أحسن الحديث

أحسن الحديث

25/02/2017

معنى الاستعانة بالصبر والصلاة

 

التوسّل بالنبيّ والوليّ

معنى الاستعانة بالصبر والصلاة

ــــــــــــــــــ العلّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي ــــــــــــــــــ

من تفسير الميزان (ج 1، ص 151 – 154) للعلامة الطباطبائي رحمه الله، هذا الشرح القيّم لمعنى قوله تعالى، في سورة البقرة: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. (45-46)

***

* قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ..﴾: الاستعانة - وهي طلب العون - إنّما تتمّ فيما لا يقوى الإنسان عليه وحده من المهمّات والنوازل، وإذ لا معين في الحقيقة إلّا الله سبحانه، فالعون على المهمّات مقاومةُ الإنسان لها بالثبات والاستقامة والاتصال به تعالى بالانصراف إليه، والإقبال عليه بنفسه، وهذا هو الصبر والصلاة.

* قوله تعالى: ﴿..وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾، الضمير راجع إلى الصلاة، وأمّا إرجاعه إلى الاستعانة... فينافيه ظاهراً قوله: ﴿..إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾، فإنّ الخشوع لا يلائم الصبر كثير ملائمة، والفرق بين الخشوع والخضوع - مع أنّ في كليهما معنى التذلّل والانكسار - أنّ الخضوع مختصّ بالجوارح، والخشوع بالقلب.

* قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ..﴾. هذا المورد، أعني مورد الاعتقاد بالآخرة على أنّه مورد اليقين، لا يفيد فيه الظنّ والحسبان الذي لا يمنع النقيض، قال تعالى: ﴿..وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ البقرة:4.

ويمكن أن يكون الوجه فيه الأخذ بتحقّق الخشوع، فإنّ العلوم التدريجيةِ الحصولِ من أسبابٍ تدريجية، تتدرّج فيها النفس المدرِكة من تنبّهٍ وشكّ، ثمّ ترجّح أحد طرفَي النقيض، ثم انعدام الاحتمالات المخالفة شيئاً فشيئاً، حتى يتمّ الإدراك الجازم، وهو العلم.

وهذا النوع من العلم، إذا تعلّق بأمر هائل موجِب لاضطراب النفس وقلقها وخشوعها، إنّما يتبدّى الخشوع الذي يقارنه من حين شروع الرجحان، أي قبل حصول الإدراك العلمي واكتماله، ففي وضع الظنّ موضع العلم، إشارة إلى أنّ الإنسان يُمكن أن يصير خاشعاً متى تنبّه إلى أن له ربّاً يمكن أن يلاقيه ويرجع إليه، ولو لم يكن قد بلغ بعدُ مرتبة اليقين بذلك.

وعلى هذا، فالآية قريبة المضمون من قوله تعالى: ﴿..فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا..﴾ الكهف:110. وهذا كلّه لو كان المراد باللقاء في قوله تعالى: ﴿..مُلَاقُو رَبِّهِمْ..﴾، يوم البعث.

في الروايات

عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «كانَ عَليٌّ عليهِ السّلامُ إِذَا هالَهُ شَيءٌ فَزعَ إلى الصَّلاةِ، ثُمّ تَلا هَذِهِ الآيَة: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ..﴾».

وعنه عليه السلام: «إذا نَزَلَت بِالرَّجُلِ النّازِلَةُ الشّدِيدَةُ فَليَصُم. إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَقولُ: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ..﴾ يَعني الصِّيام».

وعن أبي الحسن (الكاظم) عليه السلام في تفسير الآية، قال: «الصَّبْرُ الصَّوْمُ، إِذا نَزَلَت بِالرَّجُلِ الشِّدَّةُ أوِ النَّازِلَةُ فَلْيَصُمْ، إنَّ اللهَ يَقولُ: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾. والخَاشِعُ الذّلِيلُ في صلاتِهِ المُقبِلُ عليها، يَعني رَسُول اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم، وأَمير المُؤمنينَ عليهِ السّلامُ».

أقول: (أشار) عليه السلام إلى استحباب الصوم والصلاة عند نزول الملمّات والشدائد، وكذا التوسّل بالنبيّ والوليّ عندها، وهو تأويل الصوم والصلاة برسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

25/02/2017

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات