شعر

شعر

18/12/2017

القصيدة «الشافية»

 

القصيدة «الشافية»

لا يُطْغِينَّ بني العباسِ مُلكُهمُ

§        الأمير أبي فراس الحمداني

 

ولد أبو فراس الحمداني سنة 320 للهجرة، وتوفّي سنة 357 للهجرة، عليه الرحمة والرضوان.. وفي زمانه كان بنو العبّاس الخلفاء، وآل بويه السلاطين، وآل حمدان الأمراء.

وأمّا سبب نظم هذه القصيدة المعروفة ب‍ «الشافية»، فهو أنّ أبا فراس وقف على قصيدة لابن سكّرة العبّاسي، يتفاخر ويتحامل فيها على العلويّين، فحَمِيَ أبو فراس، ونظم هذه القصيدة، التي سارت بها الركبان، ودخل بغداد، وأمر أن يُشهَر في المعسكر خمسمائة سيف، وقيل أكثر من ذلك.. ثمّ أنشد هذه القصيدة، وخرج من الناحية الأخرى. وقد شرح هذه القصيدة عدد من الأدباء والعلماء.

 

الدِّينُ مُخْتَرَمٌ، وَالحَقُّ مُهْتَضَمُ

وفَيْءُ آلِ رسولِ اللهِ مُقتَسَمُ

والناسُ عندكَ لا ناسٌ، فيحفظُهمْ

سَومُ الرُّعاةِ ولا شاءٌ ولا نَعَمُ

إنّي أبِيتُ قَلِيلَ النّوْمِ أرّقَني

قلبٌ تَصارعَ فيهِ الهَمُّ والهِمَمُ!

وعَزمَةٌ لا ينامُ الليلَ صاحبُها

إلاّ على ظَفَرٍ في طَيّهِ كَرَمُ

يُصَانُ مُهرِي لأِمرٍ لا أبُوحُ بِهِ

والدِّرْعُ والرُّمحُ والصَّمصامةُ الخَذِمُ

وَكُلُّ مَائِرَةِ الضَّبْعَينِ، مَسْرَحُها

رِمْثُ الجزيرةِ والخِذرافُ والغَنَمُ

وفِتيةٌ قلبُهمْ قلبٌ إذا رَكِبوا

يوماً ورأيُهمُ رأيٌ إذا عَزَموا

يا لِلرّجالِ! أمَا للهِ مُنتصِفٌ

من الطّغاةِ، أمَا للدّينِ مُنتَقِمُ؟!

«بَنو عليٍّ» رَعايا في ديارِهِمُ

وَالأمرُ تَملِكُهُ النِّسوَانُ وَالخَدَمُ

مُحلَّؤونَ فأَصْفى شُربِهمْ وَشَلٌ

عندَ الوُرودِ وأوفى وِدِّهمْ لَمَمُ

فَالأرْضُ إلاّ عَلى مُلاّكِها سَعَةٌ

والمالُ إلّا على أَربابهِ دِيَمُ

وَمَا السّعِيدُ بِهَا إلاّ الّذي ظَلَمُوا

وما الغنيُّ بها إلَّا الذي حَرَمُوا

لِلمتّقينَ مِنَ الدّنيا عواقِبُها

وإنْ تَعَجَّلَ منها الظالمُ الأَثِمُ

لا يُطْغِيَنَّ بني العباسِ مُلْكُهمُ

«بَنو عليٍّ» مواليهم، وإنْ زَعَموا

أَتَفخَرونَ عليهِمْ؟ لا أبا لَكُمُ

حتّى كأَنَّ رسولَ اللهِ جَدُّكُمُ

وَمَا تَوَازَنَ يَوْماً بَينَكُمْ شَرَفٌ

وَلا تَسَاوَتْ بكُمْ في مَوْطِنٍ قَدَمُ

ولا لكمْ مِثْلُهُمْ في المَجدِ مُتّصَلٌ

وَلا لِجَدّكُمُ مِعْشارُ جَدِّهِمُ

ولا لِعِرقِكُمُ مِنْ عِرقِهمْ شَبَهٌ

ولا «نُفَيلَتُكمْ» منْ أُمِّهمْ أَمَمُ

قامَ النّبيُّ بها يومَ الغديرِ لهمْ

واللهُ يشهدُ، والأملاكُ، والأُمَمُ

حَتّى إذا أصْبَحَتْ في غَيرِ صَاحِبها

باتتْ تَنازُعها الذؤبانُ والرَّخَمُ

وصُيِّرتْ بَينهُم شُورَى كَأنّهُمُ

لا يَعرفونَ وُلاةَ الحقِّ أيُّهمُ

تاللهِ ما جَهِلَ الأقوامُ مَوضِعَها

لكِنّهُمْ سَتَرُوا وَجْهَ الذي عَلِمُوا

ثُمّ ادّعَاهَا بَنُو العَبّاسِ إرْثَهُمُ

وما لهمْ قَدَمٌ فيها، ولا قِدمُ

لا يُذكَرونَ إذا ما مَعشرٌ ذُكِروا

ولا يُحَكَّمُ في أمرٍ لهمْ حَكَمُ

ولا رآهمْ أبو بكرٍ وصاحبُهُ

أهْلاً لِمَا طَلَبُوا مِنها وَما زَعَموا

فَهَل هُم مُدَّعُوها غَيرَ وَاجِبَةٍ

أمْ هل أئمَّتُهُمْ في أَخْذِها ظَلَموا

أمَّـا «عليٌّ» فقدْ أدنى قَرابَتَكمْ

عندَ الوِلايةِ إنْ لمْ تُكْفَرِ النِّعَمُ

هل جاحِدٌ يا بَني العبّاسِ نِعْمَتَه

أبُوكُمُ، أمْ عُبَيْدُ الله، أمْ قُثَمُ؟

بئسَ الجزاءُ جَزيْتمْ في بني حسنٍ

أبوهُمُ العَلَمُ الهَادِي وَأُمَّهُمُ

لا بَيْعةٌ رَدَعَتْكمْ عنْ دمائِهمُ

ولا يمينٌ، ولا قُربى، ولا ذِمَمُ

هَلّا صَفَحْتُمْ عَنِ الأسْرَى بلا سَبَبٍ

للصّافِحينَ ببَدْرٍ عَنْ أسِيرِكُمُ

هلّا كَفَفْتُمْ عنِ الدّيباجِ سَوطَكُمُ

وَعَنْ بَناتِ رَسولِ الله شَتْمَكُمُ

مَا نُزِّهَتْ لِرَسُولِ الله مُهْجَتُهُ

عَنِ السّيَاطِ، فَهَلاّ نُزِّهَ الحَرَمُ

ما نَالَ منهم بَنو حَرْبٍ، وَإن عظُمَتْ

تِلكَ الجَرَائِرُ، إلاّ دُونَ نَيْلِكُمُ

كَمْ غَدْرَة ٍ لكُمُ في الدّينِ وَاضِحَةٍ

وكمْ دمٍ لِرسولِ اللهِ عندَكُمُ

أَأَنتمُ آلُهُ فيما ترَونَ وفي

أظفارِكُمْ منْ بَنيهِ الطّاهرينَ دَمُ؟

هيهاتَ لا قَرَّبَت قُربى ولا رَحِمٌ

يَوْماً، إذا أُقْصَتِ الأخلاقُ وَالشِّيَمُ

كَانَتْ مَوَدَّة ُسَلْمَانٍ لَهُ رَحِماً

وَلمْ يَكُنْ بَينَ نُوحٍ وَابنِهِ رَحِمُ ".."

لَيسَ الرّشيدُ كمُوسَى في القِيَاسِ وَلا

مَأمونُكُمْ كَالرِّضا إنْ أَنْصَفَ الحَكَمُ ".."

باؤُوا بقتلِ الرِّضا منْ بعدِ بَيْعتِهِ

وَأبصَرُوا بَعضَ يوْمٍ رُشدَهم وَعَموا ".."

أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَني العَبّاسِ مألُكةً

لا تَدَّعوا مُلْكَها، مُلاَّكُها العَجَمُ

أيُّ المَفَاخِرِ أمْسَتْ في مَنَابِرِكُمْ

وَغَيْرُكُمْ آمِرٌ فِيهِا، ومُحتَكِمُ؟

وهل يزيدُكُمُ مِن مَفْخَرٍ عَلَمٌ

وفي الخِلافِ عليكمْ يَخفِقُ العَلَمُ

يا باعَةَ الخَمْرِ كُفُّوا عن مَفاخِرِكِم

لِمَعشَرٍ بيعُهم يومَ الهياج دَمُ

خَلّوا الفَخَارَ لِعِلّامِينَ إنْ سُئِلوا

يَوْمَ السُّؤالِ، وَعَمّالِينَ إن عَلِمُوا

لا يَغضَبونَ لِغيرِ اللهِ، إنْ غَضِبوا

وَلا يُضِيعُونَ حُكْمَ اللهِ إنْ حَكَموا

تَبدو التّلاوةُ مِن أَبياتِهم أبداً

وفي بيوتِكُمُ الأوتَارُ والنَّغَمُ

منكم «عُلّيةُ» أم مِنْهم، وكانَ لَكُم

شيخُ المغنّين «إبراهيم»، أم لهُمُ ".."

إذا تَلَوا سُورةً، غنّى إمامُكُمُ:

«قِفْ بِالدّيارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ» ".."

الرُّكنُ، وَالبيتُ، وَالأستارُ مَنزِلُهُمْ

وَزَمزَمٌ، وَالصَّفَا، والحِجرُ، والحَرَمُ

وليسَ مِن قَسَمٍ في الذِّكرِ نَعرِفُهُ

إلَّا وهُم غَيرَ شَكٍّ ذَلِكَ القَسَمُ

صَلَّى الإلهُ عَلَيهِم أَينَما ذُكِرُوا

لأنّهم لِلوَرى كَهْفٌ وَمُعْتَصَمُ

     

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

18/12/2017

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات