بسملة

بسملة

28/11/2016

متى تزول «إسرائيل»؟


متى تزول «إسرائيل»؟

بقلم: الشيخ حسين كَوراني

الموضوع العمليّ الأبرز في القرآن الكريم، هو صراع الحقّ مع باطل اليهود.

الهدف الأبرز من إقامة الشعائر الدينيّة وتعظيمها، هو خدمة الناس بالتّوسعة عليهم ووضع إِصْر الباطل وأغلاله عنهم.

السبيل إلى تحقيق ذلك، فكرٌ وموقف، علمٌ وعمل. جهادٌ أكبر، بعض مضماره والمدى، الجهاد الأصغر.

مصبّ الاهتمام والعناية - في ساحة النفس والفكر، وساحة العمل والجهاد - واحد، هو مواجهة «الطاغوت»: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾. (النحل:36)

***

«الطاغوت»، هو تجسّم الباطل. لم يتجسّم الباطل قديماً وحديثاً كما تجسّم باليهود. لم يبلغ باطل اليهود غاية الخطورة والشراسة، كما بلغ بالحركة الصهيونيّة العالميّة. لم يبلغ خطر الصهيونيّة الغاية، إلا عبر الكيان الصهيونيّ المحتلّ. لم يبلغ خطر الكيان الصهيونيّ الغاية إلا بالتّحريف الوهّابيّ الأمويّ للدِّين.

عندما حذّر القرآن الكريم من هذا الخطر، طَمْأَنَ المستضعفين إلى زوال شوكة اليهود: ﴿.. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾. (الإسراء:7)

ومع كلّ انتصارٍ يُحرزه المستضعفون، يتجدّد السؤال: متى نصرُ الله؟ متى تزولُ إسرائيل؟

***

يتوقّف جواب السؤال المتقدّم، على المقدّمات المركزيّة التالية:

1)   إدراك التماهي البُنيويّ بين «إسرائيل» وبين «الوهّابيّة».

2)   المقارنة بين المشهد العامّ عشيّة توقيع «كامب ديفيد»، وبين الراهن الثقافيّ، والسياسيّ، والعسكريّ.

3)   التذكير السريع بتَسلسل المُجريات منذ «حرب تمّوز» التي شكّلت أقسى هزيمة نكراء لحقتْ بالغرب، وأداتَيه الصهيونيّة والسعوديّة.

بدا المشهد العامّ عشيّة «كامب ديفيد»، لوحة قاتمة حالكة. السيّد الأميركيّ، القطب الأوحد. الشعوب مغلوبة على أمرها لا تجرؤ على فعلٍ استراتيجيّ. الحكّام الدّمى يتسابقون في إرضاء الصهيونيّة. لَئِنْ كان «عبد العزيز آل سعود»، قد تنازل قديماً عن فلسطين لبريطانيا لتُعطيها «للمساكين» اليهود، فإنّ أولاد عبد العزيز قد تنازلوا عن المنطقة كلّها لأميركا تُحكم سيطرتها عليها عبر «الغدّة السرطانيّة» بوجهَيها: المعلن، الثكنة الأميركيّة المسمّاة «إسرائيل». والوجه الآخر المخفيّ: سلالة سلاطين آل سعود ووعّاظهم الوهّابيّين.

 في سياق هذا «التنازل» السعوديّ الأخطر كان «مشروع فهد» في «قمّة فاس» مدخلاً إلى «تسويات» ما بعد «كامب ديفيد»، عصر «أوسلو» وما تلاها.

***

أين كان موقع الدِّين من هذا المشهد المظلم؟

لم يكن «الدِّين» الغائب الأكبر كما يُظنّ. ولم يكن حاضراً أبداً.

يرفع توهّم «اجتماع النقيضَين»، أنّ تزييف الدين كان الحاضر الأكبر. كانت «الوهّابيّة» السلاح الأخطر من تماهي «الرجعيّة العربيّة» مع الصهاينة، ومن العمالة للأميركيّ، ومن «البترودولار».

لم يكن ثمّة سلاح أخطر من الوهّابيّة، إلّا غفلة أكثر الأمّة عن الحقيقة التي كان قد نبّه إليها قديماً وحذّر منها حشدٌ كبير من كبار فقهاء الشيعة والسنّة، ثمّ أعاد توكيدها – مؤخّراً - مؤتمر علماء الإسلام بحضور شيخ الأزهر الشريف، في مؤتمر«غروزني» بالعاصمة الشيشانيّة. خلاصة هذه الحقيقة: ليس الوهّابيّون من الأمة. ليسوا مسلمين.

كان دور الوهّابيّة في السرّ، في خدمة الاحتلال الصهيونيّ، والصهيونيّة العالميّة عموماً، هو ما تسارعت خطواته اليوم في العلن.

***

تتلخّص جولات التآمر الأميركيّ بعد زلزال «حرب تمّوز»، بالآتي:

1)   استهداف إيران مركز الصحوة الإسلاميّة التي استقطبتْ غالب الشيعة والسنّة، وأحرز محور مقاومتها انتصارات «حرب تمّوز» و«حروب غزّة».

2)   مواجهة الصحوة بما يُشبهها. استدعى ذلك «أكذوبة» الربيع العربيّ، لاستبدال الحكّام الدمى بحكّامٍ يركبون موجة المقاومة كما حاولت – لفترة قصيرة - أن تفعل «تركيا» و«قطر».

3)    إطلاق أفاعي التوحُّش الوهّابيّ، عبر دواعش آل سعود لبثّ سموم الفتنة الطائفيّة في أرجاء العالم الإسلاميّ.

كانت هذه الجولة التآمريّة الطويلة آخر محاولات الأميركيّ المُثْخَن بالجراح. ما زالت تتوالى فصولاً. ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾. (ص:88)

***

تحمل الإنجازات التي حصدتها الأمّة، تباشير المستقبل الواعد، والنصر الحاسم.

تزداد الأمّة يقيناً بزوال التكفيريّين، ومحرّضيهم، ومموّليهم، بالتأمّل في المشهد الراهن:

في الميدان: يُواصل الحشد الشعبيّ القضم السريع لمواقع دواعش آل سعود، وغيرهم من الصهاينة.

يوماً ما – ولعلّه قريب - سيتنفّس الصبح في العراق، فلا داعش ولا من «يدعشون».

ويفكّك الجيش السوريّ وحلفاؤه بأَنَاة الحكيم الواثق الخطى، الألغام الأميركيّة الكبرى: اللّغم «الإسرائيليّ» والتركيّ، والسعوديّ، والقطريّ، وأدواتهم.

ويواصل الشعب اليمنيّ التوثّب إرقالاً في عمق الأراضي المسمّاة «سعوديّة»، مؤكّداً استعصاءه على لَيِّ الذراع، والنيل من إرادته.

ويُواتِر العدوّ الصهيونيّ المحتلّ مناوراته والتدريب - وآخره خُطط الإخلاء السريع للمستوطنات في «الشمال والجنوب» - على وقع صراخه والعويل، فيتنبّه المحلّل الغافل إلى أنّ هزائم آل سعود الداعشيّة، تُصيب من «إسرائيل» مقتلاً .

كما يواصل «حزب الله» توجيه رسائله الإستراتيجيّة في أكثر من ميدان. آخر هذه الرسائل: العرض العسكريّ في «القصيْر».

***

في السياسة: اهتزّت صورة الأميركيّ، والصهيونيّ المحتلّ، ودول النفط، خصوصاً آل سعود. انتهت مرحلة ﴿..وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا..﴾. بدأت مرحلة ﴿..أَتَاهَا أَمْرُنَا..﴾. (يونس:24)

 أحرجَهم محور المقاومة. أفقدَهم صوابهم. فإذا الأداءُ أحمق. إنْ في القصف الجنونيّ في اليمن، أو العناد الأرعن في بناء المستوطنات في فلسطين، أو التعنُّت المَمجوج في البحرين، أو البطش في نيجيريا، أو التخبّط المُذِلّ في سوريا والعراق.

وتواصل مصر إعادة تموضعها، تاركةً «آل سعود» يتدحرجون وحدهم إلى قعر الهاوية، لتبقى مصر مع العراق وسوريا، «قلب العروبة النابض».

في الاقتصاد: صار في متناول الأمّة التفسير العمليّ للسنّة الكونيّة التي سجّلها القرآن الكريم. ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾. (الأنفال:35-36)

لأوّل مرّة في تاريخهم يُسارع «آل سعود» - وبعض حكّام الخليج - إلى الاقتراض وإصدار سندات الخزينة.

***

يوم بنى «بلفور» وعده لليهود بفلسطين، على وجود الحاضنة السعوديّة - الوهّابيّة، تقرّر بمنطق السُّنَن الكونيّة، أنّ زوال الوجه المضمر المخفيّ للغدّة السرطانيّة، شرط زوال الوجه المعلن «إسرائيل».

ويوم قرّر «آل سعود» الكشف عن تحالفهم مع اليهود، وأنّ «إسرائيل» ليست العدوّ الأوّل - ولا الأخير - عجّلوا حتفهم والزوال.

﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾. (السجدة: 28-30)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

28/11/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات