوس موت أميركا والاتحاد السوفيتي.

* فليَفخر مسلمو العالم والمحرومون في أرجاء المعمورة، ولْيَتلمّسوا الحرية لهذا البرزخ اللامتناهي الذي تسبّبت به ثورتنا الإسلامية لناهبي العلم، وليرفعوا نداء الحرية والتحرر في حياتهم ومصيرهم، وليُبلسموا جراحهم، فقد جاء زمن الإخفاق واليأس وكبت الأنفاس للكفر في هذه المنطقة، وتفتحت براعم رياض الشعوب.

وآمل أن يكحّل المسلمون أنظارهم ببراعم الحرية، ونسيم الربيع المعطّر، وطراوة زهور المحبة والعشق، وتدفّق النبع الزلال لبلورة إرادتهم. يجب علينا جميعاً أن نغادر دوّامة السكوت والسكون ومستنقعهما الذي بذر فيه مسؤولو السياسة الأميركية والسوفيتية بذور الموت والأسر، لننطلق إلى البحر الذي يتدفّق منه زمزم، فنغسل بدموع عيوننا أستار الكعبة وحرَم الله الذي تلوّث بأيدي دُخلاء أميركا النّجسين، وأدعيائها الملوّثين.

* أيها المسلمون في أنحاء العالم! ولأنّكم تعانون من الموت البطي‏ء تحت الهيمنة الأجنبية، فلا بدّ لكم من التغلّب على الخوف من الموت، والاعتماد على حيوية الشباب المندفع للشهادة الذين هم على أتمّ الاستعداد لتحطيم الخطوط الأمامية لجبهة الكفر. لا تفكّروا ببقاء الوضع على ما عليه، بل فكروا في التحرّر من الأسْر والخلاص من العبودية والهجوم على أعداء الإسلام، إذ إنّ العزة والحياة في ظل الجهاد.

 إنّ الخطوة الأولى في الجهاد هي الإرادة. وبعد ذلك أن تحرّموا على أنفسكم سيادة الكفر والشرك العالميّين، خصوصاً أميركا.

سواء كنّا في مكّة أو لم نكن، فإنّ قلوبنا وأرواحنا مع إبراهيم في مكة، وسواء أغلقوا أبواب مدينة الرسول بوجهنا أو فتحوها، فإن عشقنا للرسول لن يزول أو يضعف أبداً. نصلّي نحو الكعبة ونموت باتّجاهها. ونشكر الله تعالى على أننا بقينا أوفياء لعهدنا مع ربّ الكعبة وأرسينا أُسس البراءة من المشركين بدماء الآلاف من شهدائنا الأعزّاء، ولم نبقَ ننتظر حتّى يدعم تحرّكنا زعماء بعض الدول الإسلامية وغير الإسلامية الأذلّاء. نحن المظلومون على مرّ التاريخ. نحن الحفاة المحرومون ليس لدينا أحدٌ غير الله. ولو قطّعونا ألف مرة إرْباً إرْباً، لن نكفّ عن محاربة الظالمين.

* إن الجمهورية الإسلامية في إيران تشكر كافة المسلمين الأحرار في العالم الذين عملوا على فضح الممارسات الإجرامية لأميركا وآل سعود، من خلال إقامة المؤتمرات والندوات، وعرّفوا العالم بمظلوميتنا رغم كلّ الكبت السياسي المفروض عليهم. ويجب أن يعلموا بأنه ما لم تكن موازين القوى في العالم لصالحهم، ستبقى مصالح الأجانب مقدّمة على مصالحهم دائماً.

وسيُقْدم الشيطان الأكبر أو الاتحاد السوفيتي كلّ يوم على افتعال حادثة للحفاظ على مصالحه.

حقّاً هل سيرى المسلمون الاستقرار ما لم يُقدموا على حلّ قضاياهم بشكل جاد مع الناهبين الدوليّين، ويرتقوا إلى مستوى القوى الكبرى في العالم على أقل تقدير؟. ولو أقدمت الآن أميركا على تدمير أحد البلدان الإسلامية بذريعة الحفاظ على مصالحها، مَنْ الذي سيتصدّى لها؟.

إذاً، فلم يبق من سبيل غير الجهاد، ولا بد من تحطيم مخالب القوى العظمى وأنيابها لا سيما أميركا، ولا مفرّ من سلوك أحد طريقين اثنين: إما النصر أو الشهادة، وكلاهما يعتبَر نصراً في ديننا. نسأل الله تعالى أن يمنح المسلمين إن شاء الله القدرة على تبديد أُطر السياسات الظالمة السائدة للناهبين الدوليين، وامتلاك الجرأة على تشكيل تكتّلاتهم المتمحورة حول الكرامة الإنسانية، وأن يأخذ بأيدي الجميع من حضيض المذلّة إلى سموّ العزّة والقوّة.

لماذا الإصرار على مسيرة البراءة من المشركين

إن البعض والى ما قبل حادثة الحجّ المرّة والحلوة في العام الفائت، لم يكن قد أدرك جيداً فلسفة إصرار الجمهورية الإسلامية في إيران على مسيرة البراءة من المشركين. وكان يتساءل مع نفسه ومع الآخرين: ما ضرورة المسيرة وصرخة الجهاد في رحلة الحجّ وفي هذا الطقس الحارّ؟ وإذا كان لا بد من إطلاق صرخة البراءة من المشركين، فما الضرر الذي ستُلحقه بالاستكبار؟

وكم من البسطاء والسذّج كانوا يتصوّرون بأن العالم المسمّى بالمتحضّر للناهبين الدوليّين سوف لا يعترض على هذا النوع من التحرّك السياسي، وأنهم يسمحون لمعارضيهم حتّى أكثر من ذلك، حيث يمارسون نشاطهم السياسي ويُقيمون المسيرات والتظاهرات. والدليل على ذلك المسيرات التي نشهدها في الدول الغربية التي تسمّى بالحرة.

ولكن لا بد من إيضاح هذه النقطة؛ وهي أن هذه المسيرات لن تلحق أيّ ضرر بالقوى العظمى والقوى الكبرى. غير أن مسيرة مكة والمدينة يترتّب عليها إيقاف تدفّق النفط السعودي.

 إن مسيرات البراءة في مكة والمدينة تنتهي بالقضاء على عملاء الاتحاد السوفيتي وأميركا. ولهذا بالذات يحولون دونها بارتكاب المذابح الجماعية بحقّ النساء والرجال الأحرار.

وفي ظل البراءة من المشركين يدرك حتّى البسطاء السُّذَّج بأنه لا يمكن الثقة بالاتحاد السوفيتي وأميركا.

حادثة مكّة، مصدر تحوّلات كبرى في العالم الإسلامي

ليطمئن الشعب الإيراني العزيز والشجاع، بأنّ حادثة مكة ستكون مصدر تحوّلات كبرى في العالم الإسلامي، وأرضية مناسبة لاجتثاث جذور الأنظمة الفاسدة في الدول الإسلامية وطرد المتشبّهين بعلماء الدين. وعلى الرغم من أنه لم يمرّ سوى عام واحد على ملحمة البراءة من المشركين، فإن عبير الدماء الطاهرة لشهدائنا الأعزاء عمّ العالم بأسره، وإننا نشاهد آثاره في أقصى نقاط العالم. إذ أن انتفاضة الفلسطينيّين لم تكن بالظاهرة العابرة.

ماذا يتصوّر العالم؟ مَنْ هم الأشخاص الذين أنشدوا هذه الملحمة - الانتفاضة؟

وما هي الأهداف التي يتطلّع إليها الشعب الفلسطيني اليوم كي ينطلق بكلّ بسالة وبأيدٍ عزلاء، لمقاومة الحملات الوحشية للصهاينة؟ هل أن نداء الوطنية وحده خلق من وجودهم دنياً من الصلابة؟ وهل بوسع شجرة الساسة الذين باعوا أنفسهم، أن تُفرغ في أحضان‏ الفلسطينيين ثمرة الاستقامة وزيتون النور والأمل؟

إذا كان الأمر كذلك، فإن هؤلاء كانوا على مدى سنوات طويلة إلى جوار الفلسطينيّين يرتزقون باسم الشعب الفلسطيني!

لا شكّ في أنه نداء «الله أكبر». إنها الصرخة ذاتها التي أطلقها شعبنا والتي بعثت اليأس في قلب الشاه في إيران وفي نفوس الغاصبين في بيت المقدس.

 إنه شعار البراءة ذاته الذي أطلقه الفلسطينيون في مسيرات الحجّ جنباً إلى جنب مع إخوانهم وأخواتهم الإيرانيين، وصرخة تحرير القدس المدوّية هاتفين: «الموت لأميركا والاتحاد السوفياتي وإسرائيل». وانطلقوا من أرضيّة الشهادة ذاتها التي أُريقت فيها دماء أعزّتنا، لإحياء اندفاعهم للشهادة بإراقة دمائهم.

أجل، إن الفلسطيني الذي ضلّ طريقه، اكتشفه اليوم من خلال «براءتنا».[3]

وقد رأينا كيف هدم هذا الجهاد الحصارات الحديدية، وكيف انتصر الدم على السيف، والإيمانُ على الكفر والصرخة على الرصاصة، وكيف تبخّر حُلُم بني إسرائيل في دولتهم من النيل إلى الفرات، وأضيئ ثانية الكوكب الدرّي الفلسطيني من شجرتنا المباركة (لا شرقية ولا غربية).

واليوم حيث تجري تحرّكات واسعة في أنحاء العالم لجرّنا إلى مساومة الكفر والشرك، فإن مساعي مماثلة تبذَل لإخماد شعلة غضب الشعب الفلسطيني المسلم أيضاً. وليس ذلك إلا نموذجاً واحداً عن انتشار الثورة. إذ أن المؤمنين بمبادئ ثورتنا الإسلامية في تزايد مستمرّ في مختلف أنحاء العالم، ونحن نعتبر كلّ هؤلاء الذخيرة الكامنة لثورتنا مثلما يوقّعون طومار دعمنا بدمائهم ويلبّون بكلّ كيانهم دعوة الثورة، وستكون لهم – بعون الله – القدرة على إدارة العالم بأسره.

لقد بدأت اليوم حرب الحقّ والباطل، حرب الفقر والغِنى، حرب الاستضعاف والاستكبار، حرب الحفاة والمرفّهين الذين لا يعرفون معنى الألم. وإني أُقبّل أيادي جميع الأعزة وسواعدهم في مختلف أنحاء العالم الذين حملوا على أكتافهم عب‏ء الجهاد وعقدوا العزم على الجهاد في طريق الله والارتقاء بعزّة المسلمين، وأبعث بتحياتي الخالصة لجميع براعم الحرية والكمال.

وأقول للشعب الإيراني العزيز الشجاع: إن الله تعالى قد بثَّ في العالم أجمع آثار معنوياتكم وبركاتها، وأضحت قلوبكم وعيونكم الساطعة محطّ آمال المحرومين، وإنّ شرارة غضبكم الثوري أدخلت الرعب في قلوب الناهبين الدوليّين من اليمين واليسار. وطبعاً جميعنا يعلم بأنّ بلدنا عانى كثيراً خلال فترة الحرب والثورة، ولا ينكر أحد معاناة الطبقات الضعيفة والمحرومة وذوي الدخل المحدود، لا سيما طبقة الموظفين والإداريّين، غير أن ما يفكّر به شعبنا أعظم من ذلك بكثير، وهو حفظ الإسلام وأصول الثورة.

أثبت الشعب الإيراني للعالم أجمع بأنه يتحمّل الجوع والعطش ولكنه لا يتحمّل هزيمة الثورة والإساءة إلى مبادئها مطلقاً. استطاع أن يصمد في مواجهة أشدّ هجمات عالم الكفر كلّه ضدّ مبادئ ثورته، ممّا لا يتّسع المجال للحديث عن ذلك كلّه.

ألم يقاوم الشعب الإيراني الشجاع أنواع الجرائم الأميركية في الخليج الفارسي، سواء الدعم العسكري والاستخباراتي للعراق، والهجوم على المنصّات النفطية والسفن والزوارق، وإسقاط الطائرة المدنية؟

ألم يقاوم الشعب الحرب الدبلوماسية التي شنها الشرق والغرب ضدّه، والألاعيبَ السياسية التي افتعلتها المحافل الدولية؟

ألم يقاوم الشعب الإيراني الشجاع الحرب الاقتصادية والإعلامية والنفسية، والحملات العراقية الوحشية ضد المدن الإيرانية والقصف الصاروخي للمناطق السكنية والقصف الكيماوي العراقي المتكرّر لإيران وحلبجة؟

ألم يقاوم الشعب الإيراني العزيز مؤامرات المنافقين والليبراليين، وجشع الرأسماليين واحتكارهم واحتيال المتظاهرين بالقداسة؟

ألم يستهدف كلّ ذلك الإساءة إلى مبادئ الثورة؟

ولولا حضور الشعب، لأمكن لأيّ واحدة من هذه المؤامرات أن تنال من أركان النظام.

 ونشكر الله تعالى أنْ وفّق الشعب الإيراني للعمل بمقتضى تكليفه، وعدم مغادرة ساحات المواجهة.

لقد أدرك أبناء شعبنا العزيز، الذين هم المدافعون الأصيلون والصادقون عن القيم الإسلامية، بأن الجهاد لا يجتمع مع طلب الرخاء والدعة، وأن أولئك الذين يتصوّرون عدم تعارض الجهاد من أجل استقلال المستضعفين والمحرومين وحرّيتهم، مع الرأسمالية وطلب الرخاء؛ إنما يجهلون أبجدية الجهاد. وإن هؤلاء الذين يتصوّرون إمكانية إصلاح الرأسماليين والمرفّهين - الذين يجهلون معنى الألم - بالنصيحة والموعظة والإرشاد، وانضمامهم إلى صفوف المجاهدين من أجل الحرية، أو تقديم العون لهم، إنّما هم كمن يدقّ الماء في المِهراس.

إن كُلّاً من الجهاد والرخاء. الثورة وطلب الدَّعة. طلب الدنيا والبحث عن الآخرة، مقولتان لا تجتمعان مطلقاً. وإن الذين يقفون معنا إلى النهاية هم الذين تجرّعوا مرارة الفقر والحرمان والاستضعاف فقط. الذين يفجّرون الثورات ويعتبرون من حُماتها الحقيقيين هم الفقراء المؤمنون المحرومون. ويجب علينا أن نبذل كلّ ما في وسعنا للحفاظ على النهج المبدئي في الدفاع عن المستضعفين مهما كان الثمن. وعلى مسؤولي النظام الإيراني الثوري أن يعلموا بأن عدّةً من الذين لا يعرفون الله، وبدافع القضاء على الثورة، يسعون على الفور إلى اتهام كلّ من يعمل من أجل الفقراء والمحرومين ويسلك سبيل الإسلام والثورة، بالشيوعية والالتقاطية.

لا يصحّ الخوف من هذه التُّهَم، بل يجب استحضار الله، وإعمال الفكر وصرف غاية الجهد في سبيل مرضاته تعالى ومساعدة الفقراء.

إن لدى أميركا والاستكبار أُجَراء، في جميع المجالات، يستخدمونهم لإلحاق الهزيمة بالثورة الإسلامية. ففي الحوزات والجامعات ثمّة من يتظاهر بالقداسة، وقد نبّهت إلى خطر أمثال هؤلاء مراراً وتكراراً. إذ أنهم ومن خلال تزويرهم الحقائق يعملون – من الداخل - على تبديد محتوى الثورة والإسلام. كما أنهم ومن خلال التظاهر بمناصرة الحقّ والدفاع عن الدين والولاية، يُوحون بأن مَن عداهم لا دينَ له. ويجب أن نعوذ بالله تعالى من شرّهم.

كما أن هناك من يحاول أن يشنّ هجوماً ضد كلّ رَوحاني[4] وعالم بدون استثناء، ويعرّفون إسلامهم بالإسلام الأميركي. وهم بذلك ينهجون نهجاً خطيراً من الممكن أن يقود لا سمح الله إلى هزيمة الإسلام المحمّدي الأصيل. وعلينا أن ندافع عن إحقاق حقوق الفقراء في المجتمعات البشرية حتّى آخر قطرة دم.

اليوم.. إن العالم متعطّش لثقافة الإسلام المحمّدي الأصيل. وسيقضي المسلمون بواسطة تشكيلات إسلامية كبيرة على رونق القصور البيضاء والحمراء وزخارفها والبهارج.

اليوم.. قد فتح الخميني أحضانه وكشف عن صدره لاستقبال سهام البلايا والمواقف الصعبة أمام مدافع الأعداء وصواريخهم، وهو كجميع عشّاق الشهادة يعد الأيام لنيل الشهادة.

إنّ حربنا حرب العقيدة، لا تعرف الجغرافيا والحدود. وفي حربنا العقائدية هذه يجب أن نُطلق التعبئة العامة الكبرى لجند الإسلام في العالم.

إن الشعب الإيراني العظيم، ومن خلال دعمه المادي والمعنوي للثورة، سيخوض إن شاء الله صعوبات الحرب ليتذوّق حلاوة هزيمة أعداء الله في الدنيا. وأيّ حلاوة ألذّ من أن يشاهد الشعب الإيراني تداعي أركان النظام الشاهنشاهي الظالم وسقوط قواعده، وأن يكسر زجاج حياة أميركا في هذا البلد.

أي حلاوة أسمى من أن يقوم شعبنا العزيز باجتثاث جذور النفاق والالتقاط والنزعات القومية. علماً أن حلاوته الأبدية سينالها إن شاء الله في العالم الآخر. لقد حَظِيَ الجميع بمقام المجاهدين ونالوا أجرهم الكبير، ليس فقط أولئك الذين سبقونا إلى مقام الشهادة والإصابة المعيقة، والجراح والتواجد في جبهات القتال، وإنما هؤلاء أيضاً الذين دعموا الجبهات عبر مواقفهم النبيلة وصالح دعائهم، فهنيئاً للمجاهدين وهنيئاً لورثة الحسين عليه السلام.

وليعلم أذناب أميركا ..

وليعلم أذناب أميركا، أن الشهادة في سبيل الله ليست أمراً يمكن أن يقاس بالنصر أو الهزيمة في سوح الحرب. إن مقام الشهادة في حدّ ذاته تجسيد لذروة العبودية والسير والسلوك في عالم المعنويات.

 لا يصحّ إنزال مقام الشهادة إلى هذا الحدّ بأن نقول: ثمن شهادة أبناء الإسلام فقط تحرير خرمشهر أو المدن الأخرى. كلّ هذه تخيّلات باطلة لمدّعي الوطنية . نحن هدفنا أسمى من ذلك. تصوّر مدّعو الوطنية أن هدفنا يتلّخص في تحقيق التطلّعات الإسلامية العالمية في عالم الفقر والجوع.

نحن نقول: طالما وُجد الشرك والكفر فالجهاد قائم. وطالما كان الجهاد قائماً فنحن موجودون. لا خلاف بيننا وبين أحد من أجل مدينة أو دولة. إننا عاقدون العزم على جعل راية (لا إله إلا الله) ترفرف فوق قِمم الكرامة والعزة الشامخة. إذاً، يا أبنائي من أفراد الجيش والحرس وقوّات المقاومة، ويا أفراد التعبئة الشعبية، لا تأسفوا على فقدانكم موقعاً ما، ولا تفرحوا وتغترّوا بالاستيلاء على موقع آخر، إنّ كلّ هذه الأمور لا تساوي شيئاً أمام هدفكم السامي، إلى حدّ أنها كمن يقارن الدنيا بالآخرة.

على آباء وأمهات وأزواج وأُسَر شهدائنا وأسرانا ومفقودينا ومعوَّقينا، أن يطمئنوا بأنه لم ينقص شي‏ء ممّا حقّقه أبناؤهم، وهم ينعمون بجوار الرسول الأكرم والأئمّة الأطهار. لا فرق عندهم بين النصر والهزيمة.

اليوم يوم هداية الأجيال القادمة. شدّوا الأحزمة لأنه لم يتغيّر شي‏ء.

اليوم يوم أراده الله أن يكون هكذا. وبالأمس أراده سبحانه أن يكون كذلك. وغداً سيكون يوم انتصار جنود الحقّ إن شاء الله.

 ومهما كانت إرادة الله تعالى فنحن نسلّم لها. نحن نتبع أمر الله ولهذا نتطلّع إلى الشهادة. وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلنا لا نرضى بالخنوع والعبودية لغير الله تعالى.

 طبعاً جميعنا مكلّفون بأداء واجباتنا كما ينبغي وبكلّ دراية ودقّة.

يعلم الجميع بأننا لم نكن البادئين بالحرب، وإنما دافعنا عن أنفسنا فحسب حفاظاً على كيان الإسلام في العالم. وهذا الشعب الإيراني المظلوم كان على الدوام عرضةً لهجوم الناهبين الدوليّين. وقد شنّ الاستكبار العالمي هجومه علينا من جميع كمائنه السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية. وقد تمكّنت ثورتنا الإسلامية لحدّ الآن أن تدلّ الشعوب على مكامن الشيطان وشِراك المتربّصين.

إن الناهبين الدوليّين والرأسماليين والمرتبطين بهم يتوقّعون منّا أن نقف متفرّجين على تحطيم البراعم الفتيّة واضطهاد المظلومين، ونلتزم الصمت، في حين أن من أولى واجباتنا ومهام ثورتنا الإسلامية أن نصرخ في أنحاء العالم: يا أيها النائمون! يا أيها الغافلون أفيقوا وانظروا إلى من حولكم إذ أنكم تقيمون في جوار أوكار الذئاب .. انهضوا فهذا المكان ليس مكاناً للنوم. كذلك نطالبهم بالنهوض على وجه السرعة لأن العالم ليس بمأمن من كمين الصياد. إن أميركا والاتحاد السوفيتي يتربّصون في كمائنهم بكم ولن يكفّوا أيديهم عنكم ما لم تقضوا عليهم بالكامل.

حقاً، لو كانت التعبئة العالمية للمسلمين قد تشكّلت، هل كان يجرؤ أحد على إلحاق كلّ هذه الإهانة والإساءة بالأبناء المعنويّين لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

 إن أحد المفاخر الكبرى لشعبنا اليوم هي أنه يقف في مواجهة أكبر استعراض للقوّة ولتجمّع الأساطيل الحربية الأميركية والأوروبية في مياه الخليج الفارسي. واني أنذر العسكريين الأميركان والأوروبيين بالخروج من الخليج الفارسي قبل فوات الأوان وقبل أن يغوصوا في مستنقع الموت. ليس بوسع بوارجهم الحربية إسقاط طائراتنا المدنية دائماً، فمن الممكن أن يلقي أبناء الثورة ببوارجكم الحربية في قعر مياه الخليج الفارسي.

وإني أقول لدول المنطقة وحكوماتها، لا سيما السعودية والكويت، بأنكم جميعاً ستكونون شركاء في المغامرات والجرائم التي تقوم بها أميركا. وإننا لم نُقْدم لحدّ الآن على عمل يُدخل المنطقة بأَسْرها في دوّامة من النار والدم وعدم الثبات والاستقرار، ولكن الممارسات الجنونية التي يقوم بها «ريغن» من الممكن أن تترتّب عليها عواقب وخيمة تعمّ الجميع. وكونوا على ثقة بأنكم الخاسرون في الجولة الجديدة أيضاً. فلا تذلّوا أنفسكم وبلدانكم وشعوبكم الإسلامية أكثر من هذا في مقابل أميركا .. فإن لم يكن لكم دِين فعلى الأقل كونوا أحراراً في دنياكم.

نوافذ النور والأمل

لقد فُتحت ببركة الثورة الإسلامية في إيران، ولله الحمد، نوافذ النور والأمل أمام جميع المسلمين في العالم، ونأمل أن ينزل برق ورعد الحوادث المرتقبة مسلسل الموت والفناء على رؤوس جميع المستكبرين.

ما ينبغي أن نلتفت إليه جميعاً ونجعله أصلاً وأساساً لسياستنا إزاء الأجانب، هو إلى أيّ حدّ وإلى متى يصبر علينا أعداؤنا والناهبون الدوليّون، والى أيّ حدّ يقبلون باستقلالنا وحريتنا. ما لا شك فيه أن أمثال هؤلاء لا يعرفون حداً غير أن نتخلّى عن هويتنا وقيمنا المعنوية والإلهية. وكما يقول القرآن الكريم: ﴿.. وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ...﴾ فالصهاينة وأميركا والإتحاد السوفييتي سيلاحقوننا - شئنا أم أبينا - حتى يلوّثوا هويتنا الدينية وشرفنا الإسلامي. يصفنا بعض المغرضين بأننا نعتمد سياسة التفرقة والأحقاد في المحافل الدولية، ويشمتون بنا، ويقولون بوحي من حرصٍ في غير محلّه، واعتراضات طفولية، بأنّ الجمهورية الإسلامية أضحت سبباً في إثارة العداوات وفقدَتْ مصداقيتها في انظار الغرب والشرق!!

ما أحسن أن يجاب عن هذا التساؤل: متى كانت شعوب العالم الثالث والمسلمون، لا سيما الشعب الإيراني، يحظون بمصداقية واحترام لدى الغربيين والشرقيين حتى أصبحوا اليوم يفتقدون إليها!

أجل، إذا ما عدل الشعب الإيراني عن مبادئه وقيمه الإسلامية والثورية، وهدم بيده صرح حيثيّة وكرامة الرسول والأئمة المعصومين عليهم السلام، آنذاك من الممكن أن يعترف به الناهبون الدوليون رسمياً بمنزلة شعب ضعيف وفقير وعديم الثقافة، وفي حدود كونهم هم السادة ونحن العبيد، هم قوى عظمى ونحن الضعفاء، هم الوصيّ والقيّم ونحن القاصرون والحافظون لمصالحهم. وليس إيران ذات الهوية الإيرانية الإسلامية، وانما إيران التي تحدّد هويتها أميركا والاتحاد السوفياتي، إيران التي تجرّ عربة السياسة الأميركية أو السوفياتية. وإن كلّ مصيبة أميركا والاتحاد السوفياتي والغرب والشرق اليوم هو أن إيران لم تتحرّر فقط من هيمنة هؤلاء، وإنما تحرّض الآخرين على الخروج من هيمنة الجبّارين.

خدعة «أسلحة الدمار الشامل»

إن حَظْر انتشار أسلحة الدمار الشامل، إذا كان صادقاً، فهو مطلب جميع الشعوب، ولكنه بات اليوم خدعة قديمة. ويتّضح ذلك من تصريحات زعماء أميركا والاتحاد السوفييتي وكتابات ساستهم، حيث تدلّ لقاءات زعماء الشرق والغرب الأخيرة على أنهم يهدفون إلى المزيد من الهيمنة على العالم الثالث، وفي الحقيقة الحيلولة دون نفوذ الحفاة والمحرومين إلى عالم الرأسماليين الذي ليس له حدود.

علينا أن نعدّ أنفسنا لتشكيل الجبهة الإسلامية الإنسانية المقتدرة - التي تحمل عينَ اسم الإسلام وثورتنا ورسمها - لمواجهة الجبهة المتحدة للشرق والغرب؛ والاحتفال بسيادة المحرومين والحفاة وزعامتهم في العالم. وكونوا على ثقة بأن قوى الشرق والغرب هي مظاهرُ العالم الماديّ الخاوية نفسها، ولا تستحقّ الذكر أمام خلود عالم القيم المعنوية وأبديّته.

إنني أعلن بصراحة بأن الجمهورية الإسلامية في إيران تعمل كلّ ما في وسعها من أجل إحياء الهوية الإسلامية للمسلمين في أنحاء العالم. ولا يوجد ما يبرّر عدم دعوتها المسلمين لاعتماد أصول تحصيل الاقتدار في العالم والحيلولة دون حبّ تسلّط أصحاب القوّة والمال والخداع وجشعهم.

يجب علينا أن نبرمج ونخطّط للسير قُدماً بأهداف الشعب الإيراني المحروم ومصالحه.

يجب أن نسعى بكلّ وجودنا للتواصل مع شعوب العالم ومتابعة قضايا المسلمين وهمومهم ودعم المجاهدين والجياع والمحرومين، وأن نعتبر ذلك من مبادئ سياستنا الخارجية.

إننا نعلن بأن الجمهورية الإسلامية في إيران تعتبر نفسها الحامي والملاذ للمسلمين الأحرار في العالم. وباعتبارها حصناً منيعاً لا يُقهر، تعمل إيران على توفير احتياجات جند الإسلام وتوعيتهم بالمباني العقائدية والتربوية للإسلام، وبأصول الجهاد وأساليبه ضد أنظمة الكفر والشرك.

الشباب ثروة إلهيّة عظيمة

وإني هنا أوصي شباب بلدنا الأعزاء، هذه الثروة والذخيرة الإلهية العظيمة، وهذه الزهور الفوّاحة والبراعم الواعدة للعالم الإسلامي؛ بأن يُدركوا قدر اللحظات الحلوة لحياتهم وقيمتها، وعليهم أن يعدّوا أنفسهم لجهاد علمي وعملي كبيرَين حتّى تحقيق الأهداف السامية للثورة الإسلامية.

وأُوصي جميع المسؤولين والمتصدّين للأمور بالعمل على توفير سُبل الارتقاء الأخلاقي والعقائدي والعلمي والفني للشباب بأيّ صورة ممكنة كي يتسنّى لهم تحقيق التقدّم والتطوّر المنشود. والإبقاء على روح الاستقلال وتحقيق الاكتفاء الذاتي حيّة في نفوسهم .. حذار أن يسعى الأساتذة والمشرفون التربويّون، ومن خلال تمجيد العالم الذي يصطلح عليه بالمتحضّر، إلى تحقير وتأنيب شبابنا الذين تحرّروا للتوّ من الأَسْر والهيمنة الاستعمارية، وينحتوا لهم، لا سمح الله، من تقدّم الأجانب وثناً ويلقّنوهم روح التبعية والتقليد والاستجداء. فبدلًا من إثارة موضوعات من قبيل: «إلى أين وصل الآخرون وأين نحن منهم»، ليلتفتوا إلى هويتهم الإنسانية ويصونوا حريتهم واستقلالهم، لقد استطعنا في ظروف الحرب والحاصر امتلاك الفنون والاختراعات وتحقيق كلّ هذا التقدّم. وإن شاء الله سنعمل في ظروف أفضل على توفير الأرضية الكافية لتفتّح الطاقات وبلورة الإبداعات في مختلف المجالات. فالجهاد العلمي للشباب يتمثّل في إحياء روح البحث واكتشاف الحقيقة. أما جهادهم العملي فقد تبلور في ميادين الحياة والجهاد والشهادة بأبهى صوره.

أما الأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه انطلاقاً من حبّي واعتزازي بالشباب هو: أوصيهم بالاستعانة بعلماء الدين والروحانية الملتزمة بالإسلام في رحلتهم الى عالم المعنويات والقِيم، وأن لا يعتبروا أنفسهم في أيّ وقت وتحت أيّ ظرف في غنى عن توجيهاتهم وإرشاداتهم. فقد عمل علماء الدين المجاهدون الملتزمون بالإسلام، دائماً وعلى مرّ التاريخ وفي أصعب الظروف، بأفئدة عامرة بالأمل وقلوب مفعمة بالحبّ والعشق، عملوا على تعليم الأجيال وتربيتها وهدايتها، وكانوا دائماً في الطليعة التي تحمي الناس، كما كانوا الدروع حيث ارتقوا أعواد المشانق وتجرّعوا الحرمان ودخلوا السجون وعانوا الأَسْر والنفي. والأشدّ من كلّ ذلك أنهم كانوا عرضة لأمواج التُّهم والطعن. وفي الوقت الذي أُصيب الكثير من المفكّرين والمثقّفين باليأس والإحباط في نضالهم ضدّ الطاغوت، عمل علماء الدين على إعادة روح الأمل والحياة إلى الناس ودافعوا عن مصداقية الشعب واعتباره الحقيقي. واليوم أيضاً يقفون إلى جانب الشعب في كلّ الخنادق؛ بدءاً من الخطوط الأمامية لجبهات القتال وانتهاءً بالمواضع الأخرى، ويقدّمون الشهداء العظماء في كلّ حادثة مؤلمة ونكبة ظالمة. فلن تجدوا في أيّ بلد وأيّ ثورة، غير ثورة البعثة والرسالة وحياة أئمّة الهدى عليهم السلام والثورة الإسلامية في إيران، ثورةً تعرّض قادتها لكلّ هذا الهجوم والحقد. كلّ ذلك بسبب الصدق والإخلاص الذي يتبلور في وجود العلماء الملتزمين بالإسلام، ذلك أن قبول المسؤولية في بلد يواجه الحصار والمشاكل الاقتصادية والسياسية والعسكرية، عملٌ صعب.

العلماء المجاهدون، والأشباه المدّعون

طبعاً، على علماء الدين الملتزمين في بلدنا أن يُعدّوا أنفسهم لتضحيات أكبر، وأن يُسخّروا – حيث يلزم وعندما تستدعي الضرورة – حيثيّتهم واعتبارهم لحفظ حيثيّة الإسلام ولخدمة المحرومين والحُفاة.

وإن ما يستحقّ الشكر والامتنان هو أن الشعب الإيراني الشجاع الواعي يدرك جيداً قدْر خدّامه المخلصين، وقيمتهم، ويُوجز فلسفة عشقه واعتزازه لهذه المؤسسة الدينية المقدّسة في كلمة واحدة: «إن علماء الدين والروحانية الملتزمة بالإسلام لم ولن تخون أصالة الشعب وعقيدته وأهدافه الإسلامية مطلقاً».

 ولا يخفى أني اقصد بالروحانية التي ذكرتها في جميع كتاباتي وخطاباتي وأثنيت عليها، علماء الدين الأطهار الملتزمين المجاهدين، لأن في كلّ شريحة يوجد بعض المدنّسين وغير الملتزمين، وإن ضرر الروحانيّين[5] المأجورين أعظم بكثير من ضرر أيّ شخص آخر. وإن هذه الجماعة من الروحانيّين كانت دائماً موضع لعن وغضب الله والرسول والناس. وإن الروحانية العميلة والمتظاهرة بالقداسة والبائعة لدينها، ألحقت وتُلحق الضربات الأخطر بهذه الثورة. وإن علماءنا الملتزمين كانوا دائماً يُدينون عديمي الثقافة هؤلاء ويتنفّرون منهم ويحيدون عنهم.

إنني أقول بكلّ صراحة، لو كان أدعياء الوطنية [مكان علماء الدين لمدّوا] يد الذِّلة والمساومة بكلّ طواعية صوب العدوّ في المشاكل والمُعضلات التي تواجههم. ومن أجل تخليص أنفسهم من الضغوط السياسية والمعيشية، فهم على استعداد لتحطيم كؤوس الصبر والمقاومة مرّة واحدة، ولأداروا ظهورهم لكلّ العهود والمواثيق الوطنية والقومية التي يتبجّحون بها. فلا يتصوّر أحدٌ بأننا نجهل طريق المساومة مع الناهبين الدوليّين، ولكن هيهات أن يخون خُدّام الإسلام شعبهم.

طبعاً نحن واثقون من أن أولئك الذين يكّنون أحقاداً دفينة لعلماء الدين المخلصين ولا يستطيعون أن يخفوا عُقَدهم وحسدهم، سوف ينتهزون هذه الظروف ليوجهوا سهام أحقادهم إلى علماء الدين. ومهما يكن فما ليس موجوداً في قاموس علماء الدين هو المساومة والتسليم أمام الكفر والشرك، حتى وإنْ قطّعونا إرْباً إرْباً ورفعونا على المشانق وأحرقونا أحياءً، وأخذوا نساءنا وأبناءنا أسارى أمام أعيننا، فإننا لن نوقّع عهد الأمان مع الكفر والشرك.

إن علماء الدين والروحانية يُدركون أبعاد مسؤوليّاتهم جيداً، ولكني أقول من باب التأكيد والتذكير: بما أن الكثير من الشباب والمفكّرين يشعرون اليوم في أجواء الحرية التي تسود بلدنا الإسلامي، بأن بإمكانهم التعبير عن آرائهم وأفكارهم في الموضوعات والقضايا الإسلامية المختلفة، فإن علماء الدين مطالبون بالاستماع إليهم بوجوه مستبشرة وأحضان مفتوحة. وإذا ما ضلوا الطريق عليهم أن يُرشِدوهم إلى الصراط المستقيم ببيان مفعم بالمحبّة والصداقة. ويجب الالتفات إلى أنه ليس بالإمكان تجاهل العواطف والمشاعر المعنوية والعرفانية لهؤلاء الشباب والتسارع إلى اتّهام كتاباتهم بالالتقاطية والانحراف وإثارة الشكوك حول أهدافهم ونواياهم دون تمييز.

إن هؤلاء الذين يعبّرون عن أفكارهم ومكنوناتهم إزاء القضايا المطروحة على الساحة اليوم، إنما تنبض قلوبهم بالإسلام وهداية المسلمين، وإلا فلا يوجد أيّ مبرّر لأن يخلقوا لأنفسهم المتاعب من خلال إثارة مثل هذه الموضوعات. إنهم يتصوّرون مواقف الإسلام إزاء القضايا المطروحة للنقاش هي ما يرونه هم ويفكّرون فيه. فبدلاً من الغضب عليهم وعزلهم، [يجب] التعامل معهم بروح أَبويّة وإلفة ومحبّة. وإذا لم يقبلوا لا تيأسوا منهم. وإلا فإنّهم – لا قدّر الله - سيقعون في شِراك الليبراليّين والقوميّين، أو اليساريّين والمنافقين، ولا شكّ في أن ذنب ذلك لا يقلّ عن الالتقاط .. إن بإمكاننا أن نتفاءل بمستقبل البلد وجيل المستقبل عندما نثمّن جهود هؤلاء الشباب في مختلف المجالات، وأن نتغاضى عن أخطائهم واشتباهاتهم الهامشية، وأن نُحيط بالأساليب والأصول التي تقود إلى التعليم والتربية السليمة للجيل الواعد.

إن ثقافة الجامعات والمراكز غير الحوزوية، اعتادت على العلوم التجريبية ولمس الحقائق أكثر من الثقافة النظرية والفلسفية. ومن خلال المواءمة بين هاتين الثقافتين وتقليل الفواصل بينهما، يجب العمل على الدمج بين الحوزة والجامعة كي يتّسع المجال لنشر المعارف الإسلامية وبسطها.

ما أقبح اهتمام علماء الدين بالدنيا

الملاحظة الأخرى التي أودّ الإشارة إليها هي أني أرى أكثر نجاحات علماء الدين ونفوذهم في المجتمعات الإسلامية يَكمن في زُهدهم وقِيَمهم العملية. واليوم أيضاً يجب أن لا يُنسى ذلك، ليس هذا فحسب وإنما ضرورة الاهتمام به أكثر من قبل. فليس هناك أقبح من اهتمام علماء الدين بالدنيا. كما أنه لا توجد وسيلة أسوأ من التوجّه الدنيوي في إفساد الروحانية. فكم من الأصدقاء الجهلة، أو الأعداء الواعين يسعون عبر حرصهم غير المبرّر، إلى حرف مسار الزهد لدى علماء الدين. وثمّة فئة أخرى تحاول عن قصد أو جهل، اتهام علماء الدين بمناصرة الرأسمالية والرأسماليّين. ولهذا وفي مثل هذا الظرف الحساس والمصيري، حيث يحتلّ علماء الدين مواقع خطيرة في مسيرة البناء والإعمار، ومع عدم استبعاد استغلال الآخرين لذلك، فإنه‏ يجب على علماء الدين مراقبة تحرّكاتهم بحذرٍ شديد. إذ أن الكثير من الأشخاص والمنظمات والتشكيلات السياسية وغيرها ذات الواجهات الإسلامية، يحاولون الإساءة إلى مصداقية علماء الدين. وفضلاً عن تحقيق مصالحهم، يعملون على وضع الروحانية في مواجهة بعضها البعض.

وبطبيعة الحال إن الشي‏ء الوحيد الذي ينبغي لعلماء الدين أن لا يتخلّوا عنه مطلقاً، ويجب أن لا يُخلوا ساحته بسبب دعايات الآخرين، هو حماية المحرومين والحفاة (الفقراء)، لأن كلّ من ينسحب ويعدل عن ذلك يكون قد تخلّى عن تطبيق العدالة الاجتماعية للإسلام. فلا بدّ من التمسّك بأداء هذه المسؤولية العظيمة مهما كانت الظروف، وإذا ما توانينا في أدائها نكون قد اقترفنا خيانة بحقّ الإسلام والمسلمين.

وفي الختام أتقدّم بالشكر والثناء إلى محضر الحقّ تعالى الذي أنعم بألطافه التي لا تُحصى على هذا الشعب. وأرجو بكلّ خشوع من المحضر المقدّس لبقيّة الله أرواحنا فداه أن يُعيننا ويقودنا في مسيرة تحقيق أهدافنا. ونسأل الله تعالى أن يمنّ على أُسَر الشهداء بالصّبر والأجر، وعلى المجروحين والمعاقين بالشفاء والعافية، وأن يعيد الأسرى والمفقودين إلى وطنهم ..

إلهي! نسألك أن تقدّر لنا كلّ ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، إنّك قريبٌ مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روح الله الموسوي الخميني‏

الخامس من ذي الحجّة

 1408هجري قمري

29/ 4/ 1367 هجري شمسي

 

 

 

 

 

 



[1] - كان من علماء بني إسرائيل وانحرف، وفيه بحسب التفسير نزل قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (الأعراف- 175 )، وما بعدها.

[2] - اتفاقية كمب ديفيد

[3] - أي «مسيرة البراءة» في مكّة.

[4] - أي المعمّم.

[5] - تستعمل كلمة «روحاني» في اللغة الفارسية عند الحديث عن رجل الدّين المعمّم.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

31/08/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات