مرابطة

مرابطة

منذ 3 أيام

التخلّف والشعور بالنقص والتحريض الوهابي


التخلّف والشعور بالنقص والتحريض الوهابي

كاتب أردني يسرد أسباب عداء الأنظمة العربية مع إيران

ــــــــــــــــــــ زيد نابلسي* ـــــــــــــــــــــ

 

أذكر قبل عام كامل، وتحديداً في 2016/1/17، في نفس يوم دخول الاتفاق النووي الإيراني حيّز التنفيذ... تفاخر وزير أوقافنا العبقري يومها على صفحات الجرائد بأنه حَرَم الاقتصاد الأردني الموغل في الكساد من مليارات العوائد عندما قام برفض عرض لزيارة نصف مليون سائح إيراني سنوياً للأردن، في وقت كان وما زال القطاع السياحي في الأردن يشكو من الدمار والانهيار الشامل!!!

يا ترى، ما هي العقدة النفسية المستعصية التي تشكّلها إيران لدى نسبة كبيرة من الأردنيين لدرجة رفضهم للسائح الإيراني، وتقبّلهم وتعايشهم في نفس الوقت مع السماح بدخول «السائح الإسرائيلي»؟

ما سبب كلّ هذا التشنّج والكره الأعمى عندما يسمع العرب إسم إيران والشيعة؟

نقرأ الكثير من الهلوسات الفارغة الأقرب إلى الشعوذة السياسية حول «أطماع إيران الصفوية وحقدها المجوسي»، ومشاريعها التوسّعية، وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية، ولكني لم أقرأ في حياتي حرفاً واحداً موضوعياً مُنصِفاً يشرح لنا في مثال حقيقي واحد عن كيفية حدوث هذا التدخّل...

العراق؟! الذين دمّروا العراق هم العرب ولا أحد غير العرب، عندما تحوّلت صحاريهم إلى مطارات عسكرية لغزوه في 2003م، وعندما أرسلوا انتحاريّيهم لذبح شعبه بالمفخّخات اليومية بعد إسقاط نظامه، بينما رفضت إيران رفضاً قاطعاً تقديم أي مساعدة أو تسهيلات للجيوش الأميركية وأساطيلها آنذاك...

اليمن؟! في اليمن أعلنت منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة أن طفلاً يمنياً يموت كل عشر دقائق من المجاعة وسوء التغذية بسبب الحرب، بينما تحولت البلد إلى ركام وحطام فوق رؤوس أهلها بسبب الهوس الأحمق بإبادة مجموعة من المقاتلين الحوثيين (العُزّل) الذين ينتمون إلى المذهب الزيدي، ولا علاقة لهم بإيران التي تتبع المذهب الجعفري الاثني عشري...

مقارنة بين منجزات إيران والأعراب

تشتمون وتسبون وتشيطنون إيران كل صباح وبعد الأكل وقبل النوم، وترتعبون من بُعبع وهمي إسمه «التشيُّع»، ومن شدّة جهلكم لا تعلمون أنّ إيران فيها 20 مليون سُنّي لم يشيّعهم أحد، ولم يتحول أي منهم في تاريخ إيران إلى المذهب الشيعي!!

إذاً من أين يأتي كل هذا الحقد الأعمى على إيران عند العرب؟

هل هي عقدة النقص تجاه دولة لم تركع بالرغم من 35 سنة حصار، وأقسى نظام عقوبات عرفته البشرية، بل خرجت منتصرة وأجبرت العالم على قبول برنامجها النووي؟

هل هو لأن إيران اليوم، وبرغم الحصار، أصبحت قوة اقتصادية وقلعة علمية وصناعية وعسكرية ترسل الأقمار الصناعية للفضاء، وتصنع طائرات من دون طيار وتصمّم صواريخ عابرة للقارات؟

هل هو لأن إيران اليوم دولة سيّدة مستقلة لا تجرؤ الوحوش الوهابية التي تنهش في العراق وسوريا وليبيا واليمن مجرد التفكير بالاقتراب من حدودها، وهي دولة لا يوجد بها دواعش يجرؤون أن يمسّوا مواطنيها، أو يدمّروا آثارها، أو ينبشوا قبورها، أو يحطموا أضرِحتها، أو يدنّسوا أماكنها المقدسة؟

هل هو لأن إيران تُعرّي العرب وتخزيهم وتفضَحهم بانتخاباتها المنتظمة كل أربع سنوات منذ قيام الثورة، وتعلّمهم دروساً لا يفقهوها في تداول السلطة؟

أم هو بسبب دعم إيران المطلق منذ 1982 للأبطال الذين هزموا عدوّهم وحرروا أرضهم وأعادوا أسراهم إلى حضن أمّهاتهم، بينما يتهافت الأعراب اليوم للانبطاح تحت أقدام «إسرائيل» والتحالف معها بكل وقاحة وانعدام للقيم وللشرف؟

أنا قد أتفهّم جيداً الانهيار العصبي لمن كان يحلم بأن يحكم «زهران علوش» و«أبو محمد الجولاني» دمشق، وأتفهّم الأزمة النفسية والاكتئاب الحادّ لمن أنفق المليارات لإقامة دولة «الإخوان المسلمون» في سوريا...

ولكن لمواطن أردني لم يقابل في حياته إنسان إيراني، من أين يأتي كل هذا الكم الهائل من التعصّب المقيت؟

للأسف، لا يوجد أدنى شك في أن هذا السُّعار الهستيري ضد إيران مصدره الرئيسي هو الشحن والتحريض الطائفي الوهابي، من قومٍ عُصارة علومهم وإنتاجهم في آخر مائة عام هي رسائل الدكتوراه في الحلال والحرام... والحوريات... وشروط دخول الحمام... والثعبان الأقرع، ودرجة حرارة جهنم... وصحة دوران الأرض، وأصوات الإدغام والقلقلة....

فبينما تحتل إيران المركز الأول عالمياً في أبحاث وتجارب الخلايا الجذعية... أثرى الوهابيون الحضارة الإنسانية بإهداء البشرية «داعش»، و«النصرة»... و«أحرار الشام»، و«جيش الفتح»، و«نور الدين زنكي»... وتعلّم العالم منهم أساليب قطع الرؤوس، وجزّ الرقاب، وصلب العباد، وأكل القلوب، ونبش القبور، وتفجير المساجد، وسبي النساء، وتحطيم المتاحف... وتدمير المدن الأثرية، وتكفير الملل، وهدم الأضرحة، وذبح الأطفال، وتفخيخ الطفلات، وحرق البشر، وإغراقهم ودهسهم وغدرهم وهم يحتفلون، ورميهم من فوق أسطح البنايات...

بعد هذا كله، نفتخر بكل حماقة بأننا رفضنا إدخال نصف مليون سائح إيراني سنوياً للأردن، بينما نستجدي المعونات ونتوسل العطايا ممّن تخلوا عنا وكافؤونا بالخذلان!!

الله يِخزيكُم، خَزيتونا...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب أردني، والمقال نقلاً عن صفحته للتواصل الاجتماعي

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات