أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ 0 ساعة

سورة الانشقاق

   

موجز في التفسير

سورة الانشقاق

ــــــ سليمان بيضون ــــــ


* السورة الرابعة والثمانون في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد سورة «الانفطار».

* سُمّيت بـ«الانشقاق» لابتدائها بعد البسملة بقوله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾.

* آياتها خمس وعشرون، وهي مكيّة، وفي الحديث النبويّ الشريف أنّ مَن قرأَها «أعاذه الله أن يؤتيَه كتابَه وراءَ ظهره».

* ما يلي موجز في التعريف بهذه السورة المباركة اخترناه من تفاسير: (نور الثّقلين)، و(الميزان)، و(الأمثل).

 

انشقاقُ السماء بمعنى تصدّعها وانفراجها، وهو من أشراط الساعة، كـ«مدّ الأرض»، وسائر ما ذُكر في مواضع من كلامه تعالى؛ من تكوير الشمس، واجتماع الشمس والقمر، وانتثار الكواكب ونحوها.

محتوى السورة

تشير السورة إلى قيام الساعة، وتلفت إلى أنّ للإنسان سيراً إلى ربّه تعالى حتّى يلاقيه، فيحاسَب على ما يقتضيه كتاب أعماله، وتؤكّد القولَ في ذلك، ويغلب فيها الإنذار على التبشير. وهي لا تخرج عن الإطار العام لسوَر الجزء الأخير من القرآن الكريم، وتتوزّع مواضيعها على النحو التالي:

1) تبدأ بوصف علامات القيامة وما سوف يقع من أحداث مروّعة في نهاية العالم.

2) تتحدّث ثانياً عمّا ستؤول إليه عاقبة كلٍّ من الصالحين والمجرمين.

3) توضيح ماهيّة الأعمال والعقائد التي تجُرّ الإنسانَ إلى سخط الله وخلوده مهاناً في العذاب.

4) ثم تنتقل السورة المباركة لعرض مراحل سير الإنسان في حياتَيه (الدنيا والآخرة).

5) وفي آخر مطاف السورة يدور الحديث عن جزاء الأعمال الحسنة والسيّئة.

ثواب قراءتها

* عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنّه قال: «مَن قَرأ سورة (انشقّت) أعاذَه اللهُ أنْ يؤتيَه كتابَه وراء ظهرِه».

* وعن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن قَرأ هاتَين السورتَين - الانفطار والانشقاق - وجَعلَهما نصبَ عينِه في صلاة الفريضةِ والنافلةِ، لمْ يَحجبْه من اللهُ حجابٌ، ولمْ يَحجزْهُ من الله حاجزٌ، ولمْ يَزلْ يَنظر إليهِ حتى يَفرغَ مِن حسابِ النّاس».

تفسير آيات من السورة المباركة

قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ الآيتان:8-9.

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «ثلاثٌ مَن كُنّ فيهِ حاسَبهُ اللهُ حساباً يسيراً وأَدخلَهُ الجنّةَ بِرحمتِه.

قالوا: وما هي يا رسولَ الله؟

قال: تُعطِي مَن حَرَمَك، وتَصِلُ مَن قَطَعك، وتَعفو عَمَّن ظَلمَك».

* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: «..والنّاسُ يومئذٍ على طبقاتٍ ومَنازل، فمِنهُم مَن يُحاسَبُ حِساباً يسيراً ويَنقلبُ إلى أهلِه مَسروراً، ومنهُم الذينَ يَدخلونَ الجَنّةَ بِغَيرِ حِسابٍ، لأنّهُم لَمْ يتلبَّسوا مِن أمرِ الدّنيا بِشيءٍ، وإنّما الحسابُ هناك على مَن تَلَبَّس بها هَاهُنا، ومنهُم مَن يُحاسَبُ على النَّقيرِ والقِطمِيرِ ويَصير إلى عذابِ السّعِيرِ». [النقير: نُقْرَةٌ (نقطةٌ) في ظهر نواة التمر. القِطمير: القِشْرة الدقيقة التي بين النواة والتمر]

* عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنّما يُداقُّ اللهُ العِبادَ في الحِسابِ يومَ القِيامةِ على قَدْرِ ما آتاهُم مِن العقولِ في الدُّنيا».

قوله تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ الآية:19.

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «لَتركبُنَّ سُنّةَ مَن كانَ قبلكُم حَذْوَ النّعلِ بالنّعلِ، والقُذَّةِ بالقُذَّة.... حتّى أنْ لو كان مَن قبلَكُم دَخلَ جُحْرَ ضبٍّ لَدخلتُموه.... لَتنْقُضُنَّ عُرى الإسلام عُروةً عُروة، فيكون أوّلَ ما تَنقضونَ من دِينِكُم الإمامةُ وآخرَه الصّلاةُ».

* وعن أمير المؤمنين عليه السلام في معنى الآية: «لَتَسلكُنّ سبيلَ مَن كان قبلِكُم من الأُمَمِ في الغَدرِ بالأوصياءِ بعدَ الأنبياءِ».

«الكَدْح» أو السير إلى الله تعالى

من (تفسير الميزان) للعلامة الطباطبائي في شرح آياتٍ من سورة (الانشقاق):

* قوله تعالى: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾:  الضمير للأرض، والإذْن الاستماع، ومنه الأذُن لجارحة السمع، وهو مجاز عن الانقياد والطاعة، والمعنى: وأطاعت الأرض وانقادت لربّها. ﴿وَحُقَّتْ﴾، أي كانت جديرةً بأن تستمع وتُطيع.

* قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾: المراد به اتّساع الأرض، وقد قال تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ..﴾ إبراهيم:48.

* قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾: أي ألقت الأرض ما في جوفها من الموتى، وبالغت في الخلو ممّا فيها منهم.

وقيل: المراد إلقائها الموتى والكنوز، كما قال تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ الزلزلة:2.

* قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾: «الكَدْح» هو السعي والعناء، وفيه معنى السير، وقيل: «الكَدْحُ جَهْدُ النفس في العمل حتى يؤثّر فيها». وعلى هذا فهو مضمون معنى السير، بدليل تعدّيه بـ(إلى).

وقوله تعالى: ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ عطفٌ على ﴿كَادِحٌ﴾، وقد بيّن به أنّ غاية هذا السير والسعي والعناء هو الله سبحانه بما أنّ له الربوبيّة؛ أي إنّ الإنسان بما أنّه عبد مربوب ومملوك مدبَّر، ساعٍ إلى الله سبحانه بما أنّه ربّه ومالكه المدبّر لأمره، فإنّ العبد لا يملك لنفسه إرادةً ولا عملاً، فعليه أن يريد وأن لا يعمل إلّا ما أراده ربُّه ومولاه وأمَرَه به، فهو مسؤولٌ عن إرادته وعمله.

ومن هنا يظهر: أنّ قوله: ﴿..إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ..﴾ يتضمّن حجّةً على المعاد لِما تقرّر في محلّه من أنّ الربوبية لا تتمّ إلّا مع عبودية، ولا تتمّ العبودية إلّا مع مسؤولية، ولا تتمّ مسؤوليةٌ إلّا برجوعٍ وحسابٍ على الأعمال، ولا يتمّ حسابٌ إلّا بجزاء.

* قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾: الحسابُ اليسير ما سوهِلَ فيه وخلا عن المناقشة.

* قوله تعالى: ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾: المراد بالأهل مَن أعدّه الله له في الجنّة من الحُور وغيرهم، وهذا هو الذي يفيده السياق، وقيل: المراد به عشيرته المؤمنون ممّن يدخل الجنة، وقيل المراد فريق المؤمنين وإن لم يكونوا من عشيرته؛ فالمؤمنون إخوة. والوجهان لا يخلوان من بُعد.

(مختصر)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات