كلمة سواء

كلمة سواء

29/12/2016

﴿.. جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ..﴾


﴿.. جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ..

وجهُ الاستغاثة بالله تعالى وأوليائه

ـــــــــــــــــــــــــ الشيخ محمد علي الأنصاري * ـــــــــــــــــــــــــ

الاستغاثة: هي طلبُ الغوث، أي النُّصرة. يُقال: استغاثَ به فأغاثَه.

والإغاثة: الإعانةُ والنُّصْرَة.

ومن موارد الاستغاثة:

* الاستغاثة بالله تعالى: ولا إشكال في جوازها، بل الأصل الأوّلي في الاستغاثة هو أن تكون بالله تعالى، فإنه هو المحيي والمميت، وهو المجيب لمَن دعاه، وهو الكاشف كُرَب المكروبين، وهو غياث المستغيثين.

وما أكثر الأدعية المأثورة عن النبيّ وآله، صلوات الله عليهم أجمعين، التي تشتمل على استغاثات بالله تعالى.

* الاستغاثة بالأنبياء والأولياء المقرّبين، وتكون على أنحاء:

1) أن يُستغاث بهم على أنّهم قادرون على تنفيذ ما سُئلوا بنحو الاستقلال عن إرادة الله تعالى، بأنْ تكون إرادتهم وقدرتهم مستقلّة وفي عرْض إرادة الله وقدرته. وهذا النوع من الاستغاثة حرام، لاستلزامه الشرك، نعوذ بالله تعالى منه.

2) أن يُستغاث بهم على أن تكون إرادتهم مؤثّرة مع إرادة الله تعالى، بحيث يكون المستغاث به

هو الله تعالى والأنبياء والأولياء في عرضٍ واحد، ويكون التأثير مستنداً إليهم على نحو الاشتراك. وهذا كسابقه.

3) أن يُستغاث بالله تعالى ويُجعل هؤلاء وسيلةً إليه لقبول الاستغاثة. وهذه الاستغاثة صحيحة وجائزة بلا ريبٍ ولا إشكال.

أورد ابن ماجة والترمذي عن عثمان بن حنيف، وصحّحاه: «أنّ رجلاً ضرير البصر أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: ادعُ اللهَ أن يعافيني.

قال صلّى الله عليه وآله: إنْ شئتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرت، فهو خيرٌ لك.

قال: فادعه.

فأمره رسول الله صلّى الله عليه وآله أن يتوضّأ فيُحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: «اللّهمّ إنّي أسألُك وأتوجّه إليك بنبيِّك نبيِّ الرحمة، إنّي توجّهتُ بك إلى ربِّي في حاجتي هذه لِتُقْضَى لي، اللّهمّ فَشَفِّعْهُ فيّ». [انظر: سنن الترمذي، الحديث 3649]

4) أن يُستغاث بالأنبياء والأولياء أنفسهم ليسألوا الله أن يُغيث المستغيث ويقضي حوائجه. وهذا النوع صحيح أيضاً، لأنّ المسؤول الواقعيّ هو الله تعالى.

قال الشيخ كاشف الغطاء: «إنّ نداء النبيّ وآله عليهم السلام، وسائر أولياء الله عليهم السلام، وترجّيهم والاستغاثة بهم، والالتجاء إليهم والاعتماد عليهم، والتعويل عليهم ونحوها، مرجعها إلى الله تعالى».

وقال أيضاً: «إنّ خطاب النبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام، بصورة الدعاء والاستغاثة والاستجارة والالتجاء.... مرجعُه إلى خطاب ربّ العالمين».

ويدلّ على صحّة هذا المعنى وما قبله قوله تعالى: ﴿..وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾. (النساء:64)

وما ورد في الزيارات المأثورة، منها زيارة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، في (كامل الزيارات) لابن قولويه: «أشهدُ أنْ لا إِلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، وأَشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ ورَسولُه... اللّهمَّ إنّك قلتَ: ﴿..وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا، وإنِّي أتيتُ نَبيَّكَ مُستغفراً تائباً مِن ذُنوبي، وإنّي أتوجَّه إليكَ بِنبيِّك نبيّ الرحمةِ محمّدٍ صلّى الله عليهِ وآلِه وسلّم، يا محمّدُ إنِّي أَتوجَّه بِكَ إلى الله ربّي وربِّك لِيغفرَ لي ذنوبي».

ولم يخالف جواز الاستغاثة بالمعنيَين المتقدّمَين أحدٌ من المسلمين، سوى ابن تيمية ومَن سار على نهجه من المتأخّرين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من (الموسوعة الفقهية الميسّرة)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

29/12/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات