مصطلاحات : الوَحْي

مصطلاحات : الوَحْي

28/07/2011

إعداد: أسرة التحرير

الوحي من الله تعالى إلى أنبيائه ورُسُلِه يكون إمّا باللَفظ والمعنى والكتابة، أو باللّفظ والمعنى، أو بالمعنى دون الأُخريين.
يتناول هذا المقال معنى «الوحي» في اللّغة، وفي المصطلح الإسلامي، كما ورد في كتاب (المصطلحات الإسلاميّة) المتضمِّن للتّعريفات المستقاة من كُتُب العلّامة الرّاحل السيّد مرتضى العسكري في مؤلّفاته.

في اللّغة: أَوْحَى إليه وَلَهُ: أشارَ وأَوْمَأَ، وكَلَّمَهُ بِكَلامٍ خَفِيٍّ يَخْفَى على غيرِه، وأَمَرَه، وأَلْهَمَه، وأَوْحَى فُلانٌ الكلامَ إلى فُلان: أَلقاهُ إليه.
في المُصطَلَح الاسلامي: الكلمة الإلهيّة التي يُلقيها إلى أنبيائه ورُسلِه بواسطة مَلَكٍ يُشاهدُه الرّسولُ ويَسمعُ كلامَه، كتبليغِ جبرائيل لخَاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله، أو سماعِ كلامِ اللّه تعالى مِن غَيْر مُعايَنة، كَسماعِ موسى كلام اللّه، أو بِالرُّؤيا في المَنام، كما أخبر اللّهُ عن قَوْل إبراهيم لإبنه إسماعيل في سورة الصّافّات: ﴿..إِنِّي أَرَى فِي الْـمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إن شَاء اللّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ الصافّات:102.
أو بأنواع أُخرى من الوحي يُعلِّمه اللّه، وتُدركه رُسُلُه صلوات اللّه عليهم أجمعين.
ومِن مَوارِد استعماله في المُصطَلَح الإسلامي في القرآن الكريم قولُه تعالى في سورة النّساء:
﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْراهيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالاَْسْبَاطِ..﴾ النساء:163.

نُزُول الوَحْي وتَنْزيلُه

1ـ نَزَل نُزُولاً: إنْحَطَّ مِن عُلُوِّ إلى سَفَلٍ مَكاناً أو معنىً، ونُزول الكُتُب السَّماويّة، بُلوغها إلى مَن أُنزِلَت عليه.
2 ـ تَنَزَّل تَنَزُّلاً: نَزَل في تَمَهُّلٍ وتَدَرُّج.
3ـ أَنْزَلَه نُزولاً ونَزَّله تنزيلاً: جَعَلَهُ يَنزِل، والفَرْق بين الإنْزال والتَّنزيل في وَصْفِ القرآن والملائكة، أنّ التَّنزِيل يَخْتَصّ بالمَوْضِع الذي يُشير إلى إنزاله، ويكون التَّنزيل تدريجيّاً، بينما الإنْزال عامّاً
.
* ومِثال النُّزُول من الأَعلى مكاناً إلى الأسفل قوله تعالى:
﴿وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّماء مَاء فَأَحْيى بِهِ الأرْضَ..﴾ النحل:65.
 
* ومثال النُّزول المعنويّ وبُلوغ الكُتُب السماويّة إلى مَنْ أُنزِلَت عليه، قوله تعالى:
﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾ الشعراء:193-194.

* ومثال الإختصاص بالمَوْضِع الذي يُشير إلى إنزاله قوله تعالى:
﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ الأنعام:7.
وجاء في القرآن نزَل وأَنْزَلَ و(نَزَلَ به) بِمعنى أَوْحَى، كما جاء أَوْحَى بمعنى نَزَل وأَنْزَل .
والوَحْيُ والإنْزال مِن اللّه قد يكون مَعناه ولَفظه وكِتابتُه مِن اللّه سُبحانه، ويُنَزِّله اللّه مرّة واحدة على رسوله صلّى الله عليه وآله، كما كان شَأْن التَّوراة حيثُ قال اللّه سُبحانه: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ في الألْوَاحِ مِن كُلِّ شَي‌ْء مَوْعِظَةً..﴾ الأعراف:145.

وقد يكون لَفظهُ ومَعناهُ من اللّه وينزل مُتدرِّجاً على الرّسول صلّى الله عليه وآله، كما قال سبحانه في وصف القرآن:
أ ـ ﴿إنَّا سَنُلقي عَليكَ قَولاً ثَقِيلاً﴾ المزّمل:5.
ب ـ ﴿وَقرآناً فَرقناهُ لِتَقرأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً﴾ الإسراء:106.
وقد يُوحي اللّهُ المَعنى إلى رسوله، ويبلّغ الرّسولُ صلّى الله عليه وآله المعنى بِلَفظه، وهو بعضٌ مِن سُنّة الرّسول أي حديثه كما روى «الدَّارمي» بسنده وقال: «كان جبريل يَنزل على رسول اللّه بالسُّنّة كما يَنزِل بالقرآن».
وكذلك كان اللّه يُوحي إلى الرّسول صلّى الله عليه وآله بِبَيان الآيات مع إنزال الآيات، كما أَخبرَ اللّهُ تعالى عن ذلك: ﴿إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فإذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ القيامة:17-19.

* خلاصة البحث:

الوَحْيُ في المُصطلَح الإسلامي كلمةُ اللّه جلَّ اسمُه التي يُلقيها إلى أنبيائه ورُسُلِه بِسماع كلام اللّه دُونَما رؤية اللّه، مثل تَكليمه موسى بن عمران عليه السلام، أو بِنُزول مَلَك يُشاهدُه الرّسول ويَسمعُه، مثل تبليغ جبرائيل عليه السلام لِخاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله، أو بالرُّؤيا في المَنام مثل رُؤيا إبراهيم عليه السلام في المَنام أنّه يَذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، أو بِأنواعٍ أُخرى لا يَبْلغ إدراكها عِلْمُنا.
ويَنقسم ما أَوْحى اللّه إلى رُسُلِه إلى قسمَين:
أـ ما أُوحيَ إليهم لَفظُه ومَعْناه، وكان ذلك شأنَ كُتُبِه التي أَنزَلَها إلى رُسُلِه، وآخرُها القرآن الكريم.
بـ ما أَنزلَ اللّه المعنى وبَلَّغتْهُ رُسُلُه بِلَفظِهم، وهذا ما يُسمّى بالمُصطلَح الإسلامي سُنّةَ الرّسول، ومن جملتِها أحاديثُ الرّسول صلّى الله عليه وآله في تفسير آيِ القرآن وبيانِ مُجملِها ومُتشَابهِها.


اخبار مرتبطة

  الوثيقة الحَسَنيَّة الخالدة

الوثيقة الحَسَنيَّة الخالدة

  دوريات

دوريات

28/07/2011

نفحات