الملف

الملف

29/12/2016

يمنع التوبة ويُفسد العمل

 

يمنع التوبة ويُفسد العمل

سوءُ الخُلق شرُّ قرين

 

* في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنه قال: «سُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ..».

وسُئل صلّى الله عليه وآله، عن أعظم السيّئات، فقال: «سُوءُ الخُلُقِ، والشُّحُ المُطَاع».

وسُئل أمير المؤمنين عليه السلام عن أدوم الناس غمّاً، فقال: «أَسْوَأُهُم خُلُقَاً».

في هذه المقالة، جولة مع الروايات الشريفة التي تحذّر من خطورة سُوء الخُلُق، والصّلة بينه وبين الإقبال على الدنيا والغفلة عن الآخرة.

«شعائر»

 

 

أكدّت الأحاديثُ الشريفة أهمّيّةَ التحلّي بمكارم الأخلاق، كما حذّرت، في المقابل، من الخُلق السيّء، وخصّت بالذكر رذائل أخلاقيّة بعينها، مُبيّنة النتائج الكارثيّة المترتّبة عليها؛ وفي مقدّمها أنّ الخُلُق القبيح يمنع من التوبة، ويُفسد العمل بالغاً ما بلغ.

في (المحجّة البيضاء) للفيض الكاشاني:

1) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إِنّ العَبْدَ لَيَبْلُغُ مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ أَسْفَلَ دَرْكِ جَهَنَّمَ».

2) وعنه صلّى الله عليه وآله: «خِصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: البُخْلُ وَسُوءُ الخُلُقِ».

3) وفي (غُرر الحِكم)، عن أمير المؤمنين عليه السلام: «سُوءُ الخُلُقِ شَرُّ قَرِينٍ».

4) عن الكاظم، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: «أَبى اللهُ لِصاحِبِ الخُلُقِ السَّيِّءِ بِالتَوْبَةِ.

فَقيلَ: يا رَسولَ اللهِ! وَكَيْفَ ذَلِكَ؟

قالَ: لِأَنَّهُ إِذا تابَ عَنْ ذَنْبٍ، وَقَعَ في ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنَ الذَّنْبِ الّذي تابَ مِنْهُ».

5) عن الإمام الصادق، عن أبيه الإمام الباقر عليهما السلام، قال: «قالَ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلامُ، لِأَبي أَيّوبَ الأَنْصارِيِّ: يا أَبا أَيُّوبَ، ما بَلَغَ مِنْ كَرَمِ أَخْلاقِكَ؟

قالَ: لا أؤذي جاراً فَمِنْ دونَهُ، وَلا أَمْنَعُهُ مَعْروفاً أَقْدِرُ عَلَيْهِ.

ثُمَّ قالَ أَميرُ المُؤْمِنينَ، عَلَيْهِ السَّلامُ: ما مِنْ ذَنْبٍ إِلّا وَلَهُ تَوْبَةٌ، وَما مِنْ تائِبٍ إِلّا وَقَدْ تَسْلَمُ لَهُ تَوْبَتُهُ، ما خَلا السَّيِّءَ الخُلُقِ، لا يَكادُ يَتوبُ مِنْ ذَنْبٍ إِلّا وَقَعَ في غَيْرِهِ أَشَدَّ مِنْهُ».

* ومن جملة الموبقات والرذائل الأخلاقيّة التي خُصّت بالذّكر، وورد النهي عنها مُشدّداً في الأحاديث الشريفة: المكرُ والخديعة والغضب.

6) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: «مَنْ كانَ مُسْلِماً فَلا يَمْكُرْ وَلا يَخْدَعْ، فَإِنّي سَمِعْتُ جَبْرائيلَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يَقولُ: إِنَّ المَكْرَ وَالخَديعَةَ في النّارِ.

ثمّ قال الرضا عليه السلام: لَيْسَ مِنّا مَنْ غَشَّ مُسْلِماً وَلَيْسَ مِنّا مَنْ خانَ مُسْلِماً».

7) و«ذكروا الغضب عند الباقر عليه السلام فقال: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَغْضَبُ حَتّى ما يَرْضى أَبَداً وَيَدْخُلُ بِذَلِكَ النّارَ.

فَأَيُّما رَجُلٍ غَضِبَ وَهُوَ قائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنَّهُ سَيَذْهَبُ عَنْهُ رِجْزُ الشَّيْطانِ. وَإِنْ كانَ جالِساً فَلْيَقُمْ. وَأَيُّما رَجُلٍ غَضِبَ عَلى ذَوي رَحِمِهِ فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ، وَلْيَدْنُ مِنْهُ، وَلْيَمَسَّهُ، فَإِنَّ الرَّحِمَ إِذا مَسَّتِ الرَّحِمَ سَكَنَتْ».

8) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إِنَّ لَجَهَنَّمَ باباً لا يَدْخُلُها إِلَّا مَنْ شَفى غَيْظَهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ تَعالى».

9) عنه صلّى الله عليه وآله: «مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعاهُ اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى رُؤوسِ الخلائِقِ حَتّى يُخَيَّرَ مِنْ أَيِّ الحورِ شاءَ».

10) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لَيْسَ الشَّديدُ بِالصُّرَعَة – أي الذي يصرع الناس أرضاً - إِنَّما الشَّديدُ الّذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ».

11) عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ إِذا رَغِبَ وَإِذا رَهِبَ وَإِذا اشْتَهى وَإِذا غَضِبَ، حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهُ عَلى النّارِ».

12) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أَلَا أُخْبِرُكُم بِأَبْعَدِكُم مِنّي شَبَهَاً؟

قالوا: بلى، يا رسولَ الله.

قال: الفَاحِشُ المُتَفَحِّشُ البَذِيءُ، البَخِيلُ، المُخْتَالُ، الحَقُودُ، الحَسُودُ، القَاسِي القَلْبِ، البَعِيدُ مِن كُلِّ خَيْرٍ يُرْجَى، غَيرُ المَأْمُونِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ يُتَّقَى».

13) ومن دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في الاستعاذة من المكاره وسيّء الأخلاق ومذامّ الأفعال: «اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَانِ الحِرْصِ، وَسَوْرَةِ الغَضَبِ، وَغَلَبَةِ الحَسَدِ، وَضَعْفِ الصَّبْرِ، وَقِلَّةِ القَنَاعَةِ، وَشَكَاسَةِ الخُلُقِ».

* ولك أن تقول: إنّنا، جميعاً، نحب هذه الأجواء والفضائل، فلماذا لا نجدها متجليّةً فينا على أوسع نطاق وبأجلى الصوَر؟ كلّنا نحبّ – على سبيل المثال - أن نملك أنفسنا عند الغضب ولكنّنا، عادة، لا نملكها، فما هو السبب؟

الجواب: المشكلة في طريقة اشتباكنا بالدنيا، فالثقافة السائدة التي نبني مواقفنا وتصرّفاتنا على أساسها هي ثقافة رضا النفس وليست ثقافة رضا الله تعالى.

ثقافة رضا النفس هي ثقافة مصلحتنا في الدنيا، وهي مبنيّة على قاعدة أن مصلحة كلّ شخص وربحه أو خسارته كلّ ذلك يتبع للرغبات والميول والأهواء.

وأمّا ثقافة رضا الله تعالى فهي ثقافة «الربح والخسارة» بعد العرض على الله ويوم الحساب.

الأولى: ثقافة الدنيا وتحصيلها والعلوّ فيها.

الثانية: ثقافة الآخرة والفوز المبين ﴿.. وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾. (آل عمران:198)

هكذا يمكن أن ندرك الترابط بين السيطرة على النفس الأمّارة وبين حضور الآخرة في الذهن، ولا يتحقّق ذلك إلا بالإعراض عن الدنيا، والمدخل إلى ذلك التواصل الدائم مع الروايات التي تُبيّن مقدار الأخذ من الدنيا والاهتمام بها.



اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

29/12/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات