أعلام

أعلام

منذ أسبوع

«أمّ أيمن».. حاضنةُ النبيّ صلى الله عليه وآله وخادمة الزهراء عليها السلام


امرأةٌ من أهل الجنّة

«أمّ أيمن».. حاضنةُ النبيّ صلى الله عليه وآله وخادمة الزهراء عليها السلام

ـــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــ

أمّ أيمن، بركة بنت ثعلبة، غلبتْ عليها كُنيتها، حاضنةُ النبيّ صلّى الله عليه وآله، دخلت الإسلام في أوائل الدعوة النبويّة الشريفة. كانت أوّل أمرها مولاةً لبني هاشم تخدم السيّدة آمنة بنت وَهَب قبل ولادة النبيّ صلّى الله عليه وآله، وبقيت ملازمة إيّاهم، ملتزمة بخدمتهم حتّى بعد وفاته صلّى الله عليه وآله. 

قال الشيخ محمّد باقر الكجوري في (الخصائص الفاطمية) أنّ أمّ أيمن كانت أَمَةً حبشيّة مخلصةً للسيّدة آمنة بنت وهب، فلمّا تُوفيت سلام الله عليها، عمدت أمّ أيمن إلى حضانة النبيّ صلّى الله عليه وآله، والقيام على خدمته أيامَ كفالة عبد المطلب وأبي طالبٍ إيّاه.

وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله يترحّم عليها ويتلطّف بها، حتّى قال عنها - كما قال عن السيّدة فاطمة بنت أسد عليها السلام: «أمّ أيمن كانت أمّي بعد أمّي». وكان صلّى الله عليه وآله، إذا نظر إليها قال: «هذهِ بقيّةُ أهل بيتي».

وفي (مستدرك البحار) وغيره، عن عبد المطلب، أنّه قال لها: «يا بركة، لا تَغفلي عن ابني، فإنّه... نبيّ هذه الأمّة».

ولمّا تزوّج رسول الله صلّى الله عليه وآله، السيّدة خديجة عليها السلام، أعتق أمّ أيمن تفضّلاً وتكرّماً، ولكنّها لم تُحرم من نَيل الشرف بملازمة ذلك النور، حيث بقيت في خدمة السيّدة فاطمة في الغالب، ولها في ذلك أخبار خاصّة وردت في الكُتب المعتبرة.

ولمّا أعتقها رسول الله صلّى الله عليه وآله، زوّجها عبيدَ بنَ زيد، فولدت له أيمن، فلمّا مات، زوّجها النبيّ صلّى الله عليه وآله زيدَ بن حارثة، وكان يقول: «مَن سرَّهُ أن يتزوّجَ امرأةً من أهل الجنّة فليتزوّج أُمَّ أيمن»، فولدت لِزيد أُسامةَ بن زيد، فأيمن بن عبيد، وأسامة بن زيد أخوانِ لأمّ.

لا أبكى اللهُ عينيكِ

كانت أمّ أيمن رضوان الله عليها، من المهاجرات الأُوَل، هاجرت الهجرتَين: إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة، وروت عن النبيّ صلّى الله عليه وآله بعض أحاديثه الشريفة، كما روى عنها عدّةٌ من الصحابة، منهم: أنَس بن مالك، وحبيش بن عبد الله، وأبو زيد المدنيّ.

وقد شَهِدت أمّ أيمن: أُحُداً وحُنيناً وخيبر، فكانت في أُحد تسقي الماء وتداوي الجرحى. واستُشهد ابنها أيمن في معركة خيبر.

هنالك رواياتٌ كثيرة، وأخبارٌ لوقائع عديدة، تدلّ على علوّ مكانة أمّ أيمن ورفعة درجتها، وأنّها من أهل الجنّة، من ذلك ما رواه الشيخ الكليني في (الكافي) بإسناده عن إسماعيل الجعفيّ، أنّه قال:

«سألتُ أبا جعفر (الباقر) عليه السلام، عن الدِّين الذي لا يَسَعُ العبادَ جهلُه، فقال: الدِّينُ واسعٌ، ولكنّ الخوارجَ ضيّقوا على أنفسِهِم مِن جَهلِهم.

قلت: جُعِلتُ فداك، فأُحدّثك بدينيَ الذي أنا عليه؟

فقال: نعم.

فقلت: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا الله، وأنّ محمّداً عبدُه ورسولُه، والإقرار بما جاء من عند الله، وأتولاّكم وأبرأُ من أعدائكم ومِمّن تأمَّر عليكم وظَلَمكم حقَّكم.

فقال عليه السلام: ما جَهِلتَ شيئاً، هو واللهِ الذي نحنُ عليه.

قلت: فهل يَسلم أحدٌ لا يعرف هذا؟

فقال: إلاّ المستضعَفين.

قلت: مَن هم؟

قال: نِساؤكُم وأولادُكُم، ثمّ قال: أرأيتَ أمَّ أيمن، فإنِّي أشهدُ أنّها من أهلِ الجنّة، وما كانت تَعرفُ ما أنتُم عليه».

* وحول وثاقتها قال القطب الراوندي في (فقه القرآن): «رُوي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كانت عنده ودائع بمكّة، فلمّا أراد أن يهاجر أودَعها أمَّ أيمن، وأمر عليّاً عليه السلام بردّها على أصحابها».

* وفي (أمالي) الصدوق عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «أقبلَ جيرانُ أمّ أيمن إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالوا: يا رسول الله: إنّ أمّ أيمن لمْ تَنَم البارحة من البكاء، لمْ تَزَلْ تبكي حتّى أَصبَحَت.

قال: فبَعثَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، إلى أمّ أيمن فجاءته، فقال لها: يا أمَّ أيمن، لا أَبكى اللهُ عَينَيك، إنّ جيرانَكِ أَتوني وأَخبروني أنّكِ لم تَزَلي الليلَ تَبكينَ أجمع، فلا أَبكى اللهُ عَينَيكِ، ما الّذي أَبكاكِ؟

قالت: يا رسول الله، رأيتُ رؤيا عظيمةً شديدةً، فلم أزَلْ أبكي الليلَ أجمع.

فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: فقُصِّيها على رَسولِ الله، فإنَّ اللهَ ورسولَهُ أَعلم. فقالت: تَعظمُ عليّ أنْ أتكلَمَ بها.

فقال لها: إنَّ الرُّؤيا ليست على ما تُرى، فقُصِّيها على رسولِ الله.

قالت: رأيتُ في ليلتي هذه، كأنَّ بعضَ أعضائِكَ ملقًى في بيتي.

فقال لها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: نامَت عَينُكِ يا أمّ أَيمن، تَلِدُ فاطمةُ الحُسينَ، فتُربّينَهُ وتَلينَهُ، فيكونُ بعضُ أعضائي في بيتِك.

فلمّا وَلدت فاطمةُ الحسينَ عليهما السلام، فكان يوم السابع، أمَرَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فحَلَق رأسَه وتصدَّق بوزنِ شَعره فِضّةً وعقَّ عنه، ثمّ هيّأته أمّ أيمن ولفَّته في بردِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ أقبلت به إلى رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: مَرحباً بِالحاملِ والمَحمولِ، يا أمّ أيمن، هذا تأويلُ رؤياكِ».

 

بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله

* لمّا قُبض رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، بكت عليه أمّ أيمن بكاءً شديداً، فسُئِلت: ما يُبكيكِ؟ فأجابت: «أبكي على خبرِ السّماء».

وفي روايةٍ أخرى: قيل لها: أتبكين؟

فقالت: «إي والله، لقد علمتُ أنّ رسول الله سيموت، ولكنّي إنّما أبكي على الوحي إذِ انقطع عنّا من السماء».

* في (الاحتجاج) للشيخ الطبرسي: «رُوي أنّه لمّا ذهبوا بأمير المؤمنين عليه السلام، إلى (فلان) للبيعة، أقبلت أمّ أيمن حاضنة رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقالت: يا (فلان)، ما أسرع ما أبديتُم حسدَكُم ونفاقَكُم، فأَمر بها (فلان ثانٍ) فأُخرِجت من المسجد، وقال: ما لنا وللنساء!».

* وفي (الاختصاص) للشيخ المفيد خبرُ شهادة أم أيمن وعليٍّ عليه السلام، لفاطمة عليها السلام، بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله أعطاها فدكاً وقبَضَتْها في حياته، وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «يا أمّ أيمن اشهدي، ويا عليُّ اشهد».

* في (علل الشرائع) للصدوق: «لمّا نُعي إلى فاطمة عليها السلام نفسها، أرسلت إلى أمّ أيمن وكانت أوثقَ نسائها عندها وفي نفسها، فقالت لها: يا أمّ أيمن، إنّ نفسي نُعِيَت إليّ، فادْعي لي عليّاً، فدَعَتْه لها».

* وفي (الخرائج) للراوندي أنّ أمّ أيمن لمّا استُشهدت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، حلفتْ أن لا تكون بالمدينة إذ لا تُطيق أن تنظر إلى مواضع كانت بها، فخرَجَت إلى مكّة، فلمّا كانت في بعض الطريق عطشت عطشاً شديداً، فرفعت يديها وقالت: «يا ربِّ أنا خادمة فاطمة، تَقتلُني عطشاً؟!»، فأنزل الله تعالى عليها دلواً من السماء فشربت، فلم تَحتَجْ إلى الطعام والشراب سبع سنين، وكان الناس يبعثونها في اليوم الشديد الحرّ فما يُصيبها عطش.

وخبر هذه الكرامة ورد في مصادر المسلمين السنّة باختلافٍ في مناسبة حدوثها.

* وفي (الكافي) للكليني أنّ أمّ أيمن أكلتْ من الصّحفة [إناء مبسوط] التي نزلتْ على فاطمة عليها السلام، من الجنّة، وهي عند الأئمّة يخرج بها قائمُهم عليهم السلام في زمانه.

روايتها حديث شهادة الإمام الحسين عليه السلام

في (كامل الزيارات) لابن قولويه، عن الإمام زين العابدين عليه السلام: «..لمّا أصابنا بالطفِّ ما أصابنا، وقُتلَ أبي عليه السلام، وقُتلَ مَن كان معهُ مِن وُلدِه وإخوتِه وسائرِ أهلِه، وحُمِلَت حُرَمُهُ ونِساؤه على الأقتابِ يُراد بِنا الكوفة، فجعلتُ أنظرُ إليهِم صَرعى ولمْ يُوارَوا ".." وتَبيَّنتْ ذلك منّي عمّتي زينب الكبرى بنت عليٍّ عليه السلام، فقالت: ما لي أراكَ تَجودُ بنفسِكَ يا بَقيّةَ جدّي وأبي وإخوتي. ".." (إلى أن قالت عليها السلام): ولقد أخذَ اللهُ ميثاقَ أُناسٍ من هذه الأمّةِ لا تَعرفُهُم فراعنةُ هذه الأمّة، وهم معروفونَ في أهل السّماواتِ أنّهم يَجمعونَ هذه الأعضاء المتفرِّقة فيُوارونها، وهذه الجسوم المضرَّجة، ويَنصبونَ لهذا الطّفِّ عَلَماً لِقبرِ أبيكَ سيِّد الشّهداء، لا يَدرُسُ أثَرُه ولا يَعفو رَسْمُه على كُرورِ اللّيالي والأيّامِ، ولَيَجتَهِدَنَّ أئمّةُ الكُفْرِ وأشياعُ الضّلالةِ في مَحْوِه وتَطميسِهِ، فلا يَزدادُ أثَرُهُ إلّا ظُهوراً، وأَمرُهُ إلّا عُلُوّاً.

فقلت: وما هذا العهدُ وما هذا الخبرُ؟

فقالت: نعم. حدّثَتْنِي أمُّ أيمن أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآلِه وسلّم، زارَ منزلَ فاطمة عليها السلام، في يومٍ من الأيّامِ ".." ثمّ نظر إلى عليٍّ وفاطمة والحسنِ والحسينِ نَظَراً عَرفْنا به السّرورَ في وجهِه، ثمّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحو السّماءِ مليّاً، ثمّ وجّهَ وجهَهُ نحو القِبلةِ وبَسَطَ يدَيه ودَعا، ثمّ خرَّ ساجداً وهو يَنشجُ، فأطال النُّشوجَ وعلا نحيبُه وجَرَت دموعُه، ثمّ رفع رأسَهُ وأَطْرَقَ إلى الأرضِ ودموعُهُ تَقطرُ كأنّها صوب المَطر، فحزِنَت فاطمةُ وعليٌّ والحسنُ والحسينُ عليهم السلام، وحزنتُ معهُم لِما رَأينا مِن رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهِبْناهُ أن نسألَهُ، حتّى إذا طالَ ذلكَ، قال له عليٌّ وقالت له فاطمة: ما يُبكيكَ يا رسولَ الله؟ لا أبكى اللهُ عينَيكَ، فقد أَقرَحَ قلوبَنا ما نرى من حالِك.

فقال: يا أخي سُرِرْتُ بكُم سُروراً ما سُرِرْتُ مثله قطّ، وإنّي لأنظرُ إليكم وأحمدُ اللهَ على نِعمتِه فيكم، إذْ هبَط عليَّ جبرئيلُ عليه السلام، فقال: يا محمّد، إنّ اللهَ تبارك وتعالى اطّلعَ على ما في نفسِكَ وعَرفَ سُرورَكَ بِأخيكَ وابنتِكَ وسِبطَيكَ فأَكمَلَ لكَ النّعمةَ وهنَّاكَ العطِيّة، بأنْ جَعَلَهُم وذريّاتِهم ومُحبِّيهم وشيعتَهُم معكَ في الجنّة، لا يُفرِّق بينَك وبينهم ".." حتّى تَرضى وفوق الرّضى على بلوى كثيرةٍ تنالُهم في الدُّنيا، ومكاره تُصيبُهم بِأيدي أُناسٍ يَنتحِلونَ مِلّتَكَ، ويَزعمون أنّهم من أُمّتِك، برآءُ من اللهِ ومنك، خَبطاً خَبطاً وقتلاً قتلاً، شتّى مصارِعُهم نائيةٌ قبورُهم، خيرةٌ مِن الله لهُم ولك فيهم، فاحمدِ اللهَ عزَّ وجلَّ على خِيرتِه وارْضَ بقضائِه، فحَمدْتُ اللهَ ورضيتُ بِقضائِه بِما اختارَه لكُم. ".."

(ثمّ قال جبرئيل عليه السلام): وإنّ سِبطَكَ هذا - وأومى بيده إلى الحسين عليه السلام - مقتولٌ في عُصابةٍ من ذرّيّتِكَ وأهلِ بيتِكَ وأخيارٍ من أمّتِك، بضفّةِ الفُرات بأرضٍ يُقال لها: كربلاء ".." ثمّ يبعثُ اللهُ قوماً من أُمّتك لا يَعرفُهم الكفّارُ، لم يشركوا في تلك الدِّماءِ بِقَولٍ ولا فعلٍ ولا نيّةٍ، فيوارون أجسامَهُم ويُقيمونَ رَسماً لِقبرِ سَيِّدِ الشُّهداء بِتلكَ البَطحاء، يكونُ عَلَماً لِأهلِ الحَقِّ وسبَباً لِلمؤمنينَ إلى الفوزِ، وتَحفُّه ملائكةٌ من كلِّ سماءٍ مائةُ ألف مَلَك في كلّ يومٍ وليلةٍ، ويُصلُّون عليه ويُسبِّحونَ اللهَ عندَه، ويَستغفرونَ اللهَ لِمَن زارَهُ، ويَكتبونَ أسماءَ مَن يَأتيه زائراً مِن أُمّتِكَ مُتقرِّباً إلى اللهِ تعالى وإليكَ بِذلك، وأسماءَ آبائِهِم وعَشائِرِهم وبلدانِهم، ويوسَمُونَ في وُجوهِهِم بِمَيْسمِ نورِ عرشِ الله: هذا زائرُ قبرِ خَيرِ الشُّهداءِ وابنِ خيرِ الأنبياء.

فإذا كان يومُ القيامةِ سَطَع في وجوههِم مِن أَثَرِ ذلكَ المَيْسَم نورٌ تَغشى منه الأبصارُ، يَدلُّ عليهم ويُعرَفون بِه...». إلى آخر الحديث..

وفاتها ومدفنها

اختلف المؤرّخون في سنة وفاة أمّ أيمن، فقال الواقدي وابن حِبّان والحاكم النيسابوريّ وابن حجر العسقلاني أنّها تُوفّيت بعد موت عمر وفي حُكم عثمان، وقال آخرون، وهو الأرجح: تُوفّيت أمّ أيمن بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله بخمسة أشهر. وقيل إنّها دُفنت بالبقيع، رضوان الله عليها.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

  أجنبية

أجنبية

منذ 6 أيام

أجنبية

نفحات