مصطلحات

مصطلحات

منذ أسبوع

الفِقه

 

الفِقه

الفهمُ على دقّةٍ وتأمّل

ـــــــــــــــــــ المحقّق الشيخ حسن المصطفوي رحمه الله ـــــــــــــــــــ

* الفِقه: هو فَهْمُ الشيء وإدراكه والعلمُ به. وكلُّ علمٍ بشيءٍ فهو فِقْه، ثمّ اختُصّ ذلك بعلم الشريعة. تقول: فَقِهْتُ الحديثَ، أفْقَهُه.

* وفَقِه فِقهاً، من باب تَعِبَ: إذا عَلِمَ. وفَقُهَ، بالضمّ، فِقْهاً أو فَقَاهةً: مثله. وقيل: الضمّ، إذا صار الفِقهُ له سجيّةً. فيُقال: رجلٌ فَقِه وفَقُه، بضمّ القاف وكسرها، وامرأةٌ فَقُهة، بالضمّ.

* ويتعدّى بالألف فيُقال: أفقهتُك الشيءَ، أي بيّنتُه لك. وقولهم: هو يتفقّه في العلم، مثل قولهم: يتعلَّم.

(انظر: مصباح الفيومي؛ مقاييس اللغة)

الفرق بين العلم والفقه

الفقه هو العلمُ بمقتضى الكلام على تأمّله، ولهذا لا يُقال: إنّ الله يفقه، لأنّه تعالى لا يوصَف بالتأمّل. وتقولُ لمن تخاطبه: تفقّهْ ما أقوله، أي تأمّله لتعرفه.

ولا يستعملُ الفقهُ إلَّا على معنى الكلام؛ كما في الآية: ﴿لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾. وأمّا قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾: أتى بلفظ التسبيح، وهو قول. وسُمِّي علم الشّرع فقهاً؛ لأنّه مبنيّ عن معرفة كلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وآله.

الفرق بين الفهم والعلم

الفهم هو العلمُ بمعاني الكلام عند سماعه خاصّة، ولهذا يقال: فلانٌ سيئّ الفهم، إذا كان بطيءَ العلم بمعنى ما يسمع. ولا يجوز أن يوصف الله بالفهم، لأنّه تعالى عالمٌ بكلّ شيء على ما هو به فيما لم يزل.

(انظر: الفروق اللغوية للعسكري)

مواردُ التفقُّه

يدلّ ما تقدّم على أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو فهمٌ على دقّةٍ وتأمّل، وبهذا القيد يفترق الفقهُ عن موادّ العلم والمعرفة والفهم وغيرها. فالتفقّه تفعُّل، ويدلّ على اختيار الفهم والدقّة.

والفقهُ غير مخصوصٍ بالكلام. بل كلُّ موضوعٍ يقتضى الفهمَ والدقّةَ والتأمّلَ فيه، يصدق فيه التفقّه.

فالتفقّه في القول، كما في:

- ﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. (طه:27-28)

- ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ..﴾. (هود91)

- ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾. (الكهف:93)

وفي المعاني والمعارف، كما في قوله تبارك وتعالى:

- ﴿.. وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..﴾. (الإسراء:44)

- ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾. (المنافقون:3)

وفيما يرتبط بالأمور الاخرويّة:

- ﴿.. وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾. (التوبة:81)

وفي مطلق التفقّه:

- ﴿ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾. (التوبة:87)

- ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾. (التوبة:127)

فظهر من موارد الأصل في هذه الآيات أنّ الفقه بمعنى الفهم على دقّة وتأمّل. والفقيه هو من يكون متّصفاً بهذه الصفة. وهو مطلق ولا يختصّ بمورد.

معنى التفقّه في الدين

قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ..﴾. (التوبة:122)

الدين هو الخضوع تحت برنامج ومقرّرات وأحكام معيّنة، ويُراد منه دين الإسلام. وبرنامجُ الإسلام في المرتبة الأولى هو الاعتقادات والحقائق والمعارف الاسلاميّة. ثمّ ما يرتبط بتزكية النفس وتهذيبها وتحصيل الروحانيّة الباطنيّة. ثمّ الأحكام والمقرّرات المرتبطة بالأعمال الخارجيّة والعبادات والمعاملات.

وبمناسبة هذه الآية الكريمة اختُصّ «الفقيه» في لسان أهل الدين: بمن يكون متفقّهاً في الدين، ولمّا كان المتداول في ما بين عموم المتديّنين الأحكام المربوطة بالطاعات والمعاملات: جُعل مختصّاً في ما بينهم بمن يتفقّه في تلك الأحكام.

ومن المؤسف غفلة الناس عن هذه الحقيقة، حيث لم يتوجّهوا إلى معارف الإسلام وإلى تهذيب النفس وأحكامها، مع أنّ حقيقة الدين هي معارفه، والفلاح في تزكية النفس: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾. (الشمس:9-10) نعم، اكتفوا من الأصول والحقائق بألفاظها، وغفلوا عن حقائقها وعن حقائق ما يرتبط بعلوم التزكية.

_______________________________

* (التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج 9، ص 123 – 125، بتصرّف)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إنّما العلمُ ثلاثة...

«.. عن أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام، قال: (دخلَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المسجد، فإذا جماعةٌ قد أطافوا برجل.

فقال صلّى الله عليه وآله: ما هذا؟ فقيل: علَّامة!

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: وما العلَّامة؟ فقيل: أعلمُ النّاس بأنساب العرب ووقائعها وأيّام الجاهليّة والأشعار والعربيّة.

 فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: ذاك علمٌ لا يضرُّ مَن جَهِلَه ولا ينفعُ مَن عَلِمَه.

ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّما العلمُ ثلاثةٌ: آيةٌ مُحْكَمَة، أو فريضةٌ عادلة، أو سُنَّةٌ قائمة، وما خلاهنّ فهو فَضْل).

والمستفاد من هذه الرواية حصرُ العلم الموصوف بالصّفتين في الثّلاثة.

ثمّ إنّ المراد بالآية المحكمة: يحتمل أن يكون العقائد الحقّة وأصول الدّيانات، وأن يكون الآيات المحكمات من الأنفُس والآفاق التي تكون دلائلَ على وجود الصّانع جلّ شأنه وحكمته، أو من القرآن؛ إذ في غير موضعٍ منه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ﴾؛ حيث يذكرُ دلائلَ المبدأ والمعاد.

والمراد بالفريضة العادلة: علم الأخلاق التي محاسنُها من جنود العقل ومساويها من جنود الجهل والنّفس؛ فإنّ التحلَّي (بالأولى) والتخلَّي عن الثّانية فريضةٌ شرعيّة في الجملة وواجبةٌ خُلقيّة مطلقاً. وعدالتها كناية عن توسيطها بين طرَفي الإفراط والتّفريط.

والمراد بالسّنة القائمة: شرائع الأحكام ومسائل الحلال والحرام.

وانحصار العلوم الدّينيّة في الثّلاثة، وكون ما سواها فضلاً أو فضولاً، واضحٌ على ما عرفتَ من الوجه في المعاني الثّلاثة».

(الآشياني، بحر الفوائد: ج 1، ص 283 – 284)

اخبار مرتبطة

  تقرير

تقرير

منذ أسبوع

تقرير

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ أسبوع

إصدارات عربية

نفحات