بسملة

بسملة

منذ 6 أيام

هذا أوانُ الفَرْز بين «السُّنّة» وبين «الوهّابيّين»

 

هذا أوانُ الفَرْز بين «السُّنّة» وبين «الوهّابيّين»

بقلم: الشيخ حسين كَوْراني

لم تواجه البشريّة في تاريخها القريب ما يُشبه جرائم «الدواعش». إنْ من حيث التنظيرُ للتوحّش، أو وسائلُ القتل والتّجزير، أو المساحة الجغرافيّةُ التي غطّتها هذه الجرائم الأبشع، وما تزال.

أغرب ما في جرائم «هيروشيما - ناكازاكي» المعاصرة، أنها تتّجه نحو نهاياتها الذليلة، دون أن يصرّح أحدٌ بأبوّته لها أو أمومته.

كان يُراد للعالَمين أن يعتقدوا بأنّ الشيطان الأكبر الأميركيّ الذي يتحكّم بحسابات أموال هذا الفرد وذاك في دولهم «المستقلّة»، لم يرصد حركة تمويل الدواعش التي تعادل موازنة دولة من الدول الغنيّة.

كان يُراد للعالَمين أن يُوقنوا بأنّ أميركا لم ترصد بيع الدواعش كمّياتٍ هائلة من النفط وغيره ومنه - غير النفط - حوالات بعض الدول الصهيو - أميركيّة في المنطقة.

وكان يُراد أيضاً أن تعتقد البشريّة وتُوقن بأنّ الدّواعش تمكّنوا من إطلاق أعظم حركة تسليح وتجهيز بمختلف المعدات، وعلى مستوى هذه المنطقة الحسّاسة من العالم، دون أن تتمكّن أميركا وأدواتها منع ذلك!

تواصلَ اعتماد هذا التظهير الفرعونيّ المستغبي، إلى أنْ لاحت بوادر الخلاف القبليّ السعوديّ - القطريّ، فوجد الشيطان الصّهيو - أميركيّ فيه بُغيته. قرّر تحميل «قطر» كامل المسؤوليّة عن أخطر جرائم القرن!

***

لا شكّ في أنّ «قطر» من أبرز «المُدَوْعِشِين» تمويلاً، وتسليحاً، ومن أبرز «المُهروِلين» المتهالكين على أعتاب الصهيونيّة وكيانها المحتلّ، فضلاً عن سيّده الأميركيّ، إلا أنّ دور قطر ومهمّتها كانا وما يزالان قاصرَين عن تقديم مِعشار الخدمات التي قدّمها آل سعود للصهيونيّة وكيانها الدخيل.

فما عدا ممّا بدا؟ ما هو السبب الذي قلبَ آل سعود لأجله ظَهْرَ المِجَنّ للابن والغلام القطريّ؟

إذا كانت الذهنيّة القبليّة والطموح الصبيانيّ لمحمّدَين كما يقال تكفي لتفسير الموقف السعوديّ، فما هي الأسباب التي تفسّر الموقف الأميركيّ والصهيونيّ من قطر؟

***

مهما أتْهَمَ التحليل وأنْجَدْ، وشرّق أو غرّب، لن نجد الجواب إلّا في سببٍ واحدٍ لا غير.

لا تستطيع «قطر» رغم «هَرْوَلَتِها» في العمالة للصهيونيّة العالميّة أن تبلغ ما بلغه آل سعود.

والسببُ الحصريّ لهذا السبب هو تمثيل «حماس» و«الإخوان المسلمين» للمسلمين السنّة، و«قطر» مضطرّة - ولو بدون قناعة - إلى تبطيء «الهرولة» لعلّها تتمكّن من بلوغ المدى الصهيو - سعوديّ بموافقة «حماس» و«الإخوان»، وصحبتهم.

ألم تعمل «قطر» طيلة الفترة الماضية لاستبدال ميثاق «حماس»، ورغم بعض النجاحات، فإنها لم تحقّق ما أرادت وطُلب منها.

ألم يرافق الحملة الأخيرة على «قطر» مطالبتها بطرد مسؤولين من «حماس» و«الإخوان المسلمين».

ألم تصنّف السعوديّة ومصر- السيسي، والإمارات «حماس» منظّمةً «إرهابيّة»؟

***

تقاطعت مصالحُ الشيطان الأكبر وإسرائيله، مع الذهنيّة القبليّة لآل سعود. كلّهم يريدون أن تضغط «قطر» على ممثّلي «السنّة» البارزَيْن «حماس» و«الإخوان»، ويتفرّد آلُ سعود بالنّهم لابتلاع سائر مناطق الخليج، وأولاها قطر التي نافست «آل سعود» في خدمة المشروع الصهيونيّ ، فأثارت حفيظتهم، وجعلتهم ينتظرون اللحظة المناسبة التي سنحتْ الآن فرصتُها الذّهبيّة.

يقوم التقدير «السعوديّ» في المسألة القطريّة على أنّ أقلّ التقادير هو أن «يبيّض» آل سعود وجوههم بتحميل «قطر» جرائم «الدواعش». هذا الهدف في متناولهم. سواءً تمكّنت قطر من استدراج «حماس» و«الإخوان» إلى التخلّي عن «فلسطين»، أم لم تنجح؟ وسواءً بقيت «دولة قطر» أم زالت.

***

هل سيسقط ممثّلا «السنّة» الأبرز في هذا الفخ الجهنّميّ الذي يُوليه الشيطان الأكبر الأميركيّ، والغدّة السرطانيّة بوجهَيها الصّهيو - سعوديّ، الأهميّة القصوى، تمهيداً لمشروع التسوية الذي يمهّد له «ترامب»؟

مهما كان الموقف من «حماس» ومن «الإخوان المسلمين» ومهما كانت قائمة الملاحظات التي يستحضرها الباحث، فإنّ النتيجة واضحة كالشمس في رابعة النهار:

لن ينجرّ المسلمون السنّة إلى التنازل عن فلسطين، ولو فرضنا أن الممثّلَين الأبرز سقطا، فسيتجاوزهم المسلمون السنّة، ويواصلون العمل لتحرير فلسطين.

***

يستند الجزم بهذه الحقيقة الصّراح إلى عدّة محاور في البحث الموضوعيّ، أهمّها:

1) اليقين بالتناقض الفكريّ والعقائديّ السنّيّ - الوهّابيّ الذي يعتمده فقهاؤنا فيُفتون بأنّ الوهّابيّين نَواصب، لا تنطبق عليهم أحكامُ المسلمين، وبالتالي لا يجوز أيّ شكلٍ من أشكال الوحدة معهم، في حين أنّ الوحدة مع السنّة واجبٌ شرعيّ لا يجوز التفريط به.

2) اليقين بأنّ الوهّابيّين - عبر آل سعود - تسلّلوا إلى زعامة العالم الإسلاميّ وادعوا زوراً طيلة حوالي ثلاثة قرون أنّهم الممثّل الشرعيّ والوحيد لأهل السنّة والجماعة في العالم.

3) اليقين بأنّ ضحايا المجازر الوهابيّة بقيادة آل سعود بحقّ المسلمين السنّة قديماً وحديثاً، أكثر عدداً بما يفوق كلّ تصوّر من الضحايا بين المسلمين الشيعة.

ولكلٍّ من هذه المحاور أبحاثُه التي يتّسع كلّ بحثٍ منها لمجلّدات.

***

أكتفي هنا بالتذكير بملابسات قريبة في نقطتَين:

الأولى: عند زيارة «سلمان آل سعود» لمصر السيسي.

الثانية: إثر انفجار الخلاف السعوديّ - القطريّ.

* في الأولى أقتصر على حادثتَين ملفتتين:

أ) تغطية تمثال «إبراهيم باشا» في ميدان «الأوبرا»، لأنّ «الملك سلمان» سيمرّ قريباً منه بطريقه إلى الأزهر الشريف، وصورة التمثال مغطّى بالسّواد مع بيان السبب متوفّرة في مواقع الأنترنيت، و«إبراهيم باشا» هو الذي قاد الجيش المصريّ ونجح في القضاء على الدولة السعوديّة الأولى عام 1816م، وفي كتاب «الوهّابيّة في الوثائق الفرنسيّة» تفاصيل مثيرة عن حروب محمّد علي باشا عبر ابنَيه ضدّ الوهابيّين.

ب) إلزام المعادلة السياسيّة شيخ الأزهر على الصلاة في الأزهر نفسه بإمامة «الملك سلمان»، والصور المعبّرة، متوفّرة كذلك في مواقع الأنترنيت.

جاءت زيارة «الملك سلمان» مصر بعد فشل مشروع الإخوان المسلمين في استعادة تمثيل الأمّة الإسلاميّة من خلال فرصة الحكم التي واتتهم، وكان سخاء آل سعود مع السيسي الاحتفال الأوّل التمهيديّ للاحتفال الأصل بزيارة مصر وإلزام شيخ الأزهر بالإئتمام بوليّ الأمر وإمام أهل الحرمين!

يفسّر ذلك سبب الخلاف المتصاعد بين شيخ الأزهر والسيسي.

* وفي النقطة الثانية، ملابسات ما بعد انفجار الخلاف السعوديّ - القطريّ، أكتفي بمقاطع ممّا صرّح به وزير الحرب «الإسرائيليّ» السابق «موشيه يعلون» كما نُقل عن موقع (24) «الإسرائيليّ»:

* في أوّل تعقيبٍ «إسرائيليّ» غير رسميّ على قطع علاقات بعض الدول العربيّة بقيادة السعوديّة لعلاقاتها مع دولة قطر، اعتبر وزير «الجيش» الأسبق موشي يعلون أنّ ما يجري ليس أقلّ من «انقلابٍ عربيٍّ جديد».

* أكّد وزير الحرب «الإسرائيليّ» السابق، أنّه عرض على المملكة العربيّة السعوديّة تسوية الصراع الفلسطينيّ «الإسرائيليّ»، في قمّة العقبة؛ إلا أنّ هذا الأمر لم يُثِر اهتمامهم، حيث باتت الدول العربيّة السنيّة لا تهتم بالقضيّة الفلسطينيّة.

* وكشف وزير الحرب «الإسرائيليّ» السابق موشيه يعلون، خلال تصريحات أدلى بها في حلقة السبت الثقافيّة التي عُقدت اليوم قرب «تل أبيب»، أنّ «السعوديّة لم تمنح الفلسطينيّين دولاراً واحداً منذ عامين».

* وفي رسالة طَمْأَنَة منه للحاضرين، قال: «دولُ المعسكر السنيّ معنا في نفس القارب، ليس ما يُقلقهم هو الصراع الإسرائيليّ - الفلسطينيّ، ".." وأعتقد أنّ ترامب بدأ يُدرك ذلك جيداً خصوصاً بعد جولته الشرق أوسطيّة التي زار خلالها الرياض».

* وتابع وزير الحرب «الإسرائيليّ»: «حاولنا دفْعَ عمليّة سلميّة مع الفلسطينيّين في قمّة العقبة السريّة، كنتُ حاضراً هناك»، مؤكّداً أن القضيّة الفلسطينيّة «لم تحظَ باهتمام السعوديّين أبداً، وهنا يتّضح كم أنّ الرئيس دونالد ترامب واقعيّ، والدليل على ذلك أنّه لم يطلب تجميد البناء الاستيطانيّ».

***

سيُثبت المستقبل أنّ «يعلون» يتحدّث عن المعسكر الوهّابيّ، وأنّ المعسكر السنيّ والشيعيّ معسكرُ الإسلام الذي يبرأ من الوهّابيّة وآل سعود. وأنّ المرحلة أوانُ الفَرْزِ بين الوهّابيّين وبين السُّنّة، وإنّ غداً لِناظره قريب.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات