صاحب الأمر

صاحب الأمر

27/03/2017

الزيارة الرجبيّة


الزيارة الرجبيّة

الحقائق المودَعة فيها تُدرك ولا توصف

ـــــ رواية الشيخ الطوسي ـــــ

 

قال الإمام الخميني قدّس سرّه: «اقرأوا هذه الزّيارة لكي لا تُنكِروا ما قد يُنقَل من مقامات أولياء الله، أو على الأقلّ تَقبَلون به كمجرَّد احتمال».

نستعرض في ما يلي بعضاً من أقوال العلماء حول فقرات من «الزيارة الرجبية»، المرويّة عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف، والتي تخلص إلى حقيقة أنّ مضامينها «إشاراتٌ، ورموزٌ تحتَها معادنُ وكنوز» كما وصفها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء قدّس سرّه.

 

روى هذه الزّيارة الشّيخ الطّوسيّ في (مصباحه) عن الشّيخ أبي جعفر، محمّد بن عثمان بن سعيد، أحد النوّاب الأربعة، عن الإمام المهديّ عليه السّلام، حيث ورد في التّوقيع الصّادر عنه صلوات الله عليه:

«اُدعُ في كلّ يومٍ من أيّام رجب:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

أللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ بِمَعَانِي جَمِيعِ مَا يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ أمْرِكَ، المَأْمُونُونَ عَلَى سِرِّكَ، المُسْتَبْشِرُونَ بِأمْرِكَ، الواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ، المُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ. أَسْأَلُكَ بِمَا نَطَقَ فِيهِم مِنْ مَشِيئَتِكَ، فَجَعَلْتَهُمْ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِكَ، وَأرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ وَآيَاتِكَ وَمَقَامَاتِكَ الَّتِي لا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وبَيْنَهَا إلّا أنَّهُم عِبَادُكَ وَخَلْقُكَ، فَتْقُهَا وَرَتْقُهَا بِيَدِكَ، بَدْؤهَا مِنْكَ وَعَوْدُهَا إلَيْكَ، أعْضَادٌ وأشْهَادٌ، وَمُنَاةٌ وَأذْوادٌ، وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ، فَبِهِمْ مَلأْتَ سَمَاءَكَ وَأرْضَكَ حَتَّى ظَهَرَ أنْ لا إلهَ إلّا أنْتَ، فَبِذَلِكَ أسْأَلُكَ وَبِمَوَاقِعِ العِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وبِمَقَامَاتِكَ وعَلامَاتِكَ، أنَ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وأنْ تَزِيدَنِي إيمَاناً وَتَثْبِيتاً، يَا باطِناً فِي ظُهُورِهِ، ويَا ظاهراً في بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ، يَا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ والدَّيْجُورِ، يَا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْهٍ، وَمَعْروفاً بِغَيْر شِبْهٍ، حَادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ، وَشَاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ، وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ، وَفَاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ، لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُوٍد، أهْلَ الكِبْرِيَاءِ وَالجُودِ.

يَا مَنْ لا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأيْنٍ، يَا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ، يَا دَيْمُومُ يَا قَيُّومُ، وعَالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ، صلِّ عَلى عِبَادِكَ المُنْتَجَبِينَ، وَبَشَرِكَ المُحْتَجَبِينَ وَمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ، و(الـ) بُهمِ الصَّافِّينَ الحَافِّينَ وَبَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذا المُرَجَّبِ المُكَرَّمِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الأشْهُرِ الحُرُمِ، وَأسْبِغْ عَلَيْنَا فِيهِ النِّعَمَ، وَأجْزِلْ لنَا فِيهِ القِسَمَ، وأبْرِرْ لنَا فِيهِ القَسَمَ، بِاسْمِكَ الأعْظَمِ الأعْظَمِ الأجَلِّ الأكْرَمِ الَّذي وَضَعْتَهُ عَلى النَّهَارِ فَأضَاءَ، وَعَلى اللّيِل فَأظْلَمَ، وَاغْفِرْ لنَا مَا تَعْلَمُ مِنَّا وَمَا لَمْ نَعْلَمُ، وَاعْصِمْنَا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ العِصَمِ، وَاكْفِنَا كَوَافِيَ قَدَرِكَ، وَامْنُنْ عَلَيْنَا بِحُسْنِ نَظَرِكَ، وَلا تَكِلْنَا إلى غَيْرِكَ، وَلا تَمْنَعْنَا مِنْ خَيْرِكَ، وَبَارِكْ لنَا فِيما كَتَبْتَهُ لَنَا مِنْ أعْمَارِنَا، وَأصْلِحْ لنَا خَبِيئَةَ أسْرَارِنَا، وَأعْطِنَا مِنْكَ الأمَانَ، واسْتَعْمِلْنَا بِحُسْنِ الإيمَانِ، وَبَلِّغْنَا شَهْرَ الصِّيَامِ، ومَا بَعْدَهُ مِنَ الأيَّامِ والأعْوامِ، يَا ذا الجَلالِ والإكْرامِ».

***

* قال العلامة المحقّق حبيب الله الهاشمي الخوئي في (منهاج البراعة):

«هذا التوقيع من أسرار الله المكنونة المخزونة، والحقائق المودعة فيه تُدرك ولا توصف، ينالها من كان له قلب، ولو تصدّينا لشرحه على قدر باعنا القصيرة وبضاعتنا المزجاة لانجرّ إلى تأليف كتاب على حدة..».

 

* وفي (تفسير الصّراط المستقيم) للسّيّد حسين البروجردي، قال:

«وهذا هو الَّذي أشار إليه الحجّة عجّل اللَّه فرجه في دعاء شهر رجب: (فَجَعَلْتَهُمْ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِكَ، وَأرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ وَآيَاتِكَ وَمَقَامَاتِكَ الَّتِي لا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وبَيْنَهَا إلّا أنَّهُم عِبَادُكَ وَخَلْقُكَ).

وهذا مقامهم في قربهم ومثالهم في هذه الحال بالنّسبة إلى فعل اللَّه ومشيئته؛ مثل الحديدة المحماة بالنّار، فإنّه يصدر عنها ما يصدر عن النّار من الإضاءة والإحراق، لا فرق بينها وبينها إلَّا أنّ الحديدة حينئذٍ محلّ فعل النّار، ومظهر شؤونها.

كما أنّهم عليهم السّلام محالّ مشيئة اللَّه سبحانه المظهرون لأمره العاملون بإرادته، ولهم أيضاً مقامات أُخر باعتبار كونهم التشريعي التبليغي النّاسوتي، من أكلهم، وشربهم، وتبليغهم الشرائع والأحكام إلى كافة الأنام، وغيرها، ممّا لا ريب في أنّهم مأمورون بها إقامة لمنصب النبوّة والولاية، ورسم التبليغ والتجانس..».

 

* وفي (الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة)، قال الشيخ جواد بن عباس الكربلائي:

«قول الحجّة عليه السّلام في دعاء رجب: (فَجَعَلْتَهُمْ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِكَ.. إلى قوله عليه السّلام: فَبِهِمْ مَلأْتَ سَمَاءَكَ وَأرْضَكَ حَتَّى ظَهَرَ أنْ لا إلهَ إلّا أنْتَ)، الدعاء.

فقوله عجّل الله تعالى فرجه الشريف: (يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ)، وقوله عجّل الله تعالى فرجه الشريف: (لا فَرْقَ بَيْنَكَ وبَيْنَهَا)، إلخ، ظاهر من أنّهم منشأ المعرفة وأصلها في المظاهر، وأنّهم عليه السّلام مظاهر التوحيد خصوصاً، قوله عليه السّلام: (حَتَّى ظَهَرَ أنْ لا إلهَ إلّا أنْتَ).

ومن المعلوم أنّ كلّ موحّدٍ في كلّ مكان وزمان، إنّما يكون توحيده منهم، وممّا منحوه له حيث إنّهم، عليهم السّلام، بما هم أركان التوحيد، ولا تعطيل لهم في كلّ مكان، فلا محالة لا ظهور للتوحيد في أحد إلّا بهم عليه السّلام، وهذا هو المقصود من كونهم دعائم توحيد الأخيار.

ولعلّ إلى هذا كلّه يشير قول عليّ عليه السّلام: (لا يُعرَفُ اللَّه إلّا بِسبيلِ مَعرفَتِنا)، حيث إنّه عليه السّلام حصر معرفته تعالى بسبيل معرفتهم وطريقهم الواقعي لذلك، فتأمّل».

 

* أجاب الميرزا  جواد التبريزي في (الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية) عن السؤال التالي:

قال الإمام الحجة في دعاء أيام رجب: (وَأرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ وَآيَاتِكَ وَمَقَامَاتِكَ الَّتِي لا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وبَيْنَهَا إلّا أنَّهُم عِبَادُكَ وَخَلْقُكَ). ما معنى لا فرق بينك وبينها؟

فقال: «باسمه تعالى، كلّ شيء من فضلهم وعظمتهم مطويّ في كلمة (عبادك) كما أن عظمة الله سبحانه وتعالى وجلاله مطوية في هذه الكلمة قال الله تعالى: ﴿..عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ..﴾ النحل:75، فعطاؤهم عليهم السّلام، من عطائه تعالى، أي بإذنه إذناً تكوينياً لا تشريعياً، كما هو الحال في قصة عيسى عليه السّلام: ﴿..وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي..﴾ المائدة:110، وقال تعالى: ﴿هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ ص:39، والله العالم».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

27/03/2017

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات