صاحب الأمر

صاحب الأمر

16/09/2017

قراءة في سند زيارة «الناحية المقدّسة»


قراءة في سند زيارة «الناحية المقدّسة»

_____ إعداد: «شعائر» _____

زيارة الناحية المقدّسة إحدى الزيارات المشهورة لسيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السّلام، وهي زيارة يُزار بها عليه السّلام في يوم عاشوراء وغيره من الأيّام، أي أنّها من الزيارات المُطلَقة.

مصادر زيارة «الناحية المقدّسة»

ممّا لا يرقى إليه الشكّ أنّ هذه الزيارة قد صدرت عن الإمام المعصوم عليه السّلام؛ ومن أقدم المصادر التي نقلت هذه الزيارة الشريفة: كتاب المزار للشيخ المفيد (ت: 413 هـ)، حيث ذكرها في أعمال يوم عاشوراء. يقول العلاّمة المجلسيّ: «قال الشيخ المفيد قدّس الله روحه ما هذا لفظه: زيارة أخرى في يوم عاشوراء برواية أخرى؛ إذا أردتَ زيارته بها في هذا اليوم فقف عليه عليه السّلام وقل: السلام على آدم صفوة الله..

ونقل هذه الزيارة بعد الشيخ المفيد: تلميذُه السيّد المرتضى علم هدى (ت: 436 هـ) حسبما جاء في كتاب مصباح الزائر؛ نقل ذلك السيّد الأمين في كتابه (أعيان الشيعة).

قال السيّد ابن طاوس في (مصباح الزائر): «زيارة ثانية بألفاظ شافية يُزار بها الحسين صلوات الله عليه، زار بها المرتضى علمُ الهدى رضوان الله عليه. قال: فإذا أردت الخروج فقل: اللهمّ إليك توجّهتُ... ثمّ تدخل القبّة الشريفة وتقف على القبر الشريف وقُل: السلام على آدم صفوة الله.»..
وقد أشار المجلسيّ في كتابه (البحار) إلى هذه الزيارة المنقولة عن السيّد المرتضى.

وتبع السيّدَ المرتضى ابنُ المشهدي: أبو عبدالله محمد بن جعفر بن علي المشهديّ (كان حيّاً سنة: 595 هـ) وهو تلميذ شاذان بن جبرئيل القمّي وعبدالله بن جعفر الدُّوريستي، وورّام بن أبي فراس؛ وهو استاذ ابن نما الحلّي وفخار بن معدّ الموسوي.

كتب ابن المشهدي في كتابه (المزار الكبير) يقول في شأن زيارة الناحية: «زيارة أخرى في يوم عاشوراء لأبي عبدالله الحسين عليه السّلام ممّا خرج من الناحية إلى أحد الأبواب. قال: تقف عليه وتقول: السلام على آدم صفوة الله.

وبعد ابن المشهدي جاء العالم الكبير السيّد ابن طاوس: رضيّ الدين عليّ بن موسى بن طاوس الحسني البغداديّ (ت 664 هـ)، فنقل هذه الزيارة في (مصباح الزائر) .
ومن هذين الكتابين الأخيرين نقل متأخّرو علماء الشيعة في مؤلّفاتهم في الحديث والمزار، وألّفوا في شرح الزيارة الشروح المتعدّدة. ومن هؤلاء المتأخرّين:
1- العلاّمة المجلسيّ في (بحار الأنوار) و(تحفة الزائر).
2- المحدّث النوري في (مستدرك الوسائل).
3- الشيخ إبراهيم بن محسن الكاشانيّ في (الصحيفة المهديّة).
4- الشيخ عباس القمّي في (نَفَس المهموم). وسوى ذلك من كتب الزيارات والأدعية.

صدور زيارة الناحية

تسالمت مؤلّفات الشيعة منذ القِدَم على انتساب الزيارة المعروفة بزيارة الناحية إلى الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهم السّلام. وقد تطرّق علماء الشيعة إلى ذكر هذه الحقيقة في مؤلّفاتهم، فنرى الشيخ المفيد (ت: 413 هـ) يقول في كتابه (المزار): زيارة أخرى في يوم عاشوراء برواية أخرى. وهي جملة تُشير إلى أنّ هذه الزيارة قد بلغته عن طريق الرواية المنقولة عن الإمام المعصوم.

ونجد السيّد المرتضى يقدّم هذه الزيارة على باقي الزيارات التي يُزار بها السبط الشهيد أبو عبدالله الحسين عليه السّلام.

ونشاهد السيّد ابن طاوس يقول في (مصباح الزائر): «زار بها المرتضى علمُ الهدى رضوان الله»، كما يصرّح أيضاً السيّد ابن طاوس في كتاب (المزار) بأنّ هذه الزيارة هي «زيارة أخرى تختصّ بالحسين صلوات الله عليه، وهي مرويّة بأسانيد مختلفة، وهي أوّل زيارة زار بها المرتضى علم الهدى رضوان الله عليه».

وكذلك نجد ابن المشهديّ يصرّح عند نقله لهذه الزيارة بقوله: «زيارة أخرى في يوم عاشوراء لأبي عبدالله الحسين، ممّا خرج من الناحية إلى أحد الأبواب».

وفي هذه الجملة تصريح بأنّ هذه الزيارة تنتسب من جهة صدورها إلى الإمام المنتظر الحجّة بن الحسن العسكري عجلّ الله تعالى فرجه، وأنّها ممّا خرج عنه إلى أحد نوّابه الأربعة الخاصّين، ثمّ رُوِيَت عنهم حتّى بلغت الشيخ المفيد، ومنه إلى السيّد المرتضى، ثمّ إلى بقيّة الرواة.
ومن هنا نجد أنّ الكتب المتأخرة تصرّح بهذه الحقيقة بلا مواربة. وعلى سبيل المثال، فقد كتب الشيخ إبراهيم بن محسن الكاشاني في (الصحيفة المهديّة) يقول عن الزيارة المذكورة: «زيارة صدرت من الناحية المقدّسة إلى أحد النوّاب الأربعة».

وكتب الشيخ عباس القمّي في (نَفَس المهموم) يقول في وصف حوادث عاشوراء: « فكان كما وصفه ابنُه الإمام المهديّ» أي في زيارة الناحية المقدسة.

أسناد زيارة الناحية

زيارة الناحية لها أسناد محكمة تتّصل إلى الشيخ المفيد، والسيّد المرتضى وابن المشهدي. ويحتمل أنّها رُويت مُسندةً في كتاب (مزار) الشيخ المفيد و(مصباح) السيّد المرتضى، لكنّ فُقدان هذين الكتابين من جهة، وحذف أسناد الزيارات في كتاب مزار ابن المشهدي رعايةً للاختصار من جهة ثانية، ساهما في فقدان سند زيارة الناحية.

ونلاحظ أنّ ابن المشهدي يصرّح في بداية كتابه بأنّ هذه الزيارة قد بلغته بسند متّصل. يقول: «فإنّي قد جمعتُ في كتابي هذا من فنون الزيارات... ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلى السادات». ثمّ إنّ ابن المشهدي عمد -رعايةً للاختصار، واطمئناناً منه بصدور الزيارات عن المعصوم- إلى حذف أسانيد الزيارات التي نقلها في كتابه.

يقول العلاّمة المجلسيّ بعد نقل عبارة ابن المشهدي المذكورة: «فظهر أنّ هذه الزيارة منقولة مرويّة».

أمّا نسخة كتاب (المزار) الموجودة في مكتبة السيّد المرعشيّ فقد وردت فيها عبارة: «وهي مرويّة بأسانيد مختلفة». وتكرّرت هذه العبارة في (المستدرك) للمحدّث النوري. يضاف إلى ذلك أنّ المجلسيّ نقل عن الشيخ المفيد في كتابه (المزار) أنّه وصف هذه الزيارة بقوله «زيارة أخرى في يوم عاشوراء برواية أخرى». وبهذا أضحى من المسلّم أنّ لهذه الزيارة أسانيد عالية ومتينة، بَيْد أنّ الشيخ المفيد والسيّد المرتضى لم يذكرا أسانيدها في كتبهما.

___________________________________

* منقول باختصار عن الموقع الإلكتروني لشبكة الإمام الرضا عليه السلام

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

16/09/2017

أرشيفو

نفحات